اذا كان هذا هو -السلام -، فمتى سيكون من نصيب النساء ؟

مها عبد الكريم

الحوار المتمدن-العدد: 3380 - 2011 / 5 / 29 - 09:08
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

جيني مورغان*
ترجمة: مها عبد الكريم
) كلمة "المصالحة" تؤلمني، تقول باكيرا هاسيك، كل ما اريده لهؤلاء الذين آذوني هو ان يقدموا للعدالة (
باكيرا عادت متأخرة من مؤتمر "مبادرة نساء نوبل" المنعقد في مونتيبيلو، والذي تمثل فيه مبعوث فترة كابوس التطهير العرقي والاغتصاب الجماعي قبل عشرين عام تقريبا. حيث توسطت الولايات المتحدة عبر اتفاقات دايتون لوقف عمليات القتل في البوسنة، لكن باكيرا مؤسسة "رابطة النساء من ضحايا الحرب" ، لا تعيش بسلام .." انه لم الصعب ملاقاة الجناة الذين مازالوا طلقاء – عدة آلاف منهم.ان تراهم بشكل يومي، وانت تعرف ماذا فعلوا لك ولجيرانك، ثم يلمزوك بضحكة ساخرة مكبوتة"
باكيرا من فيسغراد، وهي بلدة في البوسنة والهرسك السابقة التي كان نسبة السكان المسلمين فيها اكثر من 60 بالمائة قبل الهجوم الصربي العرقي في عام 1992. تقع البلدة الان في الكيان الصربي، في جمهورية صربسكا، وغالبية سكانها من الصرب، عدد قليل جدا من سكانها المسلمين عادوا إليها، فقد دمرت منازلهم ، ولم يتم اعادة بناءها. النساء الناجيات تعرضن الى اغتصاب جماعي ممنهج على يد القوات الصربية، حيث تركوا تحت رحمتهم، كما تقول باكيرا.
في فيسغراد، أتخذ زعيم الحرب ميلان لوكيتش من فندق فيلينا فلاس، وهو منتجع سياحي، مقراً لمكتبه الرئيسي. وفي عام 2004 اصدرت الامم المتحدة تقريراً جاء فيه أن اكثر من 200 امرأة احتجزت في هذا المكان كعبيد لاغراض الجنس، مكبلات الايدي في غرف مقفلة، وكان عليهن أن يمسكن بالخبز الذي يلقى اليهن باسنانهن، وبعدها يقتلن.. وتفيد التقارير بأنه اقل عشرة نساء خرجن على قيد الحياة من "فيلينا فلاس".
باكيرا هاسيك تعرضت للاغتصاب من قبل لوكيتش في قبو مركز الشرطة، فقد كانت تعرفه قبل اندلاع الحرب، ولهذا ظنت انه كان يمزح عندما طلب منها خلع ملابسها. لكنه لم يكن يمزح " ليس هناك مفتاح كهربائي في الدماغ يمكّنك من اطفاء الصدمة" هذا ما قالته بعد مرور ما يقرب من عشرين سنة.
ميلان لوكيتش يقضي حكما بالسجن مدى الحياة اصدرته ضده المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي، مع ابن عمه سريدوي، الذي كان من الميليشيات معه في فيسغراد ، والذي يقضي حكماً بالسجن لمدة 30 سنة. وشملت لائحة الاتهام ضد لوكيتش اثنين من حلقات القتل الجماعي، حيث اضرمت قواته النار في المنازل وقتلت كل من حاول الفرار، وكان مجموع القتلى في هذه المجازر 140 من النساء والاطفال والمسنين.
لكن ما يؤلم باكيرا هاسيك هو ان ميلان لوكيتش لم يتهم ابدأ بالاغتصاب. فتقول، " لن اغفر لكارلا بونتي-رئيس الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة- التي اتخذت قراراً في اليوم السابق لبدء المحاكمة، يقضي باتهام ميلان لوكيتش بجرائم القتل وجرائم اخرى ضد الانسانية، ولكن ليس الاغتصاب، ورفضت الدائرة الابتدائية في آخر لحظة طلباً ليكون الاغتصاب والاستعباد الجنسي ضمن لائحة الاتهام .. هذا القرار الذي وصفه وقتها كيلي أسكين – الموظف القانوني الاقدم لمبادرة العدالة في المجتمع المفتوح- بـأنه " معاقبة للضحايا"
باكيرا تقول "ان العدالة الوحيدة الان، هي ان تسمى الجريمة، حتى لو تم الحكم عليه بسنة واحدة فقط لارتكابه الاغتصاب ، لابد من تسمية الجريمة"
ونسألها: "لكن لوكيتش سيقضي بقية حياته في السجن ، اليست هذه عدالة؟" ..لكن "هاسيك" تطرق ببصرها الى الطاولة بينما عينيها تمتلئ بالدموع فجأة:" استطيع ان اغتسل واغتسل الى الابد ، لكني سابقى اشعر بالقذارة مادمت على قيد الحياة"
في ظل هذا الغياب المؤلم للسلام، قررت انجلينا جولي**، كتابة واخراج فلم يدور حول حرب البوسنة ، الحبكة الدرامية للفلم فُهمت على انها تضم ضحية اغتصاب بوسنية تقع في حب مغتصبها الصربي، وهذا ما تم اعتبارة اهانة شديدة.
جولي نفت الشائعات عن صحة مثل هذا السيناريو، وطلبت من الشعب البوسني ان يحكم عليها من خلال الفلم ، لكن باكيرا عبرت عن عدم قناعتها قائلة" انجلينا جولي لا تدرك نوع الالم الذي تتسبب به لنا", وطالبت منظمتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة، بسحب لقب سفيرة للنوايا الحسنة من انجلينا جولي.
فلم انجلينا جولي هو: " ارض الدم والعسل"، ومن المقرر عرضه في 23 ديسمبر من هذا العام

* جيني موركان- كاتبة وصانعة افلام وثائقية
** انجلينا جولي - ممثلة امريكية

المقال بالانكليزية:
http://www.opendemocracy.net/5050/jenny-morgan/if-this-is-peace-when-does-it-start-for-women

#مها_عبد_الكريم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات