علية سيف النصر
الحوار المتمدن-العدد: 1007 - 2004 / 11 / 4 - 10:24
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ختان البنات؟!.. سؤال يؤرقني منذ أن كنت طفلا, أري بنات عائلتي يسقن إلي مصيرهن وكأنهن ذاهبات إلي السلخانة, وكبر السؤال وتضخمت علامة الاستفهام عندما التحقت بكلية الطب وعرفت أن هذه الجزارة البشرية التي يمارسها المصريون مع بناتهم لاتمت لعلوم الطب بأي صلة وتيقنت وتأكدت من أن العرف والعادة والتقاليد والخرافة أحيانا ماتكون أقوي من المصلحة وأعلي صوتا من المنطق وأشد اقناعا من الحقيقة العلمية الواضحة, وتساءلت كيف نسمح لانفسنا بممارسة كل هذه السادية بتقطيع اجسادهن وبتر اعضائهن.. بهذه المقدمة يبدأ د. خالد منتصر كتابه الختان والعنف ضد المرأة ويستطرد الباحث: احسست بالعار وأنا أقرأ التوزيع الجغرافي والأرقام الاحصائية لمعدلات ختان الاناث في العالم, فمصر هي كبري هذه الدول من حيث عدد اللاتي يتعرضن لهذه العملية الهمجية, هل يعقل أن مصر مهد الحضارة وأم التاريخ تبتر أجساد بناتها بهذه الوحشية؟ إن الارقام أحيانا تكون صادقة ولكنها دوما مصابيح تنير الطريق وهي أحيانا مقلقة ولكنه القلق الذي ينير العقل لنلمس الحل.
في المؤتمر الرابع لبتر الاعضاء الجنسية الذي عقد عام1996 في سويسرا ظهرت هذه الارقام العالمية المرعبة:
* يتم في العالم ختان ما يقرب من مليوني طفلة سنويا أي بمعدل5480 طفلة يوميا و228 طفلة كل ساعة.
نسبة المختونات في العالم تبلغ5%, ويعتبر مركز مصر متقدما جدا من حيث عدد المختونات علي مستوي العالم, وافريقيا هي المنطقة التي يمارس بها الختان ويكاد ينحصر في مصر والسودان واريتريا, أما السعودية والعراق وليبيا وسوريا فلاتعرفه علي الاطلاق مثل تركيا وايران, وهذا يؤكد أن جذور هذه العادة ليست عربية أو اسلامية, أما في مصر فالعدد كبير بحيث يصعب تجاهله والتغاضي عن ردود افعاله في العالم كله, ففي عام1994 وجد أن نسبة المختونات50% ثم وصل الرقم في عام1996 إلي80% ثم وصلنا إلي الرقم الذي يزيد علي27 مليونا بنسبة98%.
ويؤكد الكاتب أنه في عام1994 اجري بحثا علي المترددات علي العيادة الخارجية لطب عين شمس بلغ عددهن800 طفلة من سن6 إلي14 سنة وروعي فيه بقدر الامكان تفاوت المستوي التعليمي والاجتماعي للفتيات واثبتت الدراسة أن81% مختونات ونسبتهن في الأسرة الفقيرة تصل إلي88%, وفي الأسر متوسطة الدخل71% وفي الأسر الغنية15%, وعن علاقة الختان بمستوي تعليم الابوين تبين أن أمية الاب والأم ترفع نسبة الختان في الأسر إلي96% وتتضاءل النسبة عند الحاصلين علي تعليم اساسي لتكون80% حتي تصل إلي10% عند اصحاب التعليم العالي, ونستخلص من هذه الدراسة دلالة مهمة جدا وهي أن التعليم والثقافة لهما دخل مهم في منع الختان بل واهم من مسألة الفقر والثراء, وقد اثبتت الدراسة أيضا أن نسبة48% من عمليات الختان تجري بواسطة الداية مقابل46% بواسطة الاطباء و6% بواسطة حلاقي الصحة, وهذا يؤكد أن الاطباء انفسهم مازالوا يشاركون في هذه الجريمة.
