أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهية شاهين - رسائل















المزيد.....

رسائل


زهية شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12 - 00:37
المحور: الادب والفن
    


رسائل
زهية شاهين

فتحت صفحتها فذهلت من صورهم , كأنهم لايشبهونها, شعورهم بيضاء, منهم من انتفخت أوداجه , واكتنز اللحم جسمه, ومنهم من بقي نحيفا يقاوم الانكسار, فغرت فاها وكادت عينيها تنطق من دهشتها, من عساهم هؤلاء, لوهلة أولى أشخاص لا يثيرون أدنى انتباه ..دققت نظرها في تفاصيلهم ,أخذت تلهث, اخذ قلبها يلهث يكسر تفاصيل الزمن , عساه بينهم.. تتشوق لمعرفة ما آل إليه مصيره ...تصفحت اسما وراء اسم , تكررت الأسماء والوجوه , والخوف لم ينتظرها كي تواجه لهفتها بهدوء , يقتحم أنفاسها ويلاحقها وكأنها تزيح صورهم من مدى رؤيتها , أخيرا ....هناك من يشبهه ..بعثت له برسالة فلم يتذكرها, حاول أن ينفض ذكرياته ولكنه رفض الاعتراف بها , بادرها: لا اعرف إلا تلك الفتاة التي جاءت من قرية وحيدة لا يزورها قريب ولا حبيب, اسمها فداء , كانت تغزل بالكلمات حيرتها وشوقها لحرية لا تطول إلا بوقت زيارتها, وترجع حينها مرة أخرى إلى أماكنها , ترسم تخيلاتها وأشخاصها على جدران قريتها, ولجهل أهلها وأحبتها لا يفقه احد منهم حفر الجدران ...ذكًرته وذكرًها ولم تقبل ذاكرته إلا تلك الفتاة فداء , بادرته : أنا هي وهي أنا... كلانا نفسها .
رفض : كلاكما شبه .
ما الفرق؟ رد عليها : الشبه يعني أنكما اثنتان ولكن تفاصيلكما قد تكون واحدة .نفس تعني أنها أنت وأنت هي .
تأخذها دهشتها كالبلهاء لتفسيراته الغبية هه..ولكني من اعلم ذلك ...لا أنت ولا سواك يعلمه.
تركها ولم يعبأ بها, واخذ طريقا وعرة ..صعقت ونادته : ارجع أريد معرفة أخباره .
أشاح بيده وتوقفت أنفاسه: الآن تأكدت انك أنت هي ..لا تسأليني عنه لقد رحل .
يا رجل توقف ..كأنه لم يسمعها ولم يرها, تسابقت خطواته بعضها بعض تتخطى عثرات الطريق ..حينها تيقنت انه رحل مثلما رحلت الذاكرة لديها إلى ما قبل ثلاثون عاما كان عمرها حينئذ تسعة عشر عاما , إلتقته في احد الجامعات في ندوة أدبية يناقش ويحاور, لم يلفت نظرها سوى ابتسامته الساحرة التي عشقتها حتى انهارت مقاومته, وخلعت كل قيود التقاليد عن كلماتها ,وغلفتها بإثارتها: يا هذا إن ابتسامتك تأسرني .
وكأنه هو الغائب الذي انتظرته طويلا بلا عنوان, جدران قريتها تعرفه حينما كتبت رموزه وصوره التي لا يعرفها احد ,لحظتها دست في جيبه ورقة كتبت فيها : إلى رجل يسحرني بكل ما فيه هل تقبلني بعشق أنا فيه .
لم ينتظر , قرأ كلماتها, وشعر بسريان دفء في جسد ضئيل ألهبه الحنين للمسة عشق كبر فيه من الطفولة إلى وجه لم يلتقيه من قبل وكأنه فتش الحيطان ولم يجد حيطان قريتها ولا صورتها , ولكن صورتها فاجأته بوجودها في قلبه ,في زاوية تأكل محبته فلا يجدها خارجه , فيعود أدراجه , تبحث أمه عنها في وجوه الصبايا فترجع أدراجها : لم يحن وقت زواجك , لم أجدها .
يغزل حبها مع الوطن , فيدخل معتقلا ليخرج من آخر, وهي ترضع شوقه إليها دون رؤيته , اتفقا على عجل ..المجيء واللقاء لقتل انتظارهما , لم يتوانى.
