|
أي تنميـــة لفلســطيــن ؟ الواقـــع والآفـــاق
غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 1010 - 2004 / 11 / 7 - 07:15
المحور:
القضية الفلسطينية
تشرين أول 2004 غــزة-فلسطين المحتــــــــــــــــــــــــويات تمهيد أي تنمية لفلسطين … ولماذا التنمية ؟ - المحور الأول : امكانات وآفاق التنمية -المحور الثاني : - التوجهات المستقبلية للتنمية أهداف وشروط وآليات وأولويات العملية التنموية - المحور الثالث - هدف التنمية - شروط التنمية - الآليات التنموية العامة - الآليات التنموية المباشرة - الأولويات التنموية أفكار أولية مقترحة حول الاستراتيجية الاقتصادية التنموية الفلسطينية المحور الرابع تمهيد سأتناول هذه الدراسة بمدخل قد يبدو بعيدا ، عن عنوانها، لكني اندفعت في كتابتي لهذا المدخل لما يحمله من دلالات أو دروس وعبر من جانب، ولما يتضمنه من إشارات أولية حول ارتباط عملية التنمية بكل من ظاهرة التخلف والتبعية من جانب آخر. يقول المفكر الراحل د.رمزي زكي "لما كان التقدم والنمو هو نقيض التخلف والركود، وأن التنمية هي العملية التي يتم على أساسها التحول من هذا النقيض الى ذلك النقيض، فإنه لن يتسنى للمرء إذن أن يدرك المحتوى السليم الذي تنطوي عليه عملية "التنمية" إلا إذا فهم أولا ما تنطوي عليه عملية "التخلف"[1]. إن هذه الرؤية تكتسب أهمية محورية خاصة، على أساس أن التخلف في بلادنا العربية، وبلدان الأطراف عموما، لم يكن حالة أبدية تتسم بها هذه البلاد دون غيرها، ومن هنا لا بد من إثارة السؤال الأساسي: لماذا تخلفنا؟ ولماذا تقدم غيرنا؟ لعل في الإجابة على هذا السؤال ما يدفع نحو وضوح الرؤية والتحليل من ناحية ، والبحث عن الرؤى أو الأيديولوجيات والآليات النقيضة التي لا تتوقف عند إزاحة التخلف فحسب، بل تدفع – عبر رؤية عربية – صوب كسر علاقة التبعية التي باتت اليوم أحد أهم منابع التخلف والركود في بلادنا، وهي علاقة تحولت الى حالة من الاحتواء الاقتصادي والسياسي على الصعيد العربي الرسمي تتجاور وتتوافق مع جوهر الوجود الصهيوني في فلسطين الذي يتجسد دوره اليوم في خدمة المشروع الإمبريالي باعتباره جزءاً عضوياً في مكونات النظام الإمبريالي الرأسمالي وليس مشروعا دينياً توراتياً باي حال من الأحوال، إلا بما يخدم أغراض النظام الرأسمالي المعولم الراهن في إعاقة تطور بلدان الوطن العربي ، وتجديد تخلفها وتعريضها لمزيد من الخضوع والتفكك كما يجري اليوم في العراق والسودان وغيرها من بلدان المغرب والمشرق العربي جنباً الى جنب مع تراجع مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة ووصولها الى ما يشبه الأفق المسدود في ظل التوحد العضوي للمصالح الإمبريالية/ الصهيونية ، بحيث تحولت إسرائيل في ظل العولمة الأمريكية الراهنة الى القوة العسكرية المهيمنة الوحيدة في منطقتنا ، الى جانب قوتها الاقتصادية وتقدمها الصناعي والتكنولوجي بما دفع بالإستراتيجية الصهيونية الى الكشف الصريح عن كل أبعادها ومراميها الكامنة في الرفض الصريح لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والهبوط بمشروع الحكم الذاتي الموسع كما ورد في اتفاقات أوسلو ، الى حكم إداري ذاتي ضيق على مساحة قطاع غزة وجزء من الضفة الفلسطينية . إن هذا المآل الذي وصلنا إليه في سياق الصراع يكشف بوضوح صارخ، أوهام الحل السياسي المشوه الذي فرضته اتفاقات كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة وما بعدها الى خارطة الطريق والانسحاب المزعوم أو إعادة الانتشار من قطاع غزة وبعض المدن الفلسطينية في الضفة من ناحية ، بمثل ما يكشف بوضوح أقوى، خطيئة القرار الفلسطيني المستقل وأوهامه وسرابه من ناحية ثانية ، الأمر الذي يطرح مجدداً " إعادة البحث في المشروع الصهيوني من حيث طبيعته وعلاقته بالرأسمالية العالمية، بما يوضح أن فلسطين ليست الهدف النهائي انطلاقاً من الزعم "التوراتي " من أنها أرض الميعاد أو أرض بني إسرائيل"، وإنما هي المدخل صوب السيطرة على الوطن العربي عموماً، وعلى النفط والمواد الخام خصوصاً، هنا " نشير الى أن المسالة الفلسطينية هي- من هذه الزاوية- مسألة عربية، وإن الوجود الصهيوني مؤسس لكي يكون معنياً بالوضع العربي، وفلسطين هي القاعدة أو المرتكز، الأمر الذي يجعل الحل محدد في الإطار العربي"[2] على أن الخطوة الأولى صوب هذا الحل تتطلب كسر هذه العلاقة القائمة على التبعية والاحتواء، باعتبارها المدخل السياسي الوطني والقومي معاً، الذي يفسح المجال لولادة العوامل الدينامية الداخلية لعملية التنمية الاقتصادية المستقلة الهادفة الى استكمال مقاومة وإلغاء سيطرة واستغلال النظام الإمبريالي الرأسمالي على مقدراتنا وثرواتنا ومواردنا، والعمل على إلغاء كافة المعوقات الداخلية والخارجية لعملية تطور مجتمعاتنا صوب التنوير العقلاني والحداثة والتقدم التكنولوجي في الصناعة والزراعة وكافة القطاعات الاقتصادية من أجل رفع مستوى المعيشة لجماهيرنا الشعبية العربية، وبمشاركتها الفعالة من جهة ، وتوجيه العملية الاقتصادية نحو الداخل في خدمة احتياجات السوق المحلي عبر التخطيط والتنظيم وبرامج الاستثمار التي تستهدف –بالدرجة الأولى- إشباع الحاجات الأساسية لهذه الجماهير (من الغذاء والكساء والمسكن والتعليم والصحة) من جهة ثانية، وهذا يعني بالضرورة ، تطبيق مبدأ المشاركة الشعبية ليس كشعار سياسي عام، بل موقف عملي يقوم على "التجنيد الفعلي لكافة الطاقات البشرية في مختلف القطاعات والأنماط الإنتاجية وذلك من خلال خلق فرص للعمالة والاستثمار تتسع بدرجة كبيرة لتشمل كل هذه القطاعات ، وكذلك خلق الاطر المؤسسية التي تكفل مشاركة القاعدة الشعبية في وضع خطة التنمية ومتابعة تنفيذها"[3] كمرحلة انتقالية صوب الاشتراكية كخيار وحيد للتحرر القومي الديمقراطي العربي. - المحور الأول: أي تنمية لفلسطين؟ ...... ولماذا التنمية ؟ إن التنمية التي نتحدث عنها ، هي تنمية نقيضة لمفاهيم الاقتصاد الرأسمالي وآلياته، خاصة في بلادنا وبلدان العالم الثالث التي لن تتمكن من الخروج من مأزقها الراهن وأزماتها المتراكمة وفق منهجية وآليات الليبرالية الجديدة أو النظام الرأسمالي، الذي بدوره لن يسمح لهذه البلدان بأي شكل من أشكال التطور الا في ظل بقاء هذه البلدان أسيرة وتابعة للنظام الرأسمالي وخاضعة لشروطه. وفي هذا السياق ،فإن من المفيد مراجعة تاريخ تطور بلدان العالم الثالث والبلدان العربية، في مرحلة الستينات من القرن العشرين أو ما كان يسمى آنذاك بمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية – لأخذ العبر والدروس - ، حيث شهدت تلك البلدان تجربة غير اعتيادية في مجال التنمية والتطور الصناعي والزراعي، أثمرت تقدما في العديد من القطاعات الإنتاجية والاجتماعية، إلا أن هذا التقدم، أو الإنجاز المتحقق، اتسم بطابعه الكمي والأحادي المرتبط في قراره ومساره بالقيادة الوطنية آنذاك، وطابعها الفردي المركزي شبه المطلق من ناحية ، وبالرؤية الوسطية الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية لهذه القيادة، التي عجزت عن الوصول الى الجماهير الشعبية والاعتماد عليها كقاعدة أساسية لنظامها، نظرا لفشلها في بناء مأسسة الأطر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من ناحية، وفشلها في بناء الحزب الطليعي المعبر عن مصالح تلك الجماهير، التي غاب دورها ولم يسمح لها بالمشاركة أو التعبير عن مصالحها من ناحية ثانية، وقد أدى ذلك الوضع الى إفساح المجال لتنامي الدور الانتهازي الطفيلي للشرائح العليا من البرجوازية الصغيرة والمتوسطة في إطار البيروقراطية الحاكمة وحلفائها ، واستفرادها في التحكم بكافة أجهزة الدولة ومؤسساتها ، الأمر الذي أدى الى انهيار منجزات "الثورة الوطنية الديمقراطية" فور غياب الزعيم او القائد الفرد. ولذلك لم يكن مستغربا انهيار تلك التجربة الوطنية والتنموية، بعد أن تعرضت لسلسلة من الأزمات السياسية والاقتصادية، كان من أهم نتائجها إعادة إنتاج علاقات التبعية مع بلدان النظام الرأسمالي، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وهي علاقات لم تنقطع تماما في المرحلة السابقة، الى جانب تفاقم الأزمات الاقتصادية الداخلية التي عبرت عن الفشل في استكمال مهام مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، الى جانب تفاقم تبعية هذه البلدان وانكشافها وضعف وتراجع اقتصادها وتراكم ديونها،، بعد انهيار قاعدتها الإنتاجية في القطاع العام بالذات، لحساب مصالح الشرائح الطبقية الطفيلية "الجديدة" المتنامية، البيروقراطية والكومبرادورية والعقارية وغيرها، الأمر الذي أدى الى فقدان هذه البلدان لقدراتها في السيطرة الكاملة على مواردها وثرواتها الطبيعية والاقتصادية، واستفحال مظاهر الفساد والتضخم والغلاء والإفقار للسواد الأعظم من سكانها عموماً، والطبقات والشرائح الفقيرة الكادحة والمضطهدة خصوصاً ، وبالتالي البروز الحاد لمأزق التنمية فيها، معلنا بوضوح ان لا امكانية للخروج من هذا المأزق الا وفق منهجية وبرنامج وأيديولوجية نقيضة لمنهجية النظام الرأسمالي وبرنامجه وأيديولوجيته، ونقصد بذلك النظام الاشتراكي الذي لا تملك شعوبنا ، وشعوب العالم الثالث، خيارا آخر سواه. بهذا المدخل يمكن أن نتناول واقع وآفاق التنمية في فلسطين، بسؤال أي تنمية لفلسطين؟ وهو سؤال تفرضه علينا ظروفنا الراهنة في الصراع والتناقض التناحري مع العدو الصهيوني من ناحية، والتناقضات السياسية المجتمعية الداخلية التي تدفع الى تغييب أو إزاحة المجتمع السياسي الفلسطيني لحساب المجتمع العصبوي أو العشائري، ولحساب أجهزة السلطة ورموزها في مناخ من الهبوط السياسي والأخلاقي والقيمي المرتبط بتزايد انتشار مظاهر التفكك والانهيار الداخلي.بكل ابعاده الأمنية والقانونية والمجتمعية، بما يجعل من الحديث عن التنمية المستقلة في هذه الظروف نوعاً من السخرية والوهم. المسالة الأخرى في هذا الجانب، إننا حينما نتحدث عن التنمية في فلسطين يتبادر إلى الذهن، المسافة الواسعة بين الإمكانات الضعيفة والمحدودة المتاحة للتنمية من ناحية و المعوقات المادية- الداخلية والخارجية خاصة الاحتلال- من ناحية ثانية، التي تحول دون تفعيل تلك الإمكانيات ، بدرجة يتبدى معها أن محاولة الإجابة عن السؤال المطروح كعنوان لهذه الورقة تظل تحمل طابعاً نظرياً لا يملك القدرة على التفاعل مع الواقع الراهن بسبب حجم التناقض بين الرؤية التي نتوخاها لواقع التنمية في فلسطين كجزء فعال في إطار مفهوم التنمية المستقلة العربية من جهة و بين العوامل السلبية الذاتية أو الداخلية و طريقة الأداء التي لا تنسجم في جوهرها مع تلك الرؤية و آلياتها المطلوبة في السياق الوطني و القومي العام من جهة أخرى ، دون إغفال دور العامل الخارجي المتمثل في العدوان الصهيوني الهمجي التدميري شبه اليومي لشعبنا ومقدراته، بأساليب فاقت بما لا يقاس أبشع أساليب الأنظمة العنصرية والفاشية النازية في العصر الحديث، وهو عامل معرقل بصورة رئيسة لعملية ربط التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الفلسطيني في إطاره العربي ، من خلال حرص دولة العدو الإسرائيلي على إبقاء الاقتصاد الفلسطيني أسيراً وخاضعاً لمقتضيات وشروط وآليات الاقتصاد الإسرائيلي . على إننا في موازاة هذه الصورة القاتمة ، لا يجب أن نقفز عن أسباب وعوامل داخلية أخرى أفسحت المجال- بهذه الدرجة أو تلك- الى تراكم هذه الأحوال أو النتائج ، وفي المقدمة منها ، ضعف وتقاعس دور قوى المعارضة اليسارية والديمقراطية في فلسطين، وهشاشتها وعجزها عن تقديم ونشر البرنامج الاقتصادي التنموي البديل بين جماهيرها من جهة الى جانب عجزها عن استنباط الرؤية الاستراتيجية السياسية الواضحة المستندة الى كون الصراع هو صراع عربي – صهيوني بالأساس ، الأمر الذي أدى الى مزيد من تراجع امكانات وقدرات هذه القوى في فضح ومواجهة ، ومن ثم طرح البديل الشعبي المطلوب ، عبر الرؤية النقدية والتغييرية الشاملة لواقعنا ، التي تقوم على أن التنمية بالنسبة لنا – كعرب في صراعنا مع المشروع الإمبريالي الصهيوني – هي جزء من رؤية اشتراكية نقيضة للنظام الإمبريالي ، وهي في جوهرها، جهد وطني اجتماعي كلي مؤسسي، يهدف إلى الارتقاء بالحياة الاجتماعية إلى مستويات أعلى عبر تطوير إنتاجية العمل و تجسيد إنتاج فائض مادي و ثقافي، و استخدامه بشكل إيجابي يؤدي إلى توسيع العملية الاقتصادية الاجتماعية، من أجل توفير افضل للحاجات البشرية ، وفق مبدأ الاعتماد الجماعي العربي على الذات الذي يعني ضرورة التعبئة الرشيدة و القصوى لكل الموارد الاقتصادية و البشرية و المالية و توجيهها في خدمة التنمية ، و أن يكون التعاون مع العالم الخارجي منطلقاً من استراتيجية التوجه الداخلي التي تعتمد على السوق المحلي الفلسطيني و العربي ، و أن تصاغ أهداف العملية التنموية لتتناسب مع متطلبات هذه الاستراتيجية التي تضمن تأمين شروط السيطرة على مواردنا وثرواتنا الطبيعية ، والسيطرة على أسواقنا وحماية منتجاتنا ، وامتلاكنا لآليات التطور الصناعي و التكنولوجي كمدخل أساسي في عملية التنمية المنشودة . و في هذا السياق فإن التنمية الهادفة إلى إشباع الحاجات الأساسية للأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا ( الطبقات و الشرائح الفقيرة ) وتقدمها وتطوير إنتاجيتها ، لا بد و أن تستند إلى المشاركة الشعبية الفاعلة في المؤسسات الديمقراطية ، كضمانة وحيدة لعملية التجنيد الطوعي لكافة الطاقات البشرية في مختلف القطاعات الإنتاجية و غيرها ، للقيام بأعباء التنمية الوطنية في إطارها القومي ، و ما تتطلبه من معاناة و تضحيات في بداياتها الأولى تعزيزاً لمبدأ الالتزام المشروط بعلاقة جدلية صاعدة نحو آمال واقعية صوب العدالة الاجتماعية بآفاقها الاشتراكية ، هذا الالتزام الجماهيري الطوعي لن يتحقق بدون أن يترافق مع تحقيق مبدأ المشاركة الديمقراطية، الذي يضمن ترسيخ وعي الجماهير بأن عملها وإنتاجها يصب في خدمة مستقبلها ومستقبل أبنائها ، بما يدفع ويحمي التراكم الإيجابي سواء في الأداء السياسي الاجتماعي أولاً، أو في أداء و تطوير القطاعات الإنتاجية و ارتفاع معدلات النمو بشكل متدرج ثانياً، و بما يكفل خلق المقومات المطلوبة لبناء القاعدة المادية للإنتاج والنهوض والتقدم الاقتصادي والمجتمعي في الإطار القومي الديمقراطي العربي ثالثاً بهذا المعنى فإن التنمية المطلوبة لفلسطين بالترابط الوثيق مع الرؤية الاستراتيجية العربية تشكل مشروعاً أو حدثاً تاريخياً ينتمي إلى اللحظة / الحاضر ، تفرضه احتياجات القوى الشعبية كأساس لمستقبلها ، يصيب مختلف الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية و السياسية في مجتمعنا ، و يحمل في طياته متغيرات نوعية لكل أشكال هذه الأطر و محتواها . إنها ليست فقط عملية شمولية لكل جوانب الحياة – كما أسلفنا – بل هي تقترب من كونها عملية تبادلية ذاتية ، هدفها الجماهير ، و أدواتها المشاركة الجماهيرية في إطار الاستراتيجية الوطنية والقومية التحررية والديمقراطية التقدمية باعتبارها الحاضنة التي تتسع لخيارات التنمية المتعارف عليها في بناء القدرات البشرية و تحسين مستويات المعيشة و الصحة و المعرفة و العلم و المهارات ، كما تتسع لضرورات التناقض الرئيسي مع العدو الإسرائيلي ، و ما تفرضه تلك الضرورات من ترابط مفهوم التنمية و تطبيقاتها مع هدف التحرر الوطني و الاستقلال و السيادة كجزء من أهم أهداف التحرر القومي العربي المعاصر ، إذ أن تحقيق هذا الهدف هو في حد ذاته أحد اهم أولويات تلك الاستراتيجية. من هنا فإن استمرار حديثنا عن التنمية في ظل الاحتلال و اتفاقاته من جهة و