كذبة المائة يوم

قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3401 - 2011 / 6 / 19 - 01:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

المائة بزيادة الالف خطاَ لا لفظا عشر عشرات .وهي اسم يوصف به،واصل المائة مأي والهاء عوض عن الياء .لن ندخل في كتابتها ( مائة او مئة) فقد اختلف كتاب العربية في كتابة الألف ، هل تكتب الألف أو لا تكتب؟ وهل تكتب متصلة مع الآحاد أو منفصلة عنها؟ واتفق بعضهم بان تكون الألف مجرد زيادة كتابية لا أثر لها في النطق ، وقال الذين زادوها : ألفان لا تلفظان : ألف أنا ، وألف مائة.
سندخل مع المائة من حيث الأيام التي حددها السيد رئيس وزراء حكومة (الشراكة) الوطنية والتي اسميتها بقصيدتي حكومة (الازبري). عرفنا الرقم (100) أعلى درجة للتقويم. واعتمدت معيارا للتفوق والنجاح، ولم نقرأ في كتب السياسة والتاريخ أن ملكا او سلطانا او اميرا او رئيسا او قائدا اعطى للعمل وللوصول الى الفضيلة مهلة كهذه المدة التي أعطاها (نور حكومتنا) لوزرائه اللهم الا اذا اراد ان يصحح اوراق عملهم فيعطي درجة واحدة عن كل يوم نجاح لكل منهم. وهذا سبق يستحق عليه دولته براءة اختراع. ومهما يكن اصل المئة واصل الفكرة فلن ندخل فيهما مدخلا يخرجنا عما نحن بصدده بعد ان انتهت المدة وشهدنا بعض فصول العرض المسرحي لمنجزات معالي وزرائنا الذين عرضوا فيها منجزاتهم (الورقية) بإخراج مسرحي هزيل ،ولم يكن جميلا في هذه المسرحية سوى ديكور جلساتها ،ولم يكن مخيبا للآمال سوى تعقيبات وردود دولة الرئيس وتبريرات معالى وزرائه.
انتهت المائة يوم ،وقلنا جاء الفرج ،والفرج الذي كنا ننتظره واحد من اثنين : إما نجاح الوزراء أو فشلهم .ومن النجاح سنقطف ثمارا تعم علينا، ومن الفشل سنعرف طريق النجاح وسنحاسب الوزير الفاشل. وفي كلتا الحالتين نكون قد حققنا بعضا من حقنا في الممارسة الديمقراطية. ولكن الذي حدث لم يبين لنا الخيط الابيض وهو النجاح ولا الخيط الأسود وهو الفشل .انتهت المائة يوم ولم يستلم العراقي مواد بطاقته التموينية كاملة وصار (كيس الطحين) بخمسين الف دينار، وانتهت المائة يوم والكهرباء كعادتها تحظر دقائق وتغيب عنا ساعات وكانت بركات حكومتنا المركزية وحكوماتنا المحلية تسعيرة محددة لإصحاب المولدات ما يوحي أن يوم انتهاء ازمة الكهرباء بعيد. وانتهت المائة يوم والأمن مفقود والبلاد بلا أمان ففيها قتل المئات بالمفخخات والكواتم والعبوات، ولم يحقق لنا الناطق باسم خطة فرض القانون من وعوده فعلا ولم يصدق فيما صرح به قولا. وانتهت المائة يوم والفساد بخير والفاسدون بعافية، والتزوير والمزورون باطمئنان وبانتظار قانون يعفيهم من جريمة التزوير ويمنحهم شرف تبوء المراكز المهمة بالدولة في جرائم يعدها القانون مخلة بالشرف. وانتهت المائة يوم والمصانع موصودة الابواب وموظفوها بلا عمل، وانتهت المائة يوم واسواقنا تعج بالمستورد من الفواكه والخضر وليس بينها مما هو عراقي سوى القليل. وانتهت المائة يوم وأمانة بغداد وبلديات المحافظات تغط بنوم عميق ،فلا ايمان مع النظافة ،ولا سلامة في الطريق. وانتهت المائة يوم والتربية بلا مرب والتعليم بلا معلم ،فمستويات الطلبة في تدهور دائم سواء في التعليم العالي او