|
كلام فارغ
عمر دخان
الحوار المتمدن-العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8 - 02:08
المحور:
كتابات ساخرة
بينما تتحدث الأمم و الشعوب بإنجازاتها الحقيقية و الملموسة على أرض الواقع، و ابتكاراتها العلمية التي سهلت بها حياة البشرية و جعلتها أكثر راحه، لا يزال العرب يتحدثون بنفس اللغة القديمة التي تتحدث عن “الرجولة” و “النيف” و “الفحولة” و كل ذلك من العبارات التي فقدوا خصائصها، و مع ذلك يتفاخرون بها، على الرغم من أنهم حتى لو امتلكوها، فهي لن تغير حقيقه أنهم متخلفون و سيبقون كذلك إن هم أصروا على هذه النبرة الخطابية منتهية الصلاحية، فالفحولة و الرجولة لا تمنحك التطور العلمي، و لا النصر العسكري في عصر الحروب الحديثة المرتكزة على القوة التكنولوجية و ليس على الشجاعة الشخصية.
أي هي كرامتكم و رجولتكم و أنتم أكثر شعوب الأرض تخلفا و حكوماتكم تذيقكم أمَّر أنواع الإهانة و الإذلال؟، أي هي الكرامة هنا؟، أي هي العزة و الرجولة في شعوب امتهنت التملق و النفاق و الكذب كجزء من حياتها، شعوب تعيش عيشة فارغة من أي معنى، لا إنجازات و لا ابتكارات و لا شيء سوى التفاخر الأعمى المبني على الوهم و الخرافة، و إساءة استغلال كل ما تقع عليه يدها من إنجازات الحضارات الأخرى.
تسخرون من الحضارة الغربية و أنتم تعيشون في نعيمها، و هو لعمرى قمة نكران الجميل. فكل عربي يؤمن إيمانا يقينيا أنه أفضل من الغرب ولو فعلوا ما فعلوا من أجل الحضارة الإنسانية لمجرد أنه عربي!. على أية أساس تم بناء هذه النظرة المتخلفة؟، العربي الذي لم يقدم شيئا للإنسانية و لأمته و يعيش على المعونات الأجنبية يعتبر نفسه أفضل من الدول التي بفضلها يعيش حياة عصرية مريحه، ولولاها لكان لايزال مشردا في الصحارى العربية، يتنقل من بئر إلى بئر.
لاحظت أن طرق التفكير هذه منتشرة بكثرة في عقول الجزائريين، الذين يؤمنون بأن دولتهم هي الأقوى في العالم، و المغاربة الذين يقولون أن شعبهم الأذكى في العالم، و الأردنيين الذين يقولون أنهم الأرجل في العالم، و المصريون الذين يقولون أنهم الأفضل في العالم بلا منازع و كافة الدول العربية الأخرى التي هي الأفضل و الأقوى و الأذكى، بينما كل ما قدمته هذه الدول هو التخلف في أبشع صوره. فدولة مثل الجزائر تعيش على النفط الذي تسحبه و تبيعه شركات أجنبيه و يعتبر مصدر دخلها الرئيسي و الميزانية تعتمد عليه تماما، على الرغم من أن النفط ليس إنجازا، بل هو مورد طبيعي و لا يد للبشر في وجوده أو صناعته. و هذه الدولة القوية التي تعيش على استيراد كل شيء ( من الأحذية إلى الحبوب) بل و تستورد أشياء، بإمكانها أن تزرعها لو شعبها الكسول محب النوم، و لا تصنع شيئا سوى الحليب و البسكويت الذي لا يثق فيه الجزائريون حتى و يفضلون شراء المستورد، أضف إلى أن كل أسلحتها مستوردة من روسيا و الولايات المتحدة، التي بالطبع لن تبيع لك خيرة سلاحها، بل كل ما أوشك على الصدأ و أصبح عديم مفعول، و نحن نعتقد أننا نشتري ترسانة حقيقيه، بينما طائره أمريكية حديثه قادره على تدمير أسطول من طائراتنا الصدئة في وقت قياسي.
