|
المثقف والتغيير و الديمقراطية الالكترونية
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 3383 - 2011 / 6 / 1 - 07:57
المحور:
الادب والفن
كلما أشاهد الشباب المتظاهر في ساحة التحرير ببغداد أتذكر الجماهير الغفيرة الفقيرة التي كانت تنتفض في القرن الماضي ضد آلهة الشذوذ السياسي و الحكام النفايات الذين سيطروا على مقاليد الأمور العراقية منذ تـأسيس الدولة العراقية الحديثة رغم أن الحكام لم يكونوا سوى ضفادع أنهت وجودهم ثورات الشعب وانتفاضاته كما أنهت تاريخهم الملوث الى الأبد ، حاملين معهم اثامهم بحق الشعب العراقي على اكتافهم. ليس سرا اذا قلت ان مواهب الشعب العراقي في جميع مظاهراته كانت تتجدد اساليبها بصورة دائمة طوال عقود القرن العشرين مصممة وفق الاحداث والتطورات السياسية في داخل بلادنا وخارجها. العالم يتجدد ثقافيا وتاريخيا وفلسفيا، كل يوم. هذه حقيقة مدهشة يراها ويلمسها إنسان القرن الحادي والعشرين ، بوضوح تام، حتى صار بالإمكان القول ان الثقافة تدخل عصرها الجديد بعربة ذهبية رباعية الدفع ، الكومبيوتر ، والانترنت ، والبريد الالكتروني، والشاشة الفضائية، موفرة سمة مشتركة لرجال العلم والفلسفة مثلما هي متوفرة للناس البسطاء ولطلبة المدارس. أصبح بإمكان الناس المتعلمين في كل مكان من العالم العربي ان يتحدثوا ، فرادى او جماعات، اذا رغبوا مع شخصيات رئيسية وثانوية في فرنسا والمانيا وبريطانيا واسبانيا والعالم كله ، ليطلعوا او يناقشوا الخطوط الفلسفية الخضراءالمتابعة لمسارات الانسانية في همومها ومعاناتها والشرور الهائلة التي تواجهها. كما صار بإمكان كل انسان على وجه الارض ان يلتفت الى الصراع المرير الذي تعانيه الشعوب مع حكامها ومع الانظمة الدكتاتورية المفروضة بالحديد والنار مما جعل اللحظات التاريخية الحاسمة ممكنة التغيير بأيدي الشعوب. اتيح للناس المعاصرين، خاصة الشباب، منهج جديد في النضال الوطني والمطلبي من خلال الاتصال المباشر، ليس بالمنشورات السرية والكتب العلنية كما كان يجري في القرون الماضية، بل من خلال سيطرة الانسان على طبيعة الكومبيوتر وامكانياته الثقافية – التعليمية الهائلة وعلى الانترنت ومقارباته المذهلة واستخدامها كقيمة نضالية – جمالية مؤثرة بميزاتها واهميتها في احداث التغيير الافضل على حياة الناس ومستقبلهم. في السابق كانت أوامر التغيير (السطحي- الافقي) تأتي من (داخل) القصور الفخمة للحكام الاستقراطيين، لكن حركات التغيير الجديد جاءت بها صيحات الجماهير الغاضبة في (خارج) القصور الرئاسية والملكية، أي من الشوارع والساحات العامة المتألقة. ترددت تلك الصيحات، خلال الشهور الثلاثة الماضية، في ميدان التحرير بالقاهرة ومن ميدان الداخلية في تونس ومن ساحة التحرير ببغداد ومن ميادين عامة في ليبيا واليمن وسوريا، حيث صارت فيها رفقة الشباب الدائمة، نصيراً وحشداً دافقاً، مع اصوات الناس الفقراء والبسطاء تنادي: (الشعب يريد التغيير..) . ترتفع هذه الاصوات ، كل يوم، منذ انتصار الشباب التونسي والمصري من دون الحاجة الى السيطرة على مستودعات سلاح ومن دون استخدام بلطات الانقلابات