أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد هجرس - شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى















المزيد.....

شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1012 - 2004 / 11 / 9 - 07:40
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


ردا على سؤال من الزميل المتألق محمود سعد عن مكتشف حجر رشيد أجاب النجم اللامع والمحبوب فاروق الفيشاوى : إنه شامبليون .
واستطرد قائلا بسرعة وثقة: ان ذلك حدث إبان الحملة الفرنسية على مصر.
وعلى الفور قام محمود سعد بمنح الفيشاوى درجة النجاح لتوصله الى الإجابة "الصحيحة".
وأنا أعرف بالطبع ان برنامج زميلنا محمود سعد "خفيف" وترفيهى وليس برنامجا علميا. ومع ذلك فانه لا مناص من الاعتراف بأن هذه النوعية من البرامج الخفيفة – وربما بسبب انها خفيفة وترفيهية – تساهم بدور لا يستهان به فى تشكيل الرأى العام وترويج المعلومات والأفكار.
فما بالك والبرنامج الذى نتحدث عنه يقدمه صحفى موهوب اختطفه التليفزيون فحقق نجاحا سريعا وكبيرا أكسبه شعبية كاسحة وبخاصة فى أوساط الشباب.
وعندما يستضيف "المذيع المهضوم" محمود سعد نجما لامعا ومحبوبا بحجم الممثل العبقرى فاروق الفيشاوى فلنا أن نتوقع أن يكون التأثير مضاعفا، وأن يكون لكل كلمة ينطق بها هذان النجمان مصداقية كبيرة فى أوساط الشباب.
ولهذا بالضبط .. فإنني انزعجت من تمرير حكاية شامبليون والحملة الفرنسية وحجر رشيد بهذه البساطة على مائدة التسالى الرمضانية بعد تخمة الإفطار وتوقف العقل الجمعى للعرب عن التفكير فى أى شئ باستثناء حل فوازير المسلسلات والمقالب التليفزيونية.
ويزيد من هذا الانزعاج أن نفس الموضوع يلفه قدر كبير من الالتباس حتى فى المناهج التعليمية.
وحقيقة الأمر أن "منشور منف" – المشهور باسم حجر رشيد – بمثابة وثيقة كتبها كهنة مصر القديمة فى العهد البطلمى بمناسبة تنصيب بطليموس الخامس ملكا على مصر. فحفروا مرسوم ولايته على لوحة من البازلت الأسود فى 27 مارس عام 192 قبل الميلاد. وقد اشتملت الوثيقة على ثلاثة نصوص:
النص الأول مكتوب بالهيروغليفية. وهو نص مبتور من ثلثيه تقريبا.
والنص الثانى مكتوب بالديموطيقية، أى الكتابة الشعبية فى مصر القديمة وهى كتابة ظهرت قبل 650 عاما من الميلاد وكانت تستخدم للمراسلات الجارية وآخر مراحل تطورها كانت اللغة القبطية التى كتبت منذ القرن الثامن الميلادى بحروف يونانية بالإضافة الى سبع حركات صوتية غير موجودة فى اليونانية أخذت من الديموطيقية .
أما النص الثالث فكان يحتوى على 54 سطرا مكتوبة باللغة اليونانية القديمة.
المهم.. أنه بعد انتهاء احتفالات تنصيب الملك بطليموس الخامس فى منف اجتمع الكهنة المصريون من مختلف الاقاليم المصرية ببلدة "كانوب" شرقى الإسكندرية، وهى نفسها "ابو قير" الحالية، حيث كرموا الملك الجديد وسلموه الوثيقة التى تحدثنا عنها وهى "منشور منف" الذى اشتهر بعد ذلك باسم حجر رشيد.
وقد اعتبر الكهنة تتويج الملك حسب طقوسهم الدينية نصرا عظيما وبالتالى كانوا يتعاملون مع بطليموس الخامس على انه فرعون جديد للبلاد وليس ملكا محتلا!!
وعليه.. احتفظ بطليموس الخامس بهذه الوثيقة الهامة بأرشيف المملكة البطلمية بمصر. ولسبب غير معلوم تم نقل الحجر – الوثيقة الى مدينة رشيد، ربما لان المخازن الملكية كانت موجودة بها آنذاك، أو ربما سرقت بسبب ضغائن أو إحن.
