|
هل تدشن ذكرى النكبة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 3372 - 2011 / 5 / 21 - 11:43
المحور:
القضية الفلسطينية
في وقت متزامن، وعلى وقع الانتفاضات الهادرة في بعض الأقطار العربية انطلقت مسيرات فلسطينية وعربية حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين والعرب لإحياء الذكرى الثالثة والستين ليوم النكبة الفلسطينية، وقد سقط في المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين واعتقل المئات منهم. مسيرات هذا العام لم تقتصر على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس وفي داخل الخط الأخضر (إسرائيل) فقط، بل شملت مشاركة واسعة لفلسطينيي الشتات في مخيمات سورية ولبنان والأردن الذين انطلقوا صوب تخوم فلسطين، تعبيرا عن إصرارهم على تجسيد حق العودة للملايين من الفلسطينيين إلى أرضهم وأرض أجدادهم التي شردوا منها. كما شهدت بعض العواصم العربية؛ ومن بينها القاهرة وعمان وبيروت، مسيرات واعتصامات تضامنية، ودعوات لقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وإنهاء مختلف أشكال التطبيع معها، بما في ذلك الدعوة إلى إلغاء أو مراجعة اتفاقيات (السلام) المجحفة الموقعة معها. 15 مايو سنة 1948 هو تاريخ إعلان قيام دولة إسرائيل يمثل بالنسبة لها وللصهيونية العالمية والقوى الغربية الداعمة لهما يوما وطنيا وقوميا بامتياز، غير أنه ـــ في الوقت نفسه ـــ يمثل ذكرى أليمة ومفجعة للشعب الفلسطيني، حيث انبثق في ذلك اليوم الأسود كيان عنصري استعماري بغيض، عمل على احتلال واستباحة أرضه (78 في المائة من أرض فلسطين) وشرد مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين العزل إلى أراضي الشتات، ما أطلق عليه بيوم النكبة، استكمل بيوم النكسة، وتمثل في هزيمة جيوش ثلاث دول عربية من قبل إسرائيل في عدوان 5 حزيران (يونيو) 1967، حيث استكملت إسرائيل على إثرها سيطرتها على بقية الأراضي الفلسطينية وأراضٍ عربية أخرى (سيناء المصرية والجولان السورية). شعب وشباب فلسطين لم يكن بمعزل عن مجمل التغيرات الثورية العاصفة في المشهد العربي وتفاعلاته وتداعياته؛ فقضية فلسطين والحقوق العادلة للشعب الفلسطيني جرى تغييبها على مدى عقود من الانقسام والتخاذل والتفريط بالحقوق، وتقديم التنازلات المجحفة، والاستكانة للابتزاز والتسويف والضغوط الإسرائيلية والأمريكية تحت وهم وسراب إنجاح المفاوضات السلمية لاستعادة الحقوق الفلسطينية والعربية. وقد عبر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تصريح له عن إحباطه وخيبة أمله في موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما إزاء عملية السلام وقضية الاستيطان؛ ناهيك عن قيام الدولة الفلسطينية، كما اعترف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات وفي تصريح له لوكالة الأنباء الفرنسية بفشل الحلول السلمية التي باتت في حكم الميتة بقوله: «لقد جاءت لحظة الحقيقة بمصارحة الشعب الفلسطيني أننا لم نستطع أن نحقق حل الدولتين من خلال مفاوضات استمرت 18 عاما». غير أنه في ظل الربيع العربي الجديد الآخذ بالتشكل، بات من الواضح والجلي بأن القضية الفلسطينية استعادت وهجها باعتبارها قضية مركزية على الصعيدين القومي والوجودي بالنسبة للشعوب العربية، وبأن الحقوق الفلسطينية والعربية لا توهب بل تنتزع من خلال المقاومة والنضال بمختلف أشكاله المتاحة، بما في ذلك وخصوصا المقاومة الشعبية المدنية التي اختطتها شعوب عربية، كأداة وأسلوب راق ومتحضر وصولا إلى تحقيق التغيير الجذري، والأمر ذاته ينطبق إزاء الاستبداد والاحتلال الأجنبي. نشير هنا إلى تحذير دوائر رسمية رفيعة المستوى في داخل إسرائيل إلى أن ما يحدث في العالم العربي هو تسونامي مريع وفقا لوزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك، والأمر ذاته ينسحب على مسيرات ذكرى النكبة يوم الأحد الماضي. نستعيد هنا كلام وزير المخابرات الإسرائيلي دان ميريدور الذي قال «إن هناك تغييرا واضحا لم نستطع ملاحظته وعكسه على الواقع الداخلي، في إشارة إلى (الربيع العربي) وتبعاته على الوضع الإقليمي للمنطقة في حين حذر وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك من أن مسيرات النكبة هذا العام. ليست سوى بداية لصراع جديد بين إسرائيل وتحركات شعبية فلسطينية وربما عربية. وقد علق معهد ستراتفور الإسرائيلي على تلك التصريحات بأن القيادة الإسرائيلية العسكرية والسياسية باتت تنظر بشكل جدي إلى احتمال اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة ليس في الداخل وإنما على الحدود تضع تل أبيب أمام موقف قد يضطرها لإطلاق النار على متظاهرين عزل، وبالتالي تحمل تبعات ذلك أمام المجتمع الدولي، ويتابع المعهد قراءته قائلا إن الوضع يبدو أصعب مما هو ظاهر للعيان، استنادا إلى معلومات تؤكد أن المسيرات أصبحت تتخذا بعدا إقليميا أفرزته وقائع (الربيع العربي)، من تغير الأنظمة في بعض الدول المجاورة (مصر)، وحالة الاضطراب التي تسود دول أخرى مثل سورية، ويتفق ستراتفور مع التحليلات التي تقول إن سورية استغلت ورقة المسيرات لتخفيف الضغط عليها بسبب الوضع الداخلي والاحتجاجات المناهضة للنظام، لكنه في نفس الوقت اعتبر أن تيارا فلسطينيا يريد إشعال انتفاضة ثالثة تجبر المجلس العسكري الحاكم في مصر على اتخاذ مواقف صارمة. بالتأكيد لا نستطيع إغفال التأثير السياسي والمعنوي للمصالحة الوطنية التي أبرمت في 3 مايو من الشهر الجاري تحت الرعاية المصرية بين حركة فتح والسلطة الفلسطينية التي تمثلها من جهة وحركة حماس والحكومة المقالة التي تمثلها في غزة ومعهما بقية الفصائل الفلسطينية من جهة أخرى». الخطاب الأخير لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو في افتتاح الدورة الصيفية للكنيست وردا على مسيرات ذكرى النكبة جدد شروطه لاتفاق سلام مع الفلسطينيين وهي «أولا على الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل على أنها دولة القومية اليهودية، وثانيا هناك إجماع صهيوني بأن الاتفاق مع الفلسطينيين يجب أن يؤدي إلى نهاية الصراع وانتهاء المطالب، وثالثا يجب حل قضية اللاجئين خارج حدود دولة إسرائيل، ورابعا أن تقوم الدولة الفلسطينية من خلال اتفاق سلام ومنزوعة السلاح وبضمن ذلك وجود عسكري إسرائيل على ضفة الأردن، وخامسا الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى، وسادسا الإصرار على أن تبقى القدس العاصمة الموحدة والخاضعة لسيادة إسرائيل». هذا الخطاب الذي في شكله ومضمونه دعوة إلى بقاء وتأبيد الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه، وهو قاسم مشترك أعظم بين مختلف التشكيلات (اليمين واليسار والوسط) الصهيونية. وردا على ذلك دعت لجنة شبابية فلسطينية إلى يوم زحف آخر باتجاه الحدود الفلسطينية المحتلة أمس الجمعة 20 مايو، أطلقت عليه اسم (جمعة رد الاعتبار لشهداء ذكرى النكبة). وجاء ذلك عبر شبكة التواصل الاجتماعي الـ(فيسبوك) وعبر رسائل إلكترونية. وأكدت اللجنة الشبابية (للانتفاضة الفلسطينية الثالثة) إنه تقرر أن تكون الجمعة المقبلة يوم زحف آخر صوب الأراضي المحتلة، مشيرة إلى أن المسيرات ستنطلق بعد صلاة الجمعة في كل من لبنان وسورية والأردن ومصر وغزة والضفة وداخل أراضي الخط الأخضر. في ضوء المعطيات الجديدة للواقع الفلسطيني بشكل خاص، والواقع العربي بشكل عام، نستطيع القول بثقة بأن ملامح اشتعال انتفاضة فلسطينية ثالثة (والثالثة ثابتة) لانتزاع الاستقلال الوطني، وضمان حق العودة بدأت تتشكل رغم أنف إسرائيل والقوى الداعمة لها!.
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبعاد ودلالات المصالحة الفلسطينية
-
رحيل خلدون النقيب
-
سؤال الهوية في زمن التغيير؟
-
جريمة بشعة مجللة بالعار!
-
استعادة الوعي .. ووهم الخصوصية
-
المسار المتعرج للتغيير في العالم العربي 2-2
-
المسار المتعرج للتغير في العالم العربي
-
المخاض الليبي العسير!
-
حقوق المرأة في يومها العالمي
-
المخلص المنتظر؟
-
نجيب الخنيزي في حوار استثنائي مفتوح حول: الحراك الاجتماعي وا
...
-
الجيش والسلطة في البلدان العربية
-
بقاء الحال من المحال !
-
العالم العربي .. إصلاح أم ثورة؟
-
ياسيد البيد .. كم نفتقدك حين تغيب وسط الضباب!
-
العالم العربي .. أزمة بنيوية شاملة ! الحلقة 2-2
-
العالم العربي .. أزمة بنيوية شاملة! «1/2»
-
مثقفون وحقوقيون يدينون العمليات الإرهابية ضد المسيحيين في ال
...
-
الدولة العربية .. ومستلزمات ترسيخ الوحدة الوطنية!
-
السودان إلى أين؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|