العسكرية كما كان يجري بأيدي الضباط في القرن العشرين. صارت نافورات المتظاهرين مدرجا مسموع الصوت والصدى في العالم كله لتدوين عصر جديد من الانتفاضات والثورات الشعبية لتحقيق التغيير العصري في حياة الانسانية، في هذا البلد او ذاك من البلدان المتخلفة المحرومة من التقدم ، سواء كان البلد شاسعا او صغيرا، ثريا او فقيرا ، ومن دون الحاجة الى تضييع (التحرير) بغلاف (احتلال) قوى اجنبية، ومن دون تغليف الاحتلال الاجنبي بحلاوة شعارات التحرير مثلما ادعى الجنرال البريطاني مود الذي احتل العراق في العقد الثاني من القرن العشرين بقوله الشهير: اننا جئناكم محررين وليسوا . ومثلما ادعى الرئيس الامريكي جورج بوش الذي احتل العراق في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين على أساس تحقيق الديمقراطية للعراقيين. كانت الدول الغربية، إلى عهد قريب، تستعبد شعوبا كثيرة في قارات كثيرة مثل افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية كان نظام الاستعباد الامبريالي قد ادى الى هلاك الملايين من الناس والى نهب ثرواتهم مع بقاء الفقر والجوع والجهل والمرض ولا عجب اذا ما عرفنا ان القرن العشرين كله كان قرن الالم الشديد لشعوب الشرق كلها ومنها شعبنا في العراق اذ تبين منذ بداية الاحتلال البريطاني ان غرض المحتلين لم يكن عشقا للتحرير بل كانت لذته الاولى وغريزته الاولى هي السيطرة على ثروات البلاد مما ادى الى اندفاع العراقيين نحو الكفاح مع التضحيات ضد لوعة المحتلين واذنابهم المسيطرين على الدولة العراقية ، من الذين تعلموا من المستعمرين أنفسهم كيف يحكمونها بالحديد والنار لارضاء نزواتهم الشخصية وضمان مصالحم الشخصية والفئوية ومصالح اسيادهم الاقتصادية. بسبب الاوضاع الجديدة الناشئة بعد االحربين العالميتين الاولى والثانية وما بينهما تبلور هدف ما سمي بثورات التحرر الوطني التي استهدفت تقويض النظام الاستعماري في ظل حضارتين وقوتين عالميتين متصارعتين على اساس ايديولوجيتين متناقضتين : (1) الاولى هي الحضارة الراسمالية ،حضارة التكنيك المعاصر واستخدامه في ميادين مربحة لتوظيف راس المال للسيطرة على الخامات الرخيصة وعلى الايدي العاملة الارخص وعلى خلق اسواق التصريف لبضائعها مع انشاء الجسور العسكرية الشاسعة في كل مكان. هذه الحضارة حققت اهدافها اعتمادا على (الدعاية الديمقرطية) . (2) الثانية كانت الحضارة الاشتراكية، التي قدمت، بعد ثورة اكتوبر 1917 حوافز كثيرة لمنافسة الحضارة الاولى مستنهضة نضال الشعوب للخلاص من الظلم الاجتماعي والاستعماري لكنها انتكست وانهارت بسبب افتقادها المناهج الديمقراطية في تنظيماتها وعلاقاتها . خلال الصراع بين القوتين الحضاريتين، الراسمالية والاشتراكية، تنامى وعي عالمي عام ، خاصة في القارات المستعبدة بضرورة مواصلة نضال شعوبها من اجل الحرية والديمقراطية. حدثت اثر ذلك ثورات كثيرة في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ، كان من اهمها ثورة تموز في مصر وتموز في العراق و في كل القارات وغيرها من البلدان كالجزائر .