وأيا كان السبب فانها ظلت نسيا منسيا حتى اكتشفها ضابط فرنسى اسمه فرانسوا بوشار فى قلعة قديمة برشيد يوم 19 يولية 1799 إبان الحملة الفرنسية على مصر.
أى أن الذى اكتشف الحجر إبان الحملة الفرنسية ضابط فرنسى وليس شامبليون. وهذا الضابط كان مثقفا على ما يبدو لأنه استشعر أهمية الحجر فأوصى الحملة الفرنسية برشيد ان تهتم بتوصيله الى نابليون شخصيا، الذى سلمه بدوره الى العلماء المرافقين للحملة الفرنسية.
بعدها بأقل من عامين استسلم الجيش الفرنسى عام 1801للقوات الإنجليزية الغازية لمصر. وكانت هزيمة الفرنسيين مشينة وكانت شروط استسلامهم مذلة، والعجيب أنه كان من بينها شرطا بالغ الغرابة هو ان يسلم الفرنسيون المهزومون جميع ما بحوزتهم من آثار مصرية منهوبة الى البريطانيين المنتصرين!
وكان حجر رشيد من بين هذه الآثار.
وهذا يفسر وجود حجر رشيد فى المتحف البريطانى فى لندن وليس فى متحف اللوفر فى باريس رغم ان الذى عثر عليه ضابط فرنسى.
وهذا يعنى أيضا ان كل علاقة الحجر بالحملة الفرنسية هى عثور أحد ضباطها عليه دون أن يتمكن العلماء المصاحبين لها فى فك شفرته.
لكن بعد انتقال الحجر المحير الى المتحف البريطانى فى لندن نشب سباق من نوع آخر بين الفرنسيين والإنجليز على كشف أسراره.
وكان السباق بين البريطانى توماس يونج والفرنسى جان فرانسوا شامبليون. وقد استطاع الاخير أن يثأر للفرنسيين وأن يعلن للعالم فك طلاسم "منشور منف" عام 1822.
وظل هذا الاعتقاد شائعا حتى عهد قريب الى ان كشف روبن ماكى المحرر العلمى لصحيفة الاوبزيرفر البريطانية النقاب عن توصل الباحث المصرى الدكتور عكاشة الدالى بالمعهد الاركيولوجى فى جامعة لندن الى براهين قوية تفيد ان عالما عراقيا سبق شامبليون بما يقارب الالف عام فى فك رموز الهيروغليفية.
وفى وقت قريب من ذلك توصل باحث سورى يدعى يحيى مير علم الى نفس النتيجة حيث اتفقت نتائج يحيى مير علم السورى وعكاشة الدالى المصرى على أن العالم العربى أبو بكر أحمد بن على قيس بن المختار المعروف بابن وحشية النبطى الذى يرجح العلماء ولادته فى القرن الرابع الهجرى تمكن من فك رموز الهيروغليفية قبل شامبليون بنحو ألف عام، وأنه نشر كشفه التاريخى فى كتاب تم نسخه عام 241 هجرية (861 ميلادية) بعنوان "شوق المستهام فى معرفة رموز الأقلام".
وأن المستشرق النمساوى جوزيف همر كان أول من كشف عن "شوق المستهام" وقام بطبعه فى لندن عام 1806، مما يرجح ان شامبليون قد قرأ مخطوطه العالم العراقى ابن وحشية النبطى الذى كان خبيرا فى اللغات القديمة.
وتفيد الدراسات ان عدد "الأقلام" (أى اللغات) التى عرفها بلغ 89 قلما من بينها اليهروغليفية. وأنه الى جانب علمه الغزير فى اللغات كان له باع طويل فى الكيمياء التى ترك فيها ما يقرب من ثلاثين مصنفا.
وإذا كان هناك احتمال ضئيل بأن شامبليون لم يقرأ "شوق المستهام" فانه يبقى من حق العالم العراقى ابن وحشيه النبطى ان يحصل على نصيبه من المجد الذى احتكره شامبليون.
وخلاصة ما تقدم ان هناك ثلاثة أخطاء شائعة حول "منشور منف" المعروف باسم حجر رشيد يجب تصحيحها:
الخطأ الأول: أن "مكتشف" الحجر هو شامبليون، فذلك ليس صحيحا لأن الذى عثر عليه لم يكن شامبليون بل كان ضابطا فى الحملة الفرنسية أسمه فرانسوا بوشار وان ذلك كان فى 19 يولية 1799.