استفحال مظاهر التردي و الفساد الاجتماعي / الاقتصادي الداخلي –في بلادنا كما في بلدان النظام العربي كله - من جهة ثانية ، سيجعل من مفهوم التنمية كائناً غريباً مشوهاً للشخصية الوطنية ، قد يؤدي – في ظل استمرار المظاهر السالبة و تراكمها – إلى حالة من اليأس تنذر بفقدان شعوبنا العربية لمقومات وعيها الوطني وهويتها مقدمة لفقدان وعيها وانتمائها القومي ، خاصة و أن الفئات الفقيرة – الأغلبية الساحقة في بلادنا العربية عموماً – هي أداة التنمية و التحرر و هدفهما في آن واحد ، تنمو و تتزايد ، لا كنتيجة لأسباب خارجية، التحالف الصهيوني/الامبريالي الأمريكي، فحسب ، و لكن كنتيجة للعديد من الممارسات على الصعيد الداخلي في نظام السلطة الفلسطينية كما في النظام العربي ، بحيث بات الفقر في كل بلداننا أكثر من حرمان مادي ، انه فقر في المشاركة ، و فقر في القيم ، و فقر ثقافي ، و فقر في العلاقات الاجتماعية، وهو أيضا فقر في الانتماء الوطني والقومي بحيث بات الميت في هذه المجتمعات أقوى من الحي، مما أدى موضوعياً إلى زيادة مساحة و نوعية و حجم التدهور السياسي والانحطاط الاجتماعي و الاقتصادي في مجمل بلدان النظام العربي الراهن عموماً ، وفي فلسطين خصوصاً، عبر قراءتنا لمؤشرات التراجع العام في المجتمع الفلسطيني خلال العشر سنوات الماضية التي لا تختلف في معظمها مع المؤشرات والعوامل السائدة في البلدان العربية : 1-غياب الاستراتيجية الوطنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية الواضحة لانتفاضة شعبنا، بالرغم من دخولنا في العام الخامس لهذه الانتفاضة، وما زلنا أسرى للفردية في الحكم واستمرار تراكم مظاهر الفوضى والفساد وغياب سيادة القانون، الى جانب تغييب الأهداف الوطنية وثوابتها لحساب المصالح الأنانية والشرائح البيروقراطية الطفيلية التي استشرت في نظام السلطة وفي المجتمع في آن واحد. 2-انتشار وتعميق مظاهر الفساد والخلل في مناخ أو وسط اجتماعي تسوده وتتراكم فيه عوامل التخلف والانحطاط والقلق والإحباط والخوف في ظل العديد من المؤشرات الاجتماعية الدالة على عمق الانفصام بين السلطة والشعب. 3- " تدهور مستويات المعيشة و تراجع الناتج المحلي و القومي الإجمالي ، و تضاؤل القدرة الاستيعابية و التشغيلية للاقتصاد الفلسطيني ، إلى جانب الغلاء و ارتفاع التضخم . 4- " البروز الحاد في مظاهر الإنفاق الاستهلاكي على حساب الإنفاق الاستثماري في كافة مجالات التنمية ، و تفاقم البطالة و اتساع دائرة الفقر . و في هذا السياق فإن قراءتنا لمعدلات و أنماط الاستهلاك للسلع الأساسية تشير بوضوح إلى الفارق الكبير بين مجموع الفقراء عند مستوى خط الفقر وما هم دونه الذين تتجاوز نسبتهم 70 % من مجموع السكان في الضفة و القطاع ، و بين غير الفقراء ، فقد بلغ معدل استهلاك الفرد من فئة الفقراء ( 42 دولار ) شهرياً بينما بلغ هذا المعدل ( 90 دولار ) لغير الفقراء حسب بيانات تقرير التنمية البشرية للعام 2002. 5- استمرار التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، و ما يعنيه ذلك من إخضاع الاقتصاد الفلسطيني لمقتضيات المسار الاقتصادي الإسرائيلي المسيطر، مما أدى – و ما زال – إلى إعاقة و تهميش عملية التنمية ، و ساهم في تكريس النهج السالب في الأداء العام ، بحيث أصبحت " العملية التنموية " المحدودة الحالية لا تعدو كونها تنمية راكدة و رثّة ، لا تملك وضوحاً في الهدف البعيد ، أو في ماهية المناخ الداخلي الذي يحدد مسارها، وهو مناخ باتت تختلط فيه كل العناوين في لوحة فسيفسائية مشوهة تجمع بين القطاع الخاص و العام و الاحتكارات دون أية ضـوابط أو حدود، و في هذا السيـاق، فإن دور المنظمـات غير الحكوميـة " التنموي " لا يبتعد في جوهره عن مفهوم التبعية و إطارها الدولي الواسع ، وفق برامج وتوجهات أو شروط المنظمات أو الحكومات الغربية الممولة. 6- أما فيما يتعلق بعملية التنمية في حد ذاتها، فإن الواقع الحالي يشير إلى غياب استراتيجية البناء و التراكم المستقبلي، حتى ضمن الإمكانات المحدودة المتاحة لشعبنا وضمن ضرورات الصمود التي تفرضها الانتفاضة في مواجهة غطرسة العدو الصهيوني وتدميره اليومي لمقدرات شعبنا. و من الواضح أن التوجه المركزي نحو مفهوم الاستهلاك المباشر –المستمر حتى اللحظة- قد شكل عائقاً نحو تفعيل الرؤية الوطنية المستقبلية أو الاستراتيجية المطلوبة ، عدا عن أن الممارسات السالبة بكل مظاهرها دفعت إلى تغييب مفهوم " الدافعية " أو الحافز الإيجابي ، و بروز المفاهيم و القيم المضادة في أوساط الجماهير كاللامبالاة و الكمون و الميل نحو الاستسلام، جنباً الى جنب مع قيم الانتهازية والأنانية والمصالح الشخصية والمحسوبيات المحور الثاني:إمكانيــات وآفاق التنميـــة إن مؤشرات وعوامل التراجع الاقتصادي، ومظاهر الخلل وشبه الانفلاش في النظام العام، الى جانب استمرار الاحتلال وهجماته العدوانية شبه اليومية على مقدرات شعبنا، تجعل من الحديث عن تطبيقات فعالة للبرامج التنموية في فلسطين أمراً بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً، ناهيك عن دور الاحتلال كعامل رئيسي في عرقلة العملية التنموية المنشودة ، ولكن، بالرغم من كل هذه العوامل و العقبات، الداخلية والخارجية، المسيطرة على واقعنا في هذه المرحلة، إلا أن هذا الواقع – رغم شدة سوداويته في المدى المنظور - لا يبرر لنا إغفال الإمكانات المتواضعة المتاحة والكامنة في البنية الاقتصادية والمجتمعية الفلسطينية ، وتحديداً في مواردنا البشرية والمادية على محدوديتها ، بما يفرض علينا بداية ، رغم شدة الصراع مع العدو، ان نتصدى لعوامل الخلل والفساد الداخلي وإزاحتها لحساب النظام وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وتكافؤ الفرص، وان نعمل على تجسيد الخطط الاقتصادية الكفيلة باستغلال كل إمكاناتنا بصورة منهجية ومبرمجة بما يخدم صمودنا ومقاومتنا حتى تحقيق اهدافنا في الحرية والاستقلال، خاصة وان هذه الامكانات المتوفرة في القدرات المتواضعة والنسبية في بنية الاقتصاد الفلسطيني يمكن ان تقدم لنا من حيث المبدأ -وبالاستناد الى خطة وطنية تنموية- جانبا من القدرة على النمو استناداً إلى قاعدة الموارد البشرية ذات النوعية العالية في المهارات المهنية و التكنولوجية و التجارية الى جانب الموارد الطبيعية الداخلية المتواضعة، شرط حصرها وبرمجة الاستفادة منها واستغلالها عبر تحفيز وتشجيع رأس المال الخاص – في الوطن والشتات - الذي يتوفر لديه الاستعداد للاستثمار ضمن شروط الخطة التنموية الوطنية . وفي هذا السياق لابد ان نشير الى أن تفعيل وتطوير هذه المقومات أو الإمكانات الضعيفة، مرهون بدرجة عالية بتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة، والمشاركة الشعبية وفق برنامج وطني ديمقراطي تتداخل فيه المستويات البنيوية ( الهيكلية ) ، كالمستوى السياسي ، والمستوى الايديولوجي ، والمستوى الاقتصادي ، ودور الدولة في بلورة الخطة الاقتصادية الوطنية، عبر التخطيط المركزي واللامركزي الذي يكفل تنظيم العلاقة بين القطاعين العام و الخاص من ناحية، وكافة القطاعات الإنتاجية من ناحية ثانية، وفق قواعد تكفل مصالح الجماهير الشعبية الفقيرة، التي تتعرض لأشكال بشعة من عملية الاستغلال والاضطهاد والإفقار في ظروف العولمة الرأسمالية الراهنة ، تفوق في بشاعتها كل أشكال وممارسات الاستغلال الرأسمالي السابق . على أن تحقيق هذا التوجه/ الهدف، مرهون بوعينا لمخاطر نظام العولمة الإمبريالي / الصهيوني على منطقتنا العربية والإقليمية، وهي مخاطر ناتجة من حرص هذا النظام المتوحش على استمرار احتكاره لثروات هذه المنطقة وأسواقها ومقدراتها من جهة واستمرار خضوعها وتبعيتها من جهة ثانية، بما يفسح المجال والفرص في توليد وتجديد وتراكم شرائح رأس المال الكومبرادوري والطفيلي