أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - صعوبة أن تكون مسلما















المزيد.....

صعوبة أن تكون مسلما


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3395 - 2011 / 6 / 13 - 22:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما بلغت الثامنة عشر مودعا الصبا متجها مستبشرا الي الشباب.. قال لي صديق والدى وهو يهديني مجموعة كتب .. علي قدر ما تحصل في هذا السن و تختبر و تتدرب سيتشكل وجودك الاتي .
كان هدف شاب الثامنة عشر (المصرى )ان يكون مقبولا من مجتمعه و أن يحوز علي رضاء الكبار وهكذا عندما طلب النصيحة من خاله رد " كن رجلا و لا تتبع خطواتي " و مع ظهور ملامح الدهشة علي وجة الشاب اكمل مفسرا " أقرا،ابحث ، ادرس ، فكر، ناقش ، ثم قرر بنفسك ما ترضي عنه باقتناع ذاتي " لقد كنا في زمن " دع مئة زهرة تتفتح و الف فكرة تتصارع " .
في حفل زفاف جارتنا ..رايت هذا الصراع الفكرى .. لقد كانوا يعزفون ويرقصون في الصالة وكان الكبار يتحدثون في السياسة و الاقتصاد في الحجرة الرئيسية و الشباب يتناقشون بصوت عال في اعقد قضايا الفلسفة ، كان احدهم ( اصبح بعد ذلك شاعرا فذا يشار له بالبنان ) ينكر وجود الله و آخر اخواني يعارضه و يسوق الادلة و البراهين و الاخرون يستمعون لهما بصبر و شغف دون استنكار لموقف الشاعر الملحد او تأيدا للاخواني المسلم ... كنت اميل بحكم تربيتي لوجود اله .. واله مسلم يقينا وكان لدى منطقي و لكنني لم اشترك في الحوار خشية أن اقول كلاما تافها او غير موثق فيسخرون مني .. بعد الحفل اتخذت القرار، سرت علي درب الاشواك اريد ان اتحقق بنفسي ان اله الكون مسلما .
سألت عمي عن كيف أتعرف على الاسلام ثم أردفت " الصحيح " فلقد كنت أحمل بعض الشكوك فى رجال الدين بعد أن قرأت جزئي كتاب الأيام لطه حسين .. وكان رده : الاسلام دين الفطرة أقم الفروض وتحصن بكتاب الله .. كنت أستيقظ قبل آذان الفجر أسير حتى جامع سيدنا الحسين أستمع الى التواشيح والتراتيل والأدعية وسور من القرآن التى يتلوها إمام الجامع الذى كان صوته من أعذب الأصوات وأكثرها رقة وجمالا، وكنت فى تلك الأيام تشف روحى ونفسى فتتوحد مع السحر القادم من نسمات الفجر وشقشقة الأضواء .. ولكن كان يزعجنى أن معان كثيرة مما رتله الامام قد استغلقت على فهمى ، أبى بعد أن كررت سؤاله عن معانى الكلمات ، زودنى بمصحف مفسر على هوامشه شروح ، كان لأبى مكتبة ضخمة تضم كتبا عديدة مغلفة بعناية بأسلوب واحد ومكتوب على كعبها بالذهب إسم جدى بجوار اسم المؤلف سواء كان الطبرى أو البخارى أو ابن مسعود ، كم هائل من الكتب الأنيقة جنبا الى جنب مع كتب أخرى رصت بعناية أقل تحمل أسماء الغزالى والشافعى ومحمد شلتوت .
