|
إستعراض القنابل الموقوتة...
واصف شنون
الحوار المتمدن-العدد: 3379 - 2011 / 5 / 28 - 14:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بات كل ما نسمع ونقرأ ونشاهد ما يجري في العراق ،لايعد بتاتاً بالأمر الغريب او الشاذْ مع ان المنطق الثابت الأرسطوي يؤكد أن ذلك لا يصح ولايتفق مع المنطق ،منطق الحياة والأعمال بشموليتها الواسعة وتعدديتها المتنوعة ،فحين خرج الاف من الشباب العراقيين وهم يستعرضون قواتهم العضلية والعددية فقط (غير مسلحين بالبنادق وكواتم الصوت والعبوات اللاصقة ) تحت مسمى جيش المهدي نسبة الى الإمام المهدي المنتظر الذي ينتظر المسلمون الشيعة الإمامية خروجه في أية لحظة ليعم ويسود العدل في كل أرجاء الأرض وينصف المظلومين ويفتك بالمستكبرين ، فأن هؤلاء الشباب وقادتهم من المعممين شكلوا هذا الجيش بعد غزو العراق ،ربما لمساعدة ( الإمام الغائب المنتظر ) في مهمته الصعبة ، لكن الجيش قام بإرتكاب إغتيالات وحرائق وتفجيرات وإحتلال مدن وقصبات وفرض قوانين دينية بل وإغتصابات وجرائم ضد الإنسانية ،وتمت محاربته حكومياً وقتل العشرات من اعضائه وتجميده ونفي زعيمه السيد مقتدى الصدر الذي ورث تياراً واسعاً من ملايين المؤيدين عن أبيه مثلما ورث السيد عمار الحكيم قيادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق عن أبيه هو الأخر ، والأخير يمثل الأرستقراطية الدينية الشيعية المتعقلة الباراغماتية وليست المعتدلة ..،اما مقتدى فهو بالضبط مشابه لأتباعه فجلّهم من الشباب الفاشلين والمتعصبين دينياً بلا معنى ولا هدف ولا فهم وكذلك من بقايا أتباع عدي صدام حسين حيث أصدر مقتدى الصدر عفوا خاصاً عنهم، فألتحقوا بالتيارالصدري وجيشه .
الشاذ – العادي في أمر الإستعراض ان أحد قادة التيار الصدري الذي ُيعد جيش المهدي ذراعه العسكري وهو نائب في البرلمان العراقي" الديمقراطي" ، قد أعلن في خطابه بكل فخر واعتزاز وقوة وتحد ٍ ، ان عشرات الاف الشباب المستعرضين ، هم عبارة عن ( قنابل موقوتة بيد السيد الصدر والحوزة )، واذا فهمنا بعمق ودقة تعبير ( قنابل موقوتة ) فانها تعني سوف تنفجر حتما ً او يتم إبطال مفعولها، وهذا أمر يثير استغراب العراقي الذي يعيش بعيدا عن العراق والمجتمع العراقي حقاً ، فالنائب البرلماني المنتخب ديمقراطياً ليس عليه التهديد بالقنابل الموقوتة او اللاصقة او المحشورة ، فالبرلمان بمفهومه المعرفي يمثل تداول السلطة والقوة بشكل سلمي وهنا نحن أمام استعراض لشباب هم (قنابل موقوتة ) ،بما معناه ان قادة هذا الجيش –الميليشيا غير القانونية حسب الدستور العراقي هي بمثابة كارت اصفر لكنه يتحول الى احمر مع كل احتقان سياسي أو رفض لمطاليب سياسية محددة من قبل نواب هذه الميليشيا والتي ُيعد نوابها الأكثر وقاحة بين البرلمانيين وليس الأكثر دفاعا عن الحق الشعبي والمطاليب الأساسية لكل الناس ،ولو ان منهم بعض من الفقاعات الوطنية ، فالتيار برمته وعلى رأسهم القائد مقتدى عبارة عن خنجر ايراني في خاصرة العراق لا اكثر ولا اقل .
