زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)
الحوار المتمدن-العدد: 1010 - 2004 / 11 / 7 - 05:20
المحور:
الادب والفن
حول زيارة وفد الجمعية العالمية "فنانين ضد الاحتلال" وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني.. ارضاً وزيتوناً وقضية
للغربة فعل السحر في مشاعرنا.. يتحول العمر على مشارفها الى اشواق طفل لا تؤثر به السنوات ولا تغيره الايام. ربما هناك من استطاعت الحياة ان تشدهم الى تلابيبها المتسارعة في لجة الغياب والحضور.!! الا ان من يولد على ضفاف الغربة القصرية في استلاب الوطن, واستنشق بعض الرؤية في ترابه وعبق العمر الهارب منه, واجتاحته رياح الموت والتشرد في بيت وبلاد وسماء ليست له.. يبقي كزيتونه فلسطين الخالده, تلك القابطة على التراب, من اكثر من 3000 سنة هناك.. على سفح رامة الجليل!! انا لا املك سوى صوتي لاحمل هذا الحزن النوستالجي لايام ربما تعود.
الفنانة ساميه حلبي.. زيتونة الشوق الفلسطيني تلتقي بزتونة ارض الرامة من اعمال الجليل.. فالاخيرة لها عمر يمتد في غياهب الزمن والتاريخ.. وساميه لها شوق يمتد في عروق الوطن.! فهي التي تأتي كل عام بلون جديد, تحمل فلسطين في رئتيها وتطوف بمن معها باكثر من مكان, ففي ما مضى من السنوات الخمس, كانت تفاجئني كل عام بزيارة ذات مدلول اخر, الهم الوحيد فيه وله.. هو فلسطين, تاريخاً وارضاً وقضية. وفي هذا العام ايضاً, في النصف الاول من تشرين الاول ياتي صوتها برائحة القدس العربية ليقول لي .. زاهد نحن في فلسطين!!
اهلا صديقتي الغالية.. اهلا برائحة الوطن, اهلا بمن تؤكد مقولة دونتها في "كتاب الياسمين" تقول: "ان الوطن يحمل في ثناياه رائحة الارض والانسان.. الا ان الانسان الانسان فقط, هو الذي يحمل رائحة الوطن!!" وقد ولدت هذه الكلمات من بين جفون امي, التي وطأت ووالدي ارض فلسطين منذ ايار 1946, ولا زالت الى اليوم, ومع بلوغها سنوات الثمانين من العمر, تتحدث عن حماة والعاصي وارض سوريا, وطنها الام.!! لاستنشق من عبق انفاسها عبق التاريخ العريق, لوجه هو "وجه امي وجه امتي".. وانت هكذا ايتها الفنانة العريقة, يا عبق ارض فلسطين, يا زيتونتها المعتقة الاغصان والتراب, انت هكذا, رغم سنوات التهجير والاغتراب, رغم الشوق الممتد في عمق العيون والاهداب, انت يا ساميه حلبي.. وفاء العشق الازلي لوطن يعيش فيك, اكثر ممن يعيشون في هذا الوطن.!!
من اين جاءوا
الوجدان البشري.. صفة انسانية تعطي القيمه المثلى لاخلاقيات الناس, وتعمق قيم الاحساس المميز فيهم.. هذا الوجدان هو الذي خلق حالة من الرفض.. رفض موبقات التصرف الحيواني في الانسان, ذلك الذي قال عنه شاعر الهند العظيم.. طاغور "يصبح الانسان اكثر حيوانية من الحيوان.. عندما يكون حيواناً." من هنا جاء رفضهم لممارسات الاحتلال, فاقاموا جمعية "فنانين ضد الاحتلال" ينتمي اليها شعراء وادباء ومفكرين وفنانين من كل بقاع الدنيا, كان اكثرهم هذه المرة من اليابان, التي اقيم فيها ما بين 9 وال 20 من اذار العام الجاري.. معرضاً للفنون التشكيلية تحت عنوان "اوقفوا الجدار"Stop The Wall .. حيث نظمه واشرف عليه الفنانتين اليابانيتين يوكو تكازاووا ومزوكو ياكووا.. وقد شاركن باعمالهن فيه ايضاً.
