|
إصلاح أم ثورة ( مقتطف من - أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس-) لناظم الماوي
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3391 - 2011 / 6 / 9 - 11:20
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إصلاح أم ثورة ( مقتطف من " أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس")
كما علّمنا لينين نناضل من أجل الإصلاحات لكن لا كإصلاحيين و إنّما كثوريين :" يعترف الماركسيون بالنضال من أجل الإصلاحات ، أي من اجل تحسينات فى أوضاع الكادحين تترك السلطة ،كما من قبل ، فى يد الطبقة السائدة . و لكن الماركسيين يخوضون فى الوقت نفسه نضالا فى منتهى الحزم ضد الإصلاحيين الذين يحدون ،بواسطة الإصلاحات ، مباشرة أو بصورة غير مباشرة ، من تطلعات الطبقة العاملة و نشاطها. فإنّ الإصلاحية إنّما هي خداع برجوازي للعمّال الذين يبقون دائما عبيدا مأجورين ، رغم مختلف التحسينات ، ما دامت سيادة الرأسمال قائمة.
إنّ البرجوازية الليبرالية تمنح الإصلاحات بيد و تسترجعها بيد أخرى، و تقضى عليها كلّيا،و تستغلها لأجل إستعباد العمال ، لأجل تقسيمهم إلى فرق مختلفة ، لأجل تخليد عبودية الكادحين المأجورة. و لهذا تتحوّل الإصلاحية بالفعل ، حتى عندما تكون مخلصة كليا ، على أداة لإضعاف العمّال و لنشر الفساد البرجوازي فى صفوفهم. و تبيّن خبرة جميع البلدان أنّ العمّال كانوا ينخدعون كلما وثقوا بالإصلاحيين.
أمّا إذا إستوعب العمال مذهب ماركس، أي إّذا أدركوا حتمية العبودية المأجورة ما دامت سيادة الرأسمال قائمة ،فإنهم ، على العكس، لن يدعوا الإصلاحات البرجوازية ، أيّا كانت ، تخدعهم. إنّ العمال يناضلون من اجل التحسينات مدركين أنّ الإصلاحات لا يمكن ان تكون لا ثابتة و لا جدّية ما دامت الرأسمالية قائمة ، و يستغلّون التحسينات لأجل مواصلة النضال بمزيد من العناد ضد العبودية المأجورة.إنّ الإصلاحيين يحاولون أن يقسموا العمّال الذين يدركون كذب الإصلاحية، فإنهم يستغلون الإصلاحات لأجل تطوير و توسيع نضالهم الطبقي" ( لينين " الماركسية و الإصلاحية").
مبدئيا لسنا ضد النضال من أجل الإصلاحات و لكن يجب ألاّ نكون إصلاحيين ، يجب أن نكون شيوعيين ثوريين ننشر المضمون الحقيقي للماركسية ، المضمون الثوري نسعى جهدنا لإنجاز المهمّة التاريخية للبروليتاريا الثورية.
يزعق البعض ممّن رأينا على جهاز التلفزة أنّ ما وقع ثورة سلمية بإمتياز هدفها الآن النضال ضد من يريدون سرقتها من الشعب.و نعلّق على هذا الكلام المليئ مغالطات فنقول فضلا عن كون ما حدث ليس ثورة ، إن العنف كان حاضرا فى كلّ مكان و إن لم يكن من طرف الجماهير الشعبية فى شكل كفاح مسلّح .فعدوّ الجماهير لجأ لكافة أنواع العنف حتى المسلّح منه متسبّبا فى قتل العشرات و جرح المئات أمّا الجماهير فإستعملت ألوانا من العنف تمتدّ من العنف اللفظي و الهجوم بالحجارة إلى الحرق و التكسير ضد رموز الدولة بوجه خاص. و الرئيسي فى مجمل مناطق البلاد و على إمتداد أربعة أسابيع تقريبا كان التحركات العنيفة و بصورة ثانوية حصلت مسيرات سلمية و حتى فى العاصمة كانت التحركات عنيفة من قبل الجماهير و مسلّحة من قبل مختلف أجهزة الشرطة . و أكثر من ذلك حتى يوم الجمعة 14 جانفي فرضت المسيرة فى العاصمة فى شارع الحبيب بورقيبة فرضا بالقوّة بعد معركة مع الشرطة و فى أحياء من العاصمة و أماكن أخرى من البلاد كان الرصاص لا يزال يطلق.
