|
البشرية ومصيرها المحتوم
امال رياض
الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 22:43
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
إن الإضطراب الهائل الذي يعصف بمقدرات الإنسانية في وقتنا الحاضر لم يسبق له مثيل، وعواقبه وخيمة، وأخطار فاقت التصور تكالبت على الإنسانية عبر تاريخها وتركتها حائرة مذهولة. إن أعظم خطأ يرتكبه قادة العالم في هذا المنعطف الفاصل من عمر البشرية، أن يَدَعوا الأزمات تلقي بالشكوك على ما يمكن لعملية التطوير أن تهبنا من نتائج باهرة، ولا شك أننا الآن نشاهد عالماً جديداً يناضل من أجل ولادته على أنقاض عالم تتداعى أركانه. فالمفاهيم والتقاليد التي تراكمت، والمؤسسات التي ارتفعت عبر القرون تواجه الآن امتحانات لا شك أنها ضرورية لعملية التطوير هذه ولا مفر منها. وما يطلب من شعوب الأرض قاطبة توخي الإعتدال في الدين والفكر والعقيدة بطهارة القلب ونقاء السريرة، فيتوجهون بعزيمة لا تنثني لاستقبال قوى التأييد الهائلة التي أنعم بها خالق كل شئ على البشرية في هذا الربيع الروحاني من عمرها. ولنتأمل في ما تفضل به حضرة بهاءالله من كلمات شافية: يتفضل حضرة ولي أمر الله فيصف لنا أحوال العالم بكلماته في كتاب الكشف عن المدنية الألهية : وقد يتساءل جيل حائر عما عساه يبقى لإصلاح هذا التشقق الذي يتسع باستمرار ويهدده بالإبتلاع يوماً ما. ودلائل الإنحلال المتجمّعة، وعلامات العذاب والإفلاس التي تُرى حيثما اتجه البصر قد جعلت ذوي العقول من الرجال والنساء يرتابون في كل خطوة من خطوات الحياة على وجه التقريب ما إذا كانت الهيئة الإنسانية في نظامها الحالي تستطيع بجهودها المفككة تخليص نفسها من اللّجة التي تغمرها بازدياد. فكل نظام افتقد توحيد البشر قد جُرِّب وجُرِّب ووُجد ناقصاً، واشتعلت الحروب واحدة تلو الأخرى، وانعقدت مؤتمرات لا حصر لها، واستُنفِدت الجهود في صوغ المعاهدات والضمانات وإحكام المواثيق وتنقيحها، وجُرِّبت قواعد الحكم بكل جَلَدٍ وتناولتها أيادي الإصلاح والتعديل، ووضعت مشاريع الإنشاء الإقتصادي بكل عناية ونُفِّذت بغاية الدقة، ومع ذلك والأزمة تعقبها أزمة، بما يضاعف سرعة تدهور عالم غير مستقرٍّ، ويعجِّل الأخطار المحدِقة والهُوَّة السحيقة الفاغرة فاها، الأمر الذي ينذر بحلول نكبة عامة تنزل بالعالم على السواء لا فرق بين شعوب راضية وأخرى متذمرة… فالإنسانية الدامية الضالة قد فقدت بغير شك توازنها، كما يبدو أنها فقدت إيمانها ورجاءها وهي تترنح بغير رادع ولا تبصرة على حافة القضاء الذي يوشك أن يحل بها، يخيّم على حظها أطباق من الظلمات كلما اجتازت المعابر الأمامية في طريقها إلى أظلم منطقة في حياتها المضطربة. ومع ازدياد هذه الأشباح ألا يجدر بنا أن ندعو إلى خيوط الرجاء التي تطلع في فترات متقطعة على الأفق العالمي وتبدو خلال طبقات الظلام المحيط بالإنسانية؟ أليس من الحق أن نقول أن في عالم ٍ هذا حالُه من تقلقل العقيدة وتشويش الفكر، عالم يزداد تسلحه وتشتعل فيه نيران البغضاء والثورات التي لا يُطفَأُ لها لهيب، تشاهد مع ذلك تقدم العوامل التي مهما يكن شأنها فهي تعمل على وفاق مع روح العصر؟ ومع أن نعرة القومية التي ظهرت بعد الحرب تشتد وتزداد يوماً بعد يوم فإن عصبة الأمم التي ما تزال بعد في مقام النواة، والتي تقوى العواصف المحيطة بها على طمس معالمها وقلب أداتها لمدة من الزمن، تدل على أن الاتجاه الذي تعمل في محيطه فكرة تكوينها هو في ذاته هام للغاية. فإن الأصوات التي ارتفعت منذ تكوينها والجهود التي بذلت والعمل الذي قامت به يمكن أن نستشف من ورائه مدى ما قُدِّر في النهاية لهذه المؤسسة الحالية أو لأية هيئة أخرى قد تحل مكانها من الغلبة والنصر. - الكشف عن المدنية الالهية، ص 48-50 هل يبدو أن البشرية ماضية في غيّها، وسائرة نحو مصيرها المحتوم الذي ستتجمع فيه جميع أنواع البلايا والنكبات لصهر بنيته بهذه النار التي ستعمل على تطهيرها مما دخل فيها من شوائب، وسيزداد أوارها إلى أن يرى الحق أن صورته تنعكس على صفحات قلوب مخلوقاته التي يحبها؟ عندها يرفع غضبه ويقوم الإنسان الجديد على تكوين حضارته وحياته كما يحب الله ويرضى، فيجنمع قادة العالم ليضعوا الميثاق الذي تفضل به حضرة بهاءالله ووضحه حضرة عبدالبهاء: فالسلام العالمي إنما هو في البريق الآتي من نهاية هذا النفق المظلم الذي سنجتازه بفضل طهارة ونقاء نيّات العاملين المخلصين لخير الإنسانية من رؤساء وحكام ومسؤولين وعلماء دين وأفراد غيورين تجللهم وحدة الضمير والوجدان حتى يكون ما نشيده قوى البنيان ثابت الأركان وما نزرعه عالي الأغصان وافر الثمرات يؤتي أُكُلَه في كل حين.
#امال_رياض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
راح يطلع النهار
-
سراب إنسان
-
ما الأرض إلا وطن واحد
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|