|
ولي عهد البحرين يعلق جسر الإنذار
عبدالرحمن النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 1006 - 2004 / 11 / 3 - 10:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
يقرأ بعض المراقبين الخليجيين تقرير شركة ماكنزي حول إصلاح سوق العمل في البحرين على أنه محاولة من ولي العهد لتقديم نفسه مصلحا للأوضاع الفاسدة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي حيث بلغت معدلات الفقر في البحرين - حسب تقديرات التقرير - نسبة وصلت لتشمل قرابة 40% من المواطنين، بالإضافة إلى أنه في السنوات العشر القادمة سيدخل إلى سوق العمل قرابة 100 ألف مواطن، وهذه الأرقام تنذر بمخاطر جسيمة إذا لم تضع الحكومة استراتيجية واضحة، من الآن، للحد من البطالة المحلية وتقليص عدد العمالة الأجنبية، وبالتالي فإن من المفروض أن يقدم القطاع الخاص تضحيات للمساهمة في حل مشكلة مزمنة لكنها تتصاعد.. وتتخذ مسارات قد تعيد البحرين إلى المربع الأول خاصة بعد المسيرات والاعتقالات والتحقيقات وحرق الإطارات والاعتداء على سيارات الشرطة في مناطق الفقر التقليدية في تلك الجزر خلال الأسبوع المنصرم. إلا أن البعض يرى المسألة أخطر من ذلك.
ففي أروقة الأمم المتحدة هناك قرارات تتعلق بالعمالة الأجنبية على الصعيد العالمى، مرتبطة باتفاقيات منظمة التجارة العالمية ومرتبطة بالموقف الأمريكي في استثمار ما تعيشه دول مجلس التعاون الخليجي من إرباك على صعيد تركيبتها السكانية لفرض متغيرات جديدة في هذه المنطقة التي على أرضها قرابة سبعة ملايين من العمالة الأجنبية، أغلبهم في العربية السعودية ثم في الإمارات وبقية دول المنطقة، وهذه الملايين سترفع رأسها مطالبة بالتجنيس على ضوء ما صدر من قرارات أممية تطالب بحماية العمالة الأجنبية ضمن رؤية استراتيجية متعددة الجوانب لدى صناع القرار في البيت الأبيض وخاصة حول دول مجلس التعاون الخليجي.
مشروع ولي عهد البحرين يعلق الجرس مشيرا إلى الأخطار الاستراتيجية التي تحملها وضعية العمالة الأجنبية حاليا وما يمكن أن تؤول إليه الأمور مستقبلا، في السنوات القليلة القادمة التي لا تتجاوز السنوات الأربع، وبالتالي لابد من وضع حلول تبتعد عن النظرة المحلية الضيقة والتمييز في سوق العمل، لكنها تضع شروطا تمكن العامل المحلي من أن يحتل مواقع تلك العمالة، وذلك بزيادة تكلفة العمالة الأجنبية وتحسين مخرجات التعليم والتدريب وبالتالي تسويق العامل المحلي في سوق مفتوحة لا مكان للكفيل المحلي الطفيلي فيها.
إذن لا تتعلق المسألة بحل مشكلة البطالة المحلية التي يتزايد عددها وتنذر بالمخاطر الجمة على النظام السياسي والأمن والاستقرار في البحرين، وإنما يتعلق الأمر، أيضا، بهوية المنطقة برمتها، خاصة أنه يصعب الاستمرار في التعامل مع العمالة الأجنبية بالطريقة السائدة حاليا، التي يمكن لكافة الدول الكبرى الاستفادة منها، وبالدرجة الأساسية الولايات المتحدة التي يمكن أن تقول بأن سياسات دول المجلس ليست إنسانية وأن العمالة الأجنبية تعامل معاملة العبيد، ولابد من خوض الحرب ضد هذه الأنظمة التي رعى بعضها الإرهاب الدولي ويعبر في سلوكه من العمالة الأجنبية عن الوجه الآخر من الصورة غير الديمقراطية والمتعارضة مع المعايير الدولية والقرارات الدولية، مما يمكن هذه الدولة العظمى من تسويق موقفها ليس فقط خليجيا وإنما بالدرجة الأساسية على الهند وغيرها من دول شرق آسيا، وتنطلق - تحت شعارات حقوق الإنسان ورفض التمييز - لتبرير أية سياسات ضغط شديدة قد تلجأ إليها خاصة إذا نجح المرشح الديمقراطي، حيث ستكون الضغوطات أكبر، لكنها لن تكون ضعيفة إذا عاد بوش مرة أخرى إلى سدة الرئاسة، فالأمر متعلق بالمصالح العليا للولايات المتحدة، وهذه المصالح تتطلب خلط المزيد من الأوراق في دول الخليج لاستثمار حقائق برزت على الأرض بعد عقود من الاستغلال للملايين من العمال الأجانب الذين تدفقوا على المنطقة، خاصة من دول شرق آسيا، للاستفادة منها على الصعيد الآسيوي برمته، باعتبارها حامية لوضع الأقليات العاملة في دول الخليج كما شاهدنا في مطلع القرن المنصرم، عندما وضعت فرنسا وبريطانيا إمكانياتهما لمصلحة الأقليات الدينية والعرقية في المشرق العربي!!.
لذلك لم يكن بمحض الصدفة أن يكون من ضمن المدعوين لحضور ورشة العمل التي أقامها ديوان ولي العهد البحريني في نهاية الشهر المنصرم لتسويق المشروع وبحضور قادة الأحزاب السياسية والتنظيمات العمالية والتجار والصناعيين بالإضافة إلى النواب والشوروين، أن يكون ضيف الشرف وزير العمل والشؤون الاجتماعية في المملكة العربية السعودية الذي اعتبر التقرير موجها لأوضاع بلاده أكثر مما هو موجه لحل مشكلة البطالة في البحرين، وقرأ ما خلف السطور وربط بين ما يجري في أروقة الأمم المتحدة من ضغوطات على دول المجلس والملايين من العمال الأجانب الذين يحتلون مواقع مفصلية في عجلة الاقتصاد السعودي.
#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤسسات المجتمع المدني ومساهماتها في صنع القرار
-
مساهمة في الحوار حول تحرير سوق العمل
-
خطط لتحرير سوق العمل في البحرين
-
هل يشعل البحر إشكالية جديدة في البحرين؟
-
عائدات النفط المتصاعدة وترابطها مع الإصلاح السياسي
-
معتقلو دول مجلس التعاون في الأجندة الأمريكية
-
الإعلام ودوره في مرحلة الإصلاح والحوار الوطني
-
من أين نبدأ بالإصلاح؟
-
حوار مع النعيمي في المشاهد السياسي
-
أهمية بناء الكادر للحركة السياسية
المزيد.....
-
إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط
...
-
إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
-
حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا
...
-
جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم
...
-
اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا
...
-
الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي
...
-
مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن
...
-
إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|