وتحالفها مع الطغم البيروقراطية الحاكمة وتعزيز هيمنتها وسطوتها على الصعيد الداخلي، ليس في نظام الحكم فحسب، وإنما على النظام السياسي الاقتصادي كله، وبالتالي فإن مقاومة الشروط والآثار الضارة لنظام العولمة الرأسمالي، وكسر التبعية والخروج من حالة التخلف الراهن، هما الشرطان الرئيسيان للتغيير، وتجاوز وإلغاء دور التحالف الطبقي الحاكم من جهة وإلغاء العلاقات الرأسمالية المشوهة وبقايا العلاقات القديمة من جهة أخرى ، ذلك هو الخيار الوحيد المتاح لتطبيق مفاهيم وأسس البديل الاقتصادي ـ السياسي ـ الاجتماعي بآفاقه الاشتراكية الذي يضمن تحقيق تطلعات ومصالح الجماهير الشعبية الواسعة من ناحية ويشكل نقيضا جوهريا وأساسيا لهيمنة التحالف الرأسمالي ـ الصهيوني في بلادنا من ناحية ثانية. إذ انه في هذه النقلة التغييرية الثورية، تكتمل وتتفاعل كافة شروط التنمية المستقلة الوطنية والقومية، بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية على قاعدة المشاركة الشعبية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ، وبالتالي فإن المسألة الأساسية الأولى على جدول أعمال البديل الديموقراطي التنموي في فلسطين أو على الصعيد القومي العام، هي مسألة كسر نظام الإلحاق أو التبعية الراهن صوب الاستقلال الفعلي السياسي والاقتصادي والتنمية المستقلة الهادفة إلى خلق علاقات إنتاج جديدة ورفع معدل إنتاجية العمل ، إذ أن هذا الشرط ـ كما يقول المفكر العربي إسماعيل صبري عبدالله ـ "هو نقطة البداية ، أو المقياس الأشمل والأكمل لأداء الاقتصاد القومي، على أن هذه الانتاجية ترتبط بمفهوم الدافعية كمبدأ رئيس في عملية التنمية ، إذ أن المواطنين الأحرار الذين يعرفون أن بالامكان تغيير الحاكم أو الرئيس من خلال الديموقراطية، يعرفون بأن ثمار جهودهم تعود عليهم وعلى أولادهم بالمنفعة وأن أحدا لن يستطيع سلب حقوقهم ". عبر هذه المقومات، يمكن ان تتعزز لدى مجتمعنا الفلسطيني القدرة بكل ابعادها السياسية والاقتصادية والمجتمعية– و في حدود معينة – على مواجهة التحديات التنموية ، و تحديات الاستخدام و التشغيل و الموارد المحدودة من جهة ، وقبل كل ذلك توفير مقومات الصمود والتحدي لعدوانية المحتل الصهيوني وطرده من بلادنا من جهة اخرى، و كل ذلك بالطبع مرهون بالبدء بعملية التغيير الديمقراطي للأوضاع الحالية وصولاً إلى دينامية جديدة تحكمها الشفافية و سيادة القانون والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص كمقومات أساسية لصمودنا واستقلالنا. التوجهات المستقبلية للتنمية : نصطدم –عبر هذا العنوان- بثنائية متناقضة ، الوجه الأول لهذه الثنائية تتفاعل في إطاره ثلاثة معوقات تعرقل كل منها نمو الفرص الاحتمالية المتاحة للانطلاق بالتنمية الفلسطينية ، و هي : 1. الاحتلال أو المعوقات الإسرائيلية التي تحول دون امتلاك مجتمعنا للقدرة على اتخاذ القرارات الاقتصادية و السياسية بسبب محدودية امتلاكها للقرار و القيود المفروضة علينا سواء تلك الناتجة عن نصوص الاتفاقات السياسية و الاقتصادية المعقودة مع العدو الإسرائيلي، أو بسبب الحصار والاغلاقات والأطواق والاعتداءات العسكرية التي يمارسها العدو المحتل بصورة متواصلة منذ أربع سنوات على بداية الانتفاضة الى يومنا هذا، حيث يفرض العدو الاسرائيلي حصارا جماعيا على 3.8مليون نسمة مجموع أبناء شعبنا في الضفة والقطاع ويحصرهم داخل المعازل والحواجز الجغرافية والديمغرافية المنتشرة بين مدننا وقرانا ومخيماتنا ، الى جانب قيام المحتل الاسرائيلي ببناء ما يسمى بالجدار الفاصل الذي يجري انشاؤه منذ اكثر من عامين تطبيقا لسياسة التوسع الصهيوني الذي يخطط لضم المزيد من الاراضي الفلسطينية ، حيث تقدر مساحة الأرض التي تخطاها الجدار داخل أراضي الضفة الغربية بما يزيد على 30% من مساحتها كل ذلك إلى جانب الاستمرار في إقامة المستوطنات ، و بقاء الفصل التعسفي الجغرافي والاجتماعي و الاقتصادي بين الضفة و القطاع . 2. المعوقات الذاتية الفلسطينية الداخلية، التي باتت – في كثير من جوانبها – معروفة لقطاعات واسعة من أبناء شعبنا ، وخاصة في سنوات الانتفاضة الحالية، و أهمها غياب النظام العام و سيادة القانون و ضعف البناء المؤسسي و انتشار مظاهر الفساد المالي والإداري على جميع المستويات، مما أزاح إلى حد كبير المبادرات الاستثمارية الرأسمالية للقطاع الخاص الذي اقتصرت أعماله على المشاريع ذات الربحية السريعة، في العقارات والاستيراد دونما أي اهتمام ملموس بالقطاعات الإنتاجية في مقابل تزايد أصحاب ورموز الثروات غير المشروعة ،الطفيلية، على مستوى السلطة والمجتمع معا . 3. المعوقات الإقليمية والدولية: و هي تنحصر في تراجع الدعم العربي الرسمي عموماً عن تأييده الواضح والصريح لقضايانا العادلة والمشروعة في مواجهة المحتل الإسرائيلي من جهة وغياب الدعم الاقتصادي والاستثماري، وضعف الدعم المادي من جهة ثانية، ويرجع ذلك الى تعمق تبعية النظام العربي واحتواءه في إطار السياسة الأمريكية، بحيث بات يرى في القضية الفلسطينية عبئاً ثقيلاً عليه يسعى الى الخلاص منها بأي ثمن أما بالنسبة للموقف الأوروبي فقد اقتصر دعمه على المساعدات المالية ( عبر الدول المانحة ) وهي مساعدات لم تتجاوز ( في المتوسط ) 200-300 مليون دولار سنوياً لم تستطع تغطية 20% من الخسائر السنوية الناجمة عن التدمير الهمجي للآلة العسكرية الإسرائيلية لمقدراتنا، هذا وقد استمر الموقف السياسي الأوروبي عموماً أقرب الى الموقف الحيادي السلبي الناجم عن عجزه في مواجهة السياسة الأمريكية التي تتميز اليوم بعدائها الصريح لنضال وتقدم شعوبنا العربية عموماً ونضال شعبنا الفلسطيني في حق العودة وتقرير المصير والاستقلال خصوصاً . أما الوجه الثاني لهذه الثنائية المتناقضة الذي يمكن أن يمتلك القدرة على مواجهة هذه المعوقات من جهة ، و على التغيير النوعي عبر رؤية واضحة و أسلوب ديمقراطي صريح من جهة أخرى ، فهو : البديل الوطني الشعبي الديمقراطي باعتباره الخيار الوحيد الممكن الذي يمهد الطريق نحو الخطوة الأولى الضرورية لإنجاح عملية التنمية المنشودة لفلسطين بكل أبعادها الوطنية والقومية، و بما يخدم و يعزز المقومات اللازمة لاستكمال مهام البناء الداخلي الديمقراطي و التحرر الوطني كعمليتين مترابطتين و متداخلتين معاً في الحركة و المسار و الهدف،على أن يرتكز هذا البديل الديمقراطي على أسس وبرامج محددة تمهد وتدفع الى تحقيق متغيرات نوعية في فلسفة الحكم ومفاهيمه واسلوبه وأدواته، استناداً الى مصالح الجماهير الشعبية، عبر الإطار أو الحزب المعبر عن هذه المصالح، حيث بات من الواضح أنه لم يعد ممكناً التعويل على إحداث هذا التغيير النوعي الديمقراطي بكل شموليته من داخل الإطار الحالي للسلطة . و استناداً إلى ما تقدم يمكن الحديث عن الشــروط الأولية اللازمـــة لمنـــاخ التنمية كمقدمة أولية للبديل الشعبي الديمقراطي المطلوب : 1- الالتزام بتطبيق نظام دستوري ديمقراطي يتناول كافة جوانب الحياة في المجتمع الفلسطيني، إذ لا معنى للحديث عن التنمية البشرية دون نظام يؤكد صراحة على حقوق المواطنين في الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص. 2- إن فشل السياسات الاقتصادية للسلطة من ناحية وفشل القطاع الخاص الفلسطيني وعجزه عن الإسهام بدوره في المشاريع التنموية، من ناحية ثانية، يؤكد على فشل السياسة الليبرالية الاقتصادية أو سياسة اقتصاد السوق الحر، سواء بسبب المعوقات التي يفرضها بروتوكول باريس أو بسبب عوامل ومظاهر الخلل والفساد الداخلي، في القطاعين العام والخاص، الى جانب المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، التي تكرست في معظمها لخدمة المصالح والثروات الشخصية غير المشروعة لمعظم المستفيدين فيها بصورة فاضحة وغير مسبوقة. على أن فشل سياسات اقتصاد السوق الحر، لم يتحقق بسبب العوامل الذاتية الفلسطينية السالبة أو بروتوكول باريس فحسب، وانما كان له ومازال أسباباً أو افتراضات جوهرية غائبة، من أهمها افتراضان[4] أساسيان: أ?- افتراض وجود سوق ناضج، أي سوق منظم، تنافسي، فيه تدفق سلس للمعلومات، والواقع أن السوق الفلسطيني غير ناضج، فهو على درجة من الانقسام والتجزء، ويواجه عوائق كبيرة أمام انسياب المعلومات كما أن آليات هذا السوق، عاجزة أو غير راغبة في تصحيح اختلالاته ذاتياً، وعندما يغيب التخطيط، والسياسات الاقتصادية الواضحة من قبل السلطة، مع بروز عوامل الفساد بأنواعه- الصغير والكبير-، تتزايد عملية الانفلاش في السوق، وتنفلت آلياته، ويصعب- أو يستحيل- ضبطه، مما يدفع الى استفحال الأزمات المتمثلة في الغلاء المتوصل للأسعار والتضخم، والبطالة والركود... الخ. ب?- افتراض وجود طبقة رأسمالية كبيرة وجادة يمكن الاعتماد عليها في إنجاز التنمية، ويمكنها أن تتولى دوراً رئيساً فيها عندما تنسحب الدولة/ السلطة من الحياة الاقتصادية ، والواقع أن الرأسمالية الفلسطينية أو ما يطلق عليه القطاع الخاص ( وهذا الأخير- كما يؤكد د. العيسوي- خليط من الكيانات، وليس كله مما ينطبق عليه وصف الرأسمالية بالمعنى الدقيق ) ضعيفة التكوين لأسباب تاريخية، وهشة المقومات، وبها من السمات السلبية الشئ الكثير الذي لا يتوافق مع إنجاز متطلبات التنمية الجادة، فهي رأسمالية عازفة عن المخاطرة وتفضل الربح السريع من الأنشطة التجارية والطفيلية، وهي أيضاً رأسمالية مستهلكة، ضعيفة الميل للادخار، الى جانب أنها رأسمالية مقلدة وليست مبتكرة، كما أنها شديدة الارتباط بالخارج، فهي رأسمالية تابعة ومشوهة، وأخيراً" الرأسمالية الفلسطينية " تفتقر- كما هي الرأسمالية في البلدان العربية الى مشروع وطني لتنمية بلادها. فلا عجب إذن- كما يقول بحق د. العيسوي- أنه عندما تراجع دور الدولة، لاسيما في الإنتاج والاستثمار الإنتاجي، نشأ فراغ كبير ، لم يقدر القطاع الخاص على ملئه، وبقيت التنمية في انتظار من ينجزها. 3- بعد أن تبين بالتجربة، خلال السنوات السابقة، فشل نموذج اقتصاد السوق الحر في التنمية أو في أي جانب هام من جوانبها، وهو فشل متوقع، نظراً لتناقض مفهوم التنمية وغاياتها مع مفاهيم وغايات الرأسمالية عموماً والليبرالية الجديدة والسوق الحر المنفتح خصوصاً، الى جانب أن هذا الفشل يعود الى طبيعة المعطيات والمقومات الواقعية في اقتصاديات الدول الفقيرة المتخلفة عموماً، واقتصادنا الفلسطيني بوجه خاص، وبالتالي فإن هذا المآل الذي وصلنا إليه يقتضي أن نرفض آليات ومنهجية نموذج اقتصاد السوق الحر الذي ثبت فشله، والتحول الى نموذج يتوافق مع الظروف والخصائص المميزة للواقع الاقتصادي في فلسطين، وفي هذا الجانب يقترح د. إبراهيم العيسوي مجموعة من الأسس التي تشكل النموذج التنموي البديل صوب الإصلاح الاقتصادي الحقيقي، نذكر منها: أ- الأساس الأول للإصلاح القابل للاستمرار هو الاعتماد على النفس، والسعي لتخفيض درجة الاعتماد على الخارج، واعتبار أن أي عون خارجي هو عون مؤقت، وأنه ليس بديلاً للجهد الوطني. ب- الأساس الثاني للإصلاح والتنمية هو الانتقال بالمجتمع كله من حالة الاسترخاء التنموي الى حالة من الجدية التنموية التي يتجلى مظهرها الرئيسي في اعتبار التنمية معركة حقيقية ارتباطاً بضرورات الصمود والمقاومة والتحرر الوطني، يتعين علينا الانتصار فيها مهما كلفنا ذلك من تضحيات ومشاق، فلا سبيل لتنمية حقيقية بدون التقشف وبدون الزيادة الكبيرة في معدل الادخار المحلي، وهو ما يتطلب الإقلاع عن مظاهر الاستهلاك الترفي والسفيه المبدد للموارد في وقت نحتاج فيه الى حشد كل الموارد الممكنة لكسب معركة التنمية والتحرر الوطني. ج- الأساس الثالث هو اضطلاع السلطة الفلسطينية، بدور مهم في الإنتاج والاستثمار الإنتاجي بالإضافة الى تطبيق سياسة التوجيه عن بعد للقطاعات والأنشطة الاقتصادية في القطاع الخاص . د- التخطيط الجاد والشامل للسياسات الاقتصادية وأدواتها، باعتبار التخطيط هو صمام الأمان الأخير ضد فوضى السوق وانفلات الاقتصاد، الى جانب دوره في الحد من اندفاع القطاع الخاص في المجالات العقارية والتجارية، ويعزز أسس الحماية- في الحدود الممكنة- للسلع والمنتجات الوطنية، والإسهام في الحد من التضخم في الواردات التي زادت بصورة غير طبيعية من 1.2 مليار دولارعام 1993 الى3.7 مليار[5] دولار عام 1999 هبطت الى 2.4 مليار عام 2003 رغم ظروف الانتفاضة !! أي بمعدل زيادة 100% قياساً بعام 1993 ، ما جعل الميزان التجاري الفلسطيني يتعرض الى اختلال لا مثيل له في أكثر أنظمة بلدان العالم الثالث سوءاً، حيث بلغ معدل العجز في الميزان التجاري حوالي 1800 مليون دولار طوال الفترة من 1994-2003 ما يعادل 37.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر غير مقبول، عدا عن كونه مظهراً ساطعاً من مظاهر الفوضى والانفلاش الاقتصادي الضار من ناحية، وما تتضمنه هذه الواردات من سلع كمالية باذخة تزيد عن 30% من إجمالي الواردات من ناحية ثانية، بما يشكل عبئاً ثقيلاً على أي توجه تنموي داخلي، إذ أن استيراد المواد الاستهلاكية غير الضرورية، والإحجام عن استيراد الماكينات والمعدات الصناعية والأجهزة التكنولوجية الحديثة اللازمة لتطوير العملية الإنتاجية لا تعني سوى المزيد من المعوقات والعقبات في وجه التنمية الفلسطينية المنشودة. والمفارقة أنه رغم العديد من عوامل الضعف والانكشاف ومظاهر الخلل في بنية الاقتصاد الفلسطيني، إلا أننا نلاحظ ارتفاعاً نسبياً في حجم النفقات التشغيلية، تقدر بنسبة 13.5% من حجم موازنة عام 2004 [6]، بما يعادل مبلغ 228 مليون دولار، يصرف على السفر والمهمات الرسمية والإيجارات والسيارات الفارهة والمحروقات والقرطاسية .... الخ إن إلغاء بعض بنود النفقات التشغيلية ( التي تصرف لكبار الموظفين دون أي مبرر مشروع في كثير من الحالات ) كالسيارات والمحروقات ومن ثم الصيانة وتخفيض حجم الانفاق في البنود الأخرى مثل السفر في مهمات رسمية والإيجارات، والهاتف والمواد الاستهلاكية ... الخ خطوة ضرورية وملحة انسجاماً مع أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية المتردية من جهة وبما يسهم في تأمين وتوفير متطلبات التقشف والصمود الداخلي في مواجهة العدو الصهيوني من جهة ثانية. المحور الثالث: أهداف وشروط وآليات وأولويات العملية التنموية إن أي حديث عن التنمية في فلسطين – في الحاضر و المستقبل – في ضوء المتغيرات العالمية و الإقليمية و المحلية ، لا بد و أن يتوصل استنتاجاً ، إلى أن آفاق تطور هذه التنمية ستظل مغلقة بدون إزالة الاحتلال أولاً و بدون تفاعلها التكاملي مع المحيط العربي ثانياً و بدون التعامل معها داخلياً كعملية شمولية تتضمن جملة من المتغيرات البنيوية الملموسة من سياسية و اجتماعية و تقنية و ديمغرافية تتفاعل مع الأهداف الوطنية في الراهن ، و تملك مقومات الاستمرار والتواصل في المستقبل ثالثاً، الأمر الذي يستدعي منا –وعيا وممارسة- إلى استيعاب وتطبيق المفاهيم والآليات العملية الرئيسة التي تؤدي إلى إيضاح وتفعيل مكونات المنظور العام للتنمية الفلسطينية ، وهي مفاهيم أو عناوين أساسية يمكن استعراض أبرز عناوينها فيما يلي: أولاً: هدف التنمية: الإسهام في تطوير المقومات اللازمة لاستكمال مهمات التحرر الوطني ، و تحقيق العدالة الاجتماعية و تلبية الحاجات الأساسية للإنسان الفلسطيني و توفير فرص العمل ، و النمو الاقتصادي بما يحقق مصالح مجتمعنا الفلسطيني عموماً و الفقراء و أصحاب الدخل المنخفض بشكل خاص فالتنمية بالنسبة لنا جزء من مشروع حضاري و سياسي و أيديولوجي على الصعيد القطري و القومي العربي في آن واحد و إن شرط هذا التوجه هو العمل على إلغاء أهم مؤشرين من مؤشرات التخلف التي تزداد حدة و اتساعاً في هذه المرحلة و هما : 1. تدني قطاعي الإنتاج الأساسيين الزراعة و الصناعة . 