المصحف ذو الهوامش لم يكن ذو فائدة كبيرة فى التفسير، بل لقد أصبحت الصعوبة صعوبتين، لقد كانت لغتها غير مطروقة والشروح تمتلئ بأسماء وأماكن وأحداث لا أعرفهاوكانت كثيرة العنعنة بحيث يصعب التعرف على المصدر الذى يرجع اليه فى الشرح.. والدى نصحنى بعد ذلك أن أرجع لكتب أسباب النزول عندما شكوت له ضعف قدرتى على فهم الشروح .. مدرس العربى ثار عندما سألته عن أسباب نزول سورة ، كان يقول أن القرآن أزلى وانه مكتوب منذ البداية فى اللوح المحفوظ ، وأن أسباب النزول تجعله صدى لأحداث دنيوية ، فى حين أن الأحداث صيغت لتلائم النص
صديقي الذى شاهد ثورة الاستاذ سألني عن مذهبي وقال انة هو يتبع المذهب "الحنفي" ثم فشل في شرح الفرق بين مذهبة و المذاهب الاخرى ومع ذلك دعاني لان اتبع " الحنفية "..لم تعجبني دعوتة طبقا لنصيحة خالي ولهذا قررت ان ادرس جميع المذاهب ثم احدد الي اي منها سوف انتمي ..كانت مكتبة المدرسة ذاخرة بالكتب التي تشرح و تؤول و تقدم المذاهب الاربعة المالكية ، الحنفية ، الشافعية ، وابن حنبل اغلب المصريون كانوا شافعيون والامام الشافعي لة معزة خاصة لديهم لوسطيتة و يسرة في شرح و تفسير العقيدة و لقد فرضة صلاح الدين بعد ان محي حكم الشيعة الفاطمية الذى اتبعة المصريون لمئات السنين ، عندما حاولت ان اعرف الفرق بين الشيعة والسنة ..تهت ..فالشيعة عشرات المذاهب بالاضافة الي الاشاعرة و المعتزلة و الصوفية و الدروز و الاسماعيلية و البهائية كنت اقرأ بنهم شديد وفي النهاية لم افهم .. الفروق لقد كان الامر يحتاج لمرشد مستقل محايد .. حقا لقد استمتعت باشعار ابن الفارض و بشطحات ابن العربي و بافكار ابن رشد ( الذى كان الاقرب للفهم ) و لكنني في النهاية لم استقر علي مذهب مخالفا لنصيحة صديقي" الحنفي ".
القرآن لغتة تحتاج لشرح وتفسير ، والتفسير عمل دنيوى يقوم بة بشر قابل للصواب و الخطأ ،و للوصول الي ما يقبلة العقل لا القلب لابد من قراءة عشرات التفسيرات و الاف الصفحات بلغة غير مطروقة و شروح تحتاج لشروح اذا ما اردت ان تكون مستقلا ،وهو امر غير وارد او متوفر حتي للمتخصصين في الدراسلت اللاهوتية .
الاحاديث و السنة النبوية الشريفة بالاعداد الموجودة في كتب جدى يستحيل استيعابها او التعرف عليها او الاقتداء بها لقد كانت الاف الاحاديث قد تصل الي 35 الف حديث موثق
وكان البعض يشكك في صحتها او في صحة عدد كبير منها و يقال انة قد تم تأليفها في ازمنة لاحقة لتخدم قضايا معينة هكذا قال لي الامام الاشتراكي ونصحني بدراسة الامام علي و الامام ابو ذر الغفارى لقد كانا مقررين علينا في الزمن الاشتراكي الناصرى الذى كان من الممكن ان تسمع فيه شيوعي يتلو ايات من الذكر الحكيم تؤيد قول لينين او ستالين او لتجعل من الميثاق وثيقة اسلامية في مرحلة تالية استمعت الي ملحد يدلل علي ان كل ما توصل الية العلم موجود في القرآن وان اللة يتجلي في كل ظاهرة كونية في تحالف مصرى الهوية بين العلم والايمان .. وزادت غربتي الفكرية .
رحلة المسلم بين اضابير الماضي و كتب التراث رحلة قد تستغرق العمر كلة و لا تأتي بنتيجة لذلك فانني اعجب من هؤلاء الشباب الذين لم يحصلوا علي الاعدادية ومع ذلك يطلقون اللحي و يضعون الطرحة علي شعرهم ثم يفتون فيما لا يفهمون .. الغريب ان بعض السذج يتعاملون معهم علي اساس انهم عالمون .. مرت مئات السنين طمست ما طمست و ابرزت ما ابرزت .. طمر و اظهار لجوانب عديدة من الدين الذى قدمة للدنيا الرسول صلعم منذ 1400 سنة كاسلام
وأصبحت هناك مئات من القراءة الجزئية و الموازية و المعارضة و التي تخدم وجهات نظر او مصالح او احتياجات معينة وكل منها تدعي انها الاسلام الصحيح .
