|
هَل جخيور خالدٌ ؟
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 20:39
المحور:
كتابات ساخرة
رحمك الله أيها الرصافي لما قلته في أربعينات القرن العشرين " علمٌ ودستورٌ ومجلسُُ أمّةٍ ، كلٌّ عن المعنى الصحيح محرّفُ " ، وما بالك لو بُعثت ورأيت ما آلت إليه الأمور في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين . مهزلةٌ لم يأت مثلها أبداً : كان لحرامي بغداد أربعون من الأتباع بينما للمالكي الآن ثلاث وأربعون . حكم حسني مبارك مصر ثلاثاً وعشرين عاماً لم ينصب لنفسه نائباً ، ورئيسنا له ثلاث ، ألأنه طالباني ؟ وهل كلّ مَن يطلب كثيراً يكثر نوابه ؟ وليس لنا أن نشير إلى النجيفي فالرجل قد ورث نائبين من عهد المشهداني . كنا ندعو إلى إعادة كتابة القاموس في عهد الطاغية ، لما أصبحت معاني الكلمات لا تفسّر بما كان متوقعاً ، فخسارتنا في الحرب العراقية الإيرانية كانت تسمى في وسائل إعلام الطاغية " نصراً " وكذا في الحرب الذي أخرجت قوات الحلفاء الأمريكية فيها قوات الطاغية من الكويت كان حسب قاموس ذلك الزمان إنتصاراً ، حتى أصبح بعض اللطفاء يبكون حال أمريكا التي خسرت الحرب بينما كنا نعيش ذلك الدمار ونحن منتصرون !! ، الحال أسوأ مما صورته إيها الرصافي ، فنحن نعيش في نظامٍ ( ديمقراطي ) يجمعُ فيه رئيس الوزراء بأيديه رئاسة الوزارة والقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارات الدفاع والداخلية والأمن القومي ، ويجب علينا أن نصدق أن هذا النظام حاشا أن يكون دكتاتورياً بل ديموقراطياً ( إلى القشرة ) حتى لو خرج كل الشعب إلى ساحة التحرير مطالبين بحقوقهم فإنهم يمثلون حسب رأي المالكي حفنة لا تصل في عددها إلى الأصوات التي حصل عليها هو في الإنتخابات ، بالإضافة إلى أن بعض البعثيين قد إندسوا بينهم .
أنا لا أجد سبباً لماذا لم تُقلب لحد الآن حيث الظاهر أنها خُليت ، خليت عندما وصلت أن يُختار الخزاعي نائباً لرئيس الجمهورية . إذ لو كانت هناك غيرة وطنية لدى الرجال لما حصل ما حصل ، ولكن الواضح أننا في أزمة رجال .
وقد رأيت من المناسب أن أعيد نشر مقالة كنت كتبتها في 14/2/2005 :
" تركتُ بغداد مرغماً ، وكأنّ نعشي مرفوعٌ فوق أكتافي ، وليس لديّ غير أملي أن أبعث ثانية وتكون لي الفرصة في العودة إليك يا بغداد .
أكنتُ آسفاً على ما آل إليه حالي ؟ أقولُ لا ، لأنّ بلدي أصبح كقصة ( جخيور ) .
