|
جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3400 - 2011 / 6 / 18 - 12:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إذا كان بقاء النظام الذي هتفنا بسقوطه يعد دليل على إن الثورة لم تحقق أهدافها بعد ، و بالتالي لم يتحقق التغيير المنشود للآن ، إلا إن هناك تغير كبير حدث - و إن كان تغير معنوي - يتمثل في تبني الشعب أخيراً مبدأ الثورة الشعبية السلمية لتحقيق أهدافه . هذا التغير في عقلية الشعب يعد في حد ذاته مؤشر على إننا دخلنا عصر جديد ، على الأقل من الناحية المعنوية ، لأن من الناحية المادية لم يتحقق الكثير بعد كما أشرت في بداية الفقرة السابقة ، و كما سبق أن أشرت في مقالات سابقة كثيرة . التغير المعنوي الذي حدث سيؤدي في النهاية - بشريطة إستمراريته بالطبع - إلى التغير المادي ، أو التغير الملموس سياسياً ، و إجتماعياً ، و ثقافياً ، و إقتصادياً ، و هنا هو سقوط النظام الذي أسسه مبارك كلية ، و تأسيس نظام جديد تماماً ، يكون على الشاكلة التي يتمناها الشعب . لهذا ، و في ظل أملنا في إستمرار جذوة الثورة متقدة في النفوس ، لنا الحق في أن نرسم معالم المستقبل الذي نتمناه لمصر . أول معالم ذلك المستقبل هو دستور جديد ، أو دستور 2012 ، و قد تعاملت مع هذه الفكرة في عدة مقالات سابقة منها مقال : دستور جديد ، دستور 2012 ، هذا هو المطلب ، و نشر في العاشر من مارس 2011 . و بالتأكيد هناك تفاصيل أكثر لمعالم ذلك المستقبل ، مثل تشكيلة مجلس الشعب ، التي دعوت أن تكون نصفها بالقائمة على المستوى الوطني ، و نصفها بالفردي ، و الدعوة للنظام البرلماني بديلاً عن النظام الرئاسي ، و تحديد المدة الرئاسية بأربع سنوات ، و مدتين رئاسيتين فقط كحد أقصى لنفس الشخص ، و ما إلى ذلك ، و معظم تلك المقالات التي تتعامل مع ذلك الشأن نُشرت على وجه الخصوص في شهري فبراير و مارس من عام 2011 ، لأن بعد سقوط مبارك جاء وقت تقديم الأفكار التي ترسم المستقبل الذي نريده لمصرنا ، و هي أفكار يمكن أن تعد أيضاً خارطة طريق للثورة . لا أريد هنا أن أفتح باب اللوم الذي سبق أن فتحته من قبل في مقالات سابقة مثل : لص الأراضي وزير للداخلية ، هذا ما تحقق ، و مقال : جُمع قتل الثورة ، و غيرهما . لا أريد أن ألوم أكثر هؤلاء الذين أضاعوا وقت ، و جهد ، ثمينين ، في النضال من أجل مطالب إما تافهة ، و إما لا علاقة للثورة بها . ما أريده هنا هو التعامل مع المستقبل الذي نأمله لمصرنا ، برسم معلم أخر من معالم ذلك المستقبل ، و هذا المعلم هام جداً ، و هو دور جهاز المخابرات العامة ، و الذي نطلق عليه الآن : المخابرات السليمانية ، لأسباب لا تخفى على لبيب . الدور المعروف لأجهزة الإستخبارات في الديمقراطيات الحقيقية هي إنها في الأساس أجهزة أمنية معلوماتية ، و إن مهمتها يمكن إجمالها في النقطتين التاليتين ، دون الإلتفات للترتيب : أولاً دور أمني : مثل مكافحة التجسس ، و الإرهاب ، و ربما الجريمة المنظمة ، و ما إلى ذلك . ثانياً جمع المعلومات : سواء لتسهيل قيام الجهاز بمهمته الأمنية ، أي للإستعمال داخلياًً داخل الجهاز ، أو لتقديمها للسلطة التنفيذية ، لإعانتها على إتخاذ القرارات ، أو لإعادة توزيعها على الأجهزة التي تعنيها تلك المعلومات ، مثل المعلومات العسكرية ، و الإقتصادية ، و العلمية . هذا في الديمقراطيات الحقيقية ، و هو عكس ما يحدث في مصر ، فمنذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي ، على الأقل ، تضخم دور جهاز المخابرات العامة ، تحت قيادة عمر سليمان ، و تحوله إلى راسم ، و منفذ ، لسياسات داخلية ، و خارجية . الإخوان ، و بعد سقوط مبارك ، و في معرض دفاعهم عن تحاورهم ، أو تفاوضهم ، مع عمر سليمان ، أثناء الثورة ، إعترفوا بإنه كانت لهم إتصالات بجهاز المخابرات العامة قبل الثورة . كذلك نعلم جيمعاً دور عمر سليمان في الملف الفلسطيني ، و دوره في حصار قطاع غزة . كذلك أمسك عمر سليمان ، و جهاز إستخباراته ، بملفات خارجية هامة ، مثل ملف السودان ، و الأهم فهو إمساكه بملف مياه النيل . أما الإثبات الأكبر لتضخم دور ذلك الجهاز فهو إختيار مبارك - وقت إشتداد الثورة في فصلها الأول - لعمر سليمان كنائب له . فماذا كانت نتيجة تضخم دور جهاز المخابرات في عهد عمر سليمان ؟ على مستوى الداخل يمكن القول بإن الإتصالات السابقة بين الإخوان ، و جهاز الإستخبارات السليمانية ، نجحت في الإبقاء على النظام - على الأقل حتى الآن - و يمكن في هذا الشأن مراجعة مقال : الإخوان لا يريدون إسقاط النظام ، و الذي نشر في الثامن و العشرين من فبراير 2011 ، و مقال : عمر سليمان إختصر مصر في إخوان و أقباط ، و الذي نشر في الرابع من مارس 2011 . و على مستوى الخارج فالنتائج معروفة ، منها حصار لا إنساني لقطاع غزة ، منع الغذاء ، و الدواء ، و التنقل ، و لكن لم يمنع السلاح عن الفصائل التي تدين بالولاء للجهاز الإستخبارات السليمانية ، لجر قطاع غزة لمزيد من الدمار . فشل كبير في السودان ، و فشل أكبر ، و أشد خطراًً ، و أكبر أثراً ، و أكثر ديمومة ، في ملف ماء النيل . إلتفاف حول الثورة - و إن كان لحين - بسبب التحالف بين المخابرات السليمانية ، و الإخوان الإنتهازيين ، و جريمة في غزة ، و فشل في السودان ، و كارثة مائية ، ملخص للإنجازات ذلك الجهاز . كان يمكن أن إعتبر إن هذا الدور الفاشل جزء من التاريخ المظلم لعصر مبارك ، و لكن عندما قرأت أن المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية كانت نتيجة وساطة وكيل جهاز الإستخبارات ، لا وزارة الخارجية ، تأكدت بأن جهاز المخابرات السليمانية لازال يتعدى على أدوار غيره ، من أجهزة الدولة ، أي إثبات دامغ لإستمرار جهاز المخابرات السليمانية في القيام بأدوار ليست له . قضية التدخل الإسرائيلي ، تركناها للقضاء المدني النزيه ، و إن ثبت لذلك القضاء أن إسرائيل حاولت الوقيعة بين الشعب و الجيش ، و إن لها ضلع في محاولة إشعال فتنة طائفية بين المسلمين بعضهم البعض ، و بين المسلمين و المسيحيين ، فسيكون للشعب موقف صارم معها ، و سنشكر جهاز المخابرات على قيامه بدوره الأمني خير قيام ، و لكن لن يمنعنا ذلك النجاح الأمني - إن ثبت - في الإستمرار في تبني سياسة إعادة تحديد إختصاصات جهاز المخابرات العامة ، و كذلك تبني سياسة إخضاع ذلك الجهاز لسلطة البرلمان ، من خلال تبني حق مجلس الشعب في مسائلة ذلك الجهاز ، كما في الكثير من الديمقراطيات الحقيقية . إننا نرسم معالم المستقبل ، إننا نضع مخططات بناء دولة ديمقراطية عصرية ، أي مخططات طويلة الأمد ، لهذا لا تتأثر تلك المخططات ، أو تهتز ، بسبب أحداث وقتية . مخططاتنا لمستقبل مصر راسخة ، لا تتبدل ، لإنها تقوم على مبادئ صحيحة . ملحوظة تعد جزء من المقال : أقول لنظام تريان باسيسكو إنني لست مهتم بالبرنامج النووي الروماني ، و لا تهمني مشاركة رومانيا في مشروع الدرع الصاروخي .
المنفى القسري ، و القمعي : بوخارست - رومانيا 18-06-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه
-
إنها محاولة يائسة ، بائسة ، لإنقاذ مبارك من حبل المشنقة
-
التعاون مع آل سعود إهانة للثورة و شهدائها
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي ، لن نساوم
-
المجلس العسكري الحاكم دمر سمعته بنفسه
-
لماذا كل هذا الصبر على مجرمي جهاز الشرطة ؟
-
السلفي الحر ، و السلفي الحكومي
-
إستبداد الوصاية يحتاج فتنة طائفية
-
لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟
-
لماذا لا يحاكموا عسكرياً هم أيضاً ؟
-
الديمقراطية في مصر هي لصالح أهالي غزة
-
إنتخاب قيادات الحكم المحلي أفضل للأقباط
-
من الخليج أعلن شرف نتيجة الإنتخابات القادمة
-
التهديدات مستمرة ، و التمثيلية لازالت تُعرض
-
حتى لا نسمع بجمعة الشكر ، أو بثلاثاء العرفان
-
أوباما ، ضاع منك السلام ، فلا تضع الديمقراطية ، و حقوق الإنس
...
-
عمر سليمان إختار لمصر النموذج العسكري التركي الأتاتوركي
-
إننا ننتقد سياسات كيان أصبح سياسي
-
لماذا على مصر نصرة الشعب الليبي عسكرياً ؟
-
إلى متى ستظل البلطجة قطاع من قطاعات الدولة ؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|