استعرض الاف الشباب وهم يرتدون (outfit) زي مدني مفصل من العلم العراقي وحزام ابيض وبنطال اسود ، وهذا الزي بالحسابات التجارية مكلف ويتم تقدير الزي الواحد بحوالي (50 دولار ) على الأقل ولا اعرف ان كان مصنوع في الصين الشعبية ام في ايران الإسلامية ام في معامل العراق للخياطة والإزياء الحديثة وتصميم دار الأزياء العراقية !!!، ناهيك عن الأموال التي صرفت كرواتب لهؤلاء الشباب والإعدادات اللازمة التي جرت قبل الإستعراض ، فقد بدأ الجيش المجمد المكروه شعبيا تدريباته في ساحات المدارس في جميع محافظات العراق والعاصمة بغداد ،واستحصل الموافقة على استعراض عضلاته من حكومة السيد نوري المالكي الذي يمثل قائمة (دولة القانون ) ،خاصة وان المستعرضين قدا داسوا وهم يسيرون على اعلام ضخمة للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا العظمى واسرائيل مفروشة على الأرض بدقة للتصوير التلفزيوني ،حيث تذكرنا افعال القائد السابق المشنوق صدام حسين حين وضع صورة لجورج بوش الأب على أرضية عتبة مدخل فندق الرشيد ، بينما كان عليه ان يصنع لجورج بوش تمثالاً إسوة بالكويت لأنه قد انقذه من انتفاضة العراقيين عام 1991 ،ونعود لإستعراضنا الذي هزّ الأعداء والأصدقاء !!!لنتذكر ومن خلال الصور كيف كان الرفاق البعثيون يقفون مصفقين لجحافل الجيش الشعبي والقدس في استعراضاتهما الكريهة ، بينما في إستعراض جيش المهدي يقف الرفاق المعممون وهم يرفعون اياديهم بالتحية كون التصفيق حرام ...!!!، وهنا تبرز الأسئلة المريرة ، من اين كل هذه الأموال؟؟ ولماذا هذا الهدر المادي والمعنوي ؟؟ولماذا يتساهل صاحب مشروع دولة القانون والجيش العراقي مع هذه الميليشيا بالذات ،ولماذا لاتقوم الحكومة بفتح دورات تشغيلية وتربوية وتعليمية مع رعاية اجتماعية وصحية لألاف من الشباب الضائع الذي بلا دراسة ولا عمل ولا مستقبل ؟؟ والى اين تأخذون المواطن العراقي العاطل عن العقل والعمل والحياة لكنه صبور ,الى اين ؟ الجواب الى دولة غير مستقرة مثل لبنان الديمقراطي المرتهن بيد حزب الله ،و جيش المهدي ومقتدى هما نسختان مشوهتان لحزب الله اللبناني ، ولو انهما يؤديان الغرض الإيراني نفسه حيث العداوة الوهمية لليهود واسرائيل مع تحقيق المصالح الإيرانية ، هذه هي الصحوة الإسلامية في العراق التي وضعت العراق والعراقيين بين كفي المحاصصة والطائفية والتفرقة العنصرية والقومية والدينية وهدر الإقتصاد الوطني والفساد الشامل .
#واصف_شنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التقشف الديني وخبايا الدهليز
-
العراق وسوريا: العارّ المزدوج
-
قبر مائي لإسامة بن لادن
-
لكل قفل مفتاح ولكل ليل مصباح
-
إيمان العبيدي: الفرّجة الليبية
-
ِنساءُ الظلام
-
الإعلام العربي أسود ..مثل النفط الخام!!
-
الطائفية إفيون الشعوب
-
الشباب قادمون لتحرير انفسهم
-
لا بد من التغيير بقيادة الشباب المحطّم هذه المرّة
-
الإنتفاضة من أجل فصل الدين عن الدولة
-
أوهام الملاّ خامنئي ...
-
مصر : يا ظالمني ... ثورة من أجل الحياة
-
تونس شكرا ً ..للفرح
-
الإرهابيون: ُمسلمون ُيطبقون نصوصا ً دينية
-
المآساة المستمرة *
-
إرهاب العمائم في فضيحة – بول الأدباء - !!
-
العراق : مجتمع محافظ متدين أم خربان منحطّ ..؟
-
معمّمون لكن متمردون
-
الخوف من ( السعلوّة ) ...*
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|