|
بدايات المسرح الحديث
سامي عبد الحميد
الحوار المتمدن-العدد: 3392 - 2011 / 6 / 10 - 08:55
المحور:
الادب والفن
رغم أني كنت من المتحمسين لتشكيل (فرقة المسرح الحديث) لتواصل العمل المسرحي خارج نطاق معهد الفنون الجميلة إلا إنني لم أشارك إبراهيم جلال ويوسف العاني والآخرين في الخطوات التأسيسية لشعوري بأن الاثنين ومن يتبعهم كافة ستكون هي الراجحة في اتخاذ القرارات ولمعارضتي الخفية لوجود أعضاء لا ينسجمون معنا فكرياً وسياسياً. ولكن صريحاً هنا نقد كنت ابغي توجه الفرقة مع موجة اليسار التي أخذت تتصاعد بداية الخمسينيات بعد ان حملت معها العديد من مثقفي العراق خصوصاً الشعراء امثال السياب والبياتي والروائيين امثال التكرلي وعبد الملك نوري. التحقت بالفرقة الشعبية للتمثيل التي قادها الراحل جعفر السعدي ولكن قلبي وفكري ظلا عالقين بالمسرح الحديث. وبينما كنا نتمرن لإنتاج مسرحية (فلوس) تأليف احد الكتاب الأتراك وإخراج السعدي وذلك في (قاعة الأمير عبد الإله) في الكاظمية حين كان السعدي مديراً لها كان أعضاء المسرح الحديث يتمرنون على مسرحيتين من تأليف يوسف العاني وفصل من إحدى مسرحيات مولير (الثري النبيل) في حدائق (جمعية النداء الإجتماعي) في الاعظمية. كان السعدي هو الآخر يريد ان يركب موجة اليسار او لنقل موجة معارضة النظام الملكي وكان يعتقد أن اختياره لنص مسرحية (فلوس) يتماشى مع توجهه وكذلك اعتقدت. وبالفعل فقد أثار عرض المسرحية في قاعة الملك فيصل حفيظة السلطة آنذاك لما فيها من أفكار نقدية ثورية ولكن الأمر لم يصل الى حد قيام مظاهرة ضد السلطة بعد ختام المسرحية كما صرح بذلك الراحل السعدي في إحدى المقابلات الصحفية. وفي الوقت ذاته أثارت مسرحيتا العاني(راس الشليلة) و(ماكو شغل) حفيظة السلطة بوقتها ولم تتخذ اجراءات ضد (فرقة المسرح الحديث) إلا في زمن لاحق وعندما أصبح العسكري (نور الدين محمود)، وهو نسيب المخرج الراحل إبراهيم جلال رئيس الفرقة، رئيساً للوزراء وأعلن الأحكام العرفية عام 1956. بعد انتهاء عرض مسرحية (فلوس) للفرقة الشعبية للتمثيل وكانت العادة ان لا تقدم أية مسرحية لأكثر من عرضين بسبب ضعف الإقبال على ارتياد المسرح، اتصل بي عدد من إصدقائي أعضاء فرقة المسرح الحديث يلحون عليّ للعودة إلى صفهم معبرين عن رغبة رئيس الفرقة وسكرتيرها في ذلك ومشددين على أهمية الانضمام الى كادر الفرقة والاستفادة من فعاليتي. وقد نزلت عند رغبتهم. كنا نحن أعضاء المسرح الحديث نلتقي اما في منزل ابراهيم جلال او في جمعية النداء الاجتماعي حيث لم نكن نستطيع ان نؤجر مكاناً خاصاً ليكون مقراً للفرقة بسبب ضعف الإمكانية المالية علماً اننا كنا نصرف مبالغ من جيوبنا الخاصة تغطية لتكاليف الانتاجات المسرحية. عندما تركنا (إبراهيم جلال) متمتعاً بأجازة دراسية لدراسة الفن السينمائي في ايطاليا عام 1953، اعتمدني أعضاء الفرقة لأتولى مسؤولية الإدارة الفنية وتزايدت أهمية مغاليتي ولكن انضمام الراحل جاسم العبودي إلى الفرقة بعد عودته من بعثته لدراسة الإخراج المسرحي في معهد غورمان للمسرح بشيكاغو بعد ان قام (جلال) بإقناعه للعمل مع الفرقة تناقصت أهمية فاعليتي في الإدارة الفنية ونقلت مسؤوليتها إلى العبودي كونه أكثر علماً ودراية. وكان إخراج مسرحية يوسف العاني(تؤمر بيك، وماكو شغل) عام 1955، أول عمل للعبودي مع الفرقة وآخر عمل حيث ظهرت على سطح التقاطعات الفكرية منه وبعض أعضاء الفرق إذ اظهر ميلاً نحو الاتجاه القومي اليميني في حين كنا نميل بالاتجاه الشعبي اليساري. وعندما اشتدت الخلافات فاجأنا العبودي مع عدد آخر من أعضاء الفرقة ومنهم شكري العقيدي بالاستقالة ورغم إحساسنا بفقدان عنصر فني مقتدر إلا إننا في الوقت ذاته سارعنا بقبول الاستقالة لاعتقادنا بأن العبودي سيكون عنصر تعويض لمسار الفرقة، فاتني ان اذكر ان سلطة العهد الملكي منعت عرضاً لفرقة المسرح الحديث يحتوي على مسرحيتين ليوسف العاني ومن إخراج إبراهيم جلال وكانت الفرقة تنوي تقديمها في حدائق نادي السكك في الصالحية.(جوار بناية اذاعة وتلفزيون بغداد حالياً) وذلك عام 1953 ولكن سبب المنع قراءة عنواني المسرحيتين(موخوش عيشة)و(رأس الشليلة) حيث تتحدث الأولى عن معاناة الكادحين في العراق وتتحدث الثانية عن الروتين الحكومي القاتل والفساد الإداري المخيف. ومن الجدير بالذكر هو اعتذار جميع الذين اشتروا تذاكر العرض الا واحداً عهد استرجاع مبالغها من الفرقة وذلك دعماً لها. من الجدير بالذكر أيضاً إن أعضاء فرقة المسرح الحديث اتخذوا لهم مساراً فنياً ثانياً غير إنتاج المسرحيات التي تخص الفرقة وإنما إنتاج مسرحيات لطلبة الكليات العلمية قبل ان تؤسس جامعة بغداد وبعد تأسيسها حيث قدمت مسرحيات يوسف العاني(لو سراجين لو بالظلمة) و(حرمل وحبة سودة) و(فلوس الدوة) في كلية الطب وقدمت (تؤمر بيك) في كلية الهندسة. وقمت مسرحيات اخرى في كلية طب الأسنان وكلية الحقوق. وكانت ظاهرة ممارسة طلبة الكليات النشاط المسرحي من الظواهر المحبة والمنشطة لحركة المسرح العراقي وهنا نشير الى دور الأطباء المشهورين (محمد زاير وفليح حسن وسعد الوتري ووليد الخيال) في النشاط المسرحي الجامعي أيام زمان، فأين هو الان!
#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قاسم محمد التجديد في المسرحية الشعبية
-
جعفر السعدي .. مسيرة حافلة بالتألق
المزيد.....
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|