مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3383 - 2011 / 6 / 1 - 13:54
المحور:
الادب والفن
لا افهمْ..
دندنة الرجل الجالس
في ركن المقهى المأزوم
رأسٌ أصلع
وجهٌ جارح
عيناه هلامية التكوين كقنديل البحر السام
أنفٌ معقوفٌ ذو منخارين كماخورٍ معطوب
وفمٌ مثل الكهف
ينفخ كالدخان كلاماً لا محكوم
لا يجنح للتهدئةِ
يتحوّل مثل فصول الطقس
باردْ .. حتى ثلجي
صدفي.. يتقوقع باللمسِ
شجني مثل الورق الذابل
حار.. يعصف بركاناً أحمر
تتصاعد من كل القسمات الموسومة بالحمرة
أبخرةٌ صدفيةْ
وأنا لا اعرف مَنْ كان يجالسه
قبل اللحظةْ..
لدخول امرأةٍ مهروسة
مثل اللوز الحار
عيناها فتحة بارود
لم تجلسْ..
بل واقفة تتحدث تهتز تؤشر في غنجٍ عسلي
قالت: من أين أتى ؟
قل لي: والى أين سيذهب؟
فسلامٌ عند ولادة هذا الضبعِ
وسلام عند التعميد..
بعجالة روحٍ متعبةٍ
قلتُ سريعاً وختمتُ حديثاً بالدعوة للتحذير
يا شعبي الزاحف نحو مقابر من فولاذ
قمْ واخرج من مقهى الظلمةْ
ونقلتُ الأرجوزة بالأهزوجة
قلتٌ: كم نجمة تسقط في المقهى
كم خط وهمي
ينساب على ظهرالجوال؟
من عصر الأحجار أتى/ وسيدخل عصر الأحجار
قالتْ راجعة: الود سراب
والصمت عذاب
....................
....................
في الركنِ بعيداً
يجلس لا يأبه بالنظرات
ركن المقهى الاظلم من كل الظلمات
ثمة لوحاتٌ غامقةٌ
فيها الخيل رؤوس نخيلٍ سوداء
فيها الأعراب سيوفاً مغمودة
فيها الكرد بقايا التثليث
فيها الأقوام شتات الأصقاع
والغزلان البقرات
يتوطن على اللوحةْ
وأدٌ يدخل عقل التاريخ.
ما بين الركن وبين اللوحة
دخلتْ ـــ امرأةٌ عامرةٌ سمراء
دخلتْ ـــ فجأة
اضطجعتْ عند الباب الخلفي
مثل الجنيّة كانتْ
لم أفهمْ..
أن الرجل الجالس في الركن
كان ينادم نفسه
يتتبع خلسةْ، صدر المرأة
يلمس ثدييها بالحسرات
يلحس إصبعها في شبقٍ مخفي
ويراقبُ بالأنات
....................
....................
في المقهى
صمتٌ يتنوع ما بين القدح وبين المدح
ما بين الضحكِ
وبكاء أفلج
ما بين الصخب المستفحل في القومِ
صوت الموسيقى يصدح كالمارشات
وغناء من صوتٍ مبحوح
فيعج ثنايا المقهى بالهمسِ
الرجل الجالس منفرداً
يدلي باللوم على الأصوات
المرأة عند الباب
تتلوى مثل الحيّةْ
قالتْ ـــ هذي رؤيا بالميراثْ.. تتلو الفصل
على جيلٍ أخرس
هذا الموعود
في الركن الأعزل
معزولٌ لكن موجود
في الغايات
سوف يكون من الآيات
فتنادى صوتٌ قال سئمنا
حتى يظهر....!
....................
....................
الرجل الجالس في ركن المقهى
أصبح كالحرباء
يتلون ألواناً تمتزج الحاضر بالماضي
أصبح ذو فكيين طويلين.
تمساحٌ أو قرشٌ مخبول
وتدلى شعر اللحية
حتى بات يلامس أقدامه
كان يدندن
بكلامٍ لا يفهمه حتى الغلمان
لكنْ...... مرغوب
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