|
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي المحترم /2
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 01:44
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الملاحظة الثامنة • كان انطونيو لابريولا محقا عندما لاحظ : أن خطر أدلجة الماركسية اصبح اكيدا ......ان تعبير مثل: الاشتراكية العلمية والماركسية اللينينية والمادية الديالكتيكية هي خرافات لا بل وحتى مفهوم البروليتياريا اليوم اضحى خرافة وذا تكرمت بقراءة الورقة حول خرافة الماركسية اللينينة http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261545 • هذه الثنائيات اللفظية هي وهم وخرافات الظاهرة الستالينية التي رفعت ماركس من الارض الى السماء..... تعليقي على الملاحظة الثامنة • أشهد أن لابريولا على حق ، و هو يستخدم الأدلجة بمعناها السلبي : تزييف الحقيقة . صحيح ، يمكن أن يتحول الإعجاب بالماركسية إلى الجمود العقائدي المقيت ، و إلى عملقة شخصية ماركس و إنجلز ، و لكن من المهم جداً أن لا نغفل أبداً تثبيت حقيقة أن مثل هذا التصرف المدان يأتي بالضد من نص و روح أبسط المبادئ الماركسية التي لا يجمعها جامع بالدوغماتية ، و لا بعبادة الشخصية ، لكونها تؤمن بنسبية الحقائق أولاً ، و بالدور التاريخي لجماهير المظلومين – و ليس دور الفرد – ثانياً . و هي النظرية التي تحرص على وضع الفرد في محله الفعلي عبر توصيفها المتميز لدوره في التاريخ . و لكن السؤال المهم هنا هو : ما علاقة ماركس و إنجلز بكل هذا ؟ و لماذا يصر الأخ جاسم الزيرجاوي على تحميل ماركس و إنجلز وزر خطايا غيرهما بهدف إلصاق جرائر غيرهما جزافاً بهما ، و ذلك بعد مضي أكثر من قرن على وفاتهما ؟ طيب ، يعلم الأستاذ جاسم الزيرجاوي علم اليقين أنه لا يجوز له ، و لا لي ، و لا لأي إنسان آخر ، أن يحمّل الأبقار – و هي دواب عجماء لا تفقه ، و شتان بينها و بين البشر و خصوصاً البشر من طراز ماركس و إنجلز – وزر قيام بعض البشر بتقديسها ، فكيف يجوز له إذن تحميل ماركس و إنجلز وزر قيام غيرهما بعملقتهما بعد وفاتهما ، و عدم توظيفهم لمنهجهما النقدي والشكوكي نفسه في مقاربتهم لنظريتهما نفسها ؟ فإذا كنا مهتمين فعلاً بالموضوعية في إطلاق أحكامنا ، فان هذه الموضوعية تستوجب قيامنا أولاً بالإستشهاد بمؤلفات ماركس و إنجلز أنفسهما للحكم على نظريتهما . و لكي نستطيع أن نحكم على الماركسية بالدوغماتية ، و بعبادة الشخصية ، ينبغي لنا أولاً تقديم نص قاطع من مؤلفات ماركس و إنجلز يقيم الدليل على كون ماركس و إنجلز قد طالبا أتباعهما بالجمود العقائدي و بعبادة شخصيتيهما فعلا ً. أما إذا وجدنا في مؤلفاتهما ما يؤيد رفضهما القاطع و الصريح للدوغماتية و لعبادة الفرد – و هذا أمر أكيد بالنسبة للماركسية عكس كل النظريات الأخرى - فينبغي عندئذ للباحث المتجرد و المنصف أن لا يقفز فوق الحقائق النصية ، فيلصق بماركس و بإنجلز ما يتبرأ منه ماركس و إنجلز . و لكن الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي لا يفعل هذا ، بل يتحفنا بأحكام قبلية جاهزة لديه مسبقاً ، فيفبرك لها أدلة منافية للحقائق النصية من هنا و هناك - مثلما اتضح لنا سابقاً – في الجزء الأول من هذه المقالة - بالنسبة لنفيه الاعتباطي لاستعمال ماركس لمصطلح "الاشتراكية العلمية" ، و كذلك نفيه التحكمي للإستخدام الماركسي لمفردة "الآيديولوجيا" بمعناها الإيجابي – و يقدمها لنا بلغة إطلاقية تليق بـ "القديس المبجل بروكرست" - لو قدر له أن يبعث