أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الجنس الأدبي الثالث














المزيد.....


الجنس الأدبي الثالث


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3379 - 2011 / 5 / 28 - 20:53
المحور: الادب والفن
    




إذا كان النقد العربي، قد قسم الأدب إلى شعر ونثر، وإن للشعر شروطه، كما أن للنثر شروطه، فإن هناك جنساً أدبياً، ثالثاً، لاهو بالشعر، ولا هو بالنثر، بل إنه يجمع بين كليهما في وقت واحد، من هندسة، وحلاوة المفردة، وتجنيح الخيال، وجمال الصورة، ودينامية النص، لتتوافر له جملة شروط، معاً، لا تجتمع في جنس أدبي واحد .

إنّ هذا الجنس الأدبي الثالث، بات له حضوره في أدب كثيرين من الكتاب الذين قدموا لنا إبداعاً نثرياً ذا خصوصية محددة،ضمن مثل هذا التصنيف والتوصيف، حيث أنه يأخذ الكثير من جماليات الشعر، ليقدمها ضمن ذلك الفضاء الرحب الذي يعتمده النثر، عادة، وقد عرف عدد من المبدعين العرب بأنهم قد كتبوا ضمن مجاله، حيث اتسمت كتاباتهم الإبداعية برونق فريد، ما شكل لهذا النوع من الأدب جمهوراً واسعاً من القراء، مكنه من أن يشق له طريقه في عالم الأجناس الأدبية.

ولعلّ سرّ جمالية هذا الضرب من الكتابة، يكمن في توفير جملة من مقومات الشعرية التي تجعل النص الإبداعي ينبض بالمتعة، متوتراً، مفتوحاً مائراً بالحياة، من خلال طريقة التقاط الصورة، التي تنتظم في إطار يمكنها من أن تمارس سطوتها على متلقيها، ناهيك عن طريقة علاقة المفردة بغيرها، ضمن البناء العام للنص، وهو ما يجعلنا أمام معالجة خاصة على امتداد الإبداعي.

ولا يجد المتلقي الفطن صعوبة في أن يميز هذا النوع من الأدب، عما اعتاد عليه في عالم الأدب، وفق التقسيم التقليدي المعروف، وذلك لأنه يقع على تلك الوشائج التي تتاخم به الشعر، في الوقت الذي سيكتشف فيه تلك العلامات الفارقة التي تميزه عنه، وتجعله يتاخم النثر، ولاسيما في خروج شريطه اللغوي، عن أية قيود تحدّ من حريته.

والحرية هي السّمة الرئيسة لهذا الضرب من الإبداع، حيث أن المبدع يتمكن خلال نصه، أن يوجد لنفسه ذلك الفضاء الاستثنائي، الذي لا يمكن أن توفره له القصيدة، في ما إذا ظل محافظاً على جملة قيودها، بل إنه يستفيد من هندسة الدفق الشعوري لديه، بعد ضبطها في دورة إيقاعية غير مكررة، ليأخذ أمداءه، كاملاً، من دون أن يحد منه البتة،استجابة لضرورة إعمال مبضع الحذف إلى حد التشويه، تماماً كما يتم-عادة-في عالم النثر.

هذا الفضاء الذي يحققه مثل هذا النص، وهو يزاوج بين ثيمتي الشعر والنثر، في آن واحد، يوفر له جماليات وطاقات هائلة، لا حصر لها، إذ يستطيع بذلك التنويع وفق مثل هذه المعادلة الفنية، تحقيق إبداع خاص، هو نتاج تفاعل أدوات تنتمي إلى عالمين جماليين، ضمن إطار مختبر واحد.

كما أن مثل هذا النوع من الكتابة الفريدة، يتضمن عنصر الجاذبية، والتشويق، و يحقق المتعة المتوخاة من الإبداع، عموماً، لتجتمع ضمن مساحة نص واحد أكبر قدر من جماليات الشعر، مع أكبر قدر ممكن من جماليات النثر، وهو ما يجعل المتلقي يتفاعل مع جنس جديد، تماماً، لا يمكنه أن يقع عليه، أثناء تلقيه، مع أحد الجنسين المعروفين، أي الشعر والنثر، في معزل عن استحضار الآخر.