فعلى اثر هذا النداء الانساني, ضد موبقات الاحتلال وجرائمه على ارض فلسطين, شارك في هذا الوفد ستة من المبدعين اليابانيين.. 3 رسامات, شاعر, شاعرة, وكاتبة.. اضافة الى الفنانة اليهودية الكندية فريدا, وممثلة مسرحية من فيلادلفيا تدعى ايدا.. كما شارك معهم الرسام البرولوتاري المكسيكي اريستو مولينا.. وفي مقدمتهم جميعاً جاءت دوحة فلسطين, الفنانة العريقة سامية حلبي, المقيمة في نيويوك الامريكية منذ السنوات الاولى للنكبة.. كلهم جاءوا من اجل التضامن مع زيتون فلسطين, جاءوا للتعبير عن رفضهم لما يقوم به الاحتلال من جرائم ضد الانسان والطبيعة, ضد جرائم اقتلاع الزيتون!! وضد جدار القمع والتمزيق, الذي يقطع اجزاء الوطن والواحد, والبيت الواحد, والجسد الواحد!!
وسط الدمار والغبار
ان اعضاء هذا الوفد المتضامن مع فلسطين ارضاً وشعباً وزيتوناً وقضية.. لم ياتي من خلال مؤسسات او هيئات دولية, ولا تدعمه ماليا او معنويا احدى شركات النقد الدولي في اي مكان في العالم, هم اناس لا يمكون سوى ايمانهم بعدالة قضية الانسان, وحرية الانسان. هم ضد الحرب والاحتلال والعدمية.. جاءوا بمحض ارادتهم بما يملكون من مال وعقيده, حطت رحالهم في ربوع القدس العربية, ومن هناك بدأت انطلاقتهم الى ارض فلسطين.. كل فلسطين!!
في رام الله, في بيت لحم, في قلقيليا, في نابلس, في جنين, في الخليل.. وايضاً وايضاً في الجليل!! هناك وسط الدمار والغبار عاشوا الواقع وعايشوه, عبر حواجز الاذلال العنصري الصهيوني البشع, وعبر الاغلاق المقيت, واطفالا يركضون خلف كل شيء من اجل الحصول على بضع قروش.. علهم يسدون رمقهم وجوع احبتهم.!! التقوا هناك بجمعيات فلسطينية وفنانين فلسطينين.. عملوا مع الجميع يداً بيد, في موسم الزيتون وعرس الزيتون, رغم انف الاحتلال.!
قام اعضاء الوفد من اليابانيين بورشة عمل في بيت لحم.. صنعوا من اوراق وجذوع الزيتون, الذي اقتلعته اجهزة الدمار الاسرائيلي, ورق سميك للرسم. قصوا هذه الاطباق الورقية بحجم بطاقات المراسلة, ووزعوها على كل من وصلوا اليه, ولمن سيصلون اليه بالمستقبل!! ليرسم عليه كل واحد ما اراد.. ويعيده الى عنوان الفنانة اليابانية كازاكو تاجاما!! حيث سيتم جمعها تحت عنوان "من بقايا الزيتون الفلسطيني الذي قتلته قوات الاحتلال", وسيتم عرض هذه البطاقات في معرض خاص, تحت شعار عنوان المعرض, ستباع هذه البطاقات ويرصد ريعها لدعم اطفال فلسطين.!!
في شفاعمرو البداية..
جاء صوت ساميه حلبي من فضاء القدس الملوث برائحة البارود والرصاص.. الا انه ظل صوتاً صافياً بالحب والعشق الازلي لفلسطين. جاء ليقول لي انهم قادمون الى زيارتي وزيارة الجليل ليوم واحد, فاصريت ان تكون الزيارة ليومين على الاقل. وافق اعضاء الوفد, ووصلوا ربوع هذا الوطن في صباح الاحد 24 من تشرين الاول, فضاقت الدنيا على فرحي حين استقبلتهم في بيتي الصغير!!
هنا عليّ ان اقر بتعاون وتجاوب الاخوة طاقم العاملين في مركز مساواة في حيفا.. اذ لبوا دعوتي لاستقبال الوفد ولتغطية جزءاً من مصاريف استضافتة!! فكان لهذه المساهمة دفع ذات بعد قوي, ساعدني على تنفيذ برنامج حافل باللقاءات والعلاقات الانسانية, ما بين اعضاء الوفد الضيف وابنا هذا الوطن الحبيب, من قادة وتشكيليين ومسرحيين وكتاب واصدقاء, ممن تربطني بهم علاقة ود منذ سنوات!! تحول اللقاء الذي كان عبارة عن زيارة ودية.. وجولة متواضعة في ربوع الجليل, الى زيارة تضامنية, ما بين وفد يناضل من اجل احقاق الحقوق الوطنية والشرعية للشعب الفلسطيني, وبين ابناء هذا الوطن الباقين والراسخين فيه, بقاء الزيتون والصبار وشمس النهار!! جاءوا ليتضامنوا مع زيتون فلسطين, فاذ بتلك الزيارة الخاطفة الى ارض الجليل, تصبح امتداد لرحلة التضامن مع فلسطين شعباً وارضاً وزيتوناً وقضية.!! وكانت نائبة مدير مركز مساواة رانية لحام اوال من التقى بهم , كما تواجد ايضاً الى جانبي صديقي الرسام مروان ابوالهيجا.
هؤلاء الذين جاءوا اليوم, عاشوا تحت وطئ الدمار والغبار, على ارض يعيث فيها الاحتلال قتلا وتشريداً!! اضافة الى حرمانهم, اسوة بابناء شعبنا هناك, من ابسط حقوق الحياة في العيش باطمئنان وسكينه. بعد ان تركوا اعزائهم من اجل التضامن مع اعزائنا, الا يحق لهم ان نكرمهم؟؟ على هذه الارض التي عرفت دوما كيف تكرم الغرباء؟!! لانها ارض الحياة والعطاء؟ ارض الزيتون والصبار وكل الانبياء؟! اهلا بكم اخوتنا في الفكر واخوة الشعوب.. اهلا بكم على ارض وطننا الباقي بقاء الازل. والى ان تشرق شمس الحرية فوق ثرة فلسطين السليبة.. سيبقى تضامنكم مع نضالنا, تضامنا اممياً يشد من ازرنا, ويوثق خطواتنا وايماننا بالثورة الحقة وسلام الشعوب.!!
لقاء الزيتون بالزيتون
هناك, هنا!! على ارض رامة الجليل.. بمحاذاة طريق صفد, تتربع دوحة زيتون لها من العمر اكثر من 3 الاف سنة!! وهذه العريقة في حب فلسطين, الفنانة المناضلة ساميه حلبي.. زيتونة العطاء المستمر, في لقاءهما, يلتقي الزيتون بالزيتون!!
وصلنا الى هناك, ووصل معنا صديقي الطيب باسل طنوس.. يحمل عتاده على كتفيه ويشغل الة التصوير المرئية, ليوثق بها هذا اللقاء الحميمي ما بين الانسان والوطن!! كان عندها اعضاء الوفد ينتشرون بين اشجار الزيتون المحاذي للطريق, كل يصور او يلتقط ما اراد!! ربما كانو بصتهم ينصتون الى اصوات الاشجار المحملة بثمار الزيت!! او انهم يستلهمون من صمود هذه الارض.. ما يزودهم بالتحدي ويعمق ايمانهم بعدالة من يتضامنون معهم!! اما ساميه فبقيت قريبة من دوحة الزيتون هذه.. تدخل في فراغات جذعها الضخم, تعانق اغصانها المشرأبة نحوا السماء, تلتقط لها الصور بفرح طفولي عظيم, وكانها تلتقي باعزاء طال فراقهم والغياب.!! آه يا صديقتي الغالية, هيهات لو تستطع الكلمات نقل لحظة عشق ثوري بين مناضلة ووطن؟!