اليوم للحكم على الماركسية . و في منهجه غير العلمي هذا ، يعود بنا الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي إلى ممارسة تمارين نفس المنهج البوبري الفاسد عندما حكم بوبر على الماركسية بالشمولية ليس بالاستناد إلى أقوال ماركس و إنجلز و إنما استناداً إلى شمولية الحزب الشيوعي الروسي مثلما بينّا في المقالة السابقة . (أين هو إذن قوله : دعنا من بوبر و دوخة الراس ؟) مثل هذا المنهج التعسفي لا علاقة له بالعلم و لا بالموضوعية بتاتا ، هذا إذا توفرت لدينا النية الصافية فعلاً للإحتكام إلى العلم لأجل العلم ، و ليس لغاية في نفس يعقوب . • يستشهد الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي بأنطونيو لابريولا مثلما يتضح من نص ملاحظته أعلاه ، و هذا بالطبع حق من حقوقه المشروعة . و أنا أحترم جداً إختياره الموفق هذا . و هو عندما يستشهد بلابريولا و ليس بغيره ، فلا بد أن يكون قد تولدت لديه القناعة التامة بصحة أقوال لابريولا في الماركسية ، و انه لا يتقصد مطلقاً إجتزاء جملة واحدة للابريولا من سياقاتها النصية لدعم أحكامه المسبقة فحسب . و ما دام الأستاذ جاسم الزيرجاوي لا يفعل ذلك ، فلا يستطيع أحد إتهامه بالتلفيق النصي على طريقة "لا تقربوا الصلاة" . فإذا كان الأخ جاسم الزيرجاوي يثق بأقوال لابريولا بكل حق و حقيق و يحترمها بلا مواربة – و إلا لما كان قد استشهد به دون غيره من الفلاسفة – فلا بد له أنه يؤمن بنصه المدرج أدناه عن الماركسية و المادية التاريخية ( وهو جزء يسير جدا من عشرات المجلدات له في دعم الماركسية العلمية و التي يسميها "فلسفة الممارسة") و الذي يقطع بأن من المستحيل ضرب لابريولا بماركس مثلما يحاول الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي أن يوهمنا به : • "إن الرأي السائد الآن يذهب إلى اعتبار الاشتراكية الجديدة هي النتاج الطبيعي للتاريخ ، و بالتالي فهي نتاج حتمي . و حراكها السياسي – الذي يمكن أن يشتمل في المستقبل على التأخيرات و الانكسارات و التي لن تصل أبدا درجة الاحتواء التام – يبدأ مع الأممية (الأولى) . مع ذلك ، فأن "البيان الشيوعي" يسبقها . و تعاليمه ذات أهمية كبرى بالنظر إلى الضوء الذي تسلطه على الحركة البروليتارية ، و هي الحركة التي ولدت و ترعرعت على نحو مستقل من أية عقيدة (doctrine) . كما أن هذه التعليمات هي أكبر من مجرد إلقاء الضوء . فالشيوعية النقدية يعود تاريخها إلى اللحظة التي أصبحت فيه الحركة البروليتارية ليست مجرد النتاج للأوضاع الاجتماعية و إنما عندما أصبحت من القوة بحيث تستطيع أن تعي أن ذلك الوضع الاجتماعي قابل للتغيير ، و أن تميز الوسائل التي تستطيع تعديله بها ، و الاتجاه الذي يسير فيه . ما كان كافياً أن يقال بأن الاشتراكية هي نتاج التاريخ ، بل كان من الضروري أيضاً فهم الأسباب الذاتية العميقة لهذه النتيجة ، و إلى أين يسير نشاطها . هذا التأكيد بأن البروليتاريا هي نتاج ضروري للمجتمع المعاصر ، و أن لديها مهمة استخلاف البرجوازية ، و أنها في هذا الاستخلاف تصبح قوة إنتاج النظام الاجتماعي الجديد الذي يختفي فيه الصراع الطبقي ، يجعل من "البيان الشيوعي" المؤشر التوصيفي للمسار العام للتاريخ . إنها ثورة ، و لكنها ليست بمعنى النبوءة الرؤيوية ، أو الألفية الموعودة . إنها التجلي العلمي و العقلاني للطريقة التي ينقلب بها مجتمعنا المدني (مع الاعتذار لظل فورييه )."