|
فتاوى فقه التكفير عند الدين الوهابي ...... البذور والجذور
علي أبوالخير
الحوار المتمدن-العدد: 3399 - 2011 / 6 / 17 - 18:01
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
فقه التكفير قديم قدم الزمن ؛ و لا يقتصر على الرسالة الإسلامية وحدها ؛ ذلك أن الديانتين اليهودية والمسيحية شهدت مثل تلك الحركات والمذاهب التي تعتقد أنها الوحيدة التي تفهم النص المقدس للتوراة أو الإنجيل ؛ وبناء على هذا التصور ظهرت في اليهودية جماعة الفريسيين وهم على خلاف مع الصدوقيين ؛ لأن الفريسيين يأخذون بحرفية النص و اتهمت ما عداها بالخروج من الدين اليهودي ؛ ولذلك كانوا أشد الناس تأليبا على السيد المسيح ؛ و أحبارهم هم الذين أعطوا الفتوى لصلب المسيح للوالي الروماني بيلاطس ؛ ثم ما هو معروف من العداء بين المسيحية واليهودية ولم تنج المسيحية من هذا المأزق فسرعان ما افترقت إلى عدة طوائف أكثرها أصولية متشددة الأرثوذكس ؛ ولكن الأرثوذكس لم يستطيعوا فرض آرائهم على كل الجماعات المسيحية لأن المذهب انتشر في مصر ؛ ومصر كانت ولاية رومانية ؛ وبدلا من أن تقوم مصر بفرض مذهبها حاول الرمان أن يفرضوا هم العقيدة الملكانية على كل الولايات ؛ با إن الرومان قاموا باضطهاد المصريين بسبب مذهبهم و قتل الآلاف من المصريين وعرف ذلك العصر بعصر الشهداء ؛ أي أن السياسة هي التي قامت بمحاولة فرض ما تعتقد بصوابه ؛ ولكن المصريين ظلوا على ولائهم لما اعتقدوا بصوابه والإسلام لم ينج من هذه الرؤيا التكفيرية ؛ وعرف بعض المتشددين في الدين حتى في عصر النبوة ؛ فبعد غزوة حنين وبينما كان النبي الكريم يوزع الغنائم جاء رجل إليه يسمى حرقوص بن زهير التميمي فقال للنبي ( ص ) : هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ؛ اعدل يا رسول الله فانك لم تعدل ؛ فقال له النبي : ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل ؛ وحاول بعض الصحابة إيذاءه ؛ فردهم النبي وقال لهم : دعوه ؛ فإنه يخرج من ضوضئه قوم يتعمقون في الدين حتى يخرجون منه كما يخرج السهم من الرمية ؛ الرجل كان يعتقد أن على صواب حتى مع وجود صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم ؛ وكان حرقوص من أول الخارجين على الأمام على بن أبي طالب وهو الذي قال : الحكم لله وليس لك يا علي ؛ وحارب الأمام علي الخوارج في النهروان بعد أن ناقشهم وحاججهم فلم يسمعوا له ؛ وقتل حرقوص في المعركة ؛ وعندما قال أحد أتباع الأمام له : الحمد لله يا أمير المؤمنين لأن نصرك الله عليهم ( يقصد الخوارج ) فقال له الإمام : كلا إنهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء ؛ أي أنه كان يعلم أن هذا الفكر لا يعدم أناسا يتبنونه ويعملون على نشره . إن فكر التكفير ظهر منذ البداية ؛ من أول عصر الدعوة ذاتها ؛ ونقول ذلك حتى لا نستغرب وجود هذا الفكر في العصر الذي نعيش فيه ؛ ونحن لا نؤرخ لفكر الخوارج القدامى إلا فيما يتعلق بمن أخذ منهم وروج له في الوقت الراهن . لقد حدثت تيارات مختلفه ونزاعات دموية في التاريخ الإسلامي المبكر بين أصحاب العقل وأصحاب النقل مما شرحناه في بحث لنا سابق تحت عنوان " مدارس فهم الدين " ؛ فلا داعي لتكراره ؛ ولكن من المؤكد أن فقه التكفير لم ينتشر على الحال الذي وصلنا إليه لسبب رئيسي هو أن الإستبداد والتخلف الذي عاشته الأمة طويلا لم يترك لأي فقه أو فكر أن يسود سوى ما يتعلق بطاعة الخليفة أو الحاكم ؛ وبمجرد أن سقطت الخلافة حتى بدأ الفكر التكفيري في الظهور ؛ و كان ظهوره هو إحياء لفكر ابن تيميه الخارجي ؛ لم يقل أحد أنه يتبنى فكر حرقوص بن زهير ؛ لأن القول بذلك يفقد القائل أي مصداقية إشكالية العقل والنقل السياسي والديني أيهما يمثل أزمة في المفهوم والمقروء والمنطوق والمسكوت عنه ؟ و أيهما سبب الأزمة الفكرية والعلمية والثقافية بل والدينية ؟ هل العقل أم النص أم هما معاٌ ؟ الكثير من التساؤلات تثار وبحدة شديدة في معالجة مفهوم العقل والنص في كافة المجالات الدينية والحياتية المعاصرة , وفي العديد من المسائل يقف العقل والنص عاجزين عن إيجاد حلول مناسبة , فمن المسئول عن العجز والتردي الفقهي والعلمي والثقافي والديني في المفهموم والمقرؤ والمكتوب والمسموع بل والمسكوت عنه خوفاٌ وترهيباٌ وإرهاباٌ, فهناك العديد من القضايا التي يخاف المفكرين والأدباء والفقهاء والمثقفين الولوج في تفسيرها و الفتيا فيها من رفع راية التكفير عالية خفاقة في وجه من تجرأ وإجتهد وفسر أو أفتي , فالنص مقدس له القداسة العليا عند البعض , ولايمكن للعقل أن تكون له تلك المرتبة من القداسة, والعقل عند آخرين مقدس وله مرتبة عليا من القداسة وفي المفهوم لديهم أنه لولا العقل ماكان للنص وجود فهو يخاطب العقل ويتطلبه في إيجاد علاقة جدلية بينه وبين النص . فمن أين تأتي الأزمة وماهو مصدرها ؟ الأزمة تتولد وتكبر حينما يتعامل العقل مع النص الديني بالتحديد وتصبح المسألة مصيبة وليست مشكلة فقط , وهذا ناتج من أمور لايمكن حصرها ولكن نوجز البعض منها : 1- النص الديني سماوي مقدس والعقل البشري أرضي مدنس ومن هنا نشأت أزمة الديني والدنيوي, وكأن العقل البشري لم تخلقه وتبدعه إرادة القدرة السماوية , وكأنه مخلوق شيطاني لم يخلقه الله ويبدعه أيما إبداع , وهذا في فكر ومنطق أهل الوصاية والرقابة علي من يتعاملون مع النص الديني وكأنهم هم أصحاب وملاك ملكية مطلقة للنص لا يجوز لأي إنسان التعامل معه أو فهمه أو تفسيره وتأويله إلا من خلالهم فقط مع أن ملكية النص ملكية شائعة لكل إنسان نصيب وحظ في التعامل معه كل حسب قدراته وإمكانياته العقلية وإبداعاته الفكرية والاجتماعية ومن هنا نشأت الأزمة علي أساس زعم البعض أنهم ملاك للحقيقة المطلقة الممثلة في النص الديني ومن يخالف هؤلاء المتزعمين لسيادة النص يصبح ويمسي كافراٌ ملعوناٌ و مخروجا من الرحمة الإلهية
2-التفرقة بين نصوص العبادات والمعاملات وهي تلك التي لا يحسنها جماعات وفرق وطوائف ادعت التدين و الالتزام بالنص فهماٌ وفقهاٌ وإنزال نصوص العبادات منزلة نصوص المعاملات مع أن الفرق بينهما كما الفرق بين السماء والأرض , وهذا الخلط المعمول به جعل القداسة ملازمة لكل فعل أو عمل أو تقرير سواء من ناحية الشكل أو الموضوع , فموضوع العبادات ليس عليه ثمة خلاف كون النص حاكم لهذه العبادات ومع ذلك تمت العديد من الخلافات في المسائل المتعلقة بالعبادات سواء من ناحية الشكل أو من ناحية الموضوع وتعددت الآراء والخلافات حول جزئية من جزيئيات العبادة وتم تكفير البعض للبعض بسبب من يعتقد أنه علي صواب والآخر علي خطأ مع أن الطرفين ينتميان إلي عقيدة واحدة، وهذا حادث مع من يقدسون النص ,فما بالنا بموضوع المعاملات الوارد بها نص عالج مسألة من مسائل القديم في زمن ما وعصر ما وظرف جغرافي وتاريخي معين فالعديد ممن أعطوا أنفسهم حق حماية النص ينزلون تلك الوقائع منزلة المقدس ويتعاملون مع الأمر المستحدث علي إنه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, ويكفرون من يجتهد في المسائل المستحثة في الواقع المعاصر بزعم أن النصوص المقدسة لم تترك أمر من الأمور إلا وتحدثت عنه و أوجت له الحل المناسب , ومن هنا يحرم إنشاء أي علاقة جدلية أو حوارية مع النص ومن يحاول استنطاق النص كافر في مفهوم وعقيدة حماة النص المزعومين , وبات التخلف والرجعية لها أسس في فقه التخلف الدين والعلمي والثقافي والفكري والفني أيضاٌ إذ أن مصالح المجتمعات وقف البعض بينها وبين فقه النص حائل ومانع من الفقه والفهم 3_الخلط بين النص وبين فقهاء النص وهذه مشكلة من أخطر المشاكل لأنها تربط بين النص وبين المتعامل معه وتسميهم برجال الدين مع أن النص أي نص يرفض ذلك وبشدة حتى لا يعطي أحد قداسة مع قداسة النص , ومن هنا نشأت فكرة رجال الدين أصحاب المذاهب والمدارس الفقهية في كل دين من الأديان , وأصبح الاستبداد يمارس بمنطوق النص لا بمفهومه , وتم تطويع النصوص لخدمة أمور سياسية معينه ونشأت الفرق وتعددت المذاهب مع أن أصل الدين واحد , ونشأ فقه التكفير وترعرع ونما في تلك الأرض السبخة التي أعطت القداسة لغير المقدس باسم المقدس 4_ السياسي والديني أصبحا بسبب النص أزمة ممثلة في فقه وفهم الواقع منذ محاولة تيارات دينية الخلط بينهما وجعلهما في ثوب واحد جاعلين القداسة للديني المتعامل مع السياسة فالمنسوب لتيار ديني حال ممارسته للسياسة يصبح مقدس لأنه يتعامل بالمقدس ومن يخالفه فقد خالف النص ومن يخالف النص فقد تجرأ علي الله وأصبح وأمسي كافراٌ تتوجب لعنته في دور العبادة والدعاء عليه بالهلاك , وهذا فريق كبير موجود وكائن في الواقع المعاش وظهر في مواقع كثيرة , وكانت أزمته متمثلة في عدم قدرته علي إنشاء علاقة جدلية بين السياسي والديني وهذا ناتج من أن السياسي يبحث عن جنة الدنيا الجنة الحالة الآنية والديني يفكر ويعمل للجنة المؤجلة في الآخرة وفرق بين من يقول ويعمل لأن تكون الجنة الآن ومن يقول أن الجنة مؤجلة , وكانت أزمة العقل والنص قائمة مادام السياسي والديني يتصارعان في حلبة مصالح المجتمعات والأوطان ومن هنا تنشأ الأزمات بين العقل والنقل وتلك الأزمات مفتعلة بسبب من بعض تيارات الوصاية والقوامة علي النص ومن يتعاملون مع النص مع أن النص يقدس العقل ويجعله من لزوميات الإيمان به وفرائض الإيمان تقرر بأن الإيمان نصفه عقل ونصفه الآخر نص فمتي يمكن أن تحدث العلاقة الجدلية وعلاقة الحوار مع النص لحل المشاكل الدينية والحضارية والحياتية المعاصرة بمنأى عن التكفير و الاتهام بالخيانة للدين والنظر إلي قضايا الأوطان وقضايا الحريات والعدالة والديمقراطية وقبول الآخر وتوزيع الثروة القومية من خلال دولة مدنية لسيادة القانون الدور الهام فيها والبحث عن دولة المواطنة . أعتقد أن الطريق طويل ويبدأ بتحرير العقل قبل تحرير النص خــوارج اليــوم... خــوارج الأمـس يقولون(إن الذين لا يقرأون التاريخ، يضطرون لإعادته لغير صالحهم) وتأسيسا على ذلك فان ما يمكن ان نسميه بظاهرة الخوارج تحمل من الامتدادات المعاصرة ما يدعو إلى الوقوف حيالها وترصد بقايا حفرياتها في التزمت وتكفير الآخر بانتقاء الحكم الحرفي من المقدس وما يترتب عليه من فعل إجرائي بجز الرؤوس وبقر البطون و السادية في استخدام العنف كما يروي لنا في ذلك أهل السير و الأخبار في مقتل الصحابي عبد الله بن خباب وزوجته وجنينهم والخوارج، كبقية المتطرفين، يعمدون إلى استقطاب الشباب واستثمار نزقهم فهذا أبو حمزة الشاري عندما خطب في المدينة المنورة سنة 130 هجرية بعد معركة القديد( يا أهل المدينة.... بلغني أنكم تنتقصون أصحابي : قلتم شبابا أحداثا.. شباب والله مكتهلون في شبابهم.. قد باعوا الله عز وجل أنفسا تموت بأنفس لا تموت) والغريب في الأمر أن هذه الخطبة لازالت ضمن المناهج الأكاديمية رغم ما تحمله في تلافيفها من دعوة صارخة للعنف و الإرهاب مؤطرة بأسلوب بلاغي غاية في الروعة و الإغواء، مثل أي خطاب تطرفي يستميل النفس، فالثقافة الشفهية قليلة العناء سهلة التلقي (ثقافة الكاسيت أنموذجا معاصرا). ومن نافلة القول ان ظهور الخوارج قد ارتبط عند المؤرخين بما عرف بالفتنة الكبرى التي أسفر عنها مقتل الخليفة الثالث، كذلك ارتبط أيضا بقضية التحكيم المعروفة أثناء معارك صفين حين رفعت المصاحف بمكيدة سياسية انطلت على الكثير من محاربي الجيشين. فقد كان ظهور الخوارج تعبيراً عن تناقضات سياسية واقتصادية وسياسية تسربلت بلبوس ديني، إذ لا يمكن التصديق ان هذه التنظيمات الجبارة التي أقلقت الحكومات لعقود متواصلة هي وليدة ساعة التحكيم او مقتل عثمان بن عفان بل الأقرب للتصديق أن تكون هذه الأحداث نتائج وليس مقدمات كما يقول أهل المنطق. فمن قواد الخوارج من كان الرسول(ص) قد استخدمه في حروبه مثل حرقوص بن زهير التميمي الذي اشترك أيضا في فتوحات عمر بن الخطاب وكان له مقام متقدم بين ثوار البصرة على عثمان واستمر مقاتلا في صفوف الإمام علي(ع) ثم خرج عليه في التحكيم حتى قتل وهو قائد كبير في معركة النهروان. وفي تتبع لانتماءاتهم القبلية نجد أن معظمهم من بدو تميم الذين سكنوا ما بين البصرة والكوفة بعد الفتوحات الأولى فمن قوادهم التميميون فضلا عن حرقوص بن زهير نجد الكثير من تميم ومن القابهم الأخرى(الحرورية) وهذا لقب جغرافي منسوب إلى منطقة حروراء وكذلك من ألقابهم (المحكمة) لأنهم طالبوا بتحكيم كتاب الله المارقة أي الخارجين عن الدين وهذا اللقب مأخوذ من(حديث الرمية). قد تشير هذه التمسيات والألقاب المختلفة إلى اختلاف الرؤى لمطلقيها ولكن المجمع عليه اختلاف التوجه السياسي وارتباك القرار وتناقضه عند الخوارج وهذا مردة إلى التزمت وطاعة الأمير فحينما رفعت المصاحف في صفين طالبوا بتحكيمها ولما أوقف القتال كفروا الطرفين واستلوا سيوفهم وخناجرهم ليفتتحوا دوامة العنف والتطرف الأصولي الدموي التي نقشت سطورها القانية على صفحات التاريخ وقد تخبو جذوتها بين الحين والآخر، لكنها سرعان ما تعود لتحرق نفسها والآخرين. (إن هذه الأعمال الإجرامية تهدد المجتمع في أمنه واستقراره وتماسكه ولا يستفيد منها إلا أعداء الأمة وأعداء الدين ولا يقوم بها إنسان له دين أو حتى عقل) هذا ما صرح به الشيخ القرضاوي معلقا على تفجير المسرح في الدوحة يوم 17 آذار 2005 وكان القرضاوي يفتي في قناة الجزيرة يحث أبناء المسلمين في فتواه على الجهاد وقد أرسل أبناءه لدراسة الطب في واشنطن. محامي الأصوليين في قطر يقول إنني غيرت رأيي، بعد إن كان يهلل ويمنح المتطرفين الحماية والشرعية وأوسمة الجنة ويجدول لهم مواعيدهم مع الحور العين، وعندما وصلت النار إلى مصالحهم غيروا رأيهم، فما آن لهم ان يدركوا حقيقة الإرهاب ؟ انه لا يعرف الوفاء... و إلا ما الذي يدعو المهندس المصري في شركة بترول الإمارات (عمر احمد عبد الله) ذو الثلاثين عاما والطفلين والزوجة الفلسطينية الجميلة -القطرية المولد- والفيلا ذات الطابقين في ارقي أحياء الدوحة، ليترك ذلك كله ويأتي مفخخا نفسه وسيارته الفارهة فيفجرها ونفسه بمتفرجي مسرحية الليلة الثانية عشرة لشكســــبير الذي شـــبع موتا قبل قرون. ليت أشياخنا يوقنون بعض فتاوى عن رفض الغير وتكفيره من الضروري هنا أن نورد بعض فتاوى التكفير لنرصد خطرها على الفكر الاسلامي ومعظم هذه الفتاوى عن عبد العزيز بن باز وهي فتاوى كما نرى تكفر الجميع سنه متصوف وشيعة و اباضية : 1 - من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم . . . وفقه الله لكل خير آمين . سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد : فقد تلقيت كتابكم الكريم وفهمت ما تضمنه . وأفيدكم بأن الشيعة فرق كثيرة وكل فرقة لديها أنواع من البدع وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاة إليها ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولاسيما الأئمة الاثني عشر حسب زعمهم ولكونهم يكفرون ويسبون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما نسأل الله السلامة مما هم عليه من الباطل . وهذا لا يمنع دعوتهم إلى الله وإرشادهم إلى طريق الصواب وتحذيرهم مما وقعوا فيه من الباطل على ضوء الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة . وأسأل الله لك ولإخوانك من أهل السنة المزيد من التوفيق لما يرضيه مع الإعانة على كل خير ، وأوصيكم بالصبر والصدق والإخلاص والتثبت في الأمور والعناية بالحكمة والأسلوب الحسن في ميدان الدعوة والإكثار من تلاوة القرآن الكريم والتدبر في معانيه ومدارسته ومراجعة كتب أهل السنة فيما أشكل من ذلك كتفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي ، مع العناية بحفظ ما تيسر من السنة كبلوغ المرام للحافظ ابن حجر وعمدة الأحكام في الحديث للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ، ولا يخفى أنه يجب على الإنسان أن يسأل عما يشكل عليه في أمر دينه كما قال تعالى : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وإليكم برفقه بعض الكتب أسأل الله أن ينفعكم بما فيها وأن يعم بنفعكم إخوانكم المسلمين كما أسأله سبحانه أن يثبتنا وإياكم على الحق وأن يجعلنا جميعا من أنصار دينه وحماة شريعته والداعين إليه على بصيرة إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 2 - الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ، أما بعد : فقد سبق أن سألني أعضاء الهيئة التعليمية السعودية في اليمن في عام 1395 هـ عن حكم الصلاة خلف الزيدية فأجبتهم بتاريخ 3 / 9 / 1395 هـ بأني لا أرى الصلاة خلفهم . لأن الغالب عليهم الغلو في أهل البيت بالاستغاثة بهم ودعائهم والنذر لهم ونحو ذلك ، هذا هو الذي صدر مني ، وذلك مبني على ما بلغني من طرق كثيرة أن الزيدية يغلون في أهل البيت بأنواع من الشرك كدعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك ، ثم بلغني في هذه الأيام أعني في شعبان من عام 1396 هـ استغراب كثير من أهل العلم في اليمن هذه الفتوى واتصل بي جماعة منهم ومن خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة ممن أثق بعلمه ودينه مستغربين هذه الفتوى وقائلين : أن الغالب على علماء الزيدية هو عدم الغلو في أهل البيت هذا