جاء شوقا إليها وللبحر وكان يعشق تماثل زرقة عينيها وبحر يخر عبابه وحده ..فيتركه البحر دونها يسري في دمها خلسة دون وعيها ..تنظر مطمئنة لعدم وجود احد غيرها تبدأ في رشق عطرها وتزيين وجهها بابتسامات منعشة, تنظر للنجوم لا يعجبها تبعثرها وكأنه يرسم صورة أخرى للسماء ,يرتب فيها النجوم ..فتضحك لجمالها ..ولذلك العابث الذي يحرس ثوبها من حبات التراب الذي يعشق قمرا يحكي قصتها مع الغياب , ومع رجل يتسرب بين يديها متناثرا حولها كالتراب كي يلامس خدها مساماته فيتنشق عطرها الذي يثير رغبته في مزيد الحب الذي لا ينفض غبارها عنه إلا في غيابه بالاعتقال مع السجان, يتحسس دمه المتحجر تحت جلده وشرايينه ووجع ضرب قدم السجان في دمه وعظامه ,حينها يبعدها عن ألمه, ينساها هناك في قريتها تصبح امرأة مجهولة لا يعرفها احد ولا تكتمل ملامحها الجميلة إلا برجوعه, يعانقها غيابا ووهما دون الحقيقة تحلم .....ويحلم أن تمتزج الأنفاس والذرات ويصبح هواؤهما عالما لا يركض خوفا من السجان ولا من قيد العادات والتقاليد .
جاء شوقا واستأذن قريتها القدوم , كل الوجوه فيها ذكًرته انه ذالك الغريب... الغريب في اشتهائه لشوارعها وحيطانها , وابتسامته الساحرة تمسح كل كلماتها المغروزة في حيطانها وكأنه يمسح بها أسى يتقعر في قلب طفلة من زمن تيتمت ولم تجد محبيها .
دخل ثوبها حياء من لحظة الدخول إلى بيتها, عبر اللحظات يرتجف خوفا من لحظة الإقصاء, لا يتخيل للحظة أن تستمر حياته بدونها, وان أبوها سينطق رفضه إعصارا , يقتلع قلبه منه.. كيف يسير قلبه بلا قلب حب .
شرب القهوة ولم يحس لسانه بما شرب , كان نبضه يبني ..يزرع أشجارا في القرية كي تشهد على موته وعلى حنينه وانكساره .
جاءه صوت أبيها : أخذت واجبك ..اسمع يا ابني لن أزوج ابنتي لغريب وبيته المعتقل .
تناثرت رشفات القهوة في وجوه الحاضرين, وسقطت النجوم المضيئة من صورتها, وشهق قلبها على مسمع من السماء والأرض, وأدرك الموت زمنها وعشقها ,خرج يسيل دمه وديانا وحلمه يتمزق قهرا , يتساءل من أين تأتي أبواب الفناء ؟!!!... كيف يبعثرونه بين نظراتهم القاسية. بكت الجدران والأشجار على موته وسابقت نظراتها خطاه عانقته حيث يبدأ الفراق ..تبتسم دموعه الممزوجة بنار وهج شمس قريتها العارية من الحب والرأفة... لعناق طالما لامس فيه جسدها في أحلامه وكوابيس يحتلها الجلادين ,: لم ألمسك إلا فراقا يا حبيبة لم ألمسك إلا في رجوعي من حياتي إلى شواطئ موتي .
تخرج من صورها المتناثرة لأشخاص حياتها , تبحث عن صديقه الهارب مرة أخرى , وفتحت رسالة يخبرها بأن رحيله الذي لا تعلمه كان رحيل موت .
علمت بعدها القصة التي فقدتها منذ ثلاثين عاما... بأن السجن أغلق أبوابه وهو وحده ..على جسده المرهق , ولم يحتمل حينها الفراق, فكانت جنازته يزفها رفاقه ..., ذهب وحده , وبقيت تمارس حزنها, و ترسم صورته ,وترتب النجوم على صفحتها.
راقبت خطواتها خطوات نفسها ...... وهي ترجع للقاء الأخير, ولذلك الرحيل الذي رحلت فيه , لشوق اللقاء الذي لم تكتبه على حيطان قريتها هذه المرة , ولكنها ترجلت عن ذاكرتها وذكرياتها وكتبت له رسالتها الثانية والأخيرة :
(لذلك الغائب الذي لم ألتقيه, والى تعب الانتظار من الوقوف على أعتاب الزمن ..لذلك العتب الحائر في قلب لم يجد مكانه في جسد شاخ ..لتلك الشموع التي لم تطفئ لهيبها وتعطى الأماكن سحرها ..لفواصل الحياة, لفواصل الثورات وذكرياتها ..للحظات ذهبت في طرقاتنا ولم نلتقيها , للحنين الذي بقى في بكارته وأصبح يئن من الاشتياق ..لحياة ذهبت وكنا نعتقد بأحلامنا أننا سنملكها ,وإنها لنا وليس لغيرنا ولم نجد متعتها بعد ..سلامي لك ).
http://zahiakh.wordpress.com/



#زهية_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماتي
- أمي تلك المجهولة


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهية شاهين - رسائل