|
السلفي الحر ، و السلفي الحكومي
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3376 - 2011 / 5 / 25 - 16:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إنحرقت ورقة الإخوان ، و لم يعد لها جدوى في يد النظام الذي أسسه مبارك ، بعد أن أثبتنا قوتنا ، ففجرنا الثورة بدونهم ، و سرنا أياما ، و ليالي ، في طريق الثورة بدون أن يلحقوا بنا . أثبتنا فراغ الفزاعة التي لطالما حاولوا إخافتنا بها ، و إنها ليست سوى خيال مآتة ، لا يفزع إلا ضعاف النفوس . بل و تمزقت هالة الإحترام لتلك الجماعة بعد أن ثبت للشعب المصري ، و العالمين العربي ، و الإسلامي ، و لبقية العالم ، إنتهازيتها ، عندما ذهبت للتحاور ، أو التفاوض ، مع عمر سليمان ، بعد كل الدماء المصرية الزكية التي أريقت في جمعة الغضب ، و في الثاني من فبراير الدامي ، لتحاول أن تشتري بدم الشهداء بعض المنافع لها . و بعد أن عقدت صفقة مشينة مع النظام ، مانعة الإجهاز عليه كلية ، إستحوذت كمكافأة على ذلك على لجنة تعديل الدستور . سقط الإخوان ، حتى لو إكتسحوا الإنتخابات البرلمانية القادمة ، لأننا نعلم أن فوزهم سيكون نتيجة منطقية للترتيبات التي تمت بالفعل بين السلطة الحالية ، و تلك الجماعة السياسية الإنتهازية . سقط الإخوان ، و ثبت ضعفهم ، و إنتهازيتهم ، فكان لزاماً على السلطة اللعب بكارت جديد ، أو صناعة فزاعة أخرى ، بهدف وأد الثورة ، أو وأد التغيير . الفزاعة الجديدة ، هي السلفية . السلفية ليست جماعة سياسية مثل الإخوان ، بل هي مذهب ، و الفارق كبير بين جماعة سياسية ، لها برنامج سياسي ، و ثقافي ، و إجتماعي ، مثل الإخوان ، و بين مذهب ، لا يوجد فيه مرشد عام ، و مرشدين إقليميين ، و هيئات منتخبة ، و تعليمات صارمة ، بل هو مظلة ينضوي تحتها كل من يعتنق ذلك المذهب . يهمنا إذاً أن نفهم السلفية ، لكي نعرف هل السلفية حقاً فزاعة ، كما يريد جهاز مباحث أمن الدولة - الذي لازال يعمل ، و يصول ، و يجول ، ليشعل حرب أهلية ، برغم ما قيل عن حله - أم أن السلفيين معنا ، في صف الثورة يهتفون ، و في خندقها يقفون مناضلين ؟ السلفيون في الحقيقة نوعان ، سلفي حر ، و سلفي حكومي . السلفيون الأحرار ، ينقسمون بدورهم إلى مجموعات فرعية ، لكنها كلها تجمع على مبدأ واحد ، هو معارضتها للنظام الحاكم الذي أسسه مبارك ، و تتراوح أشكال تلك المعارضة بين الإنعزال عن المجتمع ، و الإبتعاد عن كل إتصال بالسلطة ، إلى المعارضة السلمية للسلطة ، و التركيز على العمل الدعوي ، إلى أن تصل إلى أقصاها تطرفاً في حمل السلاح ، كما حدث في التسعينيات من القرن العشرين ، أو اللجوء إلى الإرهاب كما تفعل القاعدة . أي إنهم - أي السلفيين الأحرار - ضد النظام الذي أسسه مبارك ، و هو النظام الذي لازال يحكم مصر بشكل ، أو آخر ، لليوم ، و يفكر في البقاء بشكل ، أو آخر ، أيضاً ، في المستقبل . على نقيض السلفي الحر ، يقف السلفي الحكومي . السلفي الحكومي كل تصرفاته ، و مواقفه ، تخدم أهداف السلطة الإستبدادية . فهو فظ ، غليظ القلب ، عكس ما يجب أن يكون عليه المسلم ، لأن وظيفته هي نشر الكراهية للإسلام الحقيقي . السلفي الحكومي هو الذي بايع مبارك في عام 2005 كولي للأمر ، برغم ما هو معروف عن مبارك من سفك للدماء ، و لصوصية . السلفي الحكومي هو الذي إعتبر ثورتنا على مبارك ، و التي بدأت في الخامس و العشرين من يناير 2011 ، خروج على الحاكم الشرعي ، و إعتبر بالتالي ثوار يناير ، و فبراير ، 2011 ، خوارج ، و بالتالي تحل دمائهم ، أي قدم بشكل غير مباشر فتوى للنظام الحاكم لسفك دماء الثوار . و كنتيجة منطقية لموقف السلفي الحكومي من الثورة ، فقد رفض أن يطلق لقب شهيد كل من سقط قتيلاً دفاعاً عن العدالة ، و دفاعاً عن مال الشعب ، و رافضاً للإهانة . السلفي الحكومي هو الذي يقف مطالباً إيانا أن نجهض الثورة ، ليحمي لص قاتل كمبارك ، و يحمي لصوص عهد مبارك ، و يحمي مجرمي جهاز الشرطة ، و بخاصة مجرمي جهاز أمن الدولة ، متجاهلاً أن مبارك سقط رغماً عنه ، أي بعد أن قدر عليه الشعب المصري ، فهو لم يسلم نفسه طواعية ليحظى بالعفو . السلفي