كانت الهدف الرئيسي لثورات العالم الثالث قائمة على الاولوية التالية : (1) التحرر من السيطرة الاستعمارية. (2) ومن ثم الانتقال لبناء العلاقات الديمقراطية. وقد لعب عدد من الصحفيين والمفكرين السوفييت (بريماكوف وبوناماريوف واناسيف وغيرهم) دورا أيديولوجيا في ترسيخ هذين الهدفين داخل نطاق القوى الوطنية والقومية من دون منح الاولوية لمنهج الديمقراطية في الدولة والحكومة مما كان له تأثير كبير جدا في تراجع اهداف البعض منها وسقوط البعض الآخر بضربات الانقلابات العسكرية ، وظهور جذور الدكتاتورية والفردية العسكرية في الانظمة الناشئة، مع ظهور نوع من انواع التباين والتعارض السايكولوجي والاخلاقي على قادة ثورات التحرر الوطني وزعاماتها مما دفعها الى الشعور بالعظمة اولا ومن ثم وضوح الزعامة الفردية و الدكتاتورية في تلك الزعامات، ادى بالنتيجة الى ان ثورات التحرر الوطني لم تظفر برشفة ديمقراطية حقيقية كما انها لم تحرر بلدانها من شهوات ومطامع الراسمالية العالمية. أهم شيء حدث خلال القرن العشرين، يحمل في جوهره سؤالاً يستحث الفكر إلى درجة غير اعتيادية، هو حدوث الكثير من الأمور الهامة خلال القرن العشرين . ففيه انتهت الإمبراطوريات الأوروبية ولا سيما الإمبراطوريتان البريطانية والفرنسية اللتان سادتا خلال القرن التاسع عشر، وفيه شهدنا حربين عالميتين، وشهدنا صعود النازية والفاشية وسقوطهما. كما شهد هذا القرن صعود الشيوعية وانهيارها ، كما حدث في الكتلة الاشتراكية ، أو تحولها بشكل جذري كما هي الحال في الصين. شهدنا كذلك انتقالاً من الهيمنة الاقتصادية الغربية نحو توازن اقتصادي جديد تلعب فيه اليابان ودول شرق وجنوب شرق آسيا دوراً أكبر. وعلى الرغم من أن هذه المنطقة تعاني في أيامنا هذه من مصاعب مالية واقتصادية إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة الانتقال في التوازن الاقتصادي الذي حدث على امتداد عدة عقود ، وعلى امتداد كامل القرن تقريباً بالنسبة إلى اليابان. هكذا، فإن هذه السنوات المائة الماضية لم تفتقر أبداً إلى الأحداث الهامة التي أدت إلى تغييرات أساسية في السياسة الدولية وفي المجتمعات الوطنية. غير أنني، ومع وجود كل هذه التغيرات التي حدثت خلال القرن العشرين، لم أجد صعوبة في اختيار واحد منها بوصفه الحدث الأبرز خلال هذا القرن، وهو صعود الديمقراطية. أي أن الديمقراطية هي الحاجة الاولى في حياة الشعوب. سأسعى، هنا، من دون أن أنكر أهمية الأحداث الأخرى، إلى الدفاع عن فكرة أن الناس، عندما يفكرون في المستقبل البعيد في ما حدث خلال هذا القرن، لن يترددوا في إعطاء الأولوية لانبعاث الديمقراطية بوصفها ، المنهج الأكثر قبولا من قبل البلدان المتخلفة ، كما صارت الديمقراطية شكلا لإطار الحكم الأكثر قبولاً من قبل شعوب هذه البلدان. لقد جابهت الشعوب العربية ومنها الشعب العراقي انظمة قمعية وحشية طيلة قرن من الزمان كانت فيها اوضاع الحكم والتنمية متردية الى حد كبير فقدت فيها حريتها كما فقد فيها حتى غذاءها من الخبز والحليب والجبنة رغم الثروات الهائلة التي تمتلكها مما جعلها تصرخ باحثة عن تغيير جديد، عن وضع قادم جديد. الوضع (القادم) يمثل ما يمكن تسميته بالرؤية المستقبلية لتغيير الحياة الاجتماعية وتحسين مستواها. هذا الوضع تكوّن، فى البداية وتراكم البحث عنه بوجود تراكم متقابل عبرت عنها أزمات الأنظمة العربية كلها من خلال وجود أزمات الوضع السياسي (القائم). أول سيئات الازمات كلها فى الوضع القائم هي تلك التي تمس الشباب مساسا مباشرا وواضحا مثلما مست وتمس الجماهير الغفيرة من العمال والفلاحين.. النظام المتسلط في العالم العربي كله يقول إنه مهتم بالشباب، وبتطلعات الشباب، لكننا نرى في ذات الوقت أن الشباب محبط ومبتئس في كل الدول العربية.. هم عاطلون عن العمل ، يصعب على أي واحد منهم بما فيهم خريجي الجامعات أن يجد عملا أو مسكنا، وبالتالى من الصعب أن يتزوج، وهذه أزمة خطيرة نراها في العراق بوضوح مأساوي شامل. من المؤسف ان شباب البلدان العربية لا يجدون انصارا لقضاياهم بسهولة ، خاصة انصارهم من المثقفين ومن ذوي الابداع الثقافي المتنوع ، وقد لعبت خطوات الكثير من الانظمة العربية لعبتها السياسية في كسب اعداد كبيرة من المثقفين الى صالح انظمتهم بينما هجّرت مثقفي بلدانها المعارضين لسياساتها التعسفية المناوئة للديمقراطية الى خارج بلدانها على دفعات مرحلية . . ظل عالم المثقفين العرب منفصلا عن عالم الشباب العرب وطموحاتهم .. كثير من المثقفين أدوا دورهم فى تغييب الشباب بسبب بطء ادواتهم وبسبب قمع البوليس الفكري المناويء، مما ادى الى تغييب عقل المجتمع .. كمثال أتوقف عن هذه النقطة لاقول أن غالبية المثقفين العرب فشلوا فى مواجهة التيار الأصولى الذى استولى على عقل رجل الشارع خلال العقدين الماضيين وبعد ظهور فعاليات ارهاب تنظيم القاعدة.. كما ان العقل الثقافي والجهد الثقافي لم يرتفعا في البلدان العربية الى مستوى منجزات علوم وتكنولوجيا العصر الراهن ، الشاشة الفضائية والكومبيوتر والانترنت وباقي الوسائل العقلية الالكترونية. يؤكد الكثير من علماء وفلاسفة العصر الحالي أن (العقل الإلكترونى) هو (العقل الإنسانى المتطور) مطعما بالتكنولوجيا الراقية ، أى أن العمل الثقافي الجديد يستلزم ادخال عناصر تجديدية إلى عقله ودماغه. هذه العناصر الجديدة معتمدة في قوتها وغزارتها على وجود ارتباط بين دماغ المثقف والعنصر الالكتروني. العنصر الإلكترونى الضروري هو الاساس في تحقيق العلاقة بين دورالعقل الانساني والثورة الإلكترونية. هذه العلاقة ( تحقق بجوهرها موت المسافة بين الزمان والمكان ، الأمر الذى يترتب عليه تسريع العقل الإنسانى فى تفكيره. وأقصد بالتسريع تكثيف جملة عبارات أو فترات زمانية، كان العقل الإنسانى يستغرق فيها وخلالها زمنا طويلا بطريقة تقليدية، إنما الآن يمكن تطبيقها بطريقة غير تقليدية في الابحاث والدراسات، في العمل الصحفي والتلفزيوني، في الكتابة الروائية والشعرية ، في الفنون المسرحية والسينمائية والتشكيلية. بمعنى ان تحقيق التقدم الثقافي المؤثر على حياة الشباب ومستقبلهم يقتضي استفادة المثقفين من كل الجنائن الاكترونية المعلقة وابراجها المضيئة الى التقدم الانساني. أقول هذا لأنتقل من رمزية الانعزال الثقافي والرمزية العلمية في القرن