المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 3385 - 2011 / 6 / 3 - 18:15
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
تقديم:
في ما يتناقله الناسمن أخبار و شائعات حكايات عددا عددا عن تحولات معالم الحياة الجنسية في بعض المناطق التي تسود ثقافتها قيم السلوك الإسلامية، كما تشيع الآن شاعت أنباء الإغتصابات في النزاعات والحروب المحلية، وأنباء الإعتداء على كرامة الإنسان في المعتقلات وبيوت الأشباح، وغصب تلاميذ .. إلخ وتمحورت كل هذه الأخبار والأنباء حول "الجنس" في عهد سياسي للإسلام في السودان عرف منذ بداية التسعينيات بإسم مفخوم هو "التوجه الحضاري"! وهذا الإسم الترابي يؤشر الإتجاه إلى الحضارة غايةً أو إتجاه الحضارة إلى الله! وهما معنيان جدليان حل مقترح الإسم جدلهما بشكل لغوي بينما ترك تحديد طبيعة "التوجه" و"الإتجاه" نهباً لقوانين الحياة، ساكتاً عن إيفاء أكيالها وموازينها الإنتاجية والثقافية. وفي إجتماع حركة هذه الأمور من عمق النفوس والأرحام إلى الله سبحانه وتعالى مروراً بالحرب والحضارة والسيمياء يحاول هذا المقال كشف بعض من نقاط بنية وعلاقات وأشكال وأسباب ونتائج ذا الموضوع الحيوي.
1- في طبيعة الجنس:
الجنس ممارسة عضوية ضرورة لحيوية ووجود النوع البشري بذكوره وإناثه، وهو كنقطة رئيسة لتناسل البشر يمثل جزءاً من بنية ومجموعة علاقات "جسدية – نفسية" عامة وخاصة، تتسابق تأثيراتها معقولة أو حرة طلقاء تلقاء التكوين الذهني والتكوين الجسدي، للمجتمع وأفراده، والظروف التي تواجه كل شق لوحده أو تواجه الشقين معاً: فحين توجهه ذهنية أو نفسية أجملها القرءآن في جدليات النفس الأمارة بالسوء، والنفس الناهية، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة، قامت كثير من العلوم السلوكية أو النفسية لتحديد معالمها وعللها وطبها ولم ولن تقعد إلى نهاية لخلود التغير في الحياة، وأيما كانت طبيعة تنظير علاقات الجسد والذهن (النفس) فقد أخذ البشر وضعهم كأزواج وقبائل وشعوب من خلال عمليات متنوعة منها العمليات الجنسية لإنتاج ذواتهم وإعادة إنتاجها، إحكاماً أو تفكيكاً لعلاقات حيوية وجنسية سابقة.
2-من تاريخ الجنس في السودان:
تمثل الجنس في تاريخ المجتمع السوداني بمعالم عدداً فحواها تجديد وجود البشر سواء أكانوا من المهاجرين أو المقيمين وذلك ضمن علاقة الإمتلاك الإقتصادي السياسي السائدة، وكانت أشهر حالاتها: علاقة زواج المهاجرين العرب (والعرب أحفاد للنوبة من عماليق اليمن) سواء من أرستقراطية النوبة أو من عموم النوبيات والسودانيات على الأكثر، وما سبق ذلك وزامنه من نزاعات المهاجرين والأقوام الأصيلة في السودان، وما في النزاعات من إغتصابات في ذلك الزمن القائم على القوة والإستعباد والهضم.
هذه العمليات (الهجرة العربية والنزاع والتزاوج) التي رافقت تناقض وتحلل ثم إغتصاب الممالك النوبية الثلاثة تركت أثرها في تكوين أعراق وسط السودان وحتى في تصور أذهانهم لأحوال التزاوج والجنس: فبالإختلاط بين عامل البداوة الوافدة المستقوية وعامل الحضارة الفرعونية المقاومة والمتحللة في مشارف القرن السادس عشر لميلاد المسيح (ع) إنصبغت ذهنية ونفسية الناس بتصورات شديدة التوتر عن عمليات الجنس والتزاوج عرقيته وطبيعة عيشته وإقتصادياته وهذا التوتر الذهني عن التزاوج والجنس يزيد بتوتر الإقتصاد وصراع علاقاته الطبقية والإثنية وثقافتها، في بنيتين:
1- البنية الإقتصادية الطبقية-الإثنية-الثقافية المركزية السائدة.
2- البنية الإقتصادية الطبقية-الإثنية-الثقافية المهمشة أياً كانت غاضبة، أو رافضة، أو مقاومة، أو ثائرة.
3- الأزمة الجنسية:
1- طبيعة الأزمة:
"الازمة الجنسية" فهم (مفهوم ×) يرتبط بإختلاف الحياة الجنسية مع :
1- التكوين العضوي لواحد من أطراف العلاقة الجنسية (نوع الذكورة والأنوثة، ونضج الأعضاء)
2- الشفرة الثقافية أو النفسية الجنسية لطرف في العلاقة الجنسية (نضج فهم أبعاد العملية، ونضج الحس والشعور)
3- التكوين العضوي والتكوين الثقافي (أو) (و) النفسي معاً .
2- مكان الأزمة:
بحكم: كثرة العدد، وتنوع تركيبة إجتماع العناصر البشرية والثقافية والنفسية، وتوفر إمكانات الإتصال والإعلام، فإن المناطق الوسطى للسيادة الطبقية والأثنية-الثقافية قد تمثل بؤرة لإجتماع كل الأزمات المرتبطة بالتكوين والإعتبار الثقافي للعملية الجنسية أو ما يمكن تسميته بـ"الأزمة الجنسية".
3- طبيعة حركة الأزمة:
يزيد وجود "الأزمة الجنسية" أو يقل حسب طبيعة إرتباطها بالعلاقات الإقتصادية الإنتاجية وبالعلاقات الثقافية وصورها العلمية وطبيعة الفهوم والقيم السلوكية السائدة على المجتمع، وهي ككل علاقات سياسية يقوم السلطان الأعلى في كل دولة بتحديد أقدارها وأنصبتها وأقضيتها.
4- التربية والتعليم والإعلام والجنس:
1- فساد التربية والتعلم والتعليم:
في دول العالم الثالث تعتمد عمليات التعلم في المجتمع الأسلوب التقليدي الشفاهي أو الطقسي لنقل الخبرات المجتمعية عن الجنس والزاوج، أما عمليات التعليم الحديثة ففيها قليل عن معرفة أعضاء التناسل ووظائفها الولادية.
2- الإعلام والمعرفة والجنس:
في وسائط الإعلام الرسمية تحظر الإشارات المياشرة إلى الممارسات الجنسية السائدة وما ينبغي أن تكون عليه، بينما تنفتح التلفازات بمشاهد غرام من كل نوع! هذا النقل المشوه لخبرة المجتمع الجنسية المشوهة يكون بطبيعة الحالة معرفة جنسية مشوهة، ويشكل ذهنية أزمة جنسية لا تعرف بسهولة التناسق بين ذاتها وتكوينها الجسمي أو بين جسمها وتكوينها النفسي والثقافي ولا الإتساق النفسي والجسدي مع الحياة الإجتماعية حول الفرد، ولا الإتساق بين الحياة وقيمها.
3 – نتيجة كبت أو إطلاق معرفة (الحسيات) في ظروف مضادة:
من النقطتين 1 و2 أعلاه يمكن القول إن ما تقدمه وسائط التربية والتعليم التقليدية والحديثة والوسائط العامة لتكييف الأذهان وتوجيهها نحو "السلم الإجتماعي" بالإمتثال إلى "النظام العام" تقديم مختل يسهم في زيادة "الأزمة الجنسية" من حيث إن 1- ما يقدمه من معلومات مطفف الوزن نوعاً وعدداً، و2- بعد بعضه عن بعض الحقائق الإجتماعية والثقافية للتاريخ البيئي والإقتصادي السياسي لتأسس وتنوع الجنس في المجتمعات وظروف و وقائع إطلاقه أو كبته.
