أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - من يونيو 1967 إلى يناير 2011!















المزيد.....


من يونيو 1967 إلى يناير 2011!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3386 - 2011 / 6 / 4 - 16:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لقد حار المسؤولون عمَّا حدث في "وصفه"؛ ثمَّ حاروا في "تسميته"؛ ثمَّ تواضعوا على أن يُسمُّونه "نكسة"، وكأنَّ ما حدث، وعلى هوله، ليس فيه ما يجعل كلمة "هزيمة" مؤدِّيةً معناها الحقيقي، أو معناها الوافي.. وكأنَّهم أرادوا أن يقولوا: لن نعترف بـ "الهزيمة" ولو عِشْناها، واقعاً وإرادةً وفكراً وشعوراً؛ لأنَّ "الهزيمة"، وعلى ما زعموا، لن تكتمل معنىً، وتَثْبُت وتتأكَّد، إلا إذا اعترفنا بأننا قد هُزِمْنا "في هذا الذي حدث" في الخامس من حزيران 1967، والذي إنْ وَصَفْناه بأنَّه "حرب" نُشوِّه "الحرب، معنىً ومنطقاً.

كان ممكنا أن نَنْظُر إليهم، وهُم في الصدمة، على أنَّهم كمثل ذوي ميِّت أبُوا الاعتراف بموته قبل دفنه؛ أمَّا أن يظلوا على إبائهم هذا حتى بعد 44 سنة من موته ودفنه فهذا ما يَسْتَغِلق علينا فهمه، ويصعب احتماله.

لا أعرف لِمَ وَقَع اختيارهم على كلمة "نكسة"، وصفاً وتسميةً، فأنتَ تقول، مثلا، إنَّ البرد "نكس مرض المريض"، أي أعاده إلى المرض. وتقول "نُكِس المريض"، أي عاوده المرض بعد الشفاء. وهذا إنَّما يعني أن لا وجود لـ "النَكْس (أو النكسة)" من غير وجود "المريض" الذي نَقِه من مرضه، أي الذي برىء؛ لكن ظل ضعيفاً؛ فهل كُنَّا عشية حرب 1967 أُمَّةً قد بَرِئت من مرضها، أو أمراضها، حتى نصف هزيمتها الكبرى بأنَّها "نكسة"؟!

وتقول "نكس رأسه"، أي طأطأه من ذُلٍّ وخزيٍ وإهانةٍ. وأحسبُ أنَّ "النكسة"، في معناها هذا، تَصْلُح وصفاً وتسميةً لحال العرب، ولحال "رؤوسهم" على وجه الخصوص، بعد تلك "الحرب"، التي ليست بحرب.

وكنتُ سأفهم "النكسة" في جزء من معناها الحقيقي لو أنَّ "المنكوسين" أحْيوا الذكرى، أي هذا الشيء الذي لم يَمُتْ، والذي ليس بذكرى؛ لأنَّه واقع لم نغادره ولم يغادرنا بعد، بـ "تنكيس الأعلام"، فإنِّي لم أرَ عَلَمَا من أعلامهم "الخفَّاقة" يُنَكَّس، على كثرة تنكيسه حِداداً على ميِّت أقل شأنا من ذاك الذي مات سنة 1967 وهو "خير أمَّة أُخْرِجت للناس"!

نحن لم نُهْزَم؛ بل دَخَلْنا الحرب بكل ما أوتينا من مواهب الخطابة؛ فإنَّها 44 سنة اسْتَنْفَدْناها ونحن نشحذ النصر على الجيش الذي لا يُقْهَر من عنده تعالى؛ نُعْلَف في زرائب السلاطين، ونركع، ونركع، حتى ملَّنا الركوع، لا عقل لنا، ولا رأي، ولا أقدام. كل جُمْعَة نُجْلَد بخطبة غرَّاء، تتوعَّد اليهود ودولتهم بالويل والثبور وعظائم الأمور؛ نُغنِّي، كل يوم، "إلى فلسطين راجعون"، وكأنَّنا نقول "إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون".

الخامس من حزيران 1967 هو يوم (أو ليلٌ) عربي لم ينتهِ بَعْد؛ لكنَّه شرع ينتهي إذ ثارت شعوبنا على جلاَّديها الذين لم يمارسوا الحكم إلاَّ بما جَعَلَهم الصُّنَّاع الحقيقيين لأسطورة جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يُقْهَر؛ فهؤلاء الحُكَّام، وليس الولايات المتحدة بتحالفها الإستراتيجي مع إسرائيل، وبانحيازها الأعمى إليها، هُمْ الذين هيَّئوا لعدوِّنا القومي الأوَّل أسباب النصر علينا، وأعدُّوا لهزيمتنا ما استطاعوا من ضَعْفٍ.

