أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد احمد صالح - الحياة الفنية في القدس - 2 -















المزيد.....

الحياة الفنية في القدس - 2 -


جهاد احمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3383 - 2011 / 6 / 1 - 13:54
المحور: الادب والفن
    


الحياة الفنية في القدس
(الغناء، الموسيقى، التمثيل)
الحلقة الثانية


ويذكر واصف جوهرية في مذكراته أنه "كان يعزف العود لأبناء نخبة المدينة أساساً، وعادة في بيوت خاصة يحتفظون بها لصديقاتهم. وقد احتفظ عدد من أبناء العائلات الأرستقراطية المقدسية، ممن فيهم آل الحسيني والنشاشيبي، بشقق خاصة لصديقاتهم في ضواحي المدينة الجديدة، والكثيرات منهن يونانيات وأرمنيات ويهوديات". (117) وتشير مذكرات جوهرية إلى الكثير من وقائع المناسبات الاحتفالية التي أمضاها برفقة أبناء النخب الاجتماعية وصديقاتهم، برفقة مطربين مسلمين ومسيحيين ويهود". (118)
وهناك سمة أخرى للحياة الثقافية في القدس العثمانية يرد ذكرها هنا وهي "الأوضة" الشبيهة بشقة العازب في فرنسا. وكان من عادة الرجال العزّاب من أبناء الطبقة الغنية في المدينة القديمة أن يستأجروا شقة مفروشة ذات غرفة واحدة، حيث كانوا يمضون مساءهم يلعبون الورق ويدخنون ويشربون، وفي ليالي الشتاء الطويلة، يحيون جلسات عود. ويسجل جوهرية عدداً من "الأوض" المعروفة جيداً في المدينة القديمة والشيخ جراح، حيث كان يؤدي موسيقاه. ولعدة أعوام، كان هو نفسه يحمل مفتاح "أوضة" حسين هاشم الواقعة خلف مقبرة ماميلا، حيث كان يعزف لسيدات روسيات ويونانيات برفقة راغب بك النشاشيبي (رئيس بلدية القدس لاحقاً) وإسماعيل الحسيني". (119)
1. انطلاقاً من أن القدس مدينة دينية للطوائف التوحيدية الثلاث، فقد شهدت موجات متلاحقة من الحجيج، الذي تحول فيما بعد إلى سياحة بكل ما يلزمها من مرافق وخدمات؛ ممّا كان له أثره الكبير على انفتاح القدس الديني والاقتصادي، والاجتماعي والفني، يقول الباحث عصام نصار بهذا الشأن:
"شهد القرن التاسع عشر وصول أفواج من السيّاح والحجاج، وكانت وكالات السفرـ مثل وكالة ثوماس كوك ـ جاهزة لاستضافة السيّاح وتنظيم جولات لهم، كما كان المترجمون المحليون متوافرين، وأمكن إيجادهم بيسر. كما أن حالة استتباب الأمن المتزايدة جعلت فلسطين أكثر أمناً من أي وقت مضى. وقد أصبح التنقل أكثر يسراً مع تدشين خط سكة الحديد بين القدس ويافا في نهاية القرن؛ ومع دخول العقد الأخير من القرن التاسع عشر، أصبح في المدينة فرع للبنك العثماني.
تجلّى الأمن المتزايد في المدينة وازدياد عدد السكان والسيّاح في شكل تنمية اقتصادية، وارتفاع في الأسعار، وظهور حرف ومصالح تجارية جديدة. كانت صناعة الخزف، والنحاس المزخرف، والتحف الملونة بعض المنتجات المتوافرة في السوق السياحية. كما ازدهرت صناعة الطباعة خلال تلك الفترة. وشهدت الفترة ذاتها صدور أدلّة سياحية ودينية، حيث برزت مطبعة الفرنسيسكان في هذا المجال. في مطلع الستينيات من القرن التاسع عشر، ثم افتتاح مشغل لتعليم التصوير داخل مجمع كنيسة القديس يعقوب الأرمنية الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من البلدة القديمة ـ كما ذكر آنفاً. ومع منتصف الثمانينيات من القرن التاسع عشر، أصبح في المدينة أول مشغل تصوير فوتوغرافي محلي أسسه المصور غرابيد كريكوريان، تلاه إنشاء عدد من الاستوديوهات المتنافسة في منطقة باب الخليل. وقد شهدت منطقة باب الخليل ارتفاعاً في عدد الحوانيت داخل السور وخارجه ، حيث تم بناؤها من قبل بطريركية الروم الأرثوذكس، ومقاولين فلسطينيين مقدسيين.
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر أدى النمو السكاني المطّرد في المدينة إلى التوسع خارج الأسوار، حيث تم بناء أحياء جديدة غرب المدينة وجنوبها وشمالها. وكانت الجالية اليهودية أول من انتقل لخارج الأسوار. فقد تم بناء منطقتين جديدتين غرب وشمال المدينة بتبرع أثرياء أوروبيين يهود مثل السير موسى مونتيفيوري أو البارون إدموند دي روتشلد. أما المنطقتان فهما: ميئا شعاريم ويمين موشيه. كما بدأ المسيحيون العرب واليونان والأرمن بالبناء خارج المدينة القديمة، وبنوا أحياء مثل حي الطالبية وحي البقعة. كما بنى وجهاء مسلمون، من أمثال أبناء عائلتي الحسيني والنشاشيبي، خارج الأسوار أحياء مثل حي الشيخ جراح شمال المدينة. وهاجر الهيكليون الألمان، وهم جماعة مسيحية ألفية، وبنوا حيّاً خاصاً بهم غرب المدينة، ويعرف اليوم باسم الجيرمان كولوني أو كولونية الألمان. وكانت التركيبة الدينية للأحياء الجديدة مختلطة من حيث الدين والطائفة، ما عدا المناطق اليهودية، التي تم بناؤها حديثاً. كما شهدت الفترة الممتدة بين 1850 و 1860 إنشاء عدد من البنايات خارج السور مثل المدرسة البروتستانتية على جبل صهيون، والمجمع الروسي المعروف بالمسكوبية، ومدرسة شنلّر للأيتام". (120)
هذا الانفتاح لم يخرج مدينة القدس من أسوارها المقدسة فقط، بل خلق مناخاً اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً جديداً، جلب إلى المدينة رياحاً فنية "جديدة" عاصفة، استقبلها المقدسيّون بغبطة وفرح، واندمجوا في أجوائها، ومن أهم هذه المناخات ـ وأكثرها جدّة. كان ظهور مناخ الحركة الفنية في القدس، كعاصمة مفترضة لفلسطين.