" اعيدوني الى الغابة
الى الغابة اعيدوني ..
وبالاعشاب والسريس غطوني
اذا استشهدت بالغابة.!
.................
وناديني!
حوار القاتل المقتول في عصبي
يحررني من الايام والشكوى
ويسقيني.. على مهل,
عصير الريح واللهب
وتقتلني.. لاحييها
فلسطيني!!"
محمود درويش
هل صرخة شاعر فلسطين في قصيدته "خلف الاسلاك" كانت معنا هناك.!! ام انها انطلقت من ارض المكان قبل زمان؟! ليتردد صداها هنا في هذا الزمان؟! ام ان عناق الزيتون هو الذي اوحى بها اليّ! لتعود كلماتها متسربة كهجرة الطيور من عمق الذاكرة.؟! لست ادري؟؟ كل ما ادريه انني كنت هناك.. مرصوداً بصمت الشوق والحنين!! حين سأل الاعلامي غسان بصول الفنانة ساميه حلبي.. "- ماذا تشعرين وانت هنا ؟؟" اتسعت مساحة الابتسام على وجهها المكلل بهالة الوقار والمشيب, لتقول بثقة اقصى من الحقيقة.. " – انا هنا في بيتي .. في ارضي.. في وطني!! في كل بقاع الدنيا انا رغبية الا هنا."
ونحمل الفرح طي اعماقنا ونمضي, الى بلدة اخرى.. الى المحطة الثالثة في هذا النهار, لنلتقي والفنان النحفاوي اسامه سعيدو في مرسمه المشرف على الطريق الرئيسي, طريق عكا صفد.. لنجده في انتظارنا هناك!! ها هو اسامه سعيد يولد عبر فرشاته والوانه من جديد, يعود الى الحياة بفرح طفولي, اذ يكتشف مره تلو الاخرى, انه لا عمل للفنان المرهف الشعور والاحساس, سوى ان يبذل ذاته من اجل فنه!! فيعود هنا في المساحات الصغيرة الباقية, بين عشرات الاعمال والاشياء.. يقبض على فرشاته وينطلق بالعطاء, يرسخ انتماءه ورؤيته وابعاده الذاتية, في جدلية ما بين اللون والخط, وما بين البعيد والقريب, وما بين الآتي والراحل!! واعضاء الوفد الضيف بكل قاماتهم يدخلون الى المكان.. يلتقون باعماله الجديدة ويستمعون منه الى مداخلة حول هذه الاعمال, وابعادها اللونية والتشكيلية!! يمضي الوقت بنا.. ونرحل الى لقاء اخر!!
لقاء على العشب الاخضر
عندما مررنا ذهابا بالقرب من البعنه, ذكرت لهم اسم محمد بكري وفيلم جنين جنين.!! فتوترت دقات قلوبهم وارتفع هميم ضجيجهم فرحاً.. ولم اخبرهم اننا في ايابنا سنعرج على بيته هنا.!! الا في طريق عودتنا.. فبدأوا يستعدون لهذا اللقاء.
كان ابا صالح ومعه سعيد سلامه يجلسون بظل شجيرات حديقة امام ساحة باب الدار.. والعشب الاخضر بساطاً افترشه اعضاء الوفد, ليستمعوا منه بشغف الى قصته مع دولة الرفاه و"الديمقراطية".. من خلال تجربته الاخيرة في فيلم "جنين جنين"!! جلست ارقبهم من بُعد انا وصديقي مقبل شوفانية, الذي تبرع بسيارته ووقته ليقل خمسة من اعضاء الوفد في هذه الجولة الجليلية, وجلس معنا الصديق سعيد سلامه!! ولم انتبه كيف مر بنا الوقت, الا والفنان محمد بكري يحمل كومة من اشرطه فيلمه "جنين جنين", ويقدمها هدية لاعضاء الوفد!! ليحملها كل منهم الى بلده واهله وناسه.. وثيقة عن جرائم الاحتلال واراقة دماء ابناء الشعب الفلسيطني, تحت وطئ العنجهية والتفوق العسكري.!! هنا تختلط مشاعر الحزن الشديد بالفرح الشديد.. حين تلتقي بكبار القلوب والنفوس العظيمة من ابناء هذا الشعب.. وبالمقابل تحمل وثيقة الدم الذي دفعها ولا زال يدفعها, شعب جريمته الكبرى انه يريد ان يعيش حراً, في ارضه وعلى ترابه الوطني!!
