|
الإيمان الوحشي الوهابي .... فقه الكراهية
علي أبوالخير
الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 21:05
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
غزوة وصندوق، أي حرب أثناء الديمقراطية، أو استغلال الحرية في سبيل الهجوم على من لا دين لهم، هذا ما نستخلصه مما قاله الشيخ محمد يعقوب عن يوم الاستفتاء بأنه يوم غزوة الصناديق، طالبا من الآخرين الخروج من الديار لأنها بلاده وليست بلادنا، أي أنه أقصى بكلمة منه أربعة ملايين قالوا لا للاستفتاء، وهذه المقولة تثبت أن آفة أي دين هم بعض رجال الدين وذلك عندما ينصّبون أنفسهم حراسا للعقيدة فيعتقدون واهمين أنهم يتحدثون نيابة عن الله أو نيابة عن النبي، أي يجعلون آراءهم مقدسة مثل النص المقدس، ويربطون بين ذواتهم وبين آرائهم، وتلك هي الطامة الكبرى، إنه يتحدث من فقه الكراهية، فأولا حديثه عن غزوة الصناديق جاء من وحي غزوات النبي عليه السلام، وهو خطأ مشهور شائع منذ سمّى المؤرخون القدامى حروب النبي بأنها غزوات، والواقع يؤكد أن النبي لم يغزو أحدا، فالغزو يعني الهجوم، ولكن كل حروب النبي كانت دفاعية، ومعنى هذا أن المصطلح الخاطئ شاع في مقابل المصطلح الصحيح الضائع، والوهابيون بصفة عامة يحملون فقه الكراهية للآخر أيا كان هذا الآخر، وهم يتقربون لله بدماء الآخرين، فمن أين جاء هؤلاء الوهابيون بفقه الكراهية، وكيف مارسوا القتل وهم يزعمون أنهم يدافعون عن نقاء التوحيد، لم يفهم أحد منهم قول الله في كتابه الكريم"وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"، وقوله تعالى "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة" ولقد حاور الله مخلوقا ملعونا هو إبليس، فقال إبليس " فبعزتك لأغوينهم أجمعين" ويرد عليه الخالق جل شأنه: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان..." فالحوار هو الأصل وأن التمايز بين البشر ضرورة للتعارف بين الثقافات فالأديان تلتقي على التراحم والمحبة، ولكن الوهابيين يلتقون على الخصومة، والغريب أنهم يقولون خصومة في الله، فظاهرة العنف عند الوهابيين مرده الفهم القاصر للنصوص الدينية عن الجهاد التي تشرع للعنف وترفعه إلى مرتبة الواجب، ويتجاهل هؤلاء كل آيات التسامح، ويختارون من النصوص ما يؤيد فكرة معدة مسبقا ولا يذهبون في التأمل، وعندما تنامت فتنة التكفير التي اجتاحت العالم الإسلامي، حاصدة أرواح آلاف الأبرياء من المسلمين وغيرهم، في تجاوز صريح لكل القيم الإنسانية وانتهاك فاضح لكل الحرمات وتشويه غير مسبوق للإسلام, فسيوف الوهابية لم تقتل في تاريخها القديم والحديث إلا رقاب المسلمين في الحجاز وعمان واليمن والعراق والشام ومصر والجزائر، ولهذا السبب، فالوهابية حركة مريبة في أهدافها ومشاريعها، فكيف بحركة دينية تكفر عموم المسلمين وغير المسلمين، ولا ترى إلا نفسها الوحيدة المسلمة، إن الإيمان لدى الوهابيين بأنهم يحوزون الحقيقة المطلقة هو الطاقة الحيوية التي تتزود بها فكرة التكفير وتستمد منها الشرعية، وبسببها نعيش تدهورا حادا في رؤية الفكر الإسلامي الصحيح، ونشأ جيل إسلامي جديد مقطوع الصلة بالتراث الإسلامي الإصلاحي، وتشكل لدى الوهابيين جموح متزايد للدفاع عن ممارستين شاذتين: ممارسة السياسة في الدين بإخضاع الإسلام إلى مطالب السياسة والمصلحة والصراع، وممارسة الدين في السياسة عن طريق بقاء موقع قوي فيها باسم المقدس، ولا مقام للوهابية بدون تميّز عن الآخر، ولا يوجد تميّز للوهابية إلا تكفير الآخر، فمن هذا التكفير تستمد مشروعيتها، وتميّزها وزخم عدوانها، المهم أن فكر الحركة الوهابية اعتمد على أرضية التكفير والقتل التي مهدت السبيل إلى توسيع فقه إدانة المخالف