هو الذي نعلمه منهم ، وإنما يقع هذا الغلو في بعض العامة ومن بعض الزيدية الذين ليس عندهم من العلم والبصيرة ما يعرفون به حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك ، وذكروا أنهم يعلمون من علماء الزيدية إنكار الغلو في أهل البيت وإنكار الشرك ولا يجوز أن يكون وقوع الشرك من بعضهم أو من بعض العامة مسوغا لتهمة الأغلبية منهم بذلك ، وبناء على هذا وجب علي أن أعيد النظر في هذه الفتوى . لأن الواجب هو الأخذ بالحق . لأن الحق هو ضالة المؤمن متى وجده أخذه ، فأقول : إن هذة الفتوى التي سبق ذكرها قد رجعت عنها بالنسبة إلى ما فيها من التعميم والإطلاق . لأن الهدف هو الأخذ بالحق والدعوة إليه وأعوذ بالله أن أكفر مسلما أو أمنع من الصلاة خلف مسلم بغير مسوغ شرعي ، والواجب أن يؤخذ كل إنسان بذنبه وأن يحكم عليه بما ظهر من أقواله وأعماله ، فكل إمام علم منه ما يدل على أنه يغلو في أهل البيت أو في غيرهم سواء كان من الزيدية أو من غيرهم وسواء كان في اليمن أو غير اليمن فإنه لا يصلى خلفه ، ومن لم يعرف بذلك من الزيدية أو غيرهم من المسلمين فإنه يصلى خلفه ، والأصل سلامة المسلم مما يوجب منع الصلاة خلفه ، كما أن الأصل سلامة المسلم من الحكم عليه بالشرك حتى يوجد بأمر واضح وبينة عادلة ما يدل على أنه يفعل الشرك أو يعتقد جوازه ، هذا هو الذي أعتقده وأعلنه الآن لإخواننا في اليمن وغيرها ، وقد تقدم أن الحق ضالة المؤمن متى وجده أخذه ، ومعلوم أن العصمة لله ولرسله فيما يبلغونه عن الله عز وجل ، وكل مفت وكل عالم وكل طالب علم قد يقع منه بعض الخطأ أو بعض الإجمال ، ثم بعد وضوح الحق وظهوره يرجع إليه وفي ذلك شرف وفضل وهذه طريقة أهل العلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وقد أثنى عليهم أهل العلم بذلك وشكروهم على هذه الطريقة الحميدة وهذا هو الذي يجب علينا وعلى غيرنا الرجوع إليه والأخذ به في جميع الأحوال ، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما فيه رضاه وأن يمنحنا وإخواننا جميعا في اليمن وغيره إصابة الحق في القول والعمل إنه سبحانه وتعالى سميع قريب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . 3 - من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم س. ج وفقه الله سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد وصلتني رسالتك وصلك الله بهداه، وما ذكرته فيها كان معلوماً، وأخبرك بأن العقيدة الصوفية التي تقضي بأن الله في كل مكان عقيدة باطلة مخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم، وهي العقيدة الصحيحة من الإيمان بأن الله سبحانه في السماء فوق العرش عال على جميع الخلق، كما قال سبحانه في كتابه العزيز - القرآن الكريم -: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[1] الآية من سورة طه، وقوله سبحانه في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[2] الآية، في سبع آيات من القرآن الكريم، وهاتان الآيتان من جملة السبع، وقال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا}[3] الآية. الجواب : التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن؛ لأن العقيدة مختلفة، فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى، وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب، ومن عقيدة أهل السنة محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعا والآيات في هذا المعنى كثيرة، فنوصيك بتدبر القرآن الكريم؛ لأن فيه الهدى والنور والتوجيه إلى كل خير، كما قال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[4]، وهكذا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الدلالة على كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 4 - السؤال : من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم؟ والترضي عنهم، والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء، وأن أفضلهم أبو بكر الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عن الجميع، والرافضة خلاف ذلك فلا يمكن الجمع بينهما، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها. 5 - من سوداني مقيم في الأنبار يقول: في بلدنا طوائف متفرقة كل طائفة تتبع شيخا يرشدها ويعلمها أشياء، ويعتقدون أنهم يشفعون لهم عند الله يوم القيامة، ومن لم يتبع هؤلاء المشايخ يعتبر ضائعا في الدنيا والآخرة، فهل علينا اتباع هؤلاء أم نخالفهم؟ أفيدونا بارك الله فيكم. الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فيذكر السائل أن لديهم مشايخ يتبعونهم وأن من ليس له شيخ فهو ضائع في الدنيا والآخرة إذا لم يطع هذا الشيخ. والجواب عن هذا: أن هذا غلط ومنكر لا يجوز اتخاذه ولا اعتقاده، وهذا واقع فيه كثير من الصوفية، يرون أن مشايخهم هم القادة وأن الواجب اتباعهم مطلقا، وهذا غلط عظيم وجهل كبير وليس في الدنيا أحد يجب اتباعه والأخذ بقوله سوى رسول الله عليه الصلاة والسلام فهو المتبع عليه الصلاة والسلام. أما العلماء فكل واحد يخطئ ويصيب، فلا يجوز إتباع قول أحد من الناس كائنا من كان إلا إذا وافق شريعة الله، وإن كان عالماً كبيراً، فقوله لا يجب إتباعه إلا إذا كان موافقاً لشرع الله الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، لا الصوفية ولا غير الصوفية، واعتقاد الصوفية في هؤلاء المشايخ أمر باطل وغلط، فالواجب عليهم التوبة إلى الله من ذلك وأن يتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الهدى قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[1] المعنى: قل يا أيها الرسول للناس إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله... والمراد هو محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى قل يا محمد لهؤلاء الناس المدعين لمحبة الله: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[2]، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[3] فالطاعة الواجبة هي طاعة الله ورسوله، ولا يجوز طاعة أحد من الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا إذا وافق قوله شريعة الله، فكل واحد يخطئ ويصيب ما عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله عصمه وحفظه فيما يبلغه للناس من شرع الله عز وجل قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}[4]، فعلينا جميعا أن نتبع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وأن نعتصم بدين الله ونحافظ عليه، وأن لا نغتر بقول الرجال، وأن لا نأخذ بأخطائهم، بل يجب أن تعرض أقوال الناس وآراؤهم على كتاب الله وسنة رسوله فما وافق الكتاب والسنة أو أحدهما قبل و إلا فلا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[5]، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[6]، وقال عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[7] فتقليد المشايخ و إتباع آرائهم بغير علم وبصيرة ذلك أمر لا يجوز عند جميع العلماء، بل منكر بإجماع أهل السنة والجماعة، لكن ما وافق الحق من أقوال العلماء أخذ به؛ لأنه وافق الحق، لا لأنه قول فلان، وما خالف الحق من أقوال العلماء أو مشايخ الصوفية أو غيرهم وجب رده، وعدم الأخذ به لكونه خالف الحق لا لكونه قول فلان أو فلان. 6 - وهل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟ لا أرى ذلك ممكنا، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسدا واحدا وأن يدعوا الرافضة أن يلتزموا بما دل عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم، أما ما داموا مصرين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسب الصحابة إلا نفرا قليلا، وسب الصديق وعمر، وعبادة أهل البيت كعلي - رضي الله عنه - وفاطمة والحسن والحسين، واعتقادهم في الأئمة الإثني عشرة أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب؛ كل هذا من أبطل الباطل وكل هذا يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة. 7 - من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم : ع . ح . ع . وفقه الله سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد : - فقد وصلني كتابك المتضمن إفادتك عن كتاب لأحد الشيوخ الإباضيين في الجزائر بعنوان (الخوارج هم أنصار علي كرم الله وجهه) بما جعلك تشك في كثير من الحقائق التي كنت نؤمن فيها من قبل . وعليه أفيدك بأن الخوارج ليسوا أنصار علي ، بل هم خصماؤه ، وقد قاتلهم وقتل منهم جما غفيرا ، وقد كفروه واستحلوا دمه رضي الله عنه حتى قتله ابن ملجم وهو منهم . والخوارج طائفة خبيثة يكفرون المسلم بالمعصية ، ويرون خلود العصاة من المسلمين في النار وأنهم لا يخرجون منها كالكفار ، وقد حذر منهم صلى الله عليه وسلم وأخبر أنهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية . أما أبو هريرة رضي الله عنه فهو عدل ثقة عند أهل السنة والجماعة كبقية الصحابة رضي الله عنهم ، وهو من أحفظ الصحابة لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكذبه عمر ولا غيره من الصحابة ، بل احتجوا بأحاديثه وعملوا بها . ومن ذلك تعلم أن صاحب الكتاب المذكور قد أخطأ خطأ عظيما وكذب على الصحابة رضي الله عنهم ، فلا يعول عليه ولا يعتمد على كتابه ، بل يجب إتلافه إذا كان الواقع كما قلت أنت . أما فضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد فهو ثقة معروف لدينا وهو من علماء أهل السنة والجماعة . وأسأل الله سبحانه أن يوفق الجميع لما يرضيه . إنه سميع قريب . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 8 – الرد على مصطفي أمين حول المقدسات في المدينة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وبعد: اطلعت على ما نشرته صحيفة الندوة في عددها الصادر في 24/6/1380هـ بعنوان "آثار المدينة المنورة" بقلم الأخ مصطفى أمين فلما تأملت المقال المشار إليه وجدته قد اشتمل على أخطاء كثيرة يجب التنبيه عليها؛ لئلا يغتر بها بعض القراء. والمقتضي لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) الحديث . وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) وإليك أيها القارئ الأخطاء والحجة على إنكارها: أولا: قوله في المدينة: هذه المدينة المقدسة بها آثار كثيرة تستحق الذكرى، ونحن العرب لم نهتم بهذه الآثار بينما نشاهد معالم باريس، ولندن بها من الآثار ما يجعل شعوبها تخلد هذه الذكرى فما بالنا نحن المسلمين العرب لا نهتم بآثار العصور الماضية، إلى قوله وإنما يدعو الإسلام.. الخ. يدعونا الكاتب في هذه الكلمة إلى التشبه بباريس ولندن في تعظيم الآثار، وتخليد ذكراها بالأبنية وأشباهها، وهذا غريب، وعجيب أن يدعو مسلم إلى التشبه بأعداء الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) أيها القارئ إن تعظيم الآثار لا يكون بالأبنية ، والكتابات والتأسي بالكفرة، وإنما تعظيم الآثار يكون بإتباع أهلها في أعمالهم المجيدة، وأخلاقهم الحميدة، وجهادهم الصالح قولاً وعملاً، ودعوةً وصبراً، هكذا كان السلف الصالح يعظمون آثار سلفهم الصالحين، وأما تعظيم الآثار بالأبنية والزخارف والكتابة ونحو ذلك فهو خلاف هدي السلف الصالح، وإنما ذلك سنة اليهود والنصارى ومن تشبه بهم، وهو من أعظم وسائل الشرك، وعبادة الأنبياء والأولياء كما يشهد به الواقع، وتدل عليه الأحاديث والآثار المعلومة في كتب السنة فتنبه واحذر. نعم، ينبغي للمسلمين أن يستعدوا لأعدائهم في إيجاد المصانع النافعة للمجتمع، واختراع الأسلحة المناسبة للعصر، لا تأسيا بالكفرة، ولكن طاعة لله ولرسوله، وتأسيا بالسلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم، ومن سلك سبيلهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} وقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وقول النبي : ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن)) الحديث. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على أنه يجب على المسلمين أن يوجدوا بينهم من المصانع والأسلحة وأسباب العيش والحياة الكريمة ما يقوم بكفايتهم ويغنيهم عن الحاجة إلى غيرهم، ويعينهم على جهاد أعدائهم وحماية مصالحهم، والنصر لدينهم، واسترجاع أمجادهم السالفة، ومن عدوان من أرادهم أو أراد دينهم بسوء، هذا يا مصطفى أمين هو تعظيم الآثار لا ما أشرت إليه من الأبنية ونحوها والله المستعان. ثانيا: يقول الكاتب مصطفى: والمعرفة لا تجعل التقوى في الضعف ولا في الخوف بل في العلم بسنة الكون والوقوف على أسراره، والاتصال بما دق وجل منه. إلخ، نعم لا ينبغي أن تجعل التقوى في الضعف والخوف والتأخر عن ميادين الإصلاح والنفع الخاص والعام، والنظر في سنن الكون والتبصر في حكمة الرب سبحانه فيما خلق وشرع بل يجب أن يكون أهل التقوى هم أشجع الناس على كل خير، وأكملهم عناية بكل إصلاح؛ لأن تقواهم لله سبحانه تقتضي منهم ذلك، ولكن كلام الكاتب يوهم أن التقوى تنحصر في العلم بسنة الكون، والوقوف على أسراره، والتأسي بمن بلغ في هذا الباب أقصى ما يمكنه من العناية، وليس الأمر كذلك، وإنما العلم بسنة الكون، والعناية بأسراره من التقوى، لا أنه كل التقوى؛ لأن التقوى عند علماء الشرع: فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه، عن إيمان وصدق وإخلاص ومحبة ورغبة ورهبة، ومن ذلك العناية بالمصالح العامة وإيجاد المصانع النافعة، والتأسي بمن سبقنا في هذا الميدان من السلف الصالحين، والأئمة المتقين، ولا حرج علينا في أن نأخذ مما وقف عليه غيرنا من أسرار الكون واكتشف من العلوم النافعة الدنيوية التي لا تخالف الشرع المطهر، وإنما تعين على حمايته من كيد أعدائه وتغني أهله عن الحاجة إلى الغير بل يجب ذلك ويتعين على أهل الإسلام لا تأسياً بالكفار بل لأن دينهم الكامل يأمرهم بالحرص على ما ينفعهم، والحذر عن كل ما يضرهم كما تقدمت الأدلة على ذلك، وهؤلاء الكفار الذين بلغوا في الاختراع الغاية لم يزدهم ما وصلوا إليه من العلم إلا كفرا وإلحادا وهبوطا من الأخلاق الفاضلة، وابتعادا عن الأخلاق الكريمة، فلا ينبغي أن يغتر بعلمهم، ولا أن يقلدوا في أخلاقهم وأزيائهم المخالفة لشرع الله وإنما يؤخذ من علومهم ما ينفع وتدعو الحاجة إليه مع التقيد بتعاليم الشريعة والاستقامة على صراط الله المستقيم، والحذر من كل ما خالف ذلك، فتنبه أيها القارئ الكريم لهذا المقام العظيم تنج من ضلالات كثيرة وشبهات متنوعة، والله الهادي إلى سواء السبيل. ثالثا: يقول الكاتب مصطفى: فمن الواجب على الذين يزورون قبر سيد الشهداء أن يلتمسوا فيه هذه الأسوة، وأن يعلموا أن الله يجزيهم بجهادهم لبلوغ الغاية منها ولا يجزيهم لمجرد الزيارة، والتبرك، والدعاء. إلى أن قال: وأسوة حمزة رضي الله عنه هي الجهاد في سبيل الله له المثل الأعلى.. الخ. أقول: إن هذا الكلام فيه حق وباطل، فأما الحق فهو تشجيع زوار قبر حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وغيره من المؤمنين على تذكر أعمالهم المجيدة التي قاموا بها حين كانوا في قيد الحياة من الجهاد في سبيل الله، والدعوة إليه، والعناية بالمصالح العامة، والتأسي بهم في ذلك، وهذا حق ينبغي لكل مسلم أن يتذكره كثيرا، وأن يتأسى بأهله في سائر أطوار حياته حتى يعمل كأعمالهم، ويسير كسيرتهم حسب الطاقة. وقوله: إن الله لا يجزي الزائر لمجرد الزيارة والتبرك والدعاء. وهذا بلا شك خطأ ظاهر ومخالف للأحاديث الصحيحة التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)) وفي بعضها وتزهد في الدنيا. فالنصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب تدل على أن مقصود الزيارة تذكر الآخرة، والزهد في الدنيا، والدعاء لأهل القبور من المسلمين بالعافية والمغفرة. والكاتب المذكور قد أعرض عن هذا ولم يرفع به رأسا. وشجع على أمر آخر يؤخذ من نصوص أخرى، ولو جمع بين الأمرين لما فاته الصواب، وأما قصد الزائر للقبور التبرك بها، فليس ذلك من دين الإسلام بل هو من أعمال أهل الجاهلية، ومن أخلاق عباد الأوثان، فيجب الحذر منه، ونهي الزوار عنه. وقد ثبت في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. نسأل الله لنا ولكم العافية وفي جامع الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة ((فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر)) فهذه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور وبيان المقصد منها، وأما التبرك بها والبناء عليها والكتابة عليها وقصدها للدعاء عندها فليس ذلك من سنته بل هو من سنة اليهود والنصارى وأهل الجاهلية، نسأل الله لنا وللمسلمين جميعا العافية من ذلك. رابعا: يقول الكاتب مصطفى في أثناء كلامه: واتخذت بعض الأمم الإسلامية ملوكها أرباباً، وجعلت من بعض الصالحين فيها أولياء اتخذتهم إلى الله زلفى، ولهؤلاء وأولئك بنت القباب، وأقامت عليها المساجد لا تقصد تخليد ذكراهم ليكون للذكرى في الأجيال أسوة ومثلا، بل تقصد أن تكون القباب والمساجد محاريب لعبادتهم، والتوسل إلى الله، ولو أنهم أقاموا القبة أو المسجد للأسوة، وللذكرى لكان ذلك خيرا.. الخ. أقول في هذا