العشرين إلى رمزية ثورتي تونس ومصر في يناير 2011 التي هي في الواقع ، رمزية جديدة النوع، رمزية الديمقراطية الالكترونية. إنها ثورة إلكترونية، لأنها اعتمدت على منتج إلكترونى يسمى الفيس بوك، وهو منتج بأعلى مناسيب الحرية لا يخضع لأى رقابة بوليسية أو سياسية أو رقابة دولة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى تحولت العلاقات الاجتماعية – السياسية – الالكترونية على يد شباب 25 يناير من جهاز يستخدم فى العبث وقتل الفراغ هباء وفي تضييع الزمن الشبابي في النميمة والفضائح والطعن وشتم (الآخر) إلى جهاز يستخدم لتغيير المجتمع من خلال الالتحام بـ (الاخر) . هذا هو إبداع ثورة 25 يناير، وهذا هو إبداع الانترنت. هنا استرجع ثورة 1958، وأقارن بينها وبين ثورة 25 يناير. أرى أن ثورة تموز 1958 في العراق و1952 في مصر كان فيها انقسام داخلى بين الضباط الأحرار... بين الضباط وبين المدنيين ، بين أفكار السلطة الفردية وأفكار الديمقراطية، بين الحياة المدنية والفوضى العسكرية ، فيها ترنح الوضع ( القائم) بين إلغاء الأحزاب، وبين عدم إلغائها (مصر) ، وترنح فى كيفية التعامل مع الحزب الشيوعي بشكل خاص ( العراق) كما ترنح موقف الحزبين الشيوعيين في مصر والعراق ازاء انحرافات السلطة العسكرية الفردية ، وترنح فى رؤية مستقبل الديمقراطية الذي أفضى إلى عدم استنتاج صورة الوضع( القادم) .
اليوم تغير الواقع السياسي – الاجتماعي تغيرا شفافا يمكن رؤية الوضع القادم من خلال الوضع القائم فقد وفرت ثورة التكنولوجيا والانترنت امكانية متجددة لتبادل الاحتمالات والاستنتاجات في العلاقة بين الوضع القائم والوضع القادم اعتمادا على الديمقراطية الالكترونية التي صارت ارضيتها وسطوحها اساسا في عملية تسريع ثورات الشوارع لتحقيق التغيير الثقافي والسياسي والاجتماعي اذ سيكون الانترنت في مستقبل ما بعد نجاح ثورات ميادين التحرير اداة رئيسية في الدعايات الانتخابية البرلمانية والمحلية ، التي بامكانها تشريع قوانين تبني مؤسسات الديمقراطية. كانت ثورة 25 يناير مثالا حاسما فى رؤيتها الشبابية. لم تقبل أى مساومة، ولم تدخل فى تفصيلات، وإنما دخلت مباشرة إلى الدعوة لإسقاط النظام. وهنا يمكن القول ان الديمقراطية الالكترونية قامت بتسريع عملية التغيير، ما يمكن أن يحدث فى شهور أو سنوات حدث فى يوم أو أيام ( كما في تونس ومصر). أظن أنه يمكن تفسير هذه الحالة الاستثنائية بأن عقل الشباب الثوري دُرب على التعامل مع المنجز التكنولوجى، الانترنت، تعاملا أحدث تأثيرا فى عقلية هؤلاء الشباب. بينما حركة الشباب العراقي لم تعتمد بحدود واسعة مع الانترنت ، لذلك نرى التلكؤ في تطور مظاهرات نصب الحرية منذ فبراير 2011 حيث ظلت اجتماعات المتظاهرين محدودة لم تحقق اتساعها المفترض لفرض مطالبها المشروعة على الحكومة والبرلمان مما يتطلب من المثقفين العراقيين ان يلعبوا دورا متناسقا بين الانترنت والفيس بوك وبين كل الممرات الشبابية وصولا الى ساحة التحرير. لا بد من القول ان دور المثقفين العراقيين ينبغي ان ينسلخ من العمل المهرجاني الروتيني، خاصة المهرجانات الشعرية، كمهرجان