إبراهيم المصري
الحوار المتمدن-العدد: 1012 - 2004 / 11 / 9 - 08:41
المحور:
الادب والفن
أخشى ...
أنك نسيت تقبيلَ زوجتك وأولادك
قبل ذهابك صباحاً إلى العمل
أم أنك لم تنجب بعد
ونسيت أيضاً
تقبيلَ عروسك التي تتحسس بطنها
بعد شهور على زواجكما
كنتَ في أناقة الذي
يتهيأ لمهمةٍ مقدسة
أنْ تحرس أرواحنا
ولم تكن تعرف
أن ثمة من يترصد بسيارةٍ مفخخة
لكي يأخذ روحك
لم تقل لنا ...
أين ذهبت هذه الروح
بعد ارتعاشها مثل قبضة ضوء
فوق جسدك الذي لم يعد إلا رقماً
في ضحايا سيارة مفخخة
لم يقصد سائق السيارة
قتلك أنتَ بالذات
كان في سعيه إلى جنةِ خلده
حريصاً على حمل ما يستطيع من قتلى
فوق كتفيه
مثل عائدٍ من رحلةٍ لصيدِ الطيور
لقد قـُتل هو أيضاً
بوهم الوصول سريعاً إلى حور عين
ينتظرن القتلة بمناديل يقطر منها الدم
وبأدعيةٍ .. ليس من بينها دعاءٌ لك
أنا أدعو لك
ليس بالرحمة فقط
وإنما بالعودةِ إلى بيتك
لكنك لم تعد
وتناثر جسدك شظايا
يجمعها زميلك باكياً
كأنه يحاول بالدموع أنْ يتهجى ملامحك
كنتُ أراكَ رشيقاً
وأحياناً مرتبكاً
كونك تحاول ترتيب زحام الناس
حتى يمروا بسلام إلى بيوتهم
وحدك لم تعد
وأخشى أنك نسيت
تقبيلَ زوجتك وأولادك
قبل ذهابك صباحاً إلى العمل
أم أنك لم تنجب بعد
وربما لم تتزوج
تاركاً خلفك أمَّاً
لم يعد لديها ما يكفي من الدموع
لكي تبكيك
تتأمل صورتك
ثم تتأمل صور غائبين آخرين
أخذت أرواحهم حروبٌ
لا زالت تتجول بلا خجل في العراق
لا تقلق
سوف تكون مرفوعاً فوق أيامنا
بجناحين يثقلهما الظمأ
كون القتلة
لم يمهلوك دقيقة واحدة
ربما تكون في حاجة إلى جرعة ماء
أو إلى مخاطبة سائق السيارة المفخخة قائلاً :
لقد شبعنا من حقدكم
ويمكن أن تذهبوا إلى الجنة
بوسائل أقل ضرراً
كأن تتأرجحوا بأعناقكم
على المشانق .
#إبراهيم_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