|
الكاميرا الخفية ....حين يتنكر الممثل بزي الشرطي
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 1006 - 2004 / 11 / 3 - 09:42
المحور:
الادب والفن
ان فن الكوميديا من الفنون الراقية التي يصعب النجاح في بلوغ ذراها، ونيل قصب السبق في ميدانها ، وهي لاتقل صعوبة عن انواع الفنون المسرحية الاخرى كالتراجيديا والدراما أو الميلودراما . فاكوميديا والساتير والكوميدي ديلارتي من الفنون القديمة المعروفة في المسرح الغربي،و لدينا في تراث الشرق ايضا ، ما لايقل جمالا من فنون الهزل والسخرية، مثل مقامات الهمداني ، ومقامات الحريري ، وجحا أو ملا نصر الدين ، وبعض كتابات الجاحظ وغيره من الادباء الكبار الذين اتحفونا بصفحات ساخرة وهزلية رائعة، والتي كان يستخدمها الممثلون والحكائون في رواياتهم وتمثيلهم امثال القصخون والقرقوز وغيرهم. ومع انتشار السينما و التلفزيون ، زادت الحاجة الى الافلام و البرامج الترفيهية ، لكي تنتشل الانسان من هموم يوم العمل الحافل بالارهاق والتوتر، واشهر من بدأ في جذب الناس الى السينما من خلال النقد الساخر والكوميديا هو الفنان الراحل شارلي شابلن ، ومن بعده لوريل وهاردي، وبرز في التلفزيون حديثا المستر بين ، وفي السينما والتلفزيون المصري عرفنا اسماعيل يس وعبد السلام النابلسي وفي التلفزيون السوري دريد لحام وغيرهم . اما في العراق فقد حرمت السينما من فرصة التطور الطبيعي ، بسبب الانظمة العسكرية المتخلفة، والتي زاد الطين بلة فيها النظام الصدامي المقبور ، فلم تظهر لدينا صناعة سينمائية مرموقة ، كما حوصر التلفزيون ، واجهضت بدايات المسرح الجاد ، من أجل شل قدرات العراقيين ، ولم يكن نصيب الشعب الكردي قليلا في هذا المضمار ، فعانى ايضا من حرمانه من حقه في التعبير ، وسلب حقه في وسائل الاعلام جميعا ، السينما والراديو والتلفزيون، حتى سنحت الفرصة أمام شعبنا الكردي بعد تحرره اثر انتفاضته المباركة ، لنيل حقه ، كما حصل على حريات اكبر بعد رحيل النظام الصدامي الى مزبلة التاريخ، فسارع ليستفيد من تطور وسائل الاعلام الحديثة واستطاع ادارة قنوات فضائية بنجاح كبير، واصبحت قناة كردستان الفضائية من القنوات التي يتابعها العراقيون جميعا ، بعربهم وكردهم وشعوبهم المختلفة. ومن بين البرامج الشيقة ، يتابع المشاهدون برنامج الكاميرا الخفية لما فيه من مقالب تثير الضحك والمتعة، وهو برنامج ظهر في الغرب ، ونجح نجاحا كبيرا فقلده الكثير من التلفزيونات في جميع انحاء العالم. وتعرض القنوات الفضائية الكردية خلال شهر رمضان المبارك حلقات من برنامج الكاميرا الخفية قدمت فيه مجموعة الممثلين عرضا فاجأ جمهور التلفزيون لما كان للحلقة من جوانب سلبية على حياة المواطن العادي الذي يذهب الى عمله آملا حماية رجال الامن والشرطة له في هذا الزمن الذي عز فيه الامان والاطمئنان. وقد قامت مجموعة الممثلين بارتداء الزي الرسمي للشرطة ، ولعبت دور نقطة تفتيش ، او حاجز طارئ ، فاوقفت سيارة اجرة ( تاكسي) ، وبعد تفتيش صوري ، يستغـفل السائق ليدخل أحد الممثلين في صندوق السيارة