2. ازدياد الفجوة في توزيع الدخل و الثروة ، و هذا يدعونا – كواحدة من المهام الكثيرة – إلى العمل على حصر الموارد البشرية و المادية الفلسطينية و تجميع رأس المال الفلسطيني المتناثر في كل أنحاء العالم وتشجيعه وتحفيزه لخدمة الأهداف الوطنية و التنموية وفق صيغة محددة . ثانياً: شروط التنمية:- إن التنمية التي ندعو لها يجب أن تستند إلى ثلاث شروط لا يمكن أن تتحقق بدونها :- 1 - أن يمتلك نظام الحكم الوطني الفلسطيني، رؤية وطنية متكاملة لوظيفته بالاستناد إلى الإطار القومي الأوسع في السياسة و الاقتصاد حيث تتبدى آفاق المستقبل ، فأهدافنا – حتى اللحظة – غير مقننة – و هذا خلل خطير – نتحدث عن الديمقراطية و الحريات و الانتخابات و حقوق الإنسان و التنمية و لا وجود لنظام دستوري يقنن هذه المفاهيم و يضع حدوداً صارمة للحقوق و الواجبات عبر أجهزة تنفيذية تخضع كلياً لذلك النظام. و في هذا السياق فإن المطلوب هو الاحتكام إلى الوضوح و الشفافية ، و التطبيق الديمقراطي العملي لهذه المفاهيم من جهة و لكافة وظائف السلطة الوطنية وفق نظام ديمقراطي دستوري يقوم على أن الشعب هو مصدر السلطات من جهة أخرى ، بعيداً عن الاشتراطات الإسرائيلية/ الأمريكية وتدخلها تحت ذريعة " الإصلاح "، " والديمقراطية الليبرالية " التي ستؤدي بشعبنا وقضاياه الوطنية الى مزيد من الهبوط والتراجع، بما يفرض علينا استكمال صياغة أنظمتنا ودستورنا وقوانيننا بما يتفق مع مصالح وتطلعات شعبنا من ناحية ويتناقض جذرياً مع الاشتراطات والذرائع الأمريكية الصهيونية من ناحية ثانية. 2- دور إيجابي للقطاع العام يساهم في عملية النمو للقطاعات الاقتصادية عموماً، ولقطاع الصناعة خصوصاً عبر إقامة المجمعات و الشركات الصناعية المساهمة العامة، في سياق تعزيز دور القطاع الخاص في الصناعة و الزراعة و التجارة و الخدمات وفق توجيهات محددة بعيدة عن الطابع الاحتكاري المباشر أو غير المباشر ، و كذلك البدء بخطوات جدية نحو خلق المؤسسات الاقتصادية التعاونية في القرى و المخيمات و المناطق الفقيرة . 3- تحقيق مبدأ المشاركة الشعبية عبر المؤسسات الوطنية ، والكف عن ممارسة الأوامر و القرارات الأحادية في الاقتصاد و غيره من المجالات الأخرى ، فالمطلوب – من المؤسسات والوزارات المعنية – البرمجة أو التخطيط المركزي و التأشيري المنبثق عن مبدأ المشاركة الذي هو صمام الأمان لهذه العملية ، بحيث تنحصر مهمة التخطيط- بنوعيه المشار إليهما- في صياغة البرامج الاقتصادية والتنموية، الى جانب المراقبة و التوجيه و الإيحاء بعيداً عن الفرض أو الإلزام الإكراهي، و هو أسلوب نعتقد أنه يضمن عدم تحول ( أو استمرار تحول ) مؤسساتنا إلى أدوات بيروقراطية ثقيلة العبء من جهة أو أوعية مولدة / منتجة للطفيليين ومراكز القوى من ذوي المصالح الأنانية الضارة من جهة أخرى . ثالثاً:الآليات التنموية العامة بداية، نؤكد على أن الآلية الأساسية و العامة لنجاح العملية التنموية، هي الشعب كهدف و أداة ، و بما عليه من واجب النهوض بأعباء الجهد الإنمائي – إلى جانب الأعباء الأخرى في ظل توفير العلاقة الديمقراطية المؤسسية بينه و بين مؤسسات السلطة وأجهزتها، على قاعدة مبادئ الاعتماد على الذات و تكافؤ الفرص للجميع و العدالة الاجتماعية وسيادة القانون و محاربة النزعة الاستهلاكية السائدة و ترشيد الاستهلاك مركزياً ، بدون ذلك لا يمكن رفع مستوى إنتاجية العمل ، و توفر الحافز الشعبي أو الدافعية للمشاركة في عملية التنمية أو غيرها من المهام الوطنية أو الاجتماعية ، فالجماهير الفقيرة، المضطهدة المغلوبة على أمرها لا يمكن أن تساهم طواعية في أي فعل إيجابي في الإطار الوطني أو الاقتصادي أو الاجتماعي العام . رابعاً: الآليات التنموية المباشرة :* ونقصد بذلك المؤسسات الحكومية والمصارف والقطاع الخاص، ودورها في هذه المرحلة الانتقالية الصعبة، التي لا يبدو لها في الأفق المنظور زمناً محدداً لنهايتها، في ظل الأوضاع الداخلية المتروية التي نعيشها اليوم، بما يحتم إجراء العديد من المتغيرات لتفعيل الدور الإيجابي لهذه المؤسسات، وذلك عبر: 1. التزام الوزارات و المؤسسات الحكومية بالعمل وفق أداء إيجابي ملموس في إطار النظام الأساسي ، بعد إزاحة ومحاسبة العناصر الطفيلية الضارة من هذه المؤسسات، على أساس مبدأ تكافؤ الفرص وأهل الكفاءة والخبرة بديلاً لمبدأ أهل الثقة والمحاسيب الذي ساد-ومازال- طوال السنوات العشر العجاف الماضية. 2. تفعيل دور المصارف و دورها كأجهزة إقراض و استثمار في العملية الإنتاجية، للمشاريع الكبيرة والصغيرة في الصناعة والزراعة بوجه خاص . 3. تفعيل وتحفيز القطاع الخاص بكل تفريعاته وأنشطته، وخاصة قطاعي الصناعة والزراعة، وفق التزام وطني بسياسة تنموية تتجه نحو الداخل لخدمة السوق المحلي بشكل أساسي. 4. إعادة بناء مؤسسات القطاع العام وفق أسس ومنطلقات اقتصادية وطنية واضحة، بعيدة عن مظاهر الاحتكار والفساد والترهل والمصالح الشخصية،خاضعة للمحاسبة والمراجعة، ارتباطاً بأهداف اقتصادية تنموية محددة وفق خطة استراتيجية- تتلافى سلبيات النظام العام وتجربته المريرة في بعض البلدان العربية- بما يؤكد على الصورة الإيجابية المتوخاه للقطاع العام كإطار منتج في خدمة الاقتصاد الوطني عبر علاقته بالقطاع الخاص في إطار مفهوم القطاع المختلط، أو في إطار القطاع التعاوني الذي يتوجب علينا تخطيط وتنفيذ العديد من مشاريعه الخدمية في المناطق الفقيرة من الضفة والقطاع، بما يعزز دورها الإيجابي في الهدف و المردود، خاصة وأن القطاع الخاص يستهدف الربح أولاً ، و لا علاقة استراتيجية مباشرة بالتنمية المجتمعية في خطته أو حركته الذاتية . 5. هيئات الاستثمار و ضرورة تفعيلها – عبر مبدأ المشاركة و الاحتياجات الوطنية التنموية – بالتعاون مع رأس المال الفلسطيني في الداخل و الشتات والمنظمات غير الحكومية ذات العلاقة، وفي إطار الخطة التنموية الوطنية الشاملة 6. تطوير الخدمات الأساسية في المناطق الحرة و الإدارات العصرية المنتجة ، و الجمارك و المعابر و الميناء و المطار . 7. تفعيل و تطبيق الاتفاقات الاقتصادية مع الدول العربية و غيرها و العمل التدريجي على كسر التبعية للاقتصاد الإسرائيلي بما في ذلك إلغاء اتفاق باريس أو تعديل بنوده الأساسية الضارة باقتصادنا والمعيقة لحركته. خامساً: الأولويات التنموية بالنسبة للقطاعات الاقتصادية* : 1- الصناعة: التخطيط الجاد لتطوير قطاع الصناعة الفلسطيني، الى مستوى يمكنه من تصنيع وإنتاج الصناعات المتوسطة بصورة واسعة تغطي احتياجات السوق المحلي، مثل منتجات المعادن، الفلزات والكيماويات، والأخشاب والسلع الاستهلاكية المعمرة، وحفز القطاع الخاص على التوجه لتصنيع السلع المستوردة من المصانع الإسرائيلية، أو استيرادها من البلدان العربية، والعمل على استيعاب مقومات صناعة تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات اعتماداً على الأيدي العاملة الماهرة من المتخصصين في الضفة والقطاع، الى جانب العمل على توفير كل السبل الممكنة لدعم وتوسيع التصنيع الزراعي. 