وتحقيره وتهميشه وتكفيره وقتله، مما جرّ على الأمة ويلات من التمزق والتناحر والاختلاف، وطيلة ثمانين عاماً تقريباً، والوهابية تحاول أن تكيّف نفسها مع محيطها الإسلامي السني الذي لم تعترف بإسلامه، وهو أيضا، أي المحيط المسلم، وكرد فعل، شكك في أبعادها الإسلامية، يقول الوهابيون مثلا :من قال: لا اله إلا الله لا يخلو أن يكون واحدا من اثنين، إما أن يقولها دون أن يشرك بالله شيئا، أي لا يزور قبرا ولا يبنيه ولا يصلي عنده ولا يطوف حوله، وأما أن يقولها ويفعل شيئا من ذلك، والأول لا يسأل عن شي ولا يحاسب على شي وان أتى بملي الأرض ذنوبا، وجاء في فتح المجيد "إن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب، لأنه يتضمن محبة الله، ورجاءه وحده ما يوجب غسل الذنوب ولو كانت قراب الأرض، والثاني هو الذي يزور القبور فهو مشرك كافر، لا يقبل منه عمل ولا صلاة ولا صوم"، وليس من شك أنهم يريدون بالموحد الأول أنفسهم، وبالثاني المسلمين بدون استثناء، ومن اجل التوحيد الخالص في زعمهم قاموا بهدم الآثار في مكة المكرمة والمدينة المنورة، لم يتركوا أي أثر يدل على الوجود التاريخي للنبي أو لأهل بيته أو صحابته دون أن يردعهم دين أو ضمير أو ثقافة، فقد هدموا في مكة البيت الذي وُلد فيه النبي وهدموا مهبط الوحي وهو بيت السيدة خديجة والذي كان يسكنه معها كما، ودمروا دار الأرقم بن أبي الأرقم، وطمسوا شعب أبي طالب الذي يثبت قصة الحصار الذي أقامته قريش للنبي، كما هدموا أضرحة السيدة عائشة وقبر عبد الله والد النبي ومسجد شق الصدر في بادية بني سعد، وقبر أم النبي آمنة بنت وهب في الأبواء، وهو القبر الذي زاره النبي بعد الهجرة وبكى عنده وأبكى صحابته، وهدموا البقيع وقطعوا النخل الذي ظل مثمرا والذي غرسه النبي بيده الشريفة لسلمان الفارسي ليفدي نفسه به، ظل مثمرا حتى طالته يد القطع عام 1926، وردموا الخندق الذي حُفر في حرب الأحزاب، وأزالوا معظم جبل الرماة الذي شهد موقعة أحد وأزالوا أضرحة حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وباقي شهداء أحد، وهدموا العريش الذي ظل مقاما في مكانه قرب آبار بدر، وأزالوا سقيفة بني ساعدة التي شهدت خلافة أبي بكر، أما الحجرة النبوية فقد كانت تحوي على أسياف النبي ودروعه وحرابه وأسرّته، كلها أخذت ودمرت في سابقة إنسانية فريدة في فداحة جريمتها، وتلك الآثار ظلت باقية حتى عام 1926 والتي كانت شاهد عيان حي على الوجود التاريخي للإسلام، وقد ظلت تلك الآثار لم يفكر أحد من المسلمين في إزالتها حتى جاء الغزو الوهابي ليدمر الآثار ويطمس الهوية، والغريب أن الوهابية تركت الآثار اليهودية باقية على حالها، فما زالت حصون خيبر اليهودية وحصون بني قريظة في المدينة المنورة على حالها تثبت الوجود اليهودي، ومن ثم يزول العجب مما قاله الشيخ عن غزوة الصناديق وفسطاطي الإيمان والكفر.. هل هناك عبادة إسلامية تدعو على الآخرين بالهلاك وأن يكونوا غنيمة ولقمة سائغة وأن لا يترك الله منهم أحدا وأن يشتتهم بددا ؟!، لا يوجد طبعا، ولكن الوهابيين يعتقدون ذلك ولا تخلو خطبة من خطبهم من الدعاء على النصارى لأنهم ضالون في زعمهم رغم أنهم أهل كتاب سماوي أشاد الله به، عموما الوهابيون الذين يطلقون على أنفسهم السلفيين منزعجون من ردود الأفعال على ما يقومون به من فتنة تدمير الأضرحة وفتاوى تدمير التماثيل الفرعونية وفتاوى ترويع السياحة والسيّاح، وينفون عن أنفسهم أنهم فعلوا هذه الآثام، ثم يزعمون أن العلمانيين والمتصوفة واليساريين والأقباط هم من يتهمونهم ظلما وعدوانا، ولكن إذا أردنا أن نعلم من يقوم بهذا القتل والهدم سنجد أنهم صبيان الوهابية الذين يسمعون الفتاوى فيقومون بالتنفيذ، مثلما