جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3383 - 2011 / 6 / 1 - 14:58
المحور:
كتابات ساخرة
الكلب الأردني أولا يفهم على نباح الكلب المصري أو الخليجي ويتعامل بسرية مع كلاب الدول المجاورة فأهم اتفاقية بين الكلاب هي مضايقة المواطن العربي إذا انتقل من الأردن إلى السعودية أو الإمارات العربية المتحدة, فقيشعر الأردني في الإمارات بأنه ما زال مطاردا من قبل الكلب الأردني وكذلك الإماراتي أو أي عربي آخر إذا انتقل من موطنه الأصلي إلى موطن عربي آخر على حسب ما تنصه القوانين المتعلقة بنقابة الكلاب وهذه حقيقة علمية تثبتها المواثيق الدولية بين الكلاب العرب , والكلب الأردني لا يوجد مثله كلب في الحقارة وفي الوساخة, وسلالته ليست سلالة أصيلة, ويختلط بأي كلب متشرد وينجب من أي كلبة متشردة ولا يراعي أصله وسلالته أو أصل الكلبة التي يريد الإنجاب منها وسلالتها, لذلك ما زالت كلابنا غير مثقفة ولا تفهم معنى الصداقة وتعض صاحبها وتطارد الشرفاء ولا تطارد أللصوص, والكلب العربي إجمالا كلب مش متعلم ولا مثقف مثل الكلاب الأجنبية المحافظة على سلالتها العريقة, فالكلاب الأجنبية هي وحدها التي تحمي صاحبها وتقود الأعمى في الطرقات ولا تختلط بالكلاب المتشردة والهائمة على وجوهها, إلا الكلاب العربية, فالكلب العربي يقود صاحبه إلى حدفه(حتفه) للإيقاع به في الحفرة إذا كان صاحبه أعمى أو مبصرا, فالكلب الذي عندنا ليس كالكلب الأجنبي في السلوك وفي الأخلاق فكل الكلاب الأردنية والعربية هائمة على وجوهها ومتشردة, فكلابنا تتعامل مع اللصوص ولا تتعامل مع الشرطة وفي أغلب العائلات الانكليزية أو الأمريكية على وجه الخصوص كلب يحميها ويؤنس وحدتها ويلاعب أطفالها إلا كلابنا التي همها زعزعة الأمن والنظام وللقضاء على الطبقة الوسطى ,وهنالك جمعيات أجنبية ونقابات تهتم بصحة الكلاب النفسية والجسدية لأن هدف الكلاب خدمة المواطن, إلا نحن العرب أو الأردنيين فنحن نختلف عن العائلات الراقية والمتقدمة جدا فنحن نظنُ أنفسنا أكثر رقياً من العائلات الأمريكية والانكليزية لأنه لكل عائلة أردنية كلب ينهش لحمها ويلعق دمها ويتآمر عليها, وكان في حارتنا أو في عائلتنا كلب يطاردني ليل نهار, وقد ترك الكلب مهنته القديمة وتركني وحيدا بعد أن اعتدتُ على عضاته, وبما أنني اعتدت على عض الكلب لي كل يوم وكل صبح وكل مساء فقد خرجتُ من بيتي صباح اليوم باحثا عن كلب يعضني ويلعق دمي وينهش بلحمي, وسألت الناس وكل الجيران إن كان لديهم كلب يعطونني إياه ليعضني عضة على اليد التي تؤلمني, فاعتذر الجميع وقالوا بأنهم هم أيضا لا يستطيعون العيش بدون كلب يعضهم وينهش بلحمهم ويرهب أبنا أهم , وعلى فكرة كافة شعوب العالم لديها كلاب تحرسها وتحميها من الأعداء إلا نحن فلدينا كلاب من نوع آخر, فكلابنا تتآمر مع الأعداء علينا وتنهش بلحمنا وتجعل ظهورنا مكشوفة للأعداء وأسوارنا غير محمية فهي التي تسمح للأعداء بالتسلق من فوق الأسوار لسرقتنا ومداهمتنا ليل نهار.
والكلب الحقير الذي كان بحوزتي كان ينبح في وجهي إذا دخلتُ بيتي أما إذا دخل بيتي غريبا فإنه يركض ويلهث تحت قدميه ولا يكل ولا يملُ من عضي ومن لعق دمي ومن اقتفاء أثري أينما أحاول الاختباء عنه, وكان يستنفر معه مجموعة الكلاب لملاحقتي أينما أذهب, وكنت في البداية منزعجا من صوت الكلب ومن ملاحقاته لي هو ورفاقه الذين يحملون على أكتافهم علامات النصر والفخر والارتقاء قد كان سيدهم يكافأ هم على نباحهم وعلى جرائمهم وعلى عدد عضاتهم, فكان يلقي لكل كلب لحما وعظما على عدد ما يقدم من عضات وعلى عدد ما يرتكب من جرائم بحق الناس, إن كلابنا والحمد لله مؤمنة بالقضاء وبالقدر وتؤمن بأن العضة مقدرة من ألله ومكتوبة في كتابه, وكنت أنزعج من أسلوب الكلاب الحقيرة وخصوصا حين يبدون نذالتهم وسفالتهم في تخويف الناس من الاقتراب مني فكنت أقول للكلب المسئول عن عضي: يا كلب يا حقير عظني كيفما تشاء فأنا أدمنت على عظاتك وعلى أسنانك ولكن دعني مع الآخرين وشأني لا تُرهب الناس مني, وكان أكثر شيء يزعجني أيضاً هو هروب الناس مني وخصوصا حين يعرفوا بأن الكلاب تلاحقني فكانوا جميعهم يتركوني في العراء وحدي خشية أن تنالهم من أحد الكلاب عضة تودي بحياتهم, لذلك تجنب الناس لفترة طويلة الجلوس إلى جواري فكان الذي يجلس إلى جواري ينهض بسرعة حين يكتشف أنه بجانب رجل مطلوب للكلاب وكان يقوم من جواري وكأنه يقوم من جانب إنسان مصاب بأنفلونزا الطيور أو الخنازير أو أنفلونزا الكلاب نفسه, وهذا هو الصحيح إذ كانت الناس تنهض من جواري لأنني كنت في نظرهم مصابا بأنفلونزا الكلاب السرية , وكان يخاف الناس من مساعدتي أو معاملتي أو التعامل معي ولو بشكل مخفف إلا حينما تشعرُ الكلابُ وتحنُ على وضعي أكثر من أهلي وجيراني وتخيلوا معي كيف أن الكلاب كانت أحيانا تشعر بي وجيراني وأهل حارتي لا يشعرون بي, فكانت الكلاب أحيانا تحس بشفقة تجاهي فتأمر أحد أقربائي من الذئاب أو الضباع بمساعدتي, ويوما على يوم وشهرا على شهر وسنة بعد سنة اعتدت أنا على وضعي المهين وعلى ملاحقة الكلاب لي ومضايقتها لي حتى أصبح النكد والزعل والخوف والرجاء والإرهاب جزء من حياتي, لذلك أنا اليوم حين انسحب الكلب أو الكلاب من حياتي أصبحتُ أشعر بالوحدة وبأنني بلا هدف وأصبحت أشعر بحاجتي إلى الكلاب نفسها لتملي عليّ حياتي لذلك أنا مصر في البحث عن كلب يمارس معي نفس الدور الذي كان يمارسه الكلب السابق, وأصبحت أشعر بالقلق وبالاكتئاب إذا مر يوم علي دون أن أجوع أو دون أن أعرى أو دون أن أحس بالاكتئاب وبألم العضة ولقد أصبحت شخصا مدمنا على الخوف وهبوط ضغط الدم المتكرر والدائم بسبب الإحساس بالخوف على طول الطريق, وأصبح وضعي معروفا عند كل الناس بأنني شخص ملاحق من قبل عصابة الكلاب لذلك كان ينضم المهتمون بي أحيانا حملات مساعدة مالية أو نفسية أو معنوية لي, وأصبحت معروفا بين كل الناس بأنني مراقب على طول من مجتمع الكلاب المحيطة بي والمتشردة والمنظمة تنظيما سريا على شكل عصابات قانونية يحميها قانون نقابة الكلاب, ولكن بعد أن تفاجأت بالكلاب وهي تنسحبُ من حارتنا تاركة مواقعها القديمة, تفاجأت جدا بالكلاب وهي تترك يدي التي عضتها طيلة أيام حياتي, فكيف سأعيش حياتي بدون عض؟ ومن سيعضني من بعدك يا أكلب كلب؟, لقد تعودت على العض وتعودت وأدمنتُ على الحزن فكيف سأعيش اليوم بدون عض وبدون حزن وبدون ألم وبدون أمل في التخلص من الحزن نفسه, لقد عشتُ طوال حياتي على ملاحقة الكلاب لي أينما أذهب وأينما أتوجه, واليوم أصبحتُ أعيش وحدي في بيئة أصبحت خالية من الكلاب, لذلك فكرت في البحث عن كلب يلاحقني ويدمي يدي وقَدَمي كما كان يفعل الكلب السابق, أنا وأهل حارتنا أصبح مرضنا متوحدا معنا في حالة استاتيكية ثابة فلا أنا أستطيع التخلص من الكلب ولا الكلب يستطيع الاستغناء عني, فهل لديكم كلب عربي أو كلاب عربية حقيرة همها العض والتخريب ونهش لحم صاحبها؟.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