كان ينبغي لهم أنْ يستعيذوا من شرِّ هذا العدو بشعوبهم؛ فَيَهْدِموا "الدولة الأمنية" لِيَبْتَنوا "الأمن القومي العربي (ضدَّ إسرائيل)"، ويُحرِّروا شعوبهم ومجتمعاتهم من نير الاستبداد، ويُطبِّعوا العلاقة معها، قبل، ومن أجل، تحرير الأرض العربية من الاحتلال الإسرائيلي؛ لكنَّهم ظلُّوا أسرى مصالحهم الشخصية والفئوية الضيِّقة (والتي كلَّما أزمنوا في الحكم شسع البون بينها وبين المصالح العامة لشوبهم وأُمَّتِهم) ففضَّلوا السلام مع إسرائيل على السلام مع شعوبهم، والحرب على شعوبهم على الحرب على إسرائيل؛ ولقد تواضَع ثلاثة منهم (هُمْ المصري والليبي والسوري) إذ أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من السقوط على الاستعاذة بإسرائيل (ونفوذها في الولايات المتحدة وسائر الغرب) مجتهدين في إقناعها بمخاطر سقوطهم عليها، وبضرورة أنْ تدرأ تلك المخاطر عنها من خلال بَذْلِها ما يكفي من الجهد لِحَمْل الغرب على مدِّ يد العون والمساعدة إليهم في صراعهم (ضدَّ شعوبهم) من أجل البقاء؛ وكأنَّ شعوبهم الثائرة عليهم (من أجل نَيْل حرِّيتها وحقوقها السياسية والديمقراطية والإنسانية) هي "النار"، وإسرائيل هي "الرمضاء"، إنْ لم تكن "الماء" المُطْفِئة لهذه "النار"!

إنَّهم حُرَّاس الليل العربي الطويل، ليل الخامس من حزيران 1967، يَنْطقون، عن اضطِّرار، بـ "الحقيقة"، التي طالما سعوا في حجبها عن أبصار وبصائر شعوبهم بالأوهام والأضاليل؛ فإنْ هُمْ ذهبوا ذَهَب أمن إسرائيل واستقرارها، فبقاؤهم، الذي لا يُبْقي على شعوبهم وأُمَّتِهم، يُبْقي على أمن واستقرار عدوِّنا القومي الأوَّل، فسبحان الثورة التي ألْهَمَت نفوسهم فجورها!

بلسانهم الأوَّل، قالوا، أو قاءوا، هذا القول الذي لا يقوله إلاَّ كل حاكمٍ وَسِعَ كُرْسيِّه سماوات الوطن وأرضه، وعَزَم على الاحتفاظ به ولو من طريق الزَّجِ بقوى العدو الخارجي في حربه على "العدو الداخلي"، أي على شعبه الذي خرج من الأجداث إلى الحياة إذ نُفِخ في الصور.

أمَّا بلسانهم الثاني فظلَّ بعضهم يقول بما يعادي "الحقيقة" في "قولهم الإسرائيلي"؛ فثورة شعبهم عليهم إنَّما هي إسرائيل التي مع حلفائها في الغرب، تتربَّص بهم الدوائر؛ وكأنَّ "الرَّاية الحمراء" ترفعها شعوبهم ضدَّهم هي الطريق إلى "رايةٍ بيضاء" ترفعها الشعوب نفسها لإسرائيل!

ولقد "اكْتَشَفْتُ" حلاًّ "لغوياً" لهذا التناقض في قولهم وخطابهم؛ فإنَّ لـ "الممانَعَة" معنىً آخر، فممانَعَة نظام حكمٍ عربي لإسرائيل إنَّما تعني (لغوياً) محاماته ودفاعه عنها؛ وليس، من ثمَّ، من تناقُض بين قول حاكِمٍ عربي إنَّه ممانِع لإسرائيل، وقوله إنَّ ذهابه يَذْهَب بأمن إسرائيل واستقرارها!

ظلَّ يُعِدُّ لإسرائيل ما استطاع من قوَّة، ويتلو على أسماعنا "سورة الصبر"، ويُبشِّرنا بِدُنُوِّ ساعة "التوازن الإستراتيجي"، حتى خِلْناه قاب قوسين أو أدنى من دخول التاريخ بصفة كونه مُخْرِج النهار من ليل العرب الطويل؛ لكنَّه أبى إلاَّ أنْ يَدْخُل التاريخ بصفة كونه مُعذِّب وقاتل الطفل حمزة.

إنَّه الخامس من يونيو 1967 وقد شرع ينتهي بدءاً من الخامس والعشرين من يناير 2011؛ فرَأيْنا "الربيع العربي" يَخْرُج من "الخريف العربي" الذي طال؛ ولقد زال العَجَب إذ عُرِف وبَطُلَ السبب!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية -الثقب الأسود-.. كوزمولوجيا يخالطها كثير من الميثولوجي ...
- رد على الأستاذ نعيم إيليا
- كيف نفهم -المفاهيم-؟
- -الربيع العربي- إذا ما ألْهَم شعوب الغرب!
- الطفل حمزة يجيب عن سؤال -إصلاح أم ثورة؟-
- سيِّد نتنياهو.. اسْمَعْ ما سأقول!
- خطاب يشرح خطاب!
- -الحرِّية- هي مجتمع لا يُنْتِج ظاهرة -مخلوف-!
- ثلاثة مواقف فلسطينية لا بدَّ منها
- -المُؤْمِن- و-المُلْحِد-.. و-ثالثهما-!
- -العفو- شعار الثورة المضادة!
- الاقتصاد السياسي للرئيس العربي!
- نكبة فلسطين إذ شرعت تنكب صنَّاعها!
- قراءة في -فنجان- توسُّع -مجلس التعاون-!
- -أصل الأنواع- في -المعارضة العربية- البائدة!
- الثورة المضادة في مصر تتسلَّح ب -السلفيين-!
- من يحكم سورية؟
- -مساهمة- بن لادن في الثورات العربية!
- وما قتلوه..!
- أُولى ثمار الثورة المصرية كانت فلسطينية!


المزيد.....




- المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات ...
- أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم. ...
- كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك ...
- الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق ...
- فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ ...
- نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
- عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع ...
- كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
- آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
- العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - من يونيو 1967 إلى يناير 2011!