اعتصام الأطباء الأردنيين

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3381 - 2011 / 5 / 30 - 21:35
المحور: كتابات ساخرة
    

حين وصلنا إلى المستشفى الحكومي من أجل إجراء بعض الفحوصات والصور بالأشعة, كنا قد وجدنا الطاقم الطبي ما زال في حالة اعتصام حتى تستجيب الحكومة لمطالبهم وهي تعديل سُلم الرواتب.....إلخ, والمشكلة التي واجهناها ليست في اعتصام الأطباء الأردنيين في عياداتهم فغالبيتهم يعالجون الناس وكأن اعتصامهم شبه صوري وشكلي وكذلك يستجيبون للحالات الطارئة ويتعاملون مع أي مريض وفق حالته الصحية وما يمليه عليهم واجبهم تجاه اليمين والقسم الذي أقسموه بحق (أبوقراط), والمشكلة ليست هنا وإنما في الموظفين الإداريين الذين يعرفون ألله ولا يعرفون أبقراط نهائيا ولا حتى أي معرفة به سواء أكانت من قريب أم من بعيد أو حتى معرفة بالصدفة,ذلك أن الموظفين الإداريين قد عطلوا كل أعمالهم وأشغالهم بسبب اعتصام الأطباء علما أن الأطباء كما أوضحنا جميعهم يعملون على قدمٍ وساق, وحين وصلنا إلى الصورة الإشعاعية قالت لي الموظفة المسئولة عن الصورة: إحنا يا أستاذ ما فيش عندنا أفلام للصورة, إحنا بحاجة أفلام, بإمكانك أن تراجعنا غدا أو بعد غد, وحتى لا تأت من منزلك البعيد وتتعب نفسك ولا تجد الأفلام, خذ هذا رقم التلفون الرئيسي وهذا الرقم هو الرقم الفرعي لنا وحين يرد عليك المَقسم أطلب منه الرقم الفرعي (159) وشكرا لزيارتك.

وأنا مثل الأهبل خرجت من المستشفى مبسوطا وضاحكا ومعي رقم التلفون وفي اليوم التالي اتصلت بالمقسم الآلي ولكن لم يرد لا الآلي ولا غير الآلي, وبعد يومين حاولت الاتصال ولكن دون جدوى وبعد أسبوع بدون أن أستفيد فقررت الاتصال بمدير صحة المحافظة فرد مدير الصحة دون أي تأخير فشكوت له المقسم وقلت له: من المعتصم يا دكتور؟ الموظفون الإداريون أم الأطباء؟, فقال: أولا لو سمحت أريد التعرف عليك, فقلت له: جهاد العلاونه, فقال: أهلين.. لا الأطباء,امم الأطباء هم المعتصمون, فقلت له : طيب ليش ما يرد المقسم على اتصالي إذا كان الاعتصام فقط للأطباء شو دخل موظف الاتصالات!!هل موظف الاتصالات طبيب!!, فقال: فهمت عليك, واليوم ستحل إنشاء ألله مسألة الاعتصام, فقلت له: يا دكتور مسألة من ستُحل؟ اعتصام الأطباء أم اعتصام الكادر الإداري؟فقال: والله كلامك صحيح من السهل حل اعتصام الأطباء ولكن من الصعب حل مسألة المتحججين باعتصام الأطباء, وبعد أسبوعين قررت الاتصال مرة أخرى بالمقسم ولكن لا حياة لمن تنادي فقررت الذهاب بنفسي إلى المستشفى شخصيا كزيارة سرية أو عاجلة وكأنني وزير الصحة, وحين وصلت وجدت المحاسب المالي قد أغلق مكتبه بحجة الاعتصام, حتى عمال النظافة وجدتهم جميعا جالسون على درج وأدراج الطوابق العليا وحين سألتهم ليش ما ابتشتغلوش قالوا: الأطباء معتصمين, فقلت لهم: طيب أنتوا شو علاقتكم باعتصام الأطباء؟ أنتوا مجالكم مجال آخر, وحين صعدت الطابق الثاني وجدت عاملين يجلسون من عمال النظافة فقلت لهم : كل هذا الطابق فقط عاملين لا غير, فقالوا له هنالك اثنان ذهبا إلى دورة المياه وثلاثة ذهبوا لتناول الفطور وآخر في إجازة مرضية ونحن ..إلخ, فقلت لهم: صح وأنتم معتصمون مع الأطباء, وحين وصلت إلى السجل الطبي بحثت عن الموظفين فوجدتهم متسترين خلف مكاتبهم الزجاجية فقلت لهم: بدي أعرف أجا على المستشفى أفلام تصوير؟؟؟, فقالوا مين حكالك إنها الأفلام مقطوعة؟ قلت: الموظفة في قسم الأشعة, فقالوا: لا هذي كذابه الأفلام موجوده ولكنها لا تريد تصويرك نظرا لأن الأطباء معتصمين وهي ما بدهاش تشتغل, فذهبت إلى مكتب مدير المستشفى فوجدته مغلقا والسكرتيرة في مكتب آخر عند زميلتها بحجة اعتصام الأطباء فقلت لها: شو دخل السكرتيرات بالاعتصام أنت كمان معتصمة ؟ وخرجتُ مسرعا ومهرولا إلي قسم الأشعة وقلت للموظفة: اسمعي قسما عظما راح أخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك وعلى المستشفى كله, فخرج طبيب مهذب من مكتبه وقال شو في يا أستاذ: فقلت له: أنت طبيب أسنان؟ فقال: نعم, تفضل, فقلت: أنت المعتصم أم الموظفة هذه, فقال: الموظفة ليس لها علاقة بالاعتصام, ومش كل الأطباء معتصمين وأنا واحد مش من المعتصمين, فقلت له: بدي آخذ صورة: فقال تفضل واستدعى الموظفة وأنبها تأنيبا كبيرا على فعلتها وقال لها: أنت شو علاقتك بالاعتصام, الاعتصام للأطباء, واعتذر مني وقال: 90% من الموظفين الإداريين استفادوا من الاعتصام وارتاحوا من الشغل علما أنهم ليسوا المعنيين بالاعتصام, حتى اللي في مطبخ المستشفى تركوا الطبيخ بحجة أن الأطباء معتصمين علما أن الأطباء يعملون بشكل طبيعي وعادي مع الحالات الطارئة والضرورية, وهنالك أطباء يعالجون على الواسطة والمحسوبية يعني معك واسطه بعالجوك دون الاكتراث بالاعتصام.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات