أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - عمر الخيام بين الخمرة والتصوف














المزيد.....

عمر الخيام بين الخمرة والتصوف


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 3385 - 2011 / 6 / 3 - 11:53
المحور: الادب والفن
    



لعل الفيلسوف والشاعر عمر الخيام اكثر الشخصيات التي خضعت للجدل والتنقيب والترجمة ، وهو اوفرها حظا بانصراف مترجميه الى تغليب طابع المجون والتهتك لديه ، على الافتراض الآخر الذي يقضي بانه كان ناسكا تميز شعره بالرمزية الصوفية خصوصا وان مصطلحات الصوفية لاتظهر لدى الخيام الا لماما ، فهو لم يكن كالحلاج ولا كابن الفارض وحتى لم يتشابه مع جلال الدين الرومي ، مايؤشر ان لاآراء دينية عرفت عن الرجل ولاتنظيرات ، فهو عالم الفلك والرياضيات الذي علينا ان نخرجه من دائرة الفلسفة ايضا ، فهذا اليوت يقول: ( لم يقم لا دانتي ولاشكسبير بتفكير حقيقي ، فهما ليسا فيلسوفين ، وانما هما اديبان لكل منهما فلسفته الخاصة في الحياة) ، مايعني ان الاحساس هو ميزان القول لدى الشعراء ، ان محاكاة الطبيعة باحساس كاحساس الخيام هو قمة الشاعرية ، مع ارتطامه بالوجود تارة ، ومعاناة الحياة تارة اخرى الا انه لم يفسر ظاهرة من ظواهر الوجود ولم يدعي كشف الحقيقة ؛ مايعني ان الهوة سحيقة وكبيرة بين الشعر والفلسفة .
كثير من الدارسين انعطف الى الرأي الاخر في ان الخيام متصوف كبير وشيخ طريقة معروف حتى لقب بالامام والحجة والحكيم ، في حين آثر البعض الاخر في السير باتجاه ان الخيام كان ماجنا عربيدا متهتكا ونعته بشتى التهم ، واقوى ماموجود لدينا من تراث الشاعر الكبير هي رباعياته التي ترجمت الى اكثر اللغات الحية ، ونوقشت من قبل اساطين الادب والنقاد الكبار ، ومع ان الترجمة اعتداء على الشاعر الا ان حقيقة الخيام ظهرت عبر ترجمة رباعياته ، وكانت اول ترجمة للشاعر وديع البستاني عام 1912 ، في حين ترجمها الشاعر احمد رامي عام 1928 لتكون الترجمة المليئة بالغنائية ، وتتالت الترجمات ليأتي الزهاوي واحمد الصافي النجفي الذي اوصى بعدم طبعها في حياته ، لما فيها من ذكر الخمرة والمجون ، ويصرخ الخيام من اعماق التاريخ ليداعب صوته اسماعنا ويضع بين ايدينا مانعاني منه الان فيقول بحسب ترجمة الشاعر العراقي محمد محسن السيفي:
( مفتيا ما انت بالفتوى ترى افضل منا
ياجهولا نحن اصحى منك بالسكر لانا
نحتسي الكرم وتحسو انت اكبادا وجفنا
فاجبنا منصفا كن اينا احقر شأنا )
وبهذا يكون الخيام قد اكد تخليه عن التصوف ، ليكون شاعر الوجود والوجدان فقد طغى به احساسه وهو الفيلسوف الى ترجيح كفة الشعر لديه ، ولينتفض الشاعر ليعاند الوجود تارة وليحاكي الخزاف تارة اخرى من ان الطين الذي يلعب به ويصنع منه كوز الماء هو بقايا فتاة جميلة ويخاطب السائرين بحسب رباعياته التي ترجمها الشاعر احمد رامي ، : فامش الهوينا ان هذا الثرى من اعين ساحرات الاحورار ، وهذا يحسب له كشاعر ولايحسب عليه كمتصوف ، فهو نأى بالشعر كثيرا نحو عوالمه الحسية ليدع العقل للفلاسفة وليدفع المعرفة عن نفسه ، فهو ليس العارف جلال الدين الرومي ذو النشأة الدينية الخالصة ، وليس كالخباز حافظ شيرازي الذي خبز الوجود فاعطى غذاء صوفيا مختلفا ، انه الشاعر عمر الخيام الذي استهوى الناس برقة اسلوبه وشطحاته التي تعبر عن عقلية فيلسوف بروح شاعرة تتخلى عن العقل والبحث البرهاني ومعرفة الحقيقة التي لم يدعيها وانما الصقها له الاخرون .
ان عمر الخيام نادرة من نوادر الدنيا وهو في هذا لايختلف عن كبار الشعراء من العرب كالمتنبي وابي تمام وغيرهم ، وباحساسه فحسب طرق اسماع العالم من متذوقي الشعر الراقي الذي يكشف بعض الشيء بروح الكاهن والساحر عن عوالم الغيب المخفية ، انه مبدع من المبدعين من الذين ابتكروا طريقة جديدة في حساب الاشياء بعيدا عن عوالم الفلك القصية ، فحذى حذوه كثير من الشعراء واصبحت رباعياته طعام موائد الادباء لرقتها وعذوبة اسلوبها، مع ان الخيام عاش في عصر مضطرب بالاحداث وكانت الامة الاسلامية فيه قد براها التمزق والانقسام ، لكن الخيام استطاع ان يصنع عالمه الجميل ليضع بين ايدينا دوبيتات غاية في الروعة ، وليترك للدارسين عناء البحث في اشكالية الخمرة والتصوف والفلسفة.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقص على ناصية الليل
- بيت من زجاج
- الذهبيات
- هي
- ياليل حلّق
- غزال الليل
- ربما تخدعني الورده
- ابا الهول
- انتظري ريثما ينضج التين
- اقتلاع الاظافر
- اطلقي العنان لثغرك
- قليلاً من الصمت فوق القبور
- انا كنت صياداً فخانتني فخاخي
- اطلقي لشعرك العنان انا ساطلق العنان لخمري
- اقبّلُ منك ما لايرى الآخرون
- ساحترق
- ساسال عنك الله
- نجمة مذنبة
- مرثية حب مات
- الى امرأة لا اعرفها


المزيد.....




- مهاتير: طوفان الأقصى نسف الرواية الإسرائيلية وجدد وعي الأمة ...
- باللغة العربية.. تعليق -هزلي- من جيرونا على تصدي حارسه لثلاث ...
- ميكروفون في وجه مأساة.. فيلم يوثق التحول الصوتي في غزة
- عبد اللطيف الواصل: تجربة الزائر أساس نجاح معرض الرياض للكتاب ...
- أرقام قياسية في أول معرض دولي للكتاب في الموصل
- ” أفلام كارتون لا مثيل لها” استقبل تردد قناة MBC 3 على الناي ...
- جواهر بنت عبدالله القاسمي: -الشارقة السينمائي- مساحة تعليمية ...
- لم تحضر ولم تعتذر.. منة شلبي تربك مهرجان الإسكندرية السينمائ ...
- بقفزات على المسرح.. ماسك يظهر بتجمع انتخابي لترامب في -موقع ...
- مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - عمر الخيام بين الخمرة والتصوف