كنت في الطريق قد حدثت الذين معي من اعضاء الوفد.. عن نضال رفاقنا الشيوعين القدامى.. وتصديهم لعمليات الاقتلاع والتهجرير, خاصة في هذا الجزء الحي من ارض الجليل, فبقي الناس في بيوتهم رغم العوز والخوف الشديد!! الا ان الموت على ثرى هذا الوطن, تحت وطئ الجوع والتحدي, كان ارحم بما لا يقاس من التهجير والذل والنوم على عتبات الدول الشقيقه.. هنا لنا بيت وارض ووطن!!
ودع الركب الفنان الفلطسيني الطيب محمد بكري.. وسافرنا عائدون الى شفاعمرو. فعرجنا على معصرة دار خنيفس القائمة في كرم الزيتون ناحية سفطعادي, والناس هنا في فرح ومودة يستقبلون ضيوفيهم من اين ما جاءوا. حجر الطاحونة يدور ويطحن الزيتون ليعصر الزيت, وكاميرا باسل الطنوس تدور بعدستها حول كل شيء, الا انها تستمر في رصد الحالة الحية لزمن يمضي, هي حوله كانها حجر طاحون يطحن الايام لنحتفظ بصورة عنها الى غد الايام والذكريات.
لقاء المساء
هو لقاء ود ومصافحة لايادي تعودت على العطاء. من الناصرة رئيس بلديتها الوفي الصديق رامز جرايسي وعقيلته حنان, مدير مسرح الميدان المخرج فؤاد عوض, الفنان المسرحي محمد عودالله. من شفاعمرو, سكرتير الجبهة زهير كركبي, ممثل الاداء المسرحي الصامت سعيد سلامه, الرسام محمد شلبك, معلمه الفنون عزيزه ذياب صاحبة "مكان" كانت هنا ايضاً, الرسامه الطالبه مياده حليم عبود. من حيفا الاستاذ الفنان عبد عابدي, مدير مركز مساواة الاستاذ جعفر فرح, والاخ فوراني. كما جاء المهندس وليد كركبي والرسامه ايرينا ونجليهما نديم. ومن نحف جاء الرسام الجليلي اسامه سعيد والرسام العائد حديثا من اكاديمية الفنون الجميلة في موسكو الرسام زهدي قادري, ولفيف من الاحبة ايضاً كانوا هنا.
تحدث في البداية رئيس بلدية الناصرة.. مرحباً بالضيوف ومقدراً دورهم في دعم نضال شعبنا الفلسطيني وتصديه لجرائم الاحتلال البشعه, وسرد للوفد الضيف رواية "الديمقراطية" الاسرائيلية, التي اطلقت, في هبة اكتور, النار على مواطنيها, وقتلت 13 عشر من ابناء هذا الوطن. وحدثهم عن ممارسات حرس الحدود والشرطة والجيش, وما ارتكبوه من جرائم في حق ابناء شعبنا.!! وعن التميز العنصري في تخصيص الميزانيات للمدن والبلدات اليهودية, باضعاف مما تحصل عليه مثيلاتها من المدن والبلدات العربية. وتحدث ايضاً مدير مركز مساواة الاستاذ جعفر فرح, وطرح امام اعضاء الوفد الضيف العديد من الامثلة عن القضايا الحقوقية, المدنية والسياسية التي يعالجها المركز.. وعن الاستحقاقات المدنية للمواطنين العرب الفلسطينين في اسرائيل, باعتبارهم الاصحاب الاصلين لهذا الوطن ولهذا التراب.
في ربوع الناصره
في صباح اليوم التالي.. تجول الوفد في سوق الناصره وبعض اماكنها الاثرية والسياحية. بدءً بساحة عين العذراء مرورا بالطريق المؤدي الى السوق ومن ثم طلعة الكازانوفا.. لم يسعفنا الوقت, فلم نستطع ان نوفي كل مكان حقه!! الا ان شيئا ما هو افضل من لا شيء.. فقد استغل اعضاء الوفد كل دقيقة هناك للتصوير والتعرف على ما يلتقون به!! وقد حمل بعضهم ما تمكنوا من شرائه من تذكاريات وقطع زينه لتذكرهم بالناصرة.
هناك اصتدمت ذاكرتي بوعد كنت قطعته على نفسي, يخص فاخورة حنا مسمار.. فحملت الوفد الى هناك! كان مفاجأة لابي حنا ونجله البكر بان آتي وهذا الوفد الضيف, الا انها كانت مفاجأة سرور وفرح, فقد فتح المكان ذراعية بمحبة وطيبة لاستقبال الجميع.. هنا التقوا بعبق التاريخ الممتد عشرات السنين الى الوراء, وهو يحمل في رأتيه عمر وعطر مؤسس هذه الفاخورة الفنان الطيب الذكر حنا مسمار. فاخذ الوفد بكل ما اوتيّ من وقت وامكانيات, يرصد المكان بالصوت والصورة.. ويتزود من هذه الحقيقة الباقية بعطاءها المجيد, لتؤكد انتماءنا الى هذه الارض وهذا التراب!!
حيفا.. اخر لقاء
في حيفا اجتمع الوفد الضيف امام عمارة "الكرمل", الواقعة بمحاذاة الطريق المتفرع من طلعت الجبل, بالقرب من سانت لوكس. فالتقى بعدد من المسؤولين من مركز مساواة وجمعية التوجيه الدراسي.. كان بينهم مدير جمعية التوجيه الدراسي الاستاذ مارون فرحات والاخت صوفي دلال, ومن مركز مساوة كانت نائبة المدير الانسه اديلا والمحامي نضال عثمان. وقد استمع الوفد الى قصة شراء هذه العمارة, التي ستصبح بعد ترميها مقر لجمعية التوجيه الدراسي ولمركز مساواة.. وتجول اعضاء الوفد في البناء وتعرفوا على اقسامه بموجب التخطيط الانشائي, المعد لترميمه واستعماله كبيت لطلاب الجامعين العرب اضافة لما ذكر انفاً.
من باحة عمارة "الكرمل", انتقل اعضاء الوفد سيراً على الاقدام نزولا, في شارع طلعة الجبل, متجهين الى مرسم الاستاذ الفنان عبد عابدي.. كان اللقاء حميمياً, التقى من خلاله اعضاء الوفد واعمال الفنان عابدي, واستمعوا منه الى شرح عنها وعن بعض من سيرته الفنية والحياتية في ربوع حيفا.. المكان والزمان!!
سلامات
بالفرح المشترك, والنضال المشترك, والعقيدة المشتركة.. بدأت رحلة الصداقة بيننا ايتها الزيتونة الوارفة العطاء.. ساميه حلبي! وبالمشترك فيما بيننا اودعك ومن معك على امل.. ووعد ووفاء!! من هنا كانت بدايتنا.. من ارض هذا الوطن!! ومن عقيدة البقاء الانساني, من بوتقة الفكر الماركسي البروليتاري جاء توافقنا, ومن ادوات التعبير اللوني ورحاب الفنون التشكيلية جاء عطائنا!! فانا ارفض ان اموت ما دمت استطيع الحياة.. وهنا سابقى على انتظار للقاء, ولقاء بعد لقاء. من اجل كل هذه الاشياء التي تجمعنا, ومن اجل هذا الوطن الذي ليس لنا من وطن سواه!!
#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)
Zahed_Ezzt_Harash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