5- ظواهر للأزمة الجنسية(الإغتصاب، الإمتلاك، التزويج القهري، الختان، المثلية):
1- ظاهرة الإغتصاب:
1- تاريخ الإغتصابات القديمة وأفولها:
رجع زمان بعيد كان إغتصاب أنثى غريبة عرقأ أو ثقافة يعد فحولةً محمودة ثم صار الحمد سراً نتيجة التغيرات في النظام العام للمجتمع والدولة وتحوله من سيادة فرد أو شيخ القبيلة إلى سيادة الإنسان ممثلاً في الدولة الحديثة وقيام شرعيتها على إستواء البشر في الكرامة والحقوق وتمثلهم في أجهزتها وقيامها -ولو بشكل ظاهري- على صونها إياهم قبائلاً وشعوباً وأفرادا من الإعتداء على النفس والعرض والمال.
2- إغتصاب موارد الحياة والبلاد وعودة الإغتصاب:
مع قيام المؤسسات المالية الدولية بإكمال عملية نزع الإقتصادات الوطنية من مجتمعاتها، وإغتصابها الأمم ببرنامج "التركيز المالي والتكييف الهيكلي" وتصاعد التوتر والصراع الطبقي في شكل نزاعات وحتى حروب إثنية ودينية بين المركز السياسي الجغرافي بطبقته وثقافة إثنيته السائدة وبعض القبائل والقرى الثائرة في الريف المهمش المغتصب الثروات والجهود، عادت إلى الحياة الحاضرة مع ظاهرة تأنيث وترييف الفقر ظاهرة إغتصاب النساء خاصة مع قيام تركز رأس المال في مركز الدولة بإيقاظ هذه الحروب القديمة بين المركز والهامش وتجديده إياها.
3- تضاعف الإغتصاب:
لسبب من "الأزمة الجنسية" وضعف ثقافة الجنس عامةً ولضعف ثقافة الحد من الإغتصاب وتخلف علاج الضحايا المفعول بهم الإغتصاب والفاعلين له، فإن الإبلاغ عن إغتصاب، وضمان الحقوق الطبية والمعنوية والمالية للمغتصبة -نأهيك عن علاج القائم بالإغتصاب- يجعل أمر الإبلاغ نفسه وصون الحقوق والواجبات المتصلة بوقوع هذه الجريمة مسألة صعبة، محاطة بآلام قد تفوق ألم حادثة الإغتصاب بالنسبة للضحية، تزيد توتر الجنس في المجتمع.
2- ظاهرة الإمتلاك:
1- طبيعة الظاهرة:
ظاهرة إمتلاك الذكور للإناث أو العكس نادراً ملك يمين بالسلاح أو بالمال أو بالغلبة ظاهرة قديمة، ومن مظاهرها الحديثة ظاهرة الجنس بلا زواج، وظاهرة "الختف" وإسمها ملحون بمفردة "الخطف" ومفردة "الخفوت"، إذ يعرض سائق سيارة على فتاة أو إمرأة في الطريق العام مساعدته في نقلها وترحالها، ومع الموسيقى أو لطف الكلام تبدأ مراودة.
2- أسباب الظاهرة
1- الحاجة إلى كسر نمط الحياة الرتيب الخانق.
2- الحاجة إلى العطف أو الحب
3- تناقض المناخ الإجتماعي الذي يضج واقعه من البؤس والرتابة بينما تضج حكاياته وتلفازاته بقصص الحب والعشق.
3- النتيجة العامة لختف مدينة فقيرة!
ظاهرة "الختف" مشتهرة وذيوع حكيها قياس شعبي لتغيرات السلوك رغم ربطها بمدن أكثر شبابها الذكور فقير لا يجد عملاً، وإن وجد فإن عائد جهده لا يسد الرمق شهراً نأهيك أن يجد به مكاناً خلوة له، فالخاتفين قلة أثرياء ومتشبهين بهم. لكن المعتبر من تجدد ملك اليمين هو حدوثه آناء قيام القهر الطبقي والثقافي الإعلامي بإغتصاب المجتمعات، وهذا الغصب مع الحصار والضيق في معرفة ووعي أمور الجنس يزيد الأزمة الجنسية وتوالد فطرياتها في كل المجتمع.
3- ظاهرة التزويج:
1- طبيعة الظاهرة:
ظاهرة منتشرة في مجتمعات آسيا وأفريقيا بقيام أولي أمر فرد بتزويجه إتقاء شرور إجتماعية أو إقتصادية يتصوروها!
2- نتيجة العلاج بالداء :
هذا الزواج الذي يجهل طرفاه طبيعة شخصية بعضهم وأسلوب حياة الآخر وتفاصيله ينتج شروراً منها:
1- الطلاق ونشوء الأسرة الوحيدة الولي (أب أو أم) أو الأسرة المتعددة الأولياء (جدود وأخوال وأعمام)
2- تضاعف الأزمة الجنسية بـ:
أ- تشوه فهم طبيعة الأسرة
ب- توتر موقع الجنس في فهم الحياة الإجتماعية.
4- ظاهرة ختان الإناث:
1- أس ختان الإناث:
الختان ببتر وقطع جزء من أعضاء الإناث التناسلية، ظاهرة معروفة مبنية على إن أخلاق المرأة توجد في أعضاءها التناسلية لا في ذهنها! رغم إن كثير من المدانات مبتورات، وهو لا يقطع أعضاء الرجال بذات حجة منعهم من الفساد! في تعالي على ضكورة مفردة "الشيطان" في ثقافات القطع.
2- طبيعة الختان
عمليات بتر الأعضاء التناسلية وخياطة فتحة الأنوثة تتم بتزييف إحتفائي طقسي يزين للناس ما يفعلون، وتنجز عمليات الختن بأساليب وأشكال معيقة لصحة الممارسة الجنسية تمنع أو تقلل المتعة النفسية والحسية الموجبة فيها وذلك أمرضد كل الحقوق الطبيعية والدينية وهي جملة ً عملية معيقة للصحة التناسلية والبولية والنفسية وفي الولادة كثيراً ما تقتل أو تؤذي الأم أو المولود.
3- نتيجة الختان
1- إعاقة جنسية تتراوح شدتها وتسبب هذه الإعاقة المرض أو الطلاق أو الموت.
2- تكرس نقص الإشباع الجنسي وما ينتجه من موبقات في الحياة الخاصة والأسرية والعامة.
5 - ظاهرة الجنس بين مثيلي النوع:
1- طبيعة الظاهرة:
إنحصار رغبة وممارسة الجنس في نوع واحد من البشر بإختلاف مع وظائف الأعضاء التناسلية، وهي ظاهرة قديمة تتراوح بين العلن والسر، وتتأجج ثقافتها بالإستعباد والإستعمار وتركيز الثروات والبطر.
2- بعض آسباب الظاهرة:
تظهر بعض إحداثات المثلية بتزاوج الفصل العنصري والفصل الجنسي والكبت الديني لإختلاط الناس وتفاعل الذكور والإناث فتضطرب الشفرة النفسية والعضوية للفرد بإنضمار أو تقمص بعض معالم شخصية ذكر أو إنثى حوله فيختلف بشكل مؤقت أو دائم تصوره لطبيعة نفسه وتفاعله الجنسي في المجتمع.
3- من آثار الظاهرة:
1-دعوة للحفاظ على أخلاق المجتمع من الشذوذ والتغيير تحصر حرية التزاوج في المعلن المألوف للبشر.
2-تيار حقق في بعض أمريكا وأوربا حرية تزاوج مطلقة (مع حرية في تسجيل أو عدم تسجيل العقود).
3-بعض يقدر لأفراد المجتمع حرية علاقاتهم الشخصية، ولكنه يقيد التزاوج والتمظهر الخارجي للفرد.
6- المثال والحياة:
عرض الظواهر الخمسة السابق قد يكشف بعض التناقضات بين تصور الذهن للحياة والطبيعة العامة للحياة المعاشة، وينوه إلى إهتمامات ببعض الجوانب في واحدة أو أكثر من ظواهر "الأزمة الجنسية"، ولكن صعب علي فيه الإشارة إلى أي محاولة لعلاج الأزمة الجنسية والإجتماعية بطريقة شمولية سوى ما يقال ويكتب عن (تسهيل الزواج).
من ذا بالإمكان القول إن زيادة إغتصاب وإنتهاك الأوطان والمجتمعات بسلطان ذكور الطبقة الحاكمة وبنوكها صعبت عيشة الناس وتواصلهم وزادت ضعضعت القيم، وأصابت بالعشواء والرجعية بعض الأحوال الثقافية حتى جعلت كثير من مفردات اللغو والتخاطب اليومي تكشف عن رسوخ عناصر "الأزمة الجنسية" في الأذهان وتخديم هذه العناصر ولغوها كعيار أو ميزان لتقويم كثير من الأمور الموضوعية!!
في الحياة السوقية الحاضرة ذات القيم المزدوجة فإن الفتاة المنشرحة للحياة المتفتحة في تعاملها وملبسها كثيراً ما يصمها بعض الناس بلون من البغاء، كذلك الفتاة الوجلة المتحجبة المتحفظة في تعاملاتها توصم أيضاً بالغباء وبالبغاء، وكل يغني لليلاه! وكذا التحقير بـ"المثلية" ضد أهل الزي أو الأسلوب أو حتى الرأي المخالف للحال السائد!
وفي الحالتين اللتين تختلطان بنقاش الأمور العامة يدل شيوع تسميات التحقير إما على ضعف إمكانات فهم الموضوع وطبيعة نقاشه بين أطرافه، أو على عجز في التعبير بأدب، إذ يشرع الطرف ضعيف الفهم أو التعبير حين أو قبل إحتدام الإختلاف إلى قذف مخالفيه بطوب المثلية، بدلاً عن تحديد نقاط الإتفاق والإختلاف والإفادة بها. وقديماً صرح زعيم الحزب الشيوعي السوداني الشهيد عبدالخالق محجوب بأمرين جدليين في ما معناه: ((أن مجتمعاتنا لا تفرق بين الدعوة والداعية)) و ((أن الشريف يواجه الفكرة بالفكرة)). والمقولتان في جدلهما النسبي تبعثان على تفكير عميق في أمرين متواشجين هما: كيفية تغيير جزء من المجتمع (ثورةً) دون خدش مسكوتاته؟ وكيفية التعامل مع التفكير الإقصائي؟
7 – "سوق" الكبت والرسملة ضد "جنس" الوعي والحرية :
تؤدي سيطرة رأس المال على موارد وعمليات الإنتاج وعلى خدمات المياه والكهرباء والتعليم والعلاج وعلى السياسات المرتبطة بتوزيع جهود الإنتاج وخيراته، وعلى إمكانات التعليم، والإعلام وعلى تمويل أئمة المساجد إلى فرض سيطرة طبقة ملاك رأس المال على المجتمعات وقهرها إياها بكل ما فيها من إناث وذكور، بينما تنحصر أوسع الإمكانات والحريات والحقوق في يد ذكور وإناث الطبقة المسيطرة! وحينها لايجد المُهمشين أو المستغلين إمكاناً لممارسة وجودهم وحيواتهم الجنسية داخل بنية القيم السائدة فيضمروا ويكبتوا ذواتهم وبعضهم أو يختلسون المتعة مع أفراد أو بقايا الطبقة المسيطرة.
بعض ظروف وأشكال العلاقات الجنسية المواشجة لتكون عناصر ومفردات البلاد والمجتمعات تنضمر في الحكي والأمثال والنكات والشتائم ممثلة ذاكرة ثقافة جنسية جماعية ترتبط بجدل عمليات السيطرة وعمليات التحرر الفردية: حيث تضحى السيطرة على ذكر أو أنثى توكيداً عالياً للذات، كما تمثل الحرية الفردية من سلطة وقهر الجنس الآخر توكيداً عالياً للذات، هاتان الحالتان:
1- حالة توكيد الذات بالسيطرة (العنف، الإغتصاب، بيت الطاعة، الإيقاف عن الزواج بتعليق الطلاق)
2- حالة توكيد الذات بالتحرر والإنعتاق من سيطرة الآخر (الممانعة، الممارسة مع آخر،الهروب، الطلاق)
تتم الحالتان في يحموم تشوش شديد بين الوعي والوهم: الوعي بأبعاد الحرية الفردية، والوهم بأن تحقيقها أو تحقيق بعض منها هو الحرية كلها!
أما في يحموم علاقات السيطرة الإقتصادية والكبت فإن حرية السوق تفرض إنفراط القيم الإجتماعية والإنسانية وتسليعها لأجل الربح، وبمنطق السوق في إحتكار الأرباح لمُلاك رأس المال وتوزيع الخسائر على الجميع، بما في ذلك الأرباح والخسائر الشخصية والإجتماعية فإن منطق البيع والربح يهدم حتى قيم السلوك الجنسي التي نفعت السوق كـ :
1- قيمة إستقرار الأسرة وتوفير حاجاتها، حيث توفر المال يوفر علاقات جنسية خارج الأسرة أو خارج البلد.
2- قيمة الرشد الإجتماعي في حساب أرباح الحياة وخسائرها: فبتحول كل شيء إلى سلعة تتحطم قيمة السكينة إلى فرد معين والوفاء له، فيشهد المجتمع علاقات أو نزاعات هذفها كسب الأموال أو على الأقل تحسين الوضع المادي.
8- السؤآل:
* هل الأمور والوقائع الجنسية الحادثة ضد منظومة القيم الحاكمة تمثل إنتفاضة أو ثورة جنسية تهدم أحد أضلاع مثلث اللجلجة: (الجلالة، والتملك الخاص لموارد الحياة، والجنس) بينما تقيم بنية جديدة للإنفتاح الحياتي والذهني؟
* هل الإنفتاح الجنسي هوس يعوض به الناس فشلهم في الصراع ضد الحكم الذي يغتصب حقوقهم والمدافعين عنها؟
محاولة الجواب على هذه الأسئلة بتحميل كينونة واحدة مسؤولية (الإنهيار) أو (التطور) الأخلاقي أو السلوك الجنسي تخطئي بإبعادها العوامل التاريخية الموضوعية لتأثير أحوال الإقتصاد والسياسة والمجتمع والثقافة في الحياة الجنسية للمجتمع بكل ممارساتها وقيمها.
التصور المفتوح لإجتماع العوامل التاريخية الموضوعية في إجابة متسقة فملامحه تشيء إن الثورة القادمة ضد أسس النظام الإقتصادي السياسي القائم ستشمل بتحطيمها أو ببناءها الجديد حتى الجوانب التي كانت تصور في الثقافة السائدة وأجهزة الإعلام بإعتبارها أشياء بعيدة عن الإقتصاد والسياسة بينما هي عروة الحيوية الإجتماعية الثقافية لهم.
9- الجنس الحضاري:
ممارسات جنسية ذات صحة وجمال وحميمية ولذة حسية وجدانية متناسقة تنشأ وتستمر في مجتمع متسق نمط إنتاجه مع نمط حاجاته مع نمط إشباعه ومع بيئته، مجتمع خال من علاقات الإغتصاب والخداع والإخضاع والقهر في أسس حياته أي في ملكية أرضه وموارد ووسائل عيشه وتقدمه، أما في المجتمعات المشوهة التركيب فأمر الممارسة الجنسية ذات البهجة المستمرة أمر يحتاج تحقيقه إلى ثورة جذرية تحرر الناس أولاً من إغتصاب رأس المال لموارد حياتهم ووسائل عيشتهم وبالتالي من إستغلال وتهميش بعضهم لبعض، ثورة تضع بحساب جهودهم وحاجاتهم الآنية والمستقبلة أسسأً عادلة للتعاون أو التنافس بينهم كذكور وإناث أفراداً وجماعات، ثورة للإشتراكية العلمية بين الناس في أسس العيش والحياة، تلك الإشتراكية التي تُفتِح لهم عروة الحيوية الإجتماعية الثقافية للإقتصاد والسياسة والسلام والجمال، حيث التعلم والشباب والإعلام جدل بين العلوم والموسيقى والأزهار بدلاً لأحاديث الإفك و البرآءة...ثورة حقيقية مستدامة لأجل جنس حضاري تحضر فيه قيم الجمال في الحياة بدلاً لقيم المال.
(إنتهى المقال)
مراجع تفيد في إثراء موضوع المقال:
عن الجنس
Peter Stearns
Sexuality in World History
Taylor & Francis, 2009
Peter Aggleton
Culture, Society and Sexuality: A Reader
Taylor & Francis, 2007
Donald Symons
The Evolution of Human Sexuality
Oxford University Press, 1981
Michel Foucault
The History of Sexuality
Vintage Books, 1980
Robert Baker, Frederick Elliston
Philosophy & ٍSex
Prometheus Books, 1975
Alan Soble, Nicholas P. Power
The Philosophy Of Sex: Contemporary Readings
Rowman & Littlefield, 2008
Gail Hawkes
Sociology of Sex and Sexuality
Open University Press, 1996
Igor Primoratz
Ethics and Sex
Routledge, 2003
Erick Janssen
The Psychophysiology of Sex
Indiana University Press, 2007
Paul Abramson, Steven Pinkerton
Sexual Nature, Sexual Culture
University of Chicago Press, 1995
عن الجنس في أفريقيا والسودان العربي الأفريقية
Eleanor Maticka-Tyndale, Richmond Tiemoko, Paulina Makinwa-Adebusoye, P. Kofo Makinwa
Human Sexuality in Africa: Beyond Reproduction
Africa Regional Sexuality Resource Centre, Jacana Media, 2008
Signe Arnfred
Re-thinking Sexualities in Africa
Nordic Africa Institute, 2003
عن الأزمة الجنسية
John Bancroft
Human Sexuality and its Problems
Elsevier Health Sciences, 2009
Robert Crook, Karla Baur
Our Sexuality
Thomson Learning EMEA, Ltd, 1996
Paul Abramson, Steven Pinkerton
Sexual Nature, Sexual Culture
University of Chicago Press, 1995
Larry Nucci
Conflict, Contradiction, and Contrarian Elements in Moral Development and Education
Routledge, 2005
Stephen Ellingson
Religion and Sexuality in Cross-Cultural Perspective
Routledge, 2002
عن علاقة التربية والتعلم والإعلام بطبيعة الجنس
Judith Still, Michael Worton
Textuality and Sexuality: Reading Theories and Practices
Manchester University Press ND, 1993
Clint Bruess, Jerrold Greenberg
Sexuality Education: Theory and Practice
Jones & Bartlett Learning, 1988
Laura Castaneda, Shannon Campbell
News and Sexuality: Media Portraits of Diversity
Sage Publications, 2006
Rodger Streitmatter
Sex sells! The Media s Journey from Repression to Obsession
Westview Press, 2004
Barrie Gunter
Television and Sex Role Stereotyping
Libbey, 1986
Jane Arthurs
Television and Sexuality: Regulation and the Politics of Taste
McGraw-Hill International, 2004
Ann Hall, Mardia Bishop
Pop-porn: Pornography in American Culture
Greenwood Publishing Group, 2007
Ali Darwish
Social Semiotics of Arabic Satellite Television: Beyond the Glamour
Writescope Publishers, 2009
Paul Abramson, Steven Pinkerton
Sexual Nature, Sexual Culture
University of Chicago Press, 1995
Daniel Bell
The Cultural Contradictions of Capitalism
Basic Books, 1976
التملك الجنسي المؤقت وتعدد الإرتباطات الجنسية
Garth Mundinger-Klow
Online Dating and Casual Encounters: Case Histories, Hook Ups, and Adventures in the Era of the New Sexual Revolution
Olympia Press, 2011
http://en.wikipedia.org/wiki/Polygamy
Kathleen Barry
Female Sexual Slavery
NYU Press, 1984
الإغتصاب
Paul Tabori
The Social History of Rape
New English Library, 1971
Lamar Middleton
The Rape of Africa
Negro Universities Press, 1969
A. Groth, H. Birnbaum
Men Who Rape: The Psychology of the Offender
Perseus Books Group, 2001
بتر أعضاء المرأة الجنسية
Rogaia Mustafa Abu Sharaf
Female Circumcision: Multicultural Perspectives
University of Pennsylvania Press, 2007
Daniel Njoroge Karanja
Female Genital Mutilation in Africa
Xulon Press, 2003
Bettina Shell-Duncan, Ylva Hernlund
Female "Circumcision" in Africa: Culture, Controversy, and Change
Lynne Rienner Publishers, 2000
التزويج القهري
http://en.wikipedia.org/wiki/Arranged_marriage#A_culture_of_arranged_marriage
Amitrajeet Batabyal
On the Likelihood of Finding the Right Partner in an Arranged Marriage
Department of Economics, Rochester Institute of Technology
Guity Nashat, Judith Tucker
Women in the Middle East and North Africa: Restoring Women to History
Indiana University Press, 1999
أثر بعض الأحوال العنصرية والإجتماعية والثقافية على الجنس
Naomi Zack
Race/Sex: Their Sameness, Difference, and Interplay
Routledge, 1997
Religion and Sexuality
http://en.wikipedia.org/wiki/Religion_and_Sexuality
Mark Yarhouse, Lori Burkett
Sexual Identity: A Guide to Living in the Time between the Times
University Press of America, 2003
Stephen Murray, Will Roscoe
Islamic Homosexualities: Culture, History, and Literature
New York University Press, 1997
Scott Alan Kugle
Islamic Reflection on Gay, Lesbian, and Transgender Muslims
Oneworld Publications, 2009
Environment and Sexual Orientation
Stephen Ellingson
Religion and Sexuality in Cross-Cultural Perspective
Routledge, 2002
James M. Arlandson
Slave-Girls as Sexual Property in the Quran
http://www.answering-islam.org/Authors/Arlandson/women_slaves.htm
عن الجنس بين مثليي النوع
http://en.wikipedia.org/wiki/Homosexuality
Noretta Koertge
The Nature and Causes of Homosexuality: A Philosophic and Scientific Inquiry
Routledge, 1982
Stephen Murray, Will Roscoe
Boy-Wives and Female Husbands: Studies of African Homosexualities
Palgrave Macmillan, 2001
Ifi Amadiume
Male Daughters, Female Husbands: Gender and Sex in an African Society
Palgrave Macmillan, 1987
http://en.wikipedia.org/wiki/LGBT_history
في التناقض والتضاد بين ديكتاتورية السوق وجنس الوعي و الحرية
Sydney Ember
Capitalism-and-Sexual-Oppression-Linked
The Brown Daily Herald 22-09-2009
http://www.browndailyherald.com/capitalism-and-sexual-oppression-linked-says-activist-1.1907411
Rosemary Hennessy
Profit and Pleasure: Sexual Identities in Late Capitalism
Routledge, 2000
Bertell Ollman
- Social and Sexual Revolution: from Marx to Reich and Back
http://www.nyu.edu/projects/ollman/docs/ssr_ch06.php
-Alienation: Marx s Concept of Man in Capitalist Society
Cambridge University Press, 1976
عن الجنس الحضاري
Sigmund Freud,
Collected Papers (2): Civilized Sexual Morality and Modern Nervousness,
Longman, 1948, Also in Philip Rieff
Sexuality and the Psychology of Love
Collier Books, 1963
تنويـــه:
الفكرة المركزية لهذا المقال هي الإشارة إلى "الأزمة الجنسية ومظاهرها". وقد قمت الآن وبتحسينات عددا بإعادة كتابة ونشر هذه الفكرة المقال التي سبق لي نشرها سنة 1996 في جريدة "الخرطوم" الغراء المصدرة من القاهرة. وذلك مع تواتر أنباء الإغتصابات في دارفور ثم في الثورات العربية وإذ يواجه عدد من صحافيي السودان منهم الإنسان والصحافي المهذب الصبور الأستاذ فيصل محمد صالح إجراءات محاكمة جزاء نشره أراء حول تهمة عن قيام أجهزة أمن الحكم بإغتصاب معارضة، فأعدت كتابة هذا المقال ونورته بمراجع تجعله أكثر فائدة في موضوع فهم وعلاج الأزمة الجنسية في مجتمعاتنا الرأسمالية المهمشة والمثقفة بأجزاء معينة من التواريخ العربية الإسلامية.
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