2- الزراعة و الموارد المائية : الاهتمام بالزراعة العضوية ، للزراعات الحقلية و الشجرية ، و الاهتمام بالصيد البحري ، و الثروة الحيوانية و الأعلاف و الأسمدة العضوية و المناحل و الدواجن، وذلك يتطلب الاهتمام بالمزارع الفلسطيني سواء عبر دور البنوك في توفير التمويل اللازم أو القروض الإنتمائية لتشجيع الاستثمار في قطاع الزراعة والصيد، وتشجيع وتنظيم عملية التسويق والتصدير الوراعي عبر شركات فلسطينية تتوجه نحو الأسواق العربية والأجنبية و في هذا السياق لا بد من التذكير بأننا كنا نملك فائضاً في الكثير من المنتجات الزراعية ، بمعنى أن هناك نسبة عالية من الاكتفاء الذاتي ، " تجاوزت عام 1993 ، 100 % في الحمضيات ، و أكثر من 200 % في بعض أنواع الفواكه ، و حوالي 150% في الزيتون و حوالي 150% في الزيوت و حوالي 150% من الخضار الرئيسية بما فيها البطيخ و الشمام … الآن بدأت هذه النسب في التراجع خاصة الحمضيات ، أما الحبوب فإن النسبة الضئيلة من اكتفائنا الذاتي منها كانت 15% فقط يتوقع أن تهبط خلال عامين إلى 10% ( أي أن رغيف خبزنا الذي نأكله 90% منه مستورد ) ، كذلك الأعلاف ، كانت نسبة اكتفاؤنا الذاتي منها 25% عام 93 قد هبط إلى اقل من 15% عام 2000 أما الإنتاج الحيواني (لحوم حمراء و دجاج و أسماك ) فقد كانت نسبة اكتفاؤنا منها 47% عام 93 يتوقع أن تنخفض إلى 30 % عام 2000 الأمر الذي يؤشر على ما يمكن أن نطلق عليه شمولية التراجع في القطاع الزراعي رغم الإمكانيات المتاحة حيث تبلغ مسـاحة الأراضي المزروعة 1.85 مليون دونم منها ( 170 ) ألف دونم في قطاع غزة الى جانب ما لا بقل من 1.5 مليون دونم من المراعي في الضفة الفلسطينية 3- العمل على تطوير وزيادة فاعلية خدمات البنية التحتية في الرعاية الصحية و النقل والطرق و التعليم و النفايات و الصرف الصحي والطاقة الكهربائية و مشاكل التلوث البيئي التي وصلت إلى مستويات متدنية في الضفة والقطاع الى جانب الاهتمام بتطوير خدمات الرعاية الاجتماعية والثقافية. المحور الرابع:أفكار أولية مقترحة حول الاستراتيجية الاقتصادية التنموية الفلسطينية : يفترض الحديث عن الاستراتيجية التنموية ،وضوحا مؤكدا في معالم المستقبل الاقتصادي لأي بلد من البلدان ، وبالتالي فإن تناول موضوع الاستراتيجية التنموية في أرضنا الفلسطينية المحتلة لا تعترضه ضبابية المستقبل وتعقيدات الحاضر ، ليس بالنسبة للاقتصاد فحسب ، بل تعترضه أيضا إشكالية عدم اليقين بالنسبة للمستقبل السياسي أيضا ارتباطا بالموقف العدواني الإسرائيلي المسنود بدعم أمريكي صريح ومباشر ، وبنظام عربي وصل إلى حالة من التبعية والخضوع والتفكك بات يتعامل عبرها مع قضيتنا الفلسطينية وحقوقنا السياسية والاقتصادية كعبء ثقيل على كاهله لم يعد قادرا أو راغبا في التعاطي معه إلا في حدود ما تسمح به السياسة الأمريكية . لذلك فإننا لا نبالغ في القول إن اقتصادنا الفلسطيني – خاصة في ظروف الحصار والتدمير الإسرائيلي – بعد أربع سنوات من الانتفاضة – بات أكثر ضعفا وانكماشا مما كان عليه من قبل، الأمر الذي أدى إلى تغييب الوضوح أو التأكيد بالنسبة للمستقبل على الصعيد الاقتصادي والسياسي معا ، نتيجة للدور الإسرائيلي – الأمريكي على وجه التحديد ،ولكننا على ثقة من أن إعادة بناء العلاقات الداخلية الفلسطينية ، وفق ثوابتنا الوطنية والمجتمعية ، وبإرادة وطنية تقوم على المشاركة والتعددية فإننا سنملك بالتأكيد القدرة على تحديد معالم مستقبلنا بوضوح، رغم ما تحمله " خطة شارون " للانسحاب من قطاع غزة من خطط مبيتة بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية تستهدف تكريس انفصال قطاع غزة اقتصادياً وسياسياً عن جناحه الرئيسي في الضفة الفلسطينية التي يعمل تحالف العدو الإسرائيلي الأمريكي على ترك مستقبلها غامضاً بذريعة التفاوض حول ترتيبات " الانسحاب من قطاع غزة " بما يعني تأجيل قضايانا الرئيسة في حق العودة وتقرير المصير والاستقلال، وهي الغاية الأساسية " لخطة شارون " التي تستهدف في جوهرها " التبديد السياسي للفلسطينيين، وتفكيك الأسس المادية لقيام دولة فلسطينية مستقلة "[7] صحيح أننا نقر بمسؤولية العدو الصهيوني وحصاره وعدوانه المستمرين ، كسبب أساسي من أسباب التراجع والتدهور الاقتصادي إلا أن ذلك لا يعني ، اغفالنا لدور السياسات الداخلية عندنا طوال العشر سنوات العجاف الماضية عموما وسنوات الانتفاضة الأربعة الأخيرة خصوصا ، التي عمقت مظاهر الخلل والهبوط في كافة القطاعات الإنتاجية وغير الإنتاجية في القطاعين الخاص والعام على حد سواء، بما يستدعي العمل الجاد صوب تفعيل العملية التغييرية الديمقراطية الداخلية التي يجب أن يرتكز محورها أو جانبها الاقتصادي ، على المفاهيم والخطوط العامة للاستراتيجية التنموية التي يجب العمل على بلورتها وتبنيها للخروج من هذا المأزق الحاضر إلى المستقبل،وذلك لتحقيق هدفين[8] : الأول : إيجاد إطار مفهومي يوضح الاولويات الاقتصادية الفلسطينية . الثاني : تعريف ماهية المراحل المتعاقبة التي من خلالها يمكن تحقيق الأهداف التنموية بأسلوب تدريجي . على ان ندرك ان الإطار المطلوب " يجب ان يقوم على أساس الأحوال الموضوعية للاقتصاد الفلسطيني ، وان يتجه صوب تحقيق الطموحات الفلسطينية الوطنية ، آخذين بعين الاعتبار دروس التنمية الهامة في بلدان أخرى من جهة ، وبوضوح الأهداف ذات الصلة بالموضوع ، لتطوير رؤية تنموية فلسطينية تسلط الضوء على أهداف واحتياجات القطاعين الخاص والعام من جهة ثانية ، ومن أهم هذه الأهداف : الاهتمام بعملية التحويل البنيوي ، والتركيز على تخفيض الهوة في الميزان التجاري ، إلى جانب مشاركة كافة المؤسسات والقوى – في السلطة وخارجها – بدور فعال من أجل صياغة استراتيجية وطنية للتطور التكنولوجي لأهميته القصوى في تطوير الاقتصاد الفلسطيني بكل قطاعاته عموما وقطاع الخدمات خصوصا ، وكل ذلك مرهون بإيجاد بيئة داخلية خالية من مظاهر الصراع وعدم الثقة . وفي هذا السياق أقدم فيما يلي اقتراحا لمجموعة من الأسس المكونة لهذه الاستراتيجيـة :- أولاً : حصر كافة البيانات والمعلومات الخاصة بالموارد الطبيعية والبشرية الفلسطينية عبر فريق وطني اقتصادي متخصص ، تمهيدا للسيطرة المباشرة عليها وإدارتها ، كهدف وطني يستحيل بدون تحققه تطبيق أي خطة تنموية فلسطينية ثانياً : خلق مقومات اقتصاد المقاومة و الصمود انسجاماً مع متطلبات هذه المرحلة ، وما يعنيه ذلك من العمل الجاد على تطبيق سياسة اقتصاد التقشف أو المخيمات أو المناطق الفقيرة، بكل ما يعنيه من إجراءات تلغي –بعد المحاسبة القانونية- امتلاك أي مواطن أو مسؤول لأي شكل من أشكال الثروة الطفيلية غير المشروعة و إلغاء كافة مظاهر الإنفاق الباذخ بكل أشكاله و أنواعه و أساليبه عموما وفي مؤسسات السلطة خصوصا . ثالثاً : فك الارتباط و التبعية و التكيف مع الاقتصاد الإسرائيلي ووقف هذا التضخم في حجم الواردات ، وفرض الرسوم الجمركية العالية على الكماليات المستوردة مقابل تخفيف الرسوم على الواردات الأساسية ، ووقف عمليات الاستيراد المباشر وغير المباشر من السوق الإسرائيلي ، الامر الذي يعني إلغاء بروتوكول باريس . رابعاً : التخطيط التأشيري والمركزي لتفعيل العملية الإنتاجية في الصناعة و الزراعة، والعمل على تفعيل العلاقة بين هذين القطاعين بما يخدم تطوير المنتجات الصناعية المعتمدة على الإنتاج الزراعي، وإقرار مشروع القانون الزراعي بهدف تحديد و إرساء استراتيجية زراعية فلسطينية تتناسب مع أهمية القطاع الزراعي. خامسا: وضع سياسة تنموية زراعية آنية و مستقبلية تقوم على التخطيط و تفعيل دور مؤسسات الإقراض الزراعي و البنوك لتقديم الدعم للمزارعين الفقراء، وتطوير وتوسيع الأراضي الزراعية وأراضي المراعي والثروة الحيوانية. سادسا : مراعاة الحفاظ على ثبات الأسعار للسلع الأساسية الضرورية للفقراء و رفع أجور الفئات والشرائح الاجتماعية من ذوي الدخل المحدود. سابعا : تطوير دور القطاع العام و التعاوني و المختلط بعيداً عن أشكال الاحتكار، بما يدفع الى توسيع القاعدة الإنتاجية الفلسطينية، والسوق الفلسطيني، على نحو يؤدي الى إيجاد المزيد من فرص التشغيل المتواضعة، لليد العاملة، في الإنتاج والسوق المحليين من ناحية، ويسهم في ضمان معدلات عالية –نسبيا- من النمو لقطاعي الإنتاج الرئيسيين –الزراعة والصناعة- من ناحية ثانية. وفي هذا السياق فإن من الواجب والضروري، الأخذ بمقترحات البرنامج العام للتنمية الذي أشرف عليه المفكر الاقتصادي الفلسطيني الراحل د.