الحكومي هو الذي يرفض القصاص من مجرمي أمن الدولة ، و زبانية التعذيب في جهاز الشرطة الفاسد الدموي . السلفي الحكومي يتجاهل أن في القصاص حياة . السلفي الحكومي هو الذي يتحمل مسئولية مهاجمة الكنائس ، و إحراقها ، و إحراق المساجد التي بها أضرحة ، في الوقت الراهن ، بحجم لم يكن معهود في عهد مبارك ، لأن المطلوب الآن هو إشعال فتنة طائفية ، تجر مصرنا لحرب أهلية . السلفي الحكومي و برغم إنه عارض الثورة ، و نعت الثوار بالخوارج ، إلا إنه ما أن نجحت الثورة في الإطاحة بمبارك ، حتى إنطلق يطلب مصادرتها لحسابه ليروع الشعب . السلفي الحكومي هو الذي يرفض الديمقراطية التي يُفترض إنها تفتح له باب الوصول للحكم ، و الذي كان موصداً في وجه السلفيين كلية في عهد مبارك ، و في أي عهد إستبدادي . بإختصار السلفي الحكومي مواقفه كلها ، حتى المناقضة لمواقف النظام ، تخدم النظام تماماً . إنه السلفي الزائف . السلفي الحر ، أو السلفي الحقيقي ، الذي يرفض العنف ، و الإرهاب ، يقف معنا . كان معنا معارضاً لمبارك بشكل سلمي ، و وقف معنا ، و لو بقلبه ، عندما ناضلنا ضد مبارك ، و هو معنا في نضالنا من أجل القصاص من مجرمي عهد مبارك ، الصغار ، مع الكبار ، بدون إستثناء ، و هو أيضاً معنا في النضال السلمي من أجل حقوق الإنسان التي تحميه من الإعتقال ، و التعذيب ، و هو معنا من أجل ديمقراطية حقيقية ، تعطيه الأمل في الوصول للحكم ، منفرداً ، أو مشاركاً . السلفيون الحقيقيون المسالمون في خندق الثورة ، في خندق الشعب .
رسالة عاجلة : أرجو من الرئيس الروماني تريان باسيسكو ، و جهاز المخابرات الرومانية ، و المخابرات العمر سليمانية ، و أفراد مباحث أمن الدولة الذين لازالوا يعملون بحرية مطلقة في رومانيا ، ترك طفلي - و الذي أتم فقط تسع سنوات هذا الشهر - و شأنه ، و إحترام حقوق الطفل ، و إدراك أن طفل مثله لا يجب أن تشمله ، و لا أن تمسه ، الحرب القذرة التي تشنها تلك الأجهزة القمعية مجتمعة ضدي . هذه الرسالة جزء لا يتجزء من المقال ، و حذفها ، أو التلاعب فيها بأي شكل ، يعد تلاعب في المقال .
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
25-05-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إستبداد الوصاية يحتاج فتنة طائفية
-
لماذا لا يُحاكم هؤلاء عسكرياً أيضاً ؟
-
لماذا لا يحاكموا عسكرياً هم أيضاً ؟
-
الديمقراطية في مصر هي لصالح أهالي غزة
-
إنتخاب قيادات الحكم المحلي أفضل للأقباط
-
من الخليج أعلن شرف نتيجة الإنتخابات القادمة
-
التهديدات مستمرة ، و التمثيلية لازالت تُعرض
-
حتى لا نسمع بجمعة الشكر ، أو بثلاثاء العرفان
-
أوباما ، ضاع منك السلام ، فلا تضع الديمقراطية ، و حقوق الإنس
...
-
عمر سليمان إختار لمصر النموذج العسكري التركي الأتاتوركي
-
إننا ننتقد سياسات كيان أصبح سياسي
-
لماذا على مصر نصرة الشعب الليبي عسكرياً ؟
-
إلى متى ستظل البلطجة قطاع من قطاعات الدولة ؟
-
من يرعبه الخطاب الديني لا يقود التغيير
-
مباحث أمن الدولة تحاول الوقيعة بين الشعب و جيشه
-
إسبوعان من التظاهر و سيقف مبارك و سليمان أمام المحكمة
-
عندها سترون كيف تكون المعارك
-
حتى تصبح المبادئ و الأهداف واقع
-
الفرص يجب أن تتكافئ أولاً
-
جُمع قتل الثورة
المزيد.....
-
مرتديا الكوفية الفلسطينية.. الأمير تركي الفيصل يهاجم مقترح ت
...
-
ما هي البلدان المقترحة لاستقبال سكان غزة بعد الإعلان عن خطة
...
-
نغم عيسى.. غموض حول مقتل إمرأة حامل في حمص بعد طلب فدية
-
45 ألف سنة سجن للمحتال التركي الصغير
-
اعتداء عناصر في الأمن السوري على عابر جنسياً يثير مخاوف وانت
...
-
خبراء يحذرون: تقديرات بانهيار 100 ألف مبنى في حال وقوع زلزال
...
-
في خطوة انتقامية متبادلة.. بريطانيا تعتزم طرد دبلوماسيٍ روسي
...
-
يميني وأنثوي ومزيف: الذكاء الاصطناعي يتدخل في انتخابات ألمان
...
-
القضاء الألماني يحاكم أربعة أشخاص بتهمة الانتماء إلى حركة حم
...
-
-لحد ما ترجعوا ودائع السوريين-.. وسائل إعلام لبنانية تكشف تف
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|