الإعدادي، وادلل على ذلك ما يأتي: سألت طلبتي(المرحلة الأولى قسم القانون) في يوم من الأيام في معرض حديثي عن الخصم والحكم من قائل هذا البيت : يا اعدل الناس الا في معاملتي *** فيك الخصام وانت الخصم والحكم ) ولم يجب عن السؤال من بين ثمانين طالبا سوى طالبين قالا إنه :رياض احمد. وانتهت المائة يوم ولم نكسب منها سوى وعود كاذبة وضحك على ذقون العراقيين المساكين. لقد كانت فكرة المائة يوم لعبة اجاد دولة الرئيس اختيارها ولكنه لم ولن يفز بها.
ما تحقق لنا في هذه المائة يوم انتظار وصبر لم يكن جميلا، فكل الذي تحقق كان خطابات منمقة لدولة الرئيس ،بعضها لا يخلو من التهديد للخصوم وبعضها ينضح عن دكتاتورية مالكية لحاكم شرقي متأسلم لا اعتقد بانه سيترك كرسي الرئاسة وديوان الزعامة بروح رياضية. وما تحقق لنا هو المهاترات السياسية التي كانت تحدث بين الحين والآخر بين نوابغ السياسة في بلدنا المتعب، فضاع حق الشعب بين صيحاتهم وزعيقهم. وخير ما تحقق خطاب قائد العراقية الى الشعب العراقي، الخطاب الذي يدل على ان علاوي لا يعرف من السياسة حتى حرف السين. ووصل الأمر إلى ان يرفع احد (نواب الشعب) عصاه ليضرب زميله وقد نسي هذا ان من يستخدم يده في الرد على خصمه وحتى عدوه لا يملك عقلا ولا يستحق أية صفة انسانية.
ما بين علاوي وانصاره ووفاقه ورفاقه، وما بين المالكي وتحالفه ورجال دعوته، جلس السعيد مسعود منتظرا يوما جديدا ليرأس ويدير ويقود - وهو رئيس إقليم- اجتماعا يضم (الرؤساء) جلال، والمالكي، والنجيفي، وعلاوي ،وآخرين برعاية أمريكية، ومباركة ايرانية ليفصل لهم فيلبسون.
في المائة يوم كان الخاسر الأكبر هو الشعب العراقي ،ولم يكن فيها رابح غير ساسة دولتنا، فحتى شباب التحرير ونصب الحرية خسروا في هذه المدة مكاسبهم بعد ان ظن البعض منهم بان دولة الرئيس ووزرائه سيحققون لهم بعضا من اهدافهم، فتركوا الساحة لمن يلعب بها، وصمتوا عن (الباطل) ،ولكني على ثقة بان شبابهم ووعيهم لن يسكتوهم عن حقوقهم وعن أهدافهم ،فلن يسكت مؤيد وعلي واحمد وجهاد ورفاقهم وزملائهم عن مهازل الحكومة وفساد مسؤوليها. ولن تثنيهم سياط الجلاد عن عزمهم في تحقيق اهدافهم الوطنية وتطلعاتهم المشروعة. إن الأمل معقود على شباب العراق واحراره بان يتصدوا للفساد والمفسدين ،وان يسعوا الى إقامة دولة القانون كدولة وليس كشعار لقائمة لم تحقق في المائة يوما شيئا من القانون .
انقضت المائة يوم، وربما تنقضي مئات أخرى ،بقوة سلاح العسكر وبحماية مليشيات الحكام ،ولكن لن يسمح احرار العراق ان تدوم ايام الظلم والفساد. اننا لا نسعى – كما يسعى- الشباب في البلدان الأخرى لإسقاط النظام، اننا نسعى لإصلاح النظام، فنظام حكمنا نحن اخترناه ،ونحن من صوّت عليه ، ونحن من يدافع عنه .إنه نظام ديمقراطي برلماني تعددي راق، ولكن المتسلطين عليه ممن اوصلهم قانون الانتخابات سيء الصيت واصوات بعض المغرر بهم، فضلا عن الساسة الفاسدين اداريا وماليا، هم من شوهوا صورة هذا النظام .اقول واختم قولي :يا دولة الرئيس اذا ما ضحكت علينا بهذه المائة يوم ،فلن نسمح لك ان تضحك علينا مرة أخرى، لأننا عرفنا بانها كذبة وان حبل الكذب قصير.

#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات