أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الحوار كأداة للقطيعة














المزيد.....

الحوار كأداة للقطيعة


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3370 - 2011 / 5 / 19 - 01:03
المحور: الادب والفن
    




إذا كان الحوار يشكل ذروة التواصل الثقافي بين المجتمعات، وهو الضمانة العظمى، لإزالة، وتبديد أية مثبّطات، تقف حجرة عثرة على طريق الوئام الإنساني، في صورته العليا، وهو ينمّ عن حرص على توثيق الأواصر مع الآخر، أينما كان، لمدّ الجسور في مختلف الاتجاهات، لاسيما في هذا العصر الذي باتت ثورة الاتصالات الهائلة، تلغي حواجز التواصل، من جهة، إلا أنها-من جهة أخرى- تنسف جسور التواصل، نتيجة حمولة خطابها المتناقض مع طبيعة ما تتطلبه إنجازات المرحلة، من الشفافية .

ولعلّ سبب ظهور هذه المعوّقات في التواصل، يعود إلى أن الخطاب الثقافي، لا يزال يتحرّك تحت وطأة مصالح محدّدة، لأطراف متناقضة في رؤاها، وسلوكها، وتوجهاتها، وهذا ما يجعلنا أثناء الفرز النهائي أمام عالمين متناقضين، لا يمكن استمرارهما معاً، في الوقت نفسه، لأنه لا يمكن أن ينضوي كل من الخير والشرّ تحت لواء واحد، على اعتبار أن الشرّ-وهو يجرّ أذياله في كل مكان- لا مستقبل له،وهو لا يزال يؤسّس للحظة التي يهيمن فيها، وحده، منفرداً، ويمسك بزمام الأمور، لنكون أمام ثقافة أحادية، فحسب، تؤسس على الاستلاب والإلغاء، بيد أن نقيضه-وهو الخير هنا- يواجه هذه الآلة، بما لديه من أدوات، كي يدفع ضريبة كل ذلك، إلى أن يكسب المعركة في نهاية المطاف، وإن كان هناك من يرى أن استمرار وجود الخير، يعني أن نقيضه سيكون-هو الآخر-موجوداً، ولا مناص منه البتة .

ومادام الشرّ موجوداً، فمن المؤكد أنه سيؤسّس لنفسه لغة خاصة به، وإن هذه اللغة ستعتمد على منظومة خاصة بها، تسوّغ لها ممارساتها، في كلّ مرّة، كي تموّه على أفعالها، المنافية للإرادة البشرية العامة، من خلال تقديم القبح في هيئة جمالية،والعكس، وهو ما لا يفوت كلّ من يتمتّع بأدنى درجات الوعي، والمحاكمة العقلية، بيد أنّ مثل هذا ما قد يلتبس على أوساط محدّدة، تقع في شباك التضليل، هنا وهناك .

وإذا كان من مصلحة أيّ طرف في لعبة الصراع الثقافي، أن يوسع دائرته، ويكتسب المزيد ممن يتبنون آراءه، ويستوي هنا الجلاد والضحية في آن واحد، فإن آلة الشرّ تلجأ، من أجل ديمومتها إلى استخدام أدوات مشابهة لخصمها السرمديّ، بما في ذلك لغة الحوار، هذه اللغة التي لا يمكن لها أن تسير، إلا في مسارات متعرّجة، ضبابية، ولا تتورّع حتى عن محاورة ما يتضادّ معها، فإن غايتها من وراء ذلك ليست سوى إلغاء دابر أيّ سبيل للتواصل، بل إلغاء الآخر المقابل نفسه، واستئصاله، ليكون الحوار بهذا المعنى حوار القطيعة أولا حواراً، على وجه الدقة والتحديد .

أمام معرفة مثل هذه الحقيقة، فإنه يمكن قراءة تلكؤ الكثير من الحوارات التي لا تؤدي إلى النتائج المطلوبة، وذلك لافتقاد طرف رئيس فيها، إلى المصداقية المتوخاة، لأن لا نجاح لأي حوار،إلا في ظلّ الشفافية، والوضوح، والحب، والنوايا السليمة، ونبذ الكراهية، والأضغان، وهي كلها تشكل التربة الخصبة لإنبات الحوار، وإطلاقه، في فضاءاته المطلوبة، لتؤتى أكله في المستويات كافة، لا أن ينظر إليه كوسيلة موقوتة لتكريس ثقافة الإلغاء والقطيعة المنبوذة .



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن أن نكون أمام أول حوار وطني صادق في سوريا؟
- -طائرات هليكوبتر- سلفية
- لا وقت للمهاترات
- ثمن الكلمة
- معتقلونا: كي لا ننساهم
- سوريا إلى أين؟
- إعلانات رسمية
- حمامات الدم السوري وقراءة النظام المقلوبة
- لسان الشاعر
- مالم تحققه الدبابة
- إساءات إلكترونية
- بعد موته «ابن لادن» يقصف درعا
- درعاغراد
- ما لا يقوله الحزب الشيوعي (الرسمي): الموقف من الاحتجاجات الس ...
- -من سيذبح المليون-؟
- مدرعات في درعا ودروع للمدينة الباسلة
- رسالة الكاتب
- أطالب بإسقاط «الرشاش»
- قانون الطوارئ في «بزته الأقبح»
- قلق الإبداع


المزيد.....




- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الحوار كأداة للقطيعة