الخلفي، وهو ملفوف باشرطة ولفافات بيضاء ، كانه شبح او شخص مريض ، او ارهابي ملثم . وحين يغادر سائق التاكسي تستوقفه نقطة تفتيش وهمية اخرى ، وبعد تفتيش السيارة يفاجئ السائق بالشخص المختفي في الصندوق، فتحاسبه دورية الشرطة المزعومة على هذا الجرم ، في محاولة للضحك على ورطة السائق ، والهلع الذي يصيبه نتيجة الجريمة التي لاذنب له فيها. هذا موجز للحلقة ، ولك ان تتصور الرعب الذي يصيب السائق من اجل اضحاك المشاهد. وكان التلفزيون المصري عرض قبل سنوت قليلة ، حلقة من برنامج الكاميرا الخفية ، يتنكر الممثل فيها ايضا بزي ضابط شرطة ، ويوقع المواطنين بشباك حيلته ، فيتورطون بمشكلة عويصة ، تسبب لهم الارتباك الكبير لما لرجل الشرطة في دولنا من سطوة ترهب الاصدقاء قبل الاعداء ، والابرياء قبل المجرمين. ومن الامور التي يجب أخذها بنظر الاعتبار ان استخدام الزي الرسمي للشرطة من أجل التمويه على المواطن له دلالات سلبية ، اولا لانه يؤثر على صدقية الشرطة التي تقوم بواجبات غاية في الاهمية والخطورة في الوقت الحاضر ، وثانيا ان مثل هذه الاعمال سوف تفقد المواطن ثقته بالشرطة ، مادام بالامكان استخدام ملابس الشرطة للضحك على الاخرين او الهزل او التمويه عليهم. كما ان وضع المواطن في قفص الاتهام ، و اتهامه بجريمة بهذا الحجم ،لايمكن ان يكون نكتة في اي حال من الاحوال ، وان مثل هذا الموقف الذي يقع فيه المواطن يجعله في مازق صعب جدا ، ومن حقه ان يطالب بالتعويض المادي في المحاكم جراء تعرضه لازمة صعبة قد تسبب له ضررا كبيرا، وهو ما لايحق لاي شخص ان يضع شخصا اخر فيه، اضافة الى انه قد يتصرف تصرفا لا اراديا يؤدي الى مشكلة كبيرة ، كأن يفقد اعصابه ويضرب الشخص الاخر، او يهرب بطريقة قد تؤدي به الى الوقوع في مأزق وما الى ذلك . اتمنى ان يناقش مؤلف ومخرج برنامج الكاميرا الخفية فكرة الحلقة قبل عرضها مع اصحاب اختصاص، مثل احد القضاة واحد الاطباء النفسانيين أو احد المهتمين بالدراسات الاجتماعية وغيرهم ، كي نتجنب الاساءة لمواطن ما من اجل ان يضحك مواطن اخر.
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نجاح في اوانه
-
الورد.....والخبز
-
النسر الاحمر في سماء القطب الشمالي
-
المجد لك في الاعالي
-
انهيار السلطة الثورية : ملاحظات سريعة
-
جريمة الاعتداء على المسيحيين
-
خطيئة مصر في رعاية المجرم صدام حسين
-
نداء الى السيد وزير العدل مالك دوهان الحسن المحترم
-
الشعب الكردي في كردستان تركيا يحقق أولى أمانيه المشروعة
-
الديمقراطية : فاكهة الرافدين المحرمة
-
الموقف من الجرائم والمسؤولية السياسية للقوى الوطنية العراقية
-
الطريق إلى بغداد
-
الخزي والعار لمن يلفق التهم : تضامنوا مع د. كاظم حبيب
-
حول تفجير مقر الحزب الشيوعي : الإرهاب سيف بلا رحمة
-
نداء إلى السيد آية الله السيستاني المحترم
-
مجسم الأشياء الهاربة
-
البحث عن رئيس مهزوم
-
يوسف إدريس ، شهادة في صدام
-
رئيس زائف متسربل بعار الهزيمة
-
موقع متميز يستحق المساندة والتقدير
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|