الكلام حق وباطل. أما الحق فهو إقرار الكاتب بوجود هذه البدع والمنكرات في بعض الأمم الإسلامية، وانتقاده اتخاذ تلك القبب والمساجد محاريب لعبادة الأموات والتوسل بهم. وهذا لا شك واقع، ومن زار البلدان المجاورة رأى ذلك عياناً فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأل الله أن يعافي المسلمين من ذلك، وأن يمنحهم الفقه في الدين الذي بعث الله به نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم حتى يعرفوا أن هذه المحدثات حول القبور تخالف شرعه وتوقع في عبادة غير الله سبحانه كما هو الواقع. وأما الباطل الذي أشتمل عليه كلام الكاتب فهو تفصيله بين اتخاذ القباب والمساجد للعبادة والتوسل، وبين اتخاذها لتخليد الذكرى ففرق بين الأول والثاني، وهذا "التفصيل" ليس عليه دليل بل النصوص من الكتاب والسنة تخالفه، وتدل على أنه لا يجوز اتخاذ القباب والمساجد على القبور مطلقاً. لأن اتخاذها لعبادة الأموات والتوسل بهم بالدعاء والاستغاثة ونحو ذلك شرك أكبر من جنس عمل الجاهلية الأولى حول اللات والعزى ومناة وأشباهها، واتخاذها للذكرى وسيلة قريبة وذريعة إلى الشرك بأهل القبور وعبادتهم مع الله سبحانه، ولهذا المعنى جاءت النصوص من الكتاب والسنة تنكر ذلك وتحذر منه، وتحسم وسائل الشرك. ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) قالت عائشة رضي الله عنها يحذر ما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)) وفي صحيح مسلم أيضا عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على تحريم اتخاذ المساجد والقباب على القبور، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر أمته من ذلك. لئلا يفعلوا فعل اليهود والنصارى من الغلو في تعظيم الأموات، واتخاذ قبورهم مساجد، والصلاة عندها والدعاء ونحو ذلك فيقعوا في الشرك وعبادة الأنبياء والصالحين من دون الله كما وقع غيرهم، وهذا الذي خافه صلى الله عليه وسلم قد وقع في أمته فعظموا الأموات من الأنبياء والصالحين التعظيم الذي لم يشرعه الله، وبنوا على قبورهم المساجد والقباب وصرفوا لهم الدعوات والرغبات حتى وقع الشرك المحذور، وحصل التأسي بعباد القبور فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أم سلمة، وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما رأتا في أرض الحبشة كنيسة يقال لها مارية وما فيها من الصور، فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله))) فبين صلى الله عليه وسلم أن بناة المساجد والقباب على القبور والمصورين فيها الصور هم شرار الخلق عند الله، ولعنهم في حديث عائشة ولم يفصل بين من بناها للعبادة أو لتخليد الذكرى، فعلم بذلك أن بناءها لا يجوز مطلقا وما ذلك إلا لكونها من أعظم وسائل الشرك، ومن أظهر أعلامه وشعائره، وهي سنة اليهود والنصارى التي نهينا عن اتباعها، وحذرنا من سلوكها كما في قوله صلى الله عليه وسلم ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)) قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال ((فمن))؟ متفق عليه ، فهذا الخبر الصحيح يدل على أن هذه الأمة تسلك مسالك اليهود والنصارى في الشرك والبدع إلا من عصم الله من ذلك، وهم الطائفة المنصورة كما في الأحاديث الأخر، ويدل هذا الخبر أيضا على تحذير الأمة من اتباع سنن اليهود والنصارى؛ لأن اتباعهم يفضي بأهله إلى مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والحذر عما نهى عنه كما قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[4] وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[5] ولا ريب أنه دعا إلى كل خير وحذر أمته من كل شر فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يخالف سبيله أو يدعو إلى غير طريقه، ولا شك أن البناء على القبور واتخاذ المساجد والقباب عليها من سبيل اليهود والنصارى، ومن وسائل الشرك والضلال مطلقاً فوجب تركها والحذر منها والله ولي التوفيق. خامسا: يقول الكاتب مصطفى: وكذلك البقيع هذا الجزء الذي دفنوا فيه أزواج وعمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبر إبراهيم وقبور الصحابة كان في الماضي بالقباب حتى جاءت الدولة الرشيدة وأزالت تلك القباب، ولكن تركت القبور كما هي لم تعلم، ويحضر إلى هذا البقيع مئات الألوف من زوار المسجد النبوي لزيارة أهل البقيع فلا يعرفون من فضلهم الله على العباد أمثال زوجات رسول الله وابنه إبراهيم وعشرات الصحابة فلو عملت إدارة الأوقاف على هذه القبور لوحات يكتب عليها اسم صاحب القبر ويحاط أيضا القبر بشبك من حديد للتعرف عليه والسلام عليه ليس إلا... الخ. يدعو الكاتب في هذه الكلمات إدارة الأوقاف بالمدينة إلى عمل لوحات يكتب فيها أسماء المشهورين من المدفونين في البقيع وإلى إقامة شبك حديد على قبورهم للتعريف بهم. أقول قد يكون هذا الاقتراح من الكاتب عن حسن نية ومقصد صالح، ولكن الآراء والاستحسانات لا ينبغي للمؤمن الاعتماد عليها حتى يعرضها علي الميزان العادل الذي يميز طيبها من خبيثها ألا وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولعل الكاتب حين كتب هذه الكلمة من أولها إلى آخرها لم يكن عنده علم بما جاءت به السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول القبور فلذلك وقعت منه الأخطاء السالفة، ووقع منه هذا الخط الأخير وهو: اقتراحه على إدارة الأوقاف ما تقدم ذكره، وقد سبق في الحديث الصحيح نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور، ولا شك أن اتخاذ الشبابيك عليها نوع من البناء ووسيلة إلى الغلو فيها، والفتنة بها وهكذا الكتابة عليها هي من وسائل الغلو فيها واتخاذها أوثانا فإن بعض الجهال إذا قرءوا أسماء المدفونين وعرفوا أنهم من المعظمين لعلم أو عبادة أو رئاسة، أو لكونهم من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أكبوا عليهم للتمسح بهم والتبرك بتربتهم كما يفعل الجهال في البلدان المجاورة بكثير من الموتى، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الكتابة على القبور، كما صح عنه النهي عن البناء عليها، وأن يزاد عليها من غير ترابها، وأن تتخذ عليها المساجد والسرج كما سلفت الأحاديث بذلك، وما ذلك منه صلى الله عليه وسلم إلا حماية لجناب التوحيد، وسداً لطرق الشرك وخوفاً على الأمة من الوقوع فيما وقع فيه من قبلهم من ضلال اليهود والنصارى، وعباد الأوثان من شتى قبائل العرب فلقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة أبلغ نصيحة عليه من ربه أفضل الصلاة وأكمل التسليم، والمقصود من الزيارة لأهل البقيع هو الدعاء لهم بالعافية والمغفرة، والتذكر للآخرة بزيارتهم كما سلف في أول هذه الكلمة وذلك متيسر بحمد الله وإن لم يعلم الزائر أسماءهم، وليس هناك حاجة إلى ما اقترحه هذا الكاتب من الكتابة وإقامة الشبك، ولو كان في ذلك خير للمسلمين لكان السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان أسبق إلى ذلك وأولي بفعله من المتأخرين؛ لأنهم بالشريعة أعلم، وفي العمل بها أرغب ولزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من أهل البيت أحب وأغير فلما تركوا ذلك واكتفوا بما كان عليه الحال في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين علم أن ما أحدثه الناس بعدهم في القبور من البناء والكتابة هو الباطل والغلو المحرم والحدث المنكر، فتنبه أيها القارئ لذلك، واحذر من شبه المشبهين وبدع المبتدعين والله الهادي إلى الصراط المستقيم. وقد جاء بعد الرسول صلى الله عليه وسلم دعاة الشرك من اليهود والنصارى ومن تشبه بهم من هذه الأمة يدعون الناس إلى خلاف ما دعاهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وينشرون بينهم الأفكار الهدامة والدعايات المضللة عن قصد وعن غير قصد، فراج الباطل بسبب ذلك وخفي الحق على أكثر الخلق، وقل دعاة الهدى وأنصار الشريعة، وكثر بين الناس أدعياء العلم وأنصار الشرك ودعاة الرذيلة، فحسبنا الله ونعم الوكيل، ومن هنا يعلم القراء الصالحون، والعلماء المهتدون أن الواجب عليهم التشمير عن ساعد الجد في الدعوة إلى الإسلام الصافي من شوائب الشرك والبدع، ونشر محاسنه وأحكامه العادلة وأهدافه، السامية وتعاليمه السمحة بين طبقات الأمة في المجتمعات والمحافل والصحف والنشرات، ومن طريق الخطابة والإذاعة ليتعلم الجاهل وينتبه الغافل ويتذكر الناسي ويقف المضلل عند حده فلا يكيد للإسلام وأحكام الشريعة بمرأى من أهل العلم ومسمع، ومتى شمر دعاة الإسلام لنصره في الدعوة إليه، ذل دعاة الشرك والإلحاد