(رسائل في الفهم المادي للتاريخ ، الجزء الأول ، في ذكرى " البيان الشيوعي") • هكذا تكلم لابريولا عن الماركسية . و بالطبع فأن الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي لا يشتري هذا الفيلسوف الإشتراكي الإيطالي العظيم بالفلسين - طالما رآه و هو يتحدث في نصه أعلاه عن قبوله بـ " الإشتراكية العلمية و المادية التاريخية و البروليتاريا" ، لماذا ؟ لأن الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي يؤمن بأن "الثنائيات" أعلاه ليست سوى "خرافات" آمن بها الفيلسوف "الخرف" أنطونيو لابريولا ، ومن قبله ماركس و إنجلز اللذين يستشهد أيضاً بنصوصهما . و لكن إيمان لابريولا بخرافات الأخ الاستاذ جاسم الزيرجاوي لا تمنع الأخير من الاستشهاد بأقواله بتقوى كهنوتية على قاعدة المثل القائل "خذوا الحكمة من أفواه الخَرِفيِن " . و الأخ الأستاذ جاسم الزيرجاوي مولع بترديد أقوال غيره و ليس أقواله هو ، و هو يناقش في العلم (ٍscience) دون أن يستطيع التمييز بين إسم العلم (science) و صفته (scientific) . كما أنه يريد منا أن نعتبر مفهوم "العمال الأجراء" خرافة بإحالتنا لأقواله ، كما لو أن ملايين العمال الأجراء في مختلف أنحاء العالم سيختفون عن وجه هذه البسيطة فور قراءتهم لأقواله السحرية إياها ، بالضبط مثلما فعلت المنكودة سيميلي من قبل عندما قرأت وجه رب الآلهة جوبيتر . تلكم هي النظرية العلمية : الحقائق ذاتية و ليست موضوعية ؛ و عمال العالم قد تحرروا من قيودهم ، و أصبحوا الآن يتمتعون بعوائد فائض القيمة التي تردهم من تشغيلهم للبرجوازيين لحسابهم ثلاثة وجبات يومياً و ذلك على قاعدة : و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ؛ و نصوص لابريولا تنطق بالخرافات عندما تخالف آراءه ، و تنطق بالحكمة عندما تتفق مع غاياته . كما أن من أهم أركان النظرية العلمية للأخ الأستاذ جاسم الزريجاوي في الولوج إلى جوهر الماركسية هو وجوب الإحالة لستالين كلما نطقنا بالماركسية على أساس حرصه العلمي الصارم على الحقيقة التاريخية الثابتة بكون الماركسية ما هي إلا تشويه ماركس و إنجلز لنظرية أستاذهما ستالين الذي كان يلقنهما أبجدية فلسفتهما في أروقة مكتبة المتحف البريطاني العامرة بلندن . يتبع / لطفاً
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات
...
-
خرافة دحض الماركسية العلمية / رد على الأخ الكبير الأستاذ يعق
...
-
الكلبة -سليمة كُرْفَتِچْ- و البغل -خوشْطَرِشْ-
-
النص الكامل لمسرحية -عرس واوية- : ذرة من وقائع كل إنتخابات ع
...
-
نص مسرحية -معمعة العميان-
-
مساء عراقي ساخن : كل شيء عادي كالعادة
-
فضيحة الثعلبان -چيق- و -چاق- و الضبع -ورين-
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /8 ، و هو ال
...
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /7
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /6
-
الدكتور محمد مهدي البصير / الشخصية الحلية الفذة
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /5
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /4
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /3
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /2
-
الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /1
-
قصة قصيرة : يوم جمعة في حياة جندي مكلف عراقي
-
حكاية الموت الغريب للفيل -جَلا-
-
ملاحظات حول حركة حقوق المرأة و مدرسة النقد الأدبي الأنثوي
-
خَلَفْ
المزيد.....
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|