الحياة الفنية في القدس نهاية الحقبة العثمانية
يقول الناقد الفني أحمد الواصل: "لا نستطيع معرفة نهضة الغناء والموسيقى العربيين خلال القرن العشرين المنصرم، بمعزل عن فهم الحالة الفنية التي كانت عليه السنوات السابقة والمزاج الفني المسيطر، إضافة إلى تحولات فنية عميقة تتجلى بفتح أسئلة التراث والغرب، الشفويّة والتدوين، السماعية والتسجيل، السينما والمسرح، المدارس والأساليب، تولّد عن مخاضها إنتاج ورشة حداثة الغناء، وهي مصر في الربع الثاني من القرن العشرين، ثم اتبعتها خطى بعض الأقطار العربية بعد المنتصف الثاني بالتوازي ما بين الكويت ولبنان بالأخص". (121) ويلقي الباحثان إلياس وفكتور سحّاب نظرة على انطلاقة فن الغناء العربي في بداية القرن العشرين قائلين:
"وفي بدايات القرن العشرين كان قطبا مدرسة القرن التاسع عشر في الغناء العربي (عبده الحامولي ومحمد عثمان) قد رحلا (الأول 1901 والثاني 1900) بعدما خلّفا مع أقرانهما الشيخ عبد الرحيم المسلوب وأحمد أبو خليل القباني وغيرهما ثروة من الأدوار والموشّحات والقصائد التي أخذ يتبارى في أدائها مجموعة من المطربين، اشتهروا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين مثل الشيخ يوسف المنيلاوي وسيد الصفتي وأمين حسنين وزكي مراد وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي، بالإضافة إلى نجم الغناء المسرحي المخضرم بين القرنين الشيخ سلامة حجازي، وظهور الشيخ سيد درويش البارز في ميدان الموسيقى العربية المحترفة من 1915 حتى 1923 (المدة الفاصلة بين بداية إنتاجه الحقيقي ورحيله المبكّر).في هذه المرحلة نفسها كان الازدهار الاقتصادي يزحف إلى المدن الفلسطينية الكبرى الثلاث (القدس، ويافا، وحيفا) فأخذت تتسـرب إليها عادات مجالس الطـرب التي كانت مزدهرة في القاهـرة
وحلب". (122)
ومن الثابت أن عدداً كبيراً من مشاهير المطربين والموسيقيين في مصر، كانوا يتوافدون بشكل منتظم إلى القدس ويافا وحيفا فيغنون في بيوتها الموسرة، أو في صالاتها الفنية بعد ذلك. وهو ما ستؤكده مذكرات واصف جوهرية التي نحن بصددها.
ففي المرحلة الأولى من نهضة الغناء والموسيقى في فلسطين، والتي تمتد ما بين 1870 ولغاية 1920 تستعرض الباحثة يسرى جوهرية عرنيطة بعض رموزها وأعلامها في كتابها "الفنون الشعبية في فلسطين" وهي تشمل كل من كان له نشاط موسيقي بارز في فلسطين في ذلك الوقت، سواء أكان فلسطينياً أو مصرياً أو سورياً، فتتحدث عن محمد السوسي الذي كان مشهوراً بحفظ الموشحات والأدوار والأغنيات المصرية القديمة، وزكي مراد المصري (والد المطربة ليلى مراد، وتلميذ المطرب الكبير عبد الحي حلمي) الذي كان أول من أطلق في فلسطين طقطوقة "زوروني بالسنة مرة" من ألحان سيد درويش (ويجدر بالذكر أن زكي مراد من أصل فلسطيني، من مدينة طبريا)، ومحمد علي الأسطة (أصله من الشام) وقد مكث في القدس أربعة أشهر واشتهر بقدرته على ارتجال الألحان.
ومن أشهر الموسيقيين العرب الذين مروا بفلسطين في ذلك الوقت، وتركوا أثراً في الحياة الموسيقية، عازف الكمان توفيق الصباغ الحلبي الأصل (لا المصري كما ورد في كتاب عرنيطة)، الذي اشتهر بقدرته على عزف بشرف طاطيوس كاملاً على وتر واحد، وملحّن الموشحات الحلبي الشهير عمر البطش الذي كان يعد مرجعاً في الموشحات والقدود الحلبية، ومحمد العاشق، والشيخ أحمد طريفة، والراقصة والمونولوجيست الشهيرة اللبنانية الأصل بديعة مصابني، والشيخ أحمد حسنين، والشيخ محمود صبح وغيرهم.
ومن الإشارات المهمة الواردة في كتاب عرنيطة من تلك المرحلة أثر جو التسامح الديني على أرض فلسطين في مجال الموسيقى. فقد كان لعدد من اليهود الحلبيين (نذكر منهم حاييم عازف الكمان، وزاكي الحلبي المغني وضابط الإيقاع) مكانة وتقدير في فلسطين، وشكّلوا فرقاً موسيقية مرموقة، وكان لهم دور كبير في الحفاظ على الموسيقى العربية الكلاسيكية، وبخاصة الموشحات. (123)



#جهاد_احمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة الفنية في القدس-1-


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد احمد صالح - الحياة الفنية في القدس - 2 -