والبدع والأهواء، وخمدت نارهم وقبعوا في زوايا الخمول وابتعدوا عن منصات الخطابة ومنابر الصحافة، أو دخلوا في الحق وناصروا أهله لما سطع لهم نوره، وظهر لهم رشده، وانزاح عن قلوبهم حجب الشبهات والجهالة، فما أوجب النصيحة لدين الإسلام على أهل الإسلام وما أعظم حقه عليهم، ولقد قام بهذا الواجب جم غفير من علماء الإسلام ودعاة الإصلاح في هذا العصر، وإني لأرجو لهم التوفيق والثبات ومزيد القوة والنشاط في الحق وهدم حصون الضلال وقلع أسس الباطل، وإني لأرى لزاما على الذين لم يساهموا في هذا الميدان من القراء النابهين والعلماء المبرزين أن ينفضوا عنهم غبار الكسل وشبهة التواكل، وأن يقتحموا الميدان بصدق وشجاعة وعلم وحلم حتى ينصروا دينهم ويحموا شريعتهم ويهدوا الناس إليها ويرشدوهم إلى الصراط المستقيم، ولهم بذلك مثل أجور أتباعهم إلى يوم القيامة كما قال الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا)) والله المسئول أن يهدينا وجميع إخواننا صراطه المستقيم، وأن يعيذنا جميعا من طريق المغضوب عليهم والضالين إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه. 9 - من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة سماحة الوالد شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ . وفقه الله ونصر به دينه آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وأما بعد : ففي هذه الأيام بلغني أن هناك حركة في بلدية المدينة المنورة لإعادة بناء القبة على بئر الخاتم المعروفة غربي مسجد قباء ثم ثبت عندي صحة ذلك من طرق يوثق بها فاتصلت بسمو أمير المدينة وأخبرته أن هذا لا يجوز ، وأن الواجب بقاؤها على حالها أو دفنها ومواساتها بالأرض سعة للميدان الذي هي في وسطه وهو موقف للسيارات التاكسي وغيرها . ثم اتصلت بفضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح وأخبرته بما بلغني فتكدر لذلك ، وكتب لسمو أمير منطقة المدينة في الموضوع ، وإلى سماحتكم صورة ما كتبه . وإذا رأى سماحتكم الاتصال بجلالة الملك والمشورة عليه بأن الواجب دفنها سعة للميدان وحسما لمادة التبرك بها من أهل الجهل فهو مناسب وفيما يراه سماحتكم إن شاء الله كفاية . سدد الله رأيكم وبارك في جهودكم ونصر بكم دينه وحمى بكم شريعته . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 10 - ما رأيكم في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول بعضهم : إنه الأول والآخر والظاهر والباطن.. فما رأيكم في مثل هذا الاعتقاد فيه صلى الله عليه وسلم ؟ الجواب : الأول والآخر والظاهر والباطن هو الله عز وجل قال تعالى في سورة الحديد : {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[1] وقال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه : ((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)) رواه الإمام مسلم في صحيحه. فمن قال إن النبي صلى الله عليه وسلم : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم فهو كافر ، لكونه وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأسماء أربعة مختصة بالله عز وجل لا يستحقها غيره. وهذا لا يقوله عاقل يفهم ما يقول ، الأول والظاهر هو الله وحده سبحانه ، وهو الذي قبل كل شيء وبعد كل شيء سبحانه وتعالى. وهو الظاهر فوق جميع خلقه ، والباقي بعدهم ، والذي يعلم أحوالهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم إلا ما علمه الله ، وقد توفي عليه الصلاة والسلام ، ووجد بعد أن كان معدوما ، وجد في مكة بين أمه آمنة وأبيه عبد الله ، وكان عدما قبل ذلك ، ثم وجد من ماء مهين ، وغيره من البشر كذلك فالذي يقول أنه الأول والآخر والظاهر والباطن فهو ضال ومرتد إن كان مسلما. 11 - الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة (الندوة) في عددها الصادر في 24/5/ 1387هـ بقلم الأخ صالح محمد جمال تحت عنوان: (الآثار الإسلامية) فألفيت الكاتب المذكور يدعو في مقاله المنوه عنه إلى تعظيم الآثار الإسلامية، والعناية بها، يخشى أن تندثر ويجهلها الناس، ويمضي الكاتب فيقول: (والذين يزورون الآن بيت شكسبير في بريطانيا، ومسكن بتهوفن في ألمانيا لا يزورونها بدافع التعبد والتأليه، ولكن بروح التقدير والإعجاب لما قدمه الشاعر الإنجليزي والموسيقي الألماني لبلادهما وقومهما مما يستحق التقدير فأين هذه البيوت التافهة من بيت محمد ودار الأرقم بن أبي الأرقم وغار ثور وغار حراء وموقع بيعة الرضوان وصلح الحديبية، إلى أن قال: ومنذ سنوات قليلة عمدت مصر إلى تسجيل تاريخ (أبو الهول) ومجد الفراعنة، وراحت ترسلها أصواتا تحدث وتصور مفاخر الآباء والأجداد، وجاء السواح من كل مكان يستمعون إلى ذلك الكلام الفارغ إذا ما قيست بمجد الإسلام، وتاريخ الإسلام ورجال الإسلام في مختلف المجالات ويريد الكاتب من هذا الكلام أن المسلمين أولى بتعظيم الآثار الإسلامية كغار حراء وغار ثور، وما ذكره الكاتب معهما آنفا من تعظيم الإنجليز والألمان للفنانين المذكورين، ومن تعظيم المصريين لآثار الفراعنة. ثم يقترح الكاتب أن تقوم وزارة الحج والأوقاف بالتعاون مع وزارة المعارف على صيانة هذه الآثار والاستفادة منها بالوسائل التالية: 1- كتابة تاريخ هذه الآثار بأسلوب عصري معبر عما تحمله هذه الآثار من ذكريات الإسلام ومجده عبر القرون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. 2- رسم خريطة أو خرائط لمواقع الآثار في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة. 3- إعادة بناء ما تهدم من هذه الآثار على شكل يغاير الأشكال القديمة، وتحلية البناء بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية على لوحة كبرى يسجل بها تاريخ موجز للأثر وذكرياته بمختلف اللغات. 4- إصلاح الطرق إلى هذه الآثار، وخاصة منها الجبلية كغار ثور وغار حراء، وتسهيل الصعود إليها بمصاعد كهربائية كالتي يصعد بها إلى جبال الأرز في لبنان مثلا مقابل أجر معقول. 5- تعيين قيم أو مرشد لكل أثر من طلبة العلم يتولى شرح تاريخ الأثر للزائرين، والمعاني السامية التي يمكن استلهامها منه بعيدا عن الخرافات والبدع، أو الاستعانة بتسجيل ذلك على شريط يدار كلما لزمت الحاجة إليه. 6- إدراج تاريخ هذه الآثار ضمن المقررات المدرسية على مختلف المراحل) انتهى نقل المقصود من كلامه. ولما كان تعظيم الآثار الإسلامية بالوسائل التي ذكرها الكاتب يخالف الأدلة الشرعية وما درج عليه سلف الأمة وأئمتها من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى أن مضت القرون المفضلة، ويترتب عليه مشابهة الكفار في تعظيم آثار عظمائهم، وغلو الجهال في هذه الآثار، وإنفاق الأموال في غير وجهها ظنا من المنفق أن زيارة هذه الآثار من الأمور الشرعية، وهي في الحقيقة من البدع المحدثة، ومن وسائل الشرك، ومن مشابهة اليهود والنصارى في تعظيم آثار أنبيائهم وصالحيهم واتخاذها معابد، ومزارات. رأيت أن أعلق على هذا المقال بما يوضح الحق ويكشف اللبس بالأدلة الشرعية والآثار السلفية، وأن أفصل القول فيما يحتاج إلى تفصيل، لأن التفصيل في مقام الاشتباه من أهم المهمات، ومن خير الوسائل لإيضاح الحق، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله قال ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) فأقول والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا به: قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) أخرجه الشيخان وفي لفظ لمسلم : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدع ضلالة. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وهذه الآثار التي ذكرها الكاتب كغار حراء وغار ثور وبيت النبي صلى الله عليه وسلم ودار الأرقم بن أبي الأرقم ومحل بيعة الرضوان وأشباهها إذا عظمت وعبدت طرقها وعملت لها المصاعد واللوحات لا تزار كما تزار آثار الفراعنة، وآثار عظماء الكفرة، وإنما تزار للتعبد والتقرب إلى الله بذلك. وبذلك نكون بهذه الإجراءات قد أحدثنا في الدين ما ليس منه، وشرعنا للناس ما لم يأذن به الله وهذا هو نفس المنكر الذي حذر الله عز وجل منه في قوله سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[1] وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)) قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال ((فمن)) متفق على صحته. ولو كان تعظيم الآثار بالوسائل التي ذكرها الكاتب وأشباهها مما يحبه الله ورسوله لأمر به صلى الله عليه وسلم أو فعله، أو فعله أصحابه الكرام رضي الله عنهم، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الدين بل هو من المحدثات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منها أصحابه رضي الله عنهم. وقد ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أنكر تتبع آثار الأنبياء، وأمر بقطع الشجرة التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها في الحديبية لما قيل له إن بعض الناس يقصدها، حماية لجناب التوحيد وحسماً لوسائل الشرك والبدع والخرافات الجاهلية، وأنا أنقل لك أيها القارئ ما ذكره بعض أهل العلم في هذا الباب لتكون على بينة من الأمر: قال الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي في كتابه (الحوادث والبدع) صفحة (135): (فصل في جوامع البدع) ثم قال: وقال المعرور بن سويد خرجنا حجاجاً مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلقينا مسجداً فجعل الناس يصلون فيه قال عمر أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم باتباع مثل هذا حتى اتخذوها بيعا فمن عرضت له فيها صلاة فليصل ومن لم تعرض له صلاة فليمض ثم نقل في صفحة (141) عن محمد بن وضاح أن عمر بن الخطاب أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الناس كانوا يذهبون تحتها فخاف عمر الفتنة عليهم. ثم قال ابن وضاح : (وكان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار التي بالمدينة ما عدا قباء وأحد، ودخل سفيان بيت المقدس وصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره أيضا ممن يقتدي به، ثم قال ابن وضاح : فكم من أمر هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكراً عند من مضى، وكم من متحبب إلى الله بما يبغضه الله عليه ومتقرب إلى الله بما يبعده منه). انتهى كلامه رحمه الله. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في صفحة من جزء من مجموع الفتاوى ما نصه: (وأما صعود الجبل الذي بعرفة ويسمى جبل الرحمة فليس سنة، وكذلك القبة التي فوقه التي يقال لها قبة آدم لا يستحب دخولها ولا الصلاة فيها، والطواف بها من الكبائر وكذلك المساجد التي عند الجمرات لا يستحب دخول شيء منها ولا الصلاة فيها، وأما الطواف بها أو بالصخرة أو بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان غير البيت العتيق فهو من أعظم البدع المحرمة). وقال في صفحة (144) من الجزء المذكور: (وأما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام كالمسجد الذي تحت الصفا وما في سفح أبي قبيس ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كمسجد المولد وغيره فليس قصد شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أحد من الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام خاصة، والمشاعر عرفة ومزدلفة ومنى والصفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى، مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال إنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك فإنه ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك بل هو بدعة. وكذلك ما يوجد في الطرقات من المساجد المبنية على الآثار والبقاع التي يقال إنها من الآثار لم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك)، وقال في صفحة (134) من الجزء (27) من المجموع المذكور: (فصل: وأما قول السائل هل يجوز تعظيم مكان فيه خلوق وزعفران لكون النبي صلى الله عليه وسلم رئي عنده؟ فيقال بل تعظيم مثل هذه الأمكنة واتخاذها مساجد ومزارات لأجل ذلك هو من أعمال أهل الكتاب الذين نهينا عن التشبه بهم فيها، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في السفر فرأى قوما يبتدرون مكانا فقال: ما هذا؟ فقالوا: مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ومكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ من أدركته فيه الصلاة فليصل وإلا فليمض ، وهذا قاله عمر بحضرة من الصحابة رضي الله عنهم، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في أسفاره في مواضع، وكان المؤمنون يرونه في المنام في مواضع، وما اتخذ السلف شيئا من ذلك مسجدا ولا مزارا، ولو فتح هذا الباب لصار كثير من ديار المسلمين أو أكثرها مساجد ومزارات فإنهم لا يزالون يرون النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقد جاء إلى بيوتهم، ومنهم من يراه مرارا كثيرة، وتخليق هذه الأمكنة بدعة مكروهة إلى أن قال: ولم يأمر الله أن يتخذ مقام نبي من الأنبياء مصلى إلا مقام إبراهيم بقوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[2] كما أنه لم يأمر بالاستلام والتقبيل لحجر من الحجارة إلا الحجر الأسود، ولا بالصلاة إلى بيت إلا البيت الحرام، ولا يجوز أن يقاس غير ذلك عليه باتفاق المسلمين بل ذلك بمنزلة من جعل للناس حجا إلى غير البيت العتيق، أو صيام شهر مفروض غير صيام رمضان، وأمثال ذلك. ثم قال: وقد تبين الجواب في سائر المسائل المذكورة بأن قصد الصلاة والدعاء عندما يقال أنه قدم نبي أو أثر نبي أو قبر بعض الصحابة أو بعض الشيوخ أو بعض أهل البيت أو الأبراج أو الغيران من البدع المحدثة المنكرة في الإسلام لم يشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كان السابقون الأولون والتابعون لهم بإحسان يفعلونه، ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين بل هو من أسباب الشرك وذرائعه) والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الجواب، ثم قال في صفحة (500) من الجزء المذكور: (ولم يكن أحد من الصحابة بعد الإسلام يذهب إلى غار ولا يتحرى مثل ذلك فإنه لا يشرع لنا بعد الإسلام أن نقصد غيران الجبال ولا نتخلى فيها.. إلى أن قال: وأما قصد التخلي في كهوف الجبال وغيرانها، والسفر إلى الجبل للبركة مثل جبل الطور وجبل حراء وجبل ثور أو نحو ذلك فهذا ليس بمشروع لنا بل قد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) انتهى كلامه رحمه الله. وقال ابن القيم رحمه الله في (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) صفحة (204) بعد كلام له سبق في التحذير من قصد القبور للتبرك بها، والدعاء عندها: (وقد أنكر الصحابة ما هو دون هذا بكثير فروى غير واحد عن المعرور بن سويد قال صليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طريق مكة صلاة الصبح ثم رأى الناس يذهبون مذاهب فقال أين يذهب هؤلاء؟ فقيل يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهم يصلون فيه فقال إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعا فمن أدركته الصلاة منكم في هذه المساجد فليصل ومن لا فليمش ولا يتعمدها وكذلك أرسل عمر رضي الله عنه أيضا فقطع الشجرة التي بايع تحتها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى كلامه رحمه الله. وكلام أهل العلم في هذا الباب كثير لا نحب أن نطيل على القارئ بنقله، ولعل فيما نقلناه كفاية ومقنعا لطالب الحق.. إذا عرفت ما تقدم من الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم في هذا الباب علمت أن ما دعا إليه الكاتب المذكور من تعظيم الآثار الإسلامية كغار ثور ومحل بيعة الرضوان وأشباهها وتعمير ما تهدم منها والدعوة إلى تعبيد الطرق إليها، واتخاذ المصاعد لما كان مرتفعا منها كالغارين المذكورين واتخاذ الجميع مزارات ووضع لوحات عليها، وتعيين مرشدين للزائرين- كل ذلك مخالف للشريعة الإسلامية التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وسد ذرائع الشرك والبدع وحسم الوسائل المفضية إليها. وعرفت أيضا أن البدع وذرائع الشرك يجب النهي عنها ولو حسن قصد فاعلها أو الداعي إليها لما تفضي إليه من الفساد العظيم وتغيير معالم الدين وإحداث معابد ومزارات وعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}[3] فكل شيء لم يكن مشروعاً في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه رضي الله عنهم لا يمكن أن يكون مشروعا بعد ذلك، ولو فتح هذا الباب لفسد أمر الدين ودخل فيه ما ليس منه، وأشبه المسلمون في ذلك ما كان عليه اليهود والنصارى من التلاعب بالأديان وتغييرها على حسب أهوائهم واستحساناتهم وأغراضهم المتنوعة، ولهذا قال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه رحمه الله كلمة عظيمة وافقه عليها أهل العلم قاطبة، وهي قوله: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، ومراده بذلك أن الذي أصلح أولها هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والسير على تعاليمهما، والحذر مما