الخطأ الثانى : أن شامبليون كانت له علاقة بالحملة الفرنسية، فهذا خلط واضح لان الحملة الفرنسية على مصر بدأت عام 1798 وانتهت عام 1801، فى حين أن شامبليون ولد عام 1790 أى انه كان طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره ثمانية أعوام عندما جاءت الحملة الفرنسية الى مصر. وبالتالى فانه ليس له علاقة بتلك الحملة، كما ان حله لرموز حجر رشيد تم فى لندن كما قلنا عام 1822 اى بعد الحملة الفرنسية على مصر بواحد وعشرين عاما.
الخطأ الثالث: أن شامبليون مع ذلك لم يكن أول من استطاع فك شفرة" منشور منف" بل سبقه الى ذلك بألف عام إبن الكوفة "إبن وحشيه النبطى" الذى يبدو من الأبحاث الحديثة انه كان أول من حل رموز اللغة الهيروغليفية التى تحدث بها المصريون وكتبوها اكثر من ثلاثة آلاف سنة متصلة قبل انقراضها فى القرن الرابع الميلادى اثر فرمان الإمبراطور البيزنطى تيودوسيوس الكبير بمنع ممارسة الطقوس الدينية التى كانت سائدة فى مصر القديمة، وبالتالى لم يعد أحد يتجاسر على كتابة لغة هذه الطقوس على الحجر. وهكذا ماتت لغتنا المصرية القديمة، وهكذا أحياها - فى لغة الأبحاث - ابن وحشية النبطى قبل شامبليون بألف عام.
وليت محمود سعد وفاروق الفيشاوى يصححا للملايين الذين شاهدوهما ثلاثية الأخطاء السابقة.
وكل عام.. وانتم بخير.. ورمضان كريم.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تخون الصحافة تقاليدها؟
- !تكريم وزير .. تحت الكوبرى
- العم - ســام - .. والخالة - ســـاميـة -
- مـدافـع رمضان .. ومدافع بوش وشـارون
- ثلاثية الأوهام فى - رأس الشيطان -
- ساويرس .. الآخر !
- هل يتطوع العرب لإنقاذ رقبة بوش فى العراق؟!
- الوطنى- وضع قدمه السياسية فى الجبس وقرر السير على ساق واحدة
- التليفـزيون المصرى رسـب فى امتحان الحـزب الــوطنـى
- !الحثالة السياسية
- الوصاية الأمريكية على الدنيا .. والدين !
- !سيادة الوطن .. واستعمار المواطن
- - كولن باول - منافـق .. لكننا لسـنا ملائكـة
- الطبقة السياسية اللبنانية تتنازل عن امتياز التغريد خارج السر ...
- الحجـاب الفــرنســـى .. والنقـاب الامـريـكـى
- -مقهى- ينافس وزارات الثقافة العربية فى فرانكفورت
- دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية 3-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (2-3
- (دروس للعرب فى الإصلاح .. من أمريكا اللاتينية (1-3
- الفلوس والثقافة العربية


المزيد.....




- مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا ...
- 100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
- رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح ...
- مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في ...
- -حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي ...
- -أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور ...
- رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر ...
- CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع ...
- -الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب ...
- الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد هجرس - شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى