أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ميثولوجيا عربية تسمَّى -الإصلاح-!














المزيد.....


ميثولوجيا عربية تسمَّى -الإصلاح-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 14:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مَنْ حَرَمَهُ الله نِعْمَة السلطة والجاه، وامتيازات كرسيِّ الحُكْم، هو وحده الذي لا يُؤاخَذ إنْ علَّل نفسه بوهم أنَّ التنازل عن السلطة، أو عن سلطات وصلاحيات من الأهمية بمكان، هو أمْرٌ يمكن أنْ يَقْدِم عليه الحاكم من تلقاء نفسه، أو نزولاً عند إرادة شعبه، أو زُهْداً عن السلطة، أو قبل أنْ يزج بكل قواه في معركة البقاء، ويُقْنِعه الشعب الذي نزل إلى الشوارع بأنَّ الكرسي الوثير الذي أدْمَن وأزْمَن الجلوس عليه قد أصبح على هيئة حِرابٍ تتحدَّاه أنْ يجلس، أو يستمر في الجلوس، عليها، أو قبل أنْ يُدْرِك أنَّ عدم انتصار الشعب (وثورته عليه) حتى الآن لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، أنَّه لم يُهْزَم بَعْد.

الأمْر، وفي هذا العهد العربي (الشعبي) الجديد والجيِّد على وجه الخصوص، يتحوَّل من "سياسة" إلى "شعوذة" إنْ نحن فسَّرنا هذا التشبُّث (العربي) بكرسيِّ الحُكْم، وصراع صاحبه من أجل الاحتفاظ به ولو من طريق ارتكابه الجرائم في حقِّ شعبه ووطنه، على أنَّه الثمرة المُرَّة لجهل الحاكم بالحقائق (التي ينبغي له معرفتها) والحقوق (الشعبية التي حان له الاعتراف بها) ولانسداد قنوات الحوار بينه وبين المحكوم، والتي لو فُتِحَت لانفتح على الشعب ومطالبه وحقوقه، ولأصبح هو والشعب في خندق واحد، يحاربان معاً الفساد والفاسدين والمفسدين والأشرار، وكأنَّ طرفاً ثالثاً يشبه "مجتمع الأبالسة"، ويَضُمُّ "مستشاري السوء" و"البطانة الفاسدة"، هو الذي يتوفَّر على التأليب بينهما، والإبقاء على كليهما مُرْتاباً من الآخر!

مجتمع "الملأ الأعلى" إنَّما مكانه السماء، والسماء فحسب؛ وكل من يسعى إلى تصوير العلاقة بين الحاكم والمحكوم في بلادنا (مع طرفها الثالث الشيطاني والإبليسي) على أنَّها النسخة الأرضية من ذاك المجتمع السماوي إنَّما يريد حَرْف الشعب عن صراطه الثوري المستقيم، وإفساد وعيه الثوري، وأنْ يجعل للوهم سلطاناً عليه، وهو الذي (أي الشعب) إنْ استخذى للأوهام السياسية الآن (و"الآن" هي كالسيف في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ والهزل) حَكَم على نفسه (وثورته) بالموت وهو على بُعْد أشبار من هدفه النهائي.. على بُعْد أشبار من "الخسارة"؛ خسارة قيوده، ومن "الرِّبح"؛ رِبْح حريته ومستقبله.

ثمَّة طريق، وطريق طويلة، يَقِف الحاكم العربي عند أحد طرفيها، ويَقِف الشعب عند طرفها الآخر؛ وهذه هي الحقيقية التي لا ريب فيها؛ أمَّا الوهم فهو الذي يكمن في كل دعوة (تشبه دعاء الكهنة) إلى أنْ يتنازل كلا الطرفين للآخر، فيتقدَّم كلاهما بما يجعلهما يلتقيان في منتصف هذه الطريق الطويلة، ليَكْتبا معاً الخاتمة السعيدة لرواية "الإصلاح".

أنْعَتها بالوهم، وبالوهم القاتل لمُسْتَهْلِكِه لا لمُنْتِجِه؛ لأنَّ منطق العلاقة بين الحاكم والمحكوم في بلادنا، وعلى ما أثبتت لنا التجارب، وأكَّدت، يُقْنِعنا، وينبغي له أنْ يُقْنِعنا، بأنْ ليس من المنطق في شيء أنْ نرى الخلاص في تنازُل أحدهما للآخر؛ فإنَّ "التنازل الأقصى" للحاكم لا يفي بالغرض، وهو تلبية مطالب الشعب بحدِّها الأدنى، والتي بحدِّها هذا لا يمكن أنْ يقبلها الحاكم، ليس لكونه يشكو نقصاً في الذكاء أو الوعي؛ وإنَّما لكون مصالحه الشخصية والفئوية تُعْجِزَه عن القبول؛ فهو إنْ قَبِلَ فلن يَعْرِف بعد، وبسبب، هذا القبول إلاَّ سقوطاً متسارِعاً.

إنَّه، ولأسباب تشبه التكوين الجيني للكائن الحيِّ، لا يملك، مع نظام حكمه، من المرونة ما يكفيه ويقيه شرَّ السقوط النهائي والمتسارِع إنْ هو سوَّلت له نفسه قبول تلبية مطالب شعبه بحدِّها الأدنى (لا الأقصى).