و إذن كانت الإنتفاضة عنيفة وإن لم ترتق فيها الجماهير إلى رفع البندقية فى وجه الأعداء لا لشيئء - فى جهات معيّنة- إلاّ لفقدان الجماهير للسلاح و قد مارست الجماهير العنف المنظّم لطرد قوات الأمن من عدّة مدن و إنكار ذلك إنكار لحقائق فاقعة يراد منه توجيه الرأي العام إلى مفاهيم الإنتقال و التحوّل السلمي بعيدا عن إستهداف أجهزة دولة الكمبرادور و الإقطاع المتحالفين مع الإمبريالية ،و العمل فى إطارها. ومن هنا نرى الإرتباط بين أطروحة "الثورة" و "نموذج التغيير السلمي" الإصلاحي.
طريق الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كتيار من تياري الثورة البروليتارية العالمية ( التيار الآخر هو الثورة الإشتراكية عبر الإنتفاضة المسلّحة المتبوعة بالحرب الأهلية فى البلدان الإمبريالية ) ليس الإنتفاضة فى المدن الكبرى ثمّ التوجّه إلى الريف لتحريره و إنما هو طريق حرب الشعب الطويلة الأمد و محاصرة الريف للمدن.و فى خلط الأوراق بصورة إنتقائية تضليل للجماهير و إنحراف نظري خطير بل شديد الضرر. و إن كان حزب العمّال واضحا فى تبنيه ،حسب وثائقه، للطريق الإنتفاضي فإن الوطنيين الديمقراطيين يتحدّثون عن حرب الشعب دون تحديد مضمونها و أشكالها و كيفية خوضها و علاقتها بالقوى الطبقية للثورة و يعكس تقييمهم للصراع الطبقي فى المدّة الأخيرة فى تونس هذه الضبابية فى الرؤية و هذا الخطإ النظري الفادح.
إنّ مقولات الإصلاحيين و النقابويين الإقتصادويين تضرب عمليا وواقعيا فى العمق المقولات اللينينية فى "الدولة و الثورة" التي يدّعون نظريا تبنّيها .و نشر الأوهام حول الدولة بكافة مكوّناتها التي لم يقع تحطيمها عبر النضال المسلّح لإقامة دولة جديدة يصبّ فى خانة الإصلاحية و تخريب الوعي الثوري للمناضلين والمناضلات و الجماهير عوض رفعه. و هذا من جانبهم يلحق أضرارا جسيمة بالثورة الحقيقية التي من غير الممكن قيامها دون حزب ثوري و ليس إصلاحي و شعب ثوري و ليس إصلاحي بمعنى تحوّل قطاعات كبرى منه ثمّ غالبيته إلى تبنّى الأهداف الثورية و العمل على كافة الجبهات وتقديم التضحيات اللازمة من أجل تحقيقها، فى ظروف وضع ثوري بالمفهوم اللينيني فى البلدان الإمبريالية و فى مرحلة الهجوم الإستراتيجي لحرب الشعب فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات. ف " الثورة إنتفاضة و عمل عنيف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى"( ماو تسى تونغ-1927).
وتمدّنا تجربة الثورة البروليتارية العالمية بدروس تاريخية منها ما لخّصه ماو تسى تونغ " بدون جيش شعبي ، لن يكون هناك شيئ للشعب" .و كي لا ندخل فى تفاصيل كثيرة نذكّر بما حصل فى أندونيسيا فى الستينات من تقتيل للشيوعيين و للجماهير الشعبية بالآلاف بفعل خطإ فى فهم طبيعة الدولة و الجيش .و الشيئ ذاته حصل فى الشيلي فى السبعينات إثر إنقلاب عسكري نفّذه بينوشى بتنسيق مع السي آي آي . وفى الثمانينات ، هلّل حزب العمّال الشيوعي التونسي لآكينو و ما سمّاه بالتحوّل الديمقراطي فى الفليبين و أثبتت التاريخ و التحليل الملموس للواقع الملموس للصراع الطبقي هناك مدى تهافت هكذا آراء و المجازر التي إرتكبتها آكينو فى حقّ جماهير الشعب و الشيوعيين و تخريبها فى تحالف وثيق مع الجيش و الأمريكان البلاد و إستغلال و إضطهاد العباد . و يكفى بهذا الصدد النظر إلى ما آل إليه الوضع هناك و قراءة وثائق الرفاق الماويين فى الحزب الشيوعي الفليبيني الذى قاد و لا زال حرب الشعب الماوية فى الفليبين وهو فى السنوات الأخيرة يخطو خطوات جبّارة فى التقدّم بالثورة من مرحلة الدفاع الإستراتيجي نحو مرحلة التوازن الإستراتيجي قبل مرحلة الهجوم الإستراتيجي بتضحيات تفوق التصوّر فى مواجهة كافة أجهزة دولة الإستعمار الجديد و تحطيمها و بناء دولة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا الثورية.