يوسف صايغ ، إذ أن هذه المرحلة وضروراتها الاقتصادية-السياسية معا تقتضي من كافة المسؤولين في السلطة الأخذ بتلك المقترحات بعد إهمال طويل وغير مبرر لها. ثامنا : إنشاء و تفعيل المؤسسات الاقتصادية الكبرى في قطاع الصناعة على نمط الشركات الصناعية المساهمة العامة والشركات القابضة والمختلطة بين القطاعين العام والخاص ، لمواجهة هذا الضعف في البنية الصناعية ونقلها من طابعها الحرفي-الفردي- العائلي الى طابعها الإنتاجي العام الكفيل وحده بتطوير القطاعات الإنتاجية في بلادنا. تاسعا: العمل بكل جديه ، وعبر كافة السبل والضغوط السياسية الممكنة ، من اجل تفعيل وتوسيع مجال التبادل التجاري الفلسطيني العربي ، ووقف احتكار السوق الإسرائيلي لهذه العملية. وكذلك التركيز على فتح سوق العمالة العربي ، في مختلف البلدان ، أمام العماله الفلسطينية ، الماهرة وغير الماهرة ، وفقا لقوانين وأنظمة التشغيل في تلك البلدان ، دون ان يؤثر ذلك اطلاقا في هوية الفلسطيني او يتخذ أي بعد سياسي يتناقض مع حقه في العودة او الإقامة الدائمة في وطنه ، علما بأن السوق العربي في دول الخليج والسعودية يستوعب أكثر من خمسة ملايين عامل أجنبي سنويا ، في حين ان أعلى معدل للبطالة عندنا في فلسطين لا يتجاوز 5% من مجموع العماله الوافده الى تلك الدول ، من الهند وسيريلانكا وباكستان وايران !!؟. عاشرا: متابعة تنفيذ البرامج والدراسات والتوصيات المتعددة الخاصة بتفعيل دور رأس المال الفلسطيني في الشتات ، رغم وعينا بارتباطه برأس المال العالمي المعولم . إن هذه الرؤية، أو الخطوط العامة الأولية المقترحة، لا بد لها لكي تملك مقومات التغيير الإيجابي المطلوب، أن تتبنى منهجا علميا، وفلسفة ذات مضمون وطني وقومي، تقوم على الإيمان العميق ، بوجوب تمتع شعبنا الفلسطيني بحقوقه وحرياته الأساسية وممارسته لها، كمقدمة تؤدي الى وقف تراكمات الأزمة الراهنة ، وتفاقم تناقضاتها المحكومة بثنائية غير منطقية أو منسجمة، تتراوح بين فردية القرار وأحادية الخطاب في السلطة وأجهزتها من جهة، وبين جماعية المعاناة والتضحيات والآمال الكبيرة من جهة ثانية، وبالتالي فإن إلغاء هذه الثنائية المتناقضة ،هو سبيلنا الوحيد نحو نظام الحكم الديمقراطي الوطني، العادل والقوي، الممتلك للفهم السليم والواضح لوظيفته الجوهرية بشقيها: الوطني والديمقراطي الداخلي بما يضمن رسم السياسات الاستراتيجية المعبرة عن مصالح جماهير شعبنا، بمثل ما يضمن أيضا، توجيه وزارات ومؤسسات وأجهزة السلطة نحو تحقيق تلك السياسات أو الرؤى في الاقتصاد كما في السياسة، بكفاءة عالية تخدم أهدافنا وثوابتنا الوطنية العامة ، بمثل ما تخدم وترتقي بأهدافنا المطلبية الداخلية دون أي انفصام بينهما. على ان تطبيق هذه الخطة الاستراتيجية ، مرهون بعملية تغيير جدي وعميق ، بدايتها الأولى المبادرة دون أي تسويف الى إجراء الانتخابات الديمقراطية في كافة مؤسساتنا من جهة ، ومشروط بتمسكنا بثوابتنا الوطنية الفلسطينية ، وبتعزيز خيار شعبنا الفلسطيني في إقامة نظامه السياسي المستند والملتزم بآليات ومفاهيم الديمقراطية التي تقوم على العدالة الاجتماعية والتعددية والحرية ، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وسيادة القانون وقواعد المحاسبة ضد أدوات ورموز الفساد من جهة أخرى ، إذ ان تطبيق هذين الشرطين في إطار الرؤية الاستراتيجية سيمكننا من الحديث بثقة عن تحقيق أهم ركيزتين من ركائز صمودنا على الصعيد الداخلي همـا :- 1- محاسبة رموز الفساد والاستبداد، ووقف استخدام السلطة ، من قبل الكثير من رموزها، كجسر لجمع وتراكم الثروات الطفيليه غير المشروعة على حساب قوت وحياة الجماهير الشعبية، حيث أدى هذا الاستخدام الأناني البشع، الى فقدان مساحات واسعة من جماهيرنا لدورها وحريتها، إن على صعيد ممارستها لحقها في نقد ومواجهة مظاهر الخلل الداخلي أو على صعيد حقها في الحياة الكريمة والاستقرار بعيدا عن دواعي القلق والخوف الراهن من المستقبل . 2-تقوية وتعزيز الوحدة السياسية لمجتمعنا وتوفير قدراته على الصمود والمقاومة حتى طرد الاحتلال وتفكيك وإزالة مستوطناته على طريق الحرية والدولة المستقلة والتنمية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية . أخيراً : إننا نفترض أن هذا الفهم للتنمية يجب أن يشكل أحد المحاور الرئيسية لنشاط و برامج الحركة الوطنية الفلسطينية لأنه المحور المكمل عبر علاقة جدلية و متصلة لعملية التحرر الوطني و الاستقلال و الدولة، فالانهيار الاقتصادي – الاجتماعي الناتج عن استمرار غياب النظام السياسي الديمقراطي الفلسطيني، واستفحال مظاهر الفساد والخلل وغياب سيادة القانون العادل، يدفع أو يراكم بالضرورة نحــو خلــق مقومــات الانهيـار السياسـي والاجتماعي بما يجعل من الفوضى والعشوائية والفلتان الأمني والاقتصادي من ناحية وتزايد تحكم القوى الخارجية (الأمريكية الإسرائيلية) في مستقبلنا من ناحية ثانية، عاملاً مقرراً في أوضاعنا السياسية الاقتصادية المجتمعية، وفي كلا الحالتين يصبح مستقبل شعبنا معلقاً بعوامل لا دخل لإرادة جماهيرنا في تشكيلها أو التأثير فيها، وهذا بالقطع وضع يائس، ما أتعس الأمة التي تجد نفسها فيه .
[1] د.رمزي زكي- فكر الأزمة- مكتبة مدبولي- القاهرة- 1987-ص76. [2] سلامة كيلة- دراسة بعنوان: المسألة الفلسطينية بعد انهيار حلم الدولة المستقلة- الإنترنت- موقع منتدى الحوار المتمدن . [3] د. رمزي زكي- فكر الأزمة- مصدر سابق- ص136 [4] د. إبراهيم العيسوي- ثلاثون عاماً من سياسة اقتصادية فاشلة-مقال- الإنترنت- موقع بديل من أجل عالم أفضلwww.albadi1.net [5] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني2004 – إحصاءات التجارة الخارجية ( بيانات غير منشورة ) [6] مركز الميزان لحقوق الإنسان- الموازنة العامة للسلطة لعام 2004-ص151- ديسمبر 2003 * الملخص التنفيذي – البرنامج الإنمائي العام – الدائرة الاقتصادية – م.ت.ف – يوليو 1993 * جورج كرزم – دراسة بعنوان " البديل الاقتصادي المعتمد على الذات " نيسان 1998 – رام الله [7] جوزف سماحة- نماذج " بناء الدولة "- جريدة السفير- بيروت- 6/10/2004 [8] دراسة حول انجازات المرحلة المؤقتة ومهمات المستقبل – سكرتارية الاونكتاد و د. فضل النقيب – 2000 .
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القصور والعجز الذاتي في أحزاب وفصائل اليسار العربي ... دعوة
...
-
الآثار الاقتصادية الناجمة عن الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة
-
حول مفهوم الثقافة ... وأزمة الثقافة في فلسطين
-
المأزق الفلسطيني الراهن
-
الدستور الفلسطيني ومفهوم التنمية
-
كلمة غازي الصورانـي في : المهرجان الجماهيري التضامني مع بيت
...
-
الاقتصاد الفلسطيني ... تحليل ورؤية نقدية
-
التحولات الاجتماعية ودور اليسـار في المجتمع الفلسطيني
-
الطبقة العاملـة والعمل النقابي في فلسطين ودور اليسار في المر
...
-
مجتمع المعرفة في الوطن العربي في ظل العولمة - على هامش اصدار
...
-
ورقة أولية حـول : الإشكاليات التاريخية والمعاصرة لهيئات الحك
...
-
الاصدقاء الاعزاء في منتدى الحوار المتمدن
-
التشكيلة الرأسمالية وظهور الفلسفة الماركسية
-
حول فلسفة هيجل وفيورباخ
-
الفلسفة الأوروبية الحديثة(1) عصر النهضة وتطور الفلسفة الأورو
...
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية ) والفلسفة
...
-
-محاضرات أولية في الفلسفة وتطورها التاريخي - مدخل أولي في ال
...
-
ورقـة :حول الواقع الاقتصادي الفلسطيني الراهن
-
عرض كتاب : الليبراليــة المستبـدة دراسة في الآثار الاجتماعية
...
-
دور القوى والجماهير الفلسطينية في مجابهة تحديات الحاضر والمس
...
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|