وهذا ليس ذَنْبُنا، ولا ذَنْبُه؛ وإنَّما ذَنْب خالقه الذي خلقه عصيِّاً على الإصلاح، إنْ تعرَّض إلى أقلِّ ضغط شعبي لجأ سريعاً، وفوراً، إلى آخر العلاج، وهو "الكيِّ"، أو ما يسمَّى "الخيار الأمني"؛ فإمَّا أنْ يبقى (وإلى الأبد) على ما هو عليه، ولو لم يُبْقِ ببقائه هذا على شعبه ووطنه، وإمَّا أنْ يغادِر "الدَّار الدنيا" إلى "الدَّار الآخرة" والتي هي خيرٌ وأبقى؛ وَلْتتذكَّروا كيف جاء إلى السلطة، وظلَّ فيها، إنْ أردتم معرفة كيف سيتركها؛ فكيف للذي بالسيف حَكَم (جاء إلى الحُكم واستمر فيه) أنْ يَتْرُك الحُكم بما يشبه الصلاة والدعاء، أو بَعْد أنْ تُتْلى على مسامعه سورة "الإصلاح"؟!

قد يتنازَل لشعبه؛ لكن يكفي أنْ تكتنهوا ما أقْدَم عليه من تنازل (دستوري وسياسي..) حتى تَقْتَنِعوا ببقاء جوهر وأساس نظام حكمه في الحفظ والصون؛ فـ "الإصلاح" الذي "تجشَّم مشاقَّه" يَجْعَل نظام حكمه مُخْتَلِفاً؛ لكن ليس بالنوع وإنَّما بالدرجة؛ فهو يخطو بضع خطوات إلى الأمام، مبتعِداً عن الموضع الذي كان يَقِف فيه من قَبْل؛ لكن مع بقائه في حيِّز الحُكْم نفسه من حيث الجوهر والأساس؛ فإمَّا أنْ يَقْتَنِع الشعب (والقناعة كنز لا يفنى) ويُؤْمِن بأنْ ليس في الإمكان أكثر وأفضل مِمَّا كان، وإمَّا أنْ يستلَّ السيف من غمده، ويُمْعِن تقتيلاً في شعبه، بعد أن "يُشَيْطنه"، مصوِّراً إيَّاه على أنَّه مَرْتَعٌ (أو أصبح مَرْتعاً) لشرِّ كل شِرِّير.

إنَّ "سؤال الإصلاح" الذي يسعى الحاكم العربي في إجابته عندما يَسْتَبِد بتفكيره مع تَعاظُم ضغط الشارع عليه هو "كيف لي أنْ أصْلِح؛ لكن بما يُبْقي نظام حكمي في الحفظ والصون من حيث الجوهر والأساس، وبما يُطيل عُمْره؟".

ولقد أثبتت تجارب الإصلاح في العالم العربي أنَّ الإصلاح عندنا حديث خرافة؛ فشعوبنا ابْتُلِيَت بأنظمة حُكْم لا يُصْلحها أي عطَّار؛ لأنَّ الزمن نفسه أفسدها؛ إنَّها، وبشهادة "الربيع العربي"، الخريف السياسي والتاريخي لأُمَّةٍ إذا بَلَغ منتهاه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشتبهات في حرِّيتنا الإعلامية!
- في فلسفة -الراتب-!
- الأُمَّة بصفة كونها -مَصْدَر السلطات-!
- سورية.. حتى لا يتحوَّل -الربيع- إلى -خريف-!
- -الاقتصاد السياسي- للإعلام!*
- جبريل يقود -الفرقة الرابعة- في مخيم اليرموك!
- ما معنى -أيلول- المقبل؟
- معنى ما حَدَثَ في الجولان!
- -إصلاح- يسمَّى -إحياء عصر الجواري-!
- من يونيو 1967 إلى يناير 2011!
- نظرية -الثقب الأسود-.. كوزمولوجيا يخالطها كثير من الميثولوجي ...
- رد على الأستاذ نعيم إيليا
- كيف نفهم -المفاهيم-؟
- -الربيع العربي- إذا ما ألْهَم شعوب الغرب!
- الطفل حمزة يجيب عن سؤال -إصلاح أم ثورة؟-
- سيِّد نتنياهو.. اسْمَعْ ما سأقول!
- خطاب يشرح خطاب!
- -الحرِّية- هي مجتمع لا يُنْتِج ظاهرة -مخلوف-!
- ثلاثة مواقف فلسطينية لا بدَّ منها
- -المُؤْمِن- و-المُلْحِد-.. و-ثالثهما-!


المزيد.....




- إسبانيا.. العثور على 270 ألف خرزة في قبر واحد يقدر عمرها بـ5 ...
- روسيا.. انتهاء الاختبارات ما قبل السريرية للقاح الشخصي المضا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل مسلح أطلق النار على موقع عسكري با ...
- خمسة وزراء خارجية عرب في رسالة لواشنطن: لا لتهجير الفلسطينيي ...
- الهند ضاعفت عدد نمورِها خلال عشر سنوات.. لكن كيف؟
- البيت الأبيض ينشر قائمة -مثيرة للدهشة- بنفقات الوكالة الأمري ...
- الصين تخطط لإرسال مسبار جديد إلى القمر عام 2026
- عصابات المخدرات المكسيكية تهدد الجيش الأمريكي
- طهران: لم يطرأ أي تغيير على وضع إدارة الملف النووي
- في اليوم العالمي لمكافحة للسرطان.. إليكم بعض أعراضه الخفية! ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ميثولوجيا عربية تسمَّى -الإصلاح-!