كان ذلك بالنسبة للجزائر، بالنسبة للمغرب و المغاربة مثلا، بلدهم يعيش على أسوأ أنواع السياحة، بالإضافة إلى أنني لا أدري أين أقيمت هذه المسابقة و التي منحوا فيها جائزة “أذكى شعوب العالم” التي أسمعها دوما من أصدقائي المغاربة، من أنتم لتقولوا عبارة لم يقلها اليابانيون أو الأمريكيون أصحاب الحضارات و الإنجازات؟. لستم شعبا ذكيا على الإطلاق، و لو كنتم فعلا شعبا ذكيا، لسمعتم ذلك من شعوب العالم الأخرى، لا أن تمدحوا أنفسكم و تقولوه عن أنفسكم، و يؤسفني أن أعلمكم أنكم لستم سوى دولة عربيه كبقية الدول العربية الأخرى التي تسبح في بحور الجهل و التخلف.
لا أريد أن أتحدث عن الدول العربية دولة دولة لأن ذلك سيستغرق سنوات مع ثروة الكلمات و الادعاءات الفارغة التي نملكها، و لكن المفاهيم السابقة منتشرة فيها كلها دون استثناء، فكلهم أقوياء، أذكياء، جبابره، و خارقين للعادة. بينما هم على أرض الواقع ليسوا سوى أصفارا مثل الصفر الذي اخترعوه و ناموا بجواره. و الغريب أنهم لا يحبون مثل هذا الكلام الذي يتحدث عن عيوبهم و حقيقتهم دون مداراة أو نفاق، و يكرهون صاحبه الذي لابد أنه ” يعمل وفقا لأجندات خارجيه”، بينما من يكذب عليهم و يخبرهم أنهم الأفضل، فهو “إنسان وطني”!.
لا يمكن لأحد أن يزايد على مواطنتي و انتمائي، و انتقادي لهذه الأمه هو من أجل أن أكشف لها أنها تعيش في وهم كبير للغاية، تعيش أكذوبة كبيره بناها رجال الدين و السياسيون، أكذوبة ” نحن الأفضل ولو نمنا الدهر بأكمله” و ما شابهها من العبارات العاطفية التي لا تعدوا كونها تضليلا لأمة فاقدة للأمل و روح العمل. ولو لم أكن أهتم بتحسين أوضاعها، لانضممت إلى صفوف الغوغاء المصفقين المهللين، و لتذهب الأمه للجحيم.
في ختام المقال، أريد أن ألخص لكم حقيقة العرب هذه الأيام في كلمات لن أغلفها بأي مجاملات، لأنه إن لم نشخص أمراضنا بشكل واضح و دقيق، لن نتمكن من علاجها أو تغيير شيء:
( الأمة العربية هي أكثر الأمم تخلفا في العصر الحديث على الإطلاق، و شعوبها تعيش في الأكاذيب معتقدة أنها الأفضل لمجرد أنها تعتبر نفسها كذلك بسب حالة الوهم التي هي فيها، تلك الحالة التي تجعل العرب يتفاخرون بأشياء هي ليست فيهم، و يعتبرون أنفسهم الأفضل، بينما هم في ذيل الترتيب الإنساني، و الكثير من العرب فقدوا حتى الصفات الإنسانية و انحدروا إلى المستوى الحيواني بأخلاقهم الرديئة و تفكيرهم الدموي.
يعشق العرب إلقاء اللوم في تخلفهم على الآخرين، فسبب تخلفنا هو القوى الغربية و الولايات المتحدة و إسرائيل و الماسونية و العلمانية و الليبرالية و الشيوعية و الماركسية و الصهيونية و..و..و..، و كأن هذه الدول و المنظمات منعتنا أن نكون ذوي أخلاق حسنة بيننا البين، و تسهر على جعلنا فوضويين. وهو لا يعدو كونه مبررا لحبنا للفوضى و انعدام الأخلاق في مجتمعاتنا، مبرر يلقى الترحيب و التصديق متى تم الاستعانة به، و كل من يقول غير ذلك، هو عميل للدول و المنظمات السالفة الذكر!!!.
لا شيء يمنعكم من التطور و التقدم سوى غباؤكم و حبكم للتخلف و انحطاطكم الأخلاقي، و كلها أشياء يمكنكم أن تغيروها بأنفسكم عن طريق العلم و العمل فقط. عدا ذلك، أنتم في الحضيض و ستبقون في الحضيض ما استمررتم في ترديد العبارات الخالية من المعنى إياها.) انتهى التشخيص، و بالطبع لن يبدأ العلاج، لأن المرضى غير معترفين بوجود المرض أساسا.
#عمر_دخان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسطوره
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|