خالفهما، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا هذا الأمر الذي صلح به أولها، ولقد صدق في ذلك رحمه الله فإن الناس لما غيروا وبدلوا واعتنقوا البدع وأحدثوا الطرق المختلفة تفرقوا في دينهم، والتبس عليهم أمرهم وصار كل حزب بما لديهم فرحون وطمع فيهم الأعداء، واستغلوا فرصة الاختلاف وضعف الدين، واختلاف المقاصد، وتعصب كل طائفة لما أحدثته من الطرق المضلة، والبدع المنكرة حتى آلت حال المسلمين إلى ما هو معلوم الآن من الضعف والاختلاف وتداعي الأمم عليهم، فالواجب على أهل الإسلام جميعا هو الرجوع إلى دينهم والتمسك بتعاليمه السمحة وأحكامه العادلة، وأخذها من منبعها الصافي: الكتاب العزيز والسنة الصحيحة المطهرة، والتواصي بذلك، والتكاتف على تحقيقه في جميع المجالات التشريعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغير ذلك، والحذر كل الحذر من كل ما يخالف ذلك أو يفضي إلى التباسه أو التشكيك فيه، وبذلك ترجع إلى المسلمين عزتهم المسلوبة، ويرجع إليهم مجدهم الأثيل وينصرهم الله على أعدائهم ويمكن لهم في الأرض كما قال عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[4] وقال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[5] وأما اقتراح الكاتب إدراج تاريخ هذه الآثار ضمن المقررات المدرسية على مختلف المراحل فهذا حق ولا مانع منه إذا كان ذلك على سبيل الدعوة إلى التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أصابه من المشاق والأذى الشديد في سبيل الدعوة إلى الحق، والتذكير بأحواله صلى الله عليه وسلم في بيته، وفي دار الأرقم، وفي غار ثور وحراء، والاستفادة من الآيات والمعجزات التي حصلت في غار ثور، في مكة المكرمة، وفي طريق الهجرة، وفي المدينة المنورة، وكون الله سبحانه حماه من مكايد أعدائه في جميع مراحل الدعوة. لا شك أن التحدث عن هذه الأمور وما فيها من العبر والمعجزات، والدلالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما دعا إليه، والشهادة له بأنه رسول الله حقا، وما أيده الله به من الآيات والمعجزات كل ذلك مما يقوي الإيمان في القلوب، ويشرح صدور المسلمين، ويحفزهم إلى التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه، والصبر على دعوته، وتحمل ما قد يعرض للمسلم ولا سيما الداعية إلى الحق من أنواع المشاق والمتاعب، ولقد أدرك علماء المسلمين هذه المعاني الجليلة، وصنفوا فيها الكتب، والرسائل وذكروها في المقررات المدرسية على اختلاف أنواعها ومراحلها، ولا ريب أنه ينبغي للمسئولين عن التعليم في جميع البلاد الإسلامية أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يعطوه ما يستحقه من إيضاح وتفصيل حتى تكون ناشئة المسلمين على غاية من البصيرة بما كان عليه نبيهم وإمامهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الكريمة، والأعمال الصالحة والجهاد الطويل والصبر العظيم حتى لحق بربه وصار إلى الرفيق الأعلى عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يوفقهم وقادتهم للتمسك بدين الله والاستقامة عليه وتحكيمه، و التحاكم إليه، والسير على منهاجه القويم الذي ارتضاه لعباده وتركهم عليه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وسار عليه صحابته الكرام، وأتباعهم بإحسان، إنه على كل شيء قدير. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وصحبه. 12 - من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم : ح . م . ر . وفقه الله لكل خير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعده : كتابكم الكريم المؤرخ في 17/10/1392 هـ وصل وصلكم الله بهداه وما تضمنه من السؤال عن حكم نقل حجارة مسجد قديم جدا ومع استمرار الزمان قد كبسته السيول ويحتمل أن يكون فيه قبر ، فهل يصح لأحد من المسلمين نقل حجارته إلى بيته ويتخذها ملكا ؟ . والجواب : إذا خرب المسجد ونحوه بأسباب سيل أو غيره شرع لأهل المحلة التي فيها المسجد أن يعمروه ويقيموا الصلاة فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة)) ولقول عائشة رضي الله عنها : ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب ) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة بإسناد حسن . والمراد بالدور القبائل والحارات ونحوها ، والأحاديث في فضل تعمير المساجد كثيرة ، فإن كان في المحلة مسجد يغني عنه صرفت حجارته وأنقاضه في مسجد آخر في محلة أخرى أو بلدة أخرى محتاجة إلى ذلك ، وعلى ولي الأمر في البلد التي فيها المسجد المذكور من قاض أو أمير أو شيخ قبيلة ونحوهم العناية بذلك ونقل هذه الأنقاض إلى تعمير المساجد المحتاجة إليها أو بيعها وصرفها في مصالح المسلمين ، وليس لأحد من أهل البلد أن يأخذ شيئا منها إلا بإذن ولي الأمر ، وإذا كان في المسجد قبر وجب أن ينبش وينقل ما فيه من عظام - إن وجدت - إلى مقبرة البلد فيحفر لها وتدفن في المقبرة؛ لأنه لا يجوز شرعا وضع قبور في المساجد ولا بناء المساجد عليها؛ لأن ذلك من وسائل الشرك والفتنة بالمقبور ، كما قد وقع ذلك في أكثر بلاد المسلمين من أزمان طويلة بأسباب الغلو في أصحاب القبور ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنبش القبور التي كانت في محل مسجده عليه الصلاة والسلام ، وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) وفي صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها)) وفي صحيح مسلم أيضا عن جندب ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)) وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في الحبشة وما فيها من الصور فقال : ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله)) وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : ((نهى رسول صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه)) زاد الترمذي رحمه الله في روايته بإسناد صحيح : ((وأن يكتب عليه)) ، فهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، والصلاة فيها وإليها وتجصيصها ونحو ذلك من أسباب الشرك بأربابها ، ويلحق بذلك وضع الستور عليها والكتابة عليها وإراقة الأطياب عليها وتبخيرها ووضع الزهور عليها؛ لأن هذا كله من وسائل الغلو فيها والشرك بأهلها ، فالواجب على جميع المسلمين الحذر من ذلك ، والتحذير منه ، ولاسيما ولاة الأمر ، فإن الواجب عليهم أكبر ومسئوليتهم أعظم؛ لأنهم أقدر من غيرهم على إزالة هذه المنكرات وغيرها ، وبسبب تساهلهم وسكوت الكثيرين من المنسوبين إلى العلم كثرت هذه الشرور وانتشرت في أغلب البلاد الإسلامية ، ووقع بسببها الشرك والوقوع فيما وقعت فيه أهل الجاهلية الذين عبدوا اللات والعزى ومناة وغيرها ، وقالوا كما ذكر الله عنهم في كتابه العظيم : {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[1] {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وذكر أهل العلم أن القبر إذا وضع في مسجد وجب نبشه وإبعاده عن المسجد ، وإن كان المسجد هو الذي حدث أخيرا بعد وجود القبر وجب هدم المسجد وإزالته؛ لأنه هو الذي حصل ببنائه المنكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من بناء المساجد على القبور ولعن اليهود والنصارى على ذلك ، ونهى أمته عن مشابهتهم ، وقال لعلي رضي الله عنه : ((لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته)) والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا ويمنحهم الفقه في دينهم ويصلح قادتهم ويجمع كلمتهم على التقوى ويوفقهم للحكم بشريعته والحذر مما خالفها إنه جواد كريم . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن سلك سبيله إلى يوم الدين . وبعد هذه عينات من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز وهي كما قرأناها لا تترك لمسلم فرصة أنفاسه فقد هاجم الجميع بحجة الحرص على التوحيد ؛ فلم يترك أحدا من الكتاب الذين نادوا بالمحافظة على التراث الإسلامي الموجود بمكة والمدينة ؛ مثل مصطفى أمين وصالح محمد جمال ؛ هذا في الوقت الذي كانت فتاواه لمناصرة الحاكم السعودي الذي استقدم الأمريكان إلى الأرض السعودية ليكون قريبا من المنطقة بأسرها ؛ تماما مثل الفتاوى التي انطلقت تؤيد نفس الحاكم في مساعدته لصدام حسين ؛ ثم يدعون أنهم يحمون ويرعون الأماكن المقدسة ؛ وهذا هو العجب والذي ينبغي لنا كشفه ؛ وهو ما نحاول أن نقوم به .
#علي_أبوالخير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإيمان الوحشي الوهابي .... فقه الكراهية
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|