الاحاطة الكاملة بالاسلام و مدارسة المختلفة شىء شبة مستحيل للعلماء و الباحثين فمابالك بانصاف المتعلمين الذين التقط كل منهم جانبا ما و راح يروج لة بوجهات نظر مبتسرة بعيدة عن السياق يدعمها بسور وآيات واحاديث و حكايات و قصص تمت او لم تتم للاولين .. وهكذا ابنعد المسلمون عن الفلسفة وفرقوا بين نصر حامد ابو زيد و زوجتة جزاء لة علي محاولتة عصرنة الخطاب الديني و فلسفتة .. انصاف بل ارباع المتعلمين ارادوا للمراة ان تكون مطية الرجل وجاريتة في مقابل تلك القوانين الاكثر معاصرة و تعتمد علي جانب اخر من مفردات الدين التي اتاحت لها الخلع و عدم الموافقة علي ان تكون زوجة مكررة ..رجال الدين فى زمن ما إدعوا ان محمدا هو إمام الاشتراكيين وفى زمن آخر أصبح زعيم الرأسمالية والسوق المفتوح ، المسلمون لم يتفقوا أبدا حتى على زمن الأعياد وبزوغ الهلال ، وكانت كتب خالد محمد خالد تضاد كتب سيد قطب ، ومحمد عبده يعارض الأفغانى ، والشيعة تعادى السنة ، والشيعة والسنة لا تعترف بالبهائية ، إبن عبد الوهاب يسابق الخمينى ، والشريعة السودانية غير الشريعة التركية .. وهكذا يصعب ان تقتنع بان هناك رؤية اسلامية لإسلام حقيقى الا إذا كنت متعصبا لمذهبك وترى انة الاسلام ولا يوجد غيرة .
قرات لعشرين سنة بحوثا متنوعة ومدققة ، ومع ذلك لم تجعل هذه القراءات من السهل على أن أحدد هل التعامل مع البنوك حرام أم حلال ، الشيخ الشعراوى يقول حلال ومشايخ السلفية تعتبرها من أعمال الشيطان ، قرأت لعشرين سنة ولم أفهم معنى الشورى ، وهل هى ديموقراطية أم ديكتاتورية إثنية ، وهل هى بين جمهرة المسلمين أم مقصورة على أهل الحل والعقد ، هل حجاب المراة مستحب ام عادة ، هل إضطهاد المراة وأخذ نصف ميراثها حق وعدل أم شرع يطبق دون نقاش ، لقد أزعجنى خالي عندما قا ل " كن رجلا ولا تتبع خطواتى " ففى الاسلام لابد وأن تتبع خطوات شخص دون تفكير ، إنه إمامك والمسئول عنك وهو الذى سيقودك الى الجنة ، خلاف ذلك ستضطر الى أن تقرأ وتدرس وتفلتر وتنتقى من ضمن عشرات الآلاف من الصفحات ، وهو أمر غير وارد لــ 70% من المسلمين الأميين الجهلة، والـ30% المستسلمين لان يقودهم فقيه كان أو شيخ ، نصف متعلم أو عاطل لم يجد عمل الا أن يربى لحيته ويلبس جلبابا أبيض ويفتى بفتاوى على درجة عالية من الغباء والجهل .
لا يوجد من يستطيع ان يقول عن نفسه أنه مسلم مطلع على كل المدارس والشيع والمذاهب ، إنما توجد قراءات خاصة للدين تتراوح بين الطالبانية الوهابية ، وما يحدث فى غزة أو أفغانستان ، وبين ذلك الاسلام الذى يسمح للمرأة بالامامة فى صلاة الجمعة والخطبة بأمريكا.
ألم أقل لكم كم هو صعب !!



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجالية المصرية ..في مصر
- أندى العالمين كفوف راح ( اقتصاد التسول )
- طفولة البشرية ام شعوب أطفال
- خير أجناد الأرض والخامس من يونيو
- هل هو دجل.. ام جهل !!
- حكمة امريكية .. دع جروحهم تتقيح
- فلينظر الانسان كيف تطور
- هل يقيم الفاشست ديموقراطية !!
- (الخلافة) غضب الله في ارضه
- الي الاجيال المقبلة
- إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب
- الفاشيستية الدينية أخطر من القومية والحرامية
- ليس دفاعا.. عن المتهم محمد حسني مبارك (2 )
- ليس دفاعا عن المتهم محمد حسنى مبارك
- ثانيا ..مصر مستعمرة وهابية
- هذا النظام غير قابل للاصلاح
- نعيب بين اطلال نظام مبارك
- - غزوة الصناديق - 19 مارس .2011
- وطن بديل ..يا محسنين
- هل يؤسس البشرى والجمل لخلافة اسلامية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حسين يونس - صعوبة أن تكون مسلما