وفي دراسة اخري ميدانية قامت بها وزارة الصحة فيما يشبه المسح الصحي برئاسة د.فاطمة الزناتي الأستاذة بكلية السياسة والاقتصاد وتعود أهمية هذا البحث إلي أنه تم علي مدي عامين وشمل محافظات الجمهورية ولم يقتصر علي مدينة واحدة أو عيادة خارجية محدودة تبين أن نسبة المختونات تصل إلي97% وتنقسم هذه النسبة إلي99.5% في الريف و94% في المدن وأن قرابة82% من النساء مازلن يؤيدن ختان الاناث منهن91% في الريف مقابل70% في المدن.
أما الأسباب التي ذكرت تأييدا لختان الاناث فهي كما يلي:
85.3% عادة حسنة
30.8% مطلب ديني
36.1% النظافة
3.8% متعة أكبر للرجل
9.1% تحافظ علي البكارة
5.6% تحمي من الزنا
أما الأسباب التي ذكرت ضد ختان الاناث فهي كما يلي:
37.8% عادة سيئة
45.8% تؤدي لتعقيدات طبية
29.8% مخالفة للدين
27.3% تجربة ذاتية مؤلمة
12.1% ضد كرامة المرأة
19.6% تمنع المتعة الجنسية
5.9% اسباب أخري
كما اثبتت الدراسة أن74% من النساء تعتقد أن الرجال يفضلون المرأة المختونة و72% منهن يعتقدن أن الختان جزء من التقاليد الدينية.
ثم يستعين الباحث بدراسة مهمة للدكتورة اقبال السمالوطي عن انواع ودوافع العنف ضد المرأة و الطفل حاولت فيها تصنيف انواع ذلك العنف فتقول:
* المدهش أن المرأة نتيجة تزييف الوعي المزمن علي مدي تلك السنوات تمارس أحيانا عنفا ضد بنات جنسها ممثلا في حالة الختان, تجر الأم ابنتها بعنف لكي تختن لأنها تري أن في ذلك صالح ابنتها ومصدر عفتها وشرفها.
* هناك عنف جسدي أو مادي بالضرب والاغتصاب وهناك عنف معنوي بالسب والإهانة والتجريح والسخرية.
* وهناك عنف فردي يتم نتيجة لترويج فكر معين يحمل احتقارا شديدا للمرأة.
أما العوامل البيئية التي يحاول بها علماء الاجتماع تفسير دوافع العنف ضد المرأة والطفل فهي كثيرة ومنها: نظرية الضغط البيئي: وهذه النظرية تري أن الضغوط البيئية المختلفة سواء كانت زحاما أو ضوضاء أو تلوثا اذا زادت عن الحد والقدرة علي التحمل فسوف تؤدي إلي انفجار الانسان وقيامه باعمال العنف ومن الطبيعي أنه سيمارسه ضد الضعفاء وفي مقدمتهم النساء والاطفال.
* نظرية الموارد الاجتماعية: وتري هذه النظرية أن الصراع بين البشر يزداد مع زيادة عدد السكان بمعدل أكبر من معدل تزايد الموارد البيئية ومن هنا يتم الصراع علي هذه الموارد المحدودة فيتولد العنف.
* الحرمان البيئي: إن البيئة التي لا تشبع حاجات ابنائها تدفعهم دفعا نحو العنف.
* الاحباط: البيئة المحبطة بيئة تفرخ العنف فالفرد الذي لاينجح في تحقيق ذاته من خلال عمل أو أسرة هو صيد سهل لممارسة العنف.
المهمشون: وهم الذين يعيشون علي هامش المجتمع والمهملون من الدولة اكثر المواطنين ممارسة للعنف.
التعليم: العنف سلوك مكتسب من الممكن تعلمه من البيئة المحيطة أو من علي الشاشة هذا يلقي باللوم علي التعليم والاعلام في تقديم العنف كسلوك مقبول أوعلي الأقل متعود عليه.
هذه النقاط يمكن أن تفسر لنا وتجيب عن سؤال لماذا العنف ضد المرأة؟
ولكنها لا تستطيع الاجابة علي سؤال لماذا التميز ضدها؟
ويختتم الباحث: أن القانون وحده لا يستطيع بجرة قلم أن يلغي عادة اجتماعية راسخة كالختان أنه يحتاج إلي جانبه الاستنارة في التفكير والحسم في التنفيذ الاقتناع بأن هذه العادة الوحشية لاعلاقة لها بالشرف ولابالعفة والتأكد من أن المرأة ليست عدوا ولكنها شريكة حياة ورفيقة درب؟؟
#علية_سيف_النصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