|
المعادلة الصعبة في الحالة الفلسطينية
خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 1014 - 2004 / 11 / 11 - 08:43
المحور:
القضية الفلسطينية
سألني يوما صديق فرنسي كان قد جاء ضمن الحملة الدولية الشعبية للتضامن مع شعبنا الفلسطيني ضد الجرائم والممارسات الهمجية الإسرائيلية .. سألني كيف تحتملون الحياة في هذه البلاد ..؟؟ وكيف تستطيعون العيش وسط هذا الجحيم الهائل الذي لا شبيه له في أي ركن من أركان العالم ..؟؟ سألني وهو يقول – لقد أتيحت لي فرصة لزيارة كل مناطق التوتر في العالم .. من افغانستان إلى الجزائر ومن البوسنة إلى كمبوديا إلى رواندا إلى الصومال .. وأنا أقول لكم اليوم وبكل صدق إن كل المصائب تهون بالمقارنة مع مصائبكم ، وان كل عذابات الشعوب لا تساوي شيئا مع ما تواجهونه هنا في فلسطين . أتذكر اليوم وبعد مرور سنتين سؤال ذلك الصديق ، واتذكر أنني أجبته في حينها -- أن إجابة أي فلسطيني على سؤاله ستكون واحدة وواضحة ومحددة ، وهي أن قدرتنا على التحمل والمقاومة والصمود نابعة من انتمائنا لهذه الأرض ، التي ليس لنا غيرها ، وأننا لو انكسرنا أو تقاعسنا أو استسلمنا فان مصيرنا سيكون - إما الفناء مثل الهنود الحمر - أو التشرد كالأكراد والأرمن في كل أرجاء المعمورة .. واذكر أنني قلت أيضا إن قدرنا أن نظل نقاوم ونقاوم ، ونصمد ونصبر ونتحمل كل العذابات ، ونتكيف مع كل الظروف ، على أمل حصول تغيّر في موازين القوى المحلية والعالمية ، حتى تصبح لصالحنا ، ونحن واثقون أننا في حينها سنتمكن من تحقيق حلم أجدادنا بالتحرر والعودة والاستقلال …. فهز ذلك الصديق رأسه وقال - ليكن الله معكم - لان معركتكم ستطول اكثر مما قد يتوقعه أي إنسان على هذه الأرض . أتذكر ذلك السؤال الآن … وفي رأسي يجول سؤال مهم آخر ، تضيف الإجابة عليه لشعبنا الفلسطيني ما يجعله يستحق بجدارة اسم شعب الجبارين وأسطورة الصمود والتحدي .. والسؤال هو كيف نستطيع مواصلة الصمود والتحدي وعندنا كل هذا الفساد وسوء الأداء القيادي ..؟؟ ما الذي يجعل الفلسطيني يستطيع مقاومة ومواجهة اعتى قوة همجية في هذا العالم .. ويصبر على الألم سنوات وعقود ، في نفس الوقت الذي يرى فيه جزء مهما من قيادته تتصرف بلا مسؤولية تجاه قضاياه ..؟؟ انه لامر مدهش حين يتعرض الشعب لابشع المجازر ، ويسقط الشهداء والجرحى بالمئات والآلاف .. وتطال آلة الهدم والتدمير الصهيونية مخيمات وقرى واحياء سكنية بأكملها .. والحصار والجوع يفتكان بالشعب ، وبالتحديد بالفقراء وبالفئات الشعبية التي أضحت تشكل اليوم الغالبية العظمى من الشعب .. بينما حفنة من الزعامات تستمر بالمتاجرة بالدماء وبكل شيء .. أموال الشعب تهدر وتنفق في شراء الذمم والولاءات .. سباق محموم على المكانة والنفوذ .. فوضى وفلتان أمني وغياب للقانون .. فئوية ومحسوبية وتسلط وهيمنة .. كيف يصمد هذا الشعب وهو يعرف ويلمس انه في واد وقيادته في واد آخر ..؟ كيف يصمد وثقته في قيادته تهتز اكثر فاكثر ..؟ كيف لا ينفجر في وجه ( الحرامية الهباشين ) .. كيف لا ينفجر بركانا وهو يرى أولئك الفاسدين يزدادون كل يوم استقواء ووقاحة ، لدرجة انهم وصلوا للحد الذي لا يتورعون فيه عن الدوس على أعناق كل الشعب للوصول إلى مآربهم الشخصية ..؟؟ أحاول جاهدا أن أجد جوابا على هذا السؤال ، فاتذكر تلك المقولات القديمة التي كنا نحفظها عن ظهر قلب حول العدو الرئيسي والعدو الثانوي ، فاقول أن شعبنا الأصيل بفطرته يصر دائما على تغليب معركته مع عدوه الخارجي على كل معاركه الأخرى مع أعدائه الداخليين … ولكنني أعود لاتساءل كيف للشعب أن يصمد ويستمر بالعطاء المطلوب واعدائه الداخليين ينخرون في جسده ويشدونه دوما للوراء .. كيف يصمد وأعداؤه الداخليون قد استفحل شرهم وصاروا يشكلون عائقا في وجهه ، يشتتون نضاله ويثبطون عزائمه ويستنزفون دماءه وطاقاته .. فاخرج عندها باستنتاج أننا شعب في ذاتنا إعجاز حقيقي .. فلا يمكن لأي شعب أن يتحمل ما نتحمله نحن الفلسطينيون ..! لا يمكن لأي شعب أن يواصل النضال لعقود من السنين ولديه مثل ظروفنا ..! لا يمكن لشعب لديه ما لدينا من أعداء داخليين أن يستمر مثل شعبنا بحصر نضاله ضد أعدائه الخارجيين ..!! قد يكون حصر نضالنا في مواجهة أعداءنا الخارجيين هو سر فشل هؤلاء الأعداء في تحقيق أهدافهم ….. لكن من المؤكد أيضا أنّ سر عجزنا عن تحقيق أهدافنا يكمن - إلى حد كبير - في عدم ايلائنا اهتماما مناسبا لتنظيف بيتنا من أعدائنا الداخليين . 10/11/2004 خالد منصور عضو المكتب السياسي - لحزب الشعب الفلسطيني مخيم الفارعة – نابلس – فلسطين
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرفات زعيم نحبّه .. ولكن ..
-
غول الحواجز الاسرائيلية .. هل نقتله ..؟؟ ام يقتلنا ..؟؟
-
هذا في فلسطين وليس في ابي غريب
-
اطفال المخيم
-
وقفة مع الذّات الفلسطينية
-
السمات الخاصة بمجتمع اللاجئين الفلسطينيين
-
غياب الرئيس .. ؟؟ التحديات والاسئلة الصعبة
-
شركاء في المسؤولية
-
عفوا معالي الوزير
-
من قصص المعاناة الفلسطينية .. يوم في حياة موظف
-
زيتنا احمر
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|