و أعمق من ذلك حتى، فى العقدين الأخيرين شهد جنوب آسيا نهوضا جبّارا لحرب الشعب الماوية فى النيبال و فى الهند . و قد قاد الماويون – الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) قبل إنحرافه منذ خمس سنوات تقريبا – حرب الشعب طوال سنوات عشر ( من 1996إلى 2006) بعد فشل تجربة ما سمّاها الإصلاحيون من مدعى تبنّى الماركسية و البرجوازيين الليبراليين "ثورة ديمقراطية" حصلت فى بداية تسعينات القرن الماضي. و الجدير بالذكر أنّ من كان يقود حكومة دولة الإستعمار الجديد أو يشارك فيها كان من الحزب الشيوعي النيبالي( الموحّد الماركسي-اللينيني) الذى إرتكب جرائما لا تحصى فى حقّ الماويين و جماهير الشعب خدمة للطبقات الحاكمة و الإمبريالية. و الشيئ نفسه يمكن قوله بصدد الحزب الشيوعي الهندي و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) اللذان كانا يحكمان ولايات/دول فى الهند و يقدّمان أجلّ الخدمات للكمبرادور و الإقطاع و حليفهما الإمبريالية متصدّين بوحشية لحرب الشعب التي يقودها الماويون الذين توحّد أهمّ تيارين منهما فى إطار الحزب الشيوعي الهندي (الماوي) و هم يتصدّون اليوم لأعنف و أعتى عملية وحشية للتطويق و السحق،عملية الصيد الأخضر.
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيوعية ، لا الإشتراكية العلمية
-
الشيوعية، لا البلشفية
-
- طليعة المستقبل ينبغى أن نكون!=====طليعة المستقبل لتحرير ال
...
-
- قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين- ال
...
-
-فى الردّ على الوطد-- الحلقة الأولى_لا حركة شيوعية ثورية دون
...
-
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 1 / مارس 2011)القلب على
...
-
تونس : قراءة فى بيانات المجموعات- اليسارية- حول العدوان على
...
-
بعض النقد لبعض نقاد الماوية ( ملاحظات نقدية ماوية لوثيقة - ا
...
-
تونس : مسرحية وزارة الداخلية (1 فيفري )
-
أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى ت
...
-
مواصلة الإنتفاضة الشعبية فى تونس: نقاط عملية
-
الديمقراطية القديمة البرجوازية أم الديمقراطية الجديدة الماوي
...
المزيد.....
-
سياسات ترامب وموقع الرأسمالية الامبريالية الامريكية في العال
...
-
إختفاء القيادي العمالي شادي محمد عن جلسة تجديد حبس شباب “بان
...
-
46 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن عبد الرحمن يوسف
-
“تي أند سي” تفصل تسعة عمال على خلفية الإضراب
-
تجديد حبس شادي محمد 45 يومًا دون حضوره
-
الفصائل الفلسطينية ترفض مخطط التهجير
-
أبو عبيدة يكشف عن هوية جثامين الإسرائيليين ممن ستسلمهم الفصا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
ارتفاع تأييد اليسار الألماني بفضل حضوره القوي على الإنترنت ق
...
-
جيلاني الهمامي: إعادة كتابة الجغرافيا
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية
/ رزكار عقراوي
-
نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل
...
/ بندر نوري
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
المزيد.....
|