وإذا كان أدب ما بعد عصر النهضة، يعجّ بهذا اللون من الكتابة، التي انتشرت، على نحو خاص، ولاسيما عن طريق أقنوم الصحافة، فإن لهذه الكتابة جذورها التراثية، في الخطب والمقامات العربية القديمة، كما أن الشعراء المتصوفة قد قدموا إنتاجاً إبداعياً رفيعاً، في هذا المجال، إذ يستطيع الكاتب-هنا- أن يهيء لنصه جناحين، يحلق بهما عالياً في فضاءات الشعرية، وإن كانت الأدوات التي يستخدمها في مختبره الإبداعي، ليست محض أدوات شعرية-فقط- بل إن لأدوات النثر حضورها الواضح أيضاً، كما تمّت الإشارة من قبل، و أن هذا الصنف من الإبداع، لم يتوقف البتّة، بل لا يزال يحافظ على انتظام حضوره، وإن كان يخيّل إلى كثيرين بأنه قد زال-تماماً- ليعود الأدب إلى أرومته الأولى، حيث نكون أمام مجرد جنسين أدبيين معروفين، فحسب، وفق التقسيم التقليدي المعروف. بيد أنه-وللحقيقة- فإن أدب الجنس الثالث، بات له حضوره الواضح، وهو يندرج تحت تسميات كثيرة، لعل أبرز هذه التسميات هي" النصّ المفتوح" الذي لا يفتأ الشاعر الجديد يكتبه، ومن الممكن أن نجد عربياً بعض جذوره في إبداعات: أنسي الحاج وأدونيس وسليم بركات ونزيه أو عفش وغيرهم من شعراء الحداثة الذين كتبوا نصوصاً مفتوحة، بل إن النص المفتوح بات يحقق إنجازات جديدة، ولاسيما على صعيدي: الإدهاش واللغة الجديدة، ناهيك عن تحقيق هذا النص المعادلة الإيقاعية المطلوبة، من خلال تفاعل اللغة، والصورة، ضمن بنية النص.

إن لغة النص المفتوح-ضمن هذه التحديدات- باتت تسجل لنفسها تمايزاً لافتاً، تجعلنا أمام أدب يثري اللغة، وهو ما يؤسس لنفسه معجماً جديداً، يتفاعل خلاله، ويؤثر، في ما حققته القصيدة الجديدة من جهة، وليعيد الاعتبار إلى اللغة التي باتت تفتقد الكثير من ملامحها، في عصر ثورة الاتصالات، حيث نكون أمام لغة باهتة، مختزلة، تفتقد إلى الرونق، تحولت-في هذا العالم- إلى مجرد أداة عادية، لتلعب من خلالها دور الوسيط في التواصل مع الآخر.

وإذا كان النص المفتوح ينزع إلى الحرية، فإنه يتيح أمام الشاعر والناثر-معاً- المجال للاشتغال، كل ضمن إطار أدواته الخاصة، لنجد من قد يعتمد على التفعيلة في كتابته للنص المفتوح- وهو الاستثناء- كما نجد في الوقت نفسه، من سيتجاوز الإيقاع الخارجي-وهو القاعدة- وإن كان الإسراف في الاعتماد على مثل هذا الإيقاع سيخرج النص من فضائه المفتوح، إلى عالم قيوده، إلا أن هذه القيود قد يتم تجاوزها على يدي الشاعر الحاذق، وهو يتابع اكتشافاته في أرض اللغة البور، ليتم تفجير مكنوناتها، لنكون أمام لغة داخل اللغة، بعيداً عن دلالتها المعجمية المستهلكة.





#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصّورة الإلكترونية
- حين يحترم -المحلّل السياسي الرسمي- نفسه
- أعلى من جدار
- الرئيس يطلب العفو
- درعا ترحب بكم
- أدب الثورة وثورة الأدب
- نشيد آزادي- تحية إلى شباب الثورة
- كلمة-azadi- الكردية في معجم الوطن
- أجوبة الناشط الكوردي المستقل إبراهيم اليوسف على أسئلة نشرة ح ...
- أوباما لن يدخل التاريخ
- حوار مع آكانيوز
- الحوار كأداة للقطيعة
- هل يمكن أن نكون أمام أول حوار وطني صادق في سوريا؟
- -طائرات هليكوبتر- سلفية
- لا وقت للمهاترات
- ثمن الكلمة
- معتقلونا: كي لا ننساهم
- سوريا إلى أين؟
- إعلانات رسمية
- حمامات الدم السوري وقراءة النظام المقلوبة


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الجنس الأدبي الثالث