يُقال أن جخيور كان عاطلاً ، يفتش عن عمل لا يجده ، فإضطرته الظروف أن يقف في مدخل مقبرة يستجدي المارّين ومشيّعي الأموات ، ويسدّ رمقه بما يحصل عليه . طالت فترة إستجدائه ، وتعوّد المارّون والمشيّعون على إكرامه . وبعد بعض سنين أصبح يداعي أيّ مارٍّ أو مشيّعٍ لا يدفع له ، وتعوّد الناسُ على هذه الحالة أيضاً . وبعد سنين صار لا يقبل بالقليل من العطاء إذا كان المقابل من وجوه أو أغنياء المدينة . وتعوّد الناس على هذا الحال أيضاً . وبمرور السنين أصبح دخل ( جخيور ) من مهنته هذه كبيراً وأصبح من الأغنياء مما جعله يفكر بتنسيب ممثل عنه للقيام بالمهمة وإدارة المشروع . و كان من متطلبات ضبط الإيرادات أن تكون هناك دائرة ، وحسابات ووصولات قبض الإيراد . فرتب ( جخيور ) كل المتطلبات وسمى الدائرة التي أسسها ( فلتانة دائرسي ) وقام بتعيين وكيل عنه لتصريف أعمال المشروع . ومرّت أعوام وتعوّد الناس على هذا الحال . وفي يوم توفى أخو الوالي ، ومشى وجوه المدينة في تشييع جثمانه حتى وصلوا إلى المقبرة ، فواجههم ( جخيور ) في مدخل المقبرة ، لابساً جبةً مذهبة فضفاضة ، مؤشراً أن أنزلوا النعش إلى الأرض . ففعلوا . ثمّ سأل ( مَن هو الفقيد ؟ ) فقالوا ( أخو مولانا الوالي . ) فقال لهم ( إنّ رسوم دفن الفقيد خمسمائة ليرة من الذهب . ) فتشاور المشيّعون فيما بينهم. ولمّا كانوا لا يملكون الخمسمائة ليرة ذهباً لديهم ، جاءوا إلى (جخيور ) مقترحين أن يوافق على دفن الفقيد وبعد ذلك يتم دفع مبلغ الرسوم من قبل الوالي . لكن ( جخيور ) لم يوافق على مقترحهم إلاّ بشرط أن يهمس في أذن الميت . فوافقوا على شرطه ، وتمّ دفن الميت . وفي اليوم التالي طلب الوالي جلب جخيور إلى مقامه ، فأوتي به . فسأل الوالي جخيور عن قصة رسوم الدفن و ما إليها . فطلب جخيور من الوالي الأمان حتى يحكي القصة كاملةً . نال جخيور وعد الوالي بالأمان وقصّ عليه قصته ، ولما إنتهى منها سأله الوالي عما قاله للميت قبل دفنه ، فأجاب جخيور ( قلت له يا مولاي : لا تأسف على مماتك ومغادرتك ولاية يخوي فيها جخيور الناس . ) .
هذا هو حالي يا بغداد ، فلم أكن ولستُ نادماً على المغادرة ، وأقولها لكلّ مَن يسألني عن نيتي في العودة . يقولون جخيور قد مات . أقول أن الذين خلفوه لا يؤمنون بالبعث ، فكيف أعود وأنا قد متّ عند مغادرتي بغداد . وعندما أفكر أن أبعث ، تبلغني الملائكة أن الموت متربّصٌ بكل فرد ، وأني لو بُعثت فسوف أموت ثانية .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروعُ قانون الأحزاب
-
صفحة من الذاكرة
-
الأكرادُ الفيليون ... إلى أينَ ؟
-
بناءُ الوحدة الوطنية
-
كُلّهم صدّامٌ .. وصدّامُ منهم
-
الحزبُ باقٍ
-
الثورةُ لا تُستَورَد
-
أنبذوا الإنعزاليّة وأدعوا للديمقراطية
-
رسالة ثانية إلى آية الله العظمى محمد اليعقوبي
-
التحليلُ الجدَليّ
-
حَذارِ من مفرّقي الصفوف
-
طبقةُ الفلاحين أساسُ بناء الديمقراطية
-
تذكير
-
شجاب الغُراب لأمه ؟
-
اللعنةُ ... المحاصصةُ
-
تواطؤٌ ... توافقٌ لكنهُ هزيلٌ !!
-
تمييزٌ عُنصُريٌّ .. أم ماذا ؟
-
وعندَ ويكيليكس الخبرُ اليقينُ
-
البُعبُع . . . البعث !!
-
الإستعمار .. شكلاً وجوهراً
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|