المربد(البصرة) والمتنبي(واسط) وغيرها من الساحات الاحتفالية التي تقدم ذبائح القصائد الشعرية من دون جدوى، بل ان بعض الفعاليات المهرجانية يدور في اغراض تعميد القبائح اليومية المعاشة في ظل الفقر والجهل والمرض. لا بد للمثقفين ان يدركوا ان مهمتهم الحالية هي تعبئة الشباب ليكونا قادرين على الانسلاخ من الواقع (الجامد) الى الواقع (المتحرك) فالحركة الشبابية هي ضمير الشعب لتغيير حياته وتحسين مستوى معيشته. لقد غدا الواجب الثقافي المعاصر هو تعميد الديمقراطية وتوسيع دورالثقافة الالكترونية لاضعاف ثقافة التقديس التي تنطق في العراق الجديد بآثام الطائفية والمحاصصة والركض وراء الجاه والمناصب والاموال على حساب بؤس الشعب كله. حيث تحاول الكثير من قوى التقديس ان تجر الشعب الى كثير من الأوهام التى تأخذ طابع القداسة، التي تمنع الناس عن التفكير الحر وتمنع الفعل السياسي عن التسريع. التفكير الإلكترونى يجعل المثقفين العراقيين تعبيد الطريق أمام مكونات الديمقراطية. التي تصطدم حركتها اليومية بمقدسات ومحرمات ثقافية تصل مدتها إلى 6 آلاف سنة تم تكريسها كلها على مر الزمان على حماية الانظمة الحاكمة المتتابعة في العراق باعتبارها ممثلة للحكم الالهي على الارض مما جعلنا نعيش الان في القرن الحادي والعشرين بمستوى مجتمع ثقافي "اقل مما دعا اليه ابن رشد في القرن الثاني عشر" . حيث يعيش المثقفون العراقيون في الوقت الحاضر في ظل ثورة عالمية ، علمية- الكترونية ، تستهدف التسريع الثوري لرفع مستوى الانسان يتطلب منهم العمل اليومي في التعبئة الثقافية لتأكيد دعوات المثقفين والفلاسفة الاوربيين في القرن الثامن عشر حين برمجوا عملهم على قناعة و حقيقة أن الشعب هو مصدر السلطات حتى في بلد كالعراق حيث مخزونه الديني اكبر بكثير من المخزون الديمقراطي مما يتوجب استغلال الحرية الالكترونية والديمقراطية الالكترونية لاعادة الموازنة وتعديلها لصالح الديمقراطية.
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تستغربوا من انتشار الخمور في كربلاء ..!
-
احترامي للمحافظ..!
-
تحررت بلادنا من مجتمع القرود يا تشارلس دارون..!
-
بعد هروب الشقراء غالينا معمر القذافي يأكل الفسيخ..!
-
أمراض تتفشى بالمزاد العلني
-
يا حسرتاه .. أنظار الدولة تغيب عن الفنان فؤاد سالم
-
الفساد المالي يبدأ من فوق كرسي الوزارة..!
-
احتفال بمئوية الميلاد خارج مكان المولد..
-
قرائن الفن الروائي خارج الزمان والمكان
-
عن المادة الخامسة في مسودة قانون الأحزاب الجديد
-
الريس حسني يبكي من آلام بواسير الكرسي..!
-
يا زيباري وعباوي بولوا على مؤتمر القمة العربي..!
-
كلابٌ تنبح ولا تعض لا تخيف الفاسدين..!
-
تحذير إلى الكباريه السياسي في المنطقة الخضراء..!
-
المتظاهرون في يوم التحدي يلعنون قاسم عطا..!
-
اللواء قاسم عطا عدو الحرية ..!
-
ليس في تصريحات علي الدباغ ثقافة إنسانية ..!
-
نظرة في توثيق صحافة البصرة
-
نوري المالكي يتاجر بالقضية مع بشار الأسد..!
-
أجراس كوكب حمزة وأشتي دقت قلوبنا في غربتنا
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|