نفذوا فتاوى قتل الكتّاب والسيّاح، فهم المحرضون بالكتب ومن فوق المنابر، وهم الذين هدموا الأضرحة وليس غيرهم، لأن عقيدتهم تقوم على هدمها كما فعلوا في الآثار الإسلامية في الحجاز، وفتاويهم تحرض أتباعهم على الهدم، فقد قال ابن باز في جوابه على سؤال رقم 116 من فناويه "أما البناء على القبور فهو محرم، سواء كان مسجداً أو قبة أو أي بناء، فإنه لا يجوز ذلك، والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة، وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه، وألا يبقى على القبور مساجد، ولا قباب .. الخ"، كما سئل الشيخ الوهابي سفر الحوالي عن ضريحي السيدة زينب والسيد البدوي، فأجاب "يجب القضاء على هذه الشركيات وهذه الأصنام المعبودة من دون الله تبارك وتعالى"، وتقوم مكاتب الوعظ والإرشاد في العالم بترويج فتاوى ابن جبرين وناصر العمر وسفر الحوالي والبراك والحربي وغيرهم من علماء الوهابية لهدم الأضرحة، وهي نفس فتاوى علماء الوهابية في مصر، ولمن أراد أن يتأكد منها فما عليه سوى قراءة تلك الفتاوى على الإنترنت، أو تصفح مجلة التوحيد فلا يخلو عدد من التنديد بالقبور والدعوة لهدمها، وليست القبور فقط، فهناك فتاوى كثيرة لهدم الآثار الفرعونية، وقد أطلق أحدثها الشيخ محمد حسان، حيث أباح بيعها أو تدميرها، وذلك بناء على فتوى ابن باز الذي يأمر بهدم كل الآثار لمنع التشبه بالكفار، أما فتاوى القتل فتأتي لأنهم لا يرون مسلما على وجه الأرض غير جماعتهم، ويجب اغتيالهم إذا جاءتهم القدرة، وذلك في كتاب فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد وكتاب السحب الوابله ص 276 وحاشية رد المحتار على الدر المختار ج4/262، فالوهابية مثلا يقولون إن أبا جهل وأبا لهب أكثر توحيدا وأخلص إيمانا من المسلمين الذين يقولون لا اله إلا الله محمد رسول الله كما في كتابهم" كيف نفهم التوحيد" ص 16، والوهابية يكفرون من التزم وقلد مذهبا معينا من المذاهب الأربعة كما في كتابهم "هل المسلم ملزم بإتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة" فيقولون إن التقليد عين الشرك، كما يكفرون كل الصوفية، فكل المسلمين غيرهم كفار، إن الفكر الوهابي يقوم على القتل بفتاوى متوحشة فاشية لا تمت للإيمان أو التسامح الإنساني بصلة، رغم أن تعريف المؤمن هو الذي يأمنه الناس، ولكن الإيمان عند الوهابية فاشي مرتبط بالتعصب المقيت مثله مثل العنصرية الفاشية، يهدر دماء المخالفين، فهذا شيخ وهابي هو عبد الرحمن البراك أفتى بقتل كل من يجيز الاختلاط بين الجنسين، والشيخ صالح اللحيدان أفتى عام 2008بجواز قتل أصحاب القنوات الفضائية العربية، واصفا إياهم بالمفسدين في الأرض الذين يتعمدون الإفساد ونشر الفساد، كما يهدر الوهابية دماء من يعظم النبي الأكرم كما جاء في كتابهم "مجموعة التوحيد" ص 139، وأحدث تلك الفتاوى هي التي أهدرت دم الدكتور محمد البرادعي، وغيرها كثير في كتبهم، كما أنهم في عداء دائم مع أهل الكتاب فيقولون :"يجب معاداة المسيحيين والنصارى وبغضهم وعدم مناصرتهم على المسلمين، وقطع الصلة معهم من ناحية المودة والمحبة وبغض ما هم عليه من الكفر، كل هذا يجب على المسلم أن يقاطعهم فيه وأن يبتعد عنهم ولا يحبهم ولا يناصرهم على المسلمين ولا يدافع عنهم ولا يصحح مذهبهم، بل يصرح بكفرهم وينادي بكفرهم وضلالهم ويحذر منهم"، تلك بعض فتاوى الوهابية الفاشية، وإذا كان شيوخهم يستنكرون الهجوم الفكري عليهم ويقولون إنهم لم يفعلوا فما عليهم إلا البراء من كل ما ذكرته كتبهم من فتاوى القتل وفتاوى العداء الفاشي، وعندها قد نستطيع الحياة معا..
#علي_أبوالخير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|