جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3368 - 2011 / 5 / 17 - 01:09
المحور:
حقوق الانسان
لله يا محسنين لله, نظره قليله تمنع عنكم بلاوي كثيرة, كل ما أحتاج إليه:ابتسامة في الوجه الصبوح, ويد تمسح على رأسي حتى يدوخ رأسي من رعشة الإحساس وكأنني قطٌ يمسحُ صاحبه على رأسه بيديه, وعيون وأكتاف وقلب ورئتين وأذنين وصدر وقدمين وجسم برونزي أللون أتمرغُ فوقه وأتدحدلُ عليه كما تتمرغ البهائم على الأرض وفوقَ التراب, وشفاه وعيون, وموعد على العشاء مع كأس شمبانيا لا أظمأ بعده أبدا ,فلله يا محسنين كأس من الشامبانيا أو كأس من الفودكا البرتقالية, أنا لا أحتاجُ إلى قصورٍ عاليةٍ ولا إلى ملايين المآذن , أنا لا أحتاجُ إلا إلى شعر رأس أسود يفتح لي كل النوافذ المغلقة في رأسي ويعيد تركيب خلايا المخ, كل ما أحتاجُ إليه مصافي وفلاتر في مخي تُصفي مخي من الوشيش ومن الضجيج , فلله يا محسنين فلتر واحد, وشعر أسود متدلي على الكتفين ولله يا مهندسين يا محسنين مصافي وفلاتر,أنا لا أحتاج إلى خادمة تخدمني لأنني لا أملك إلا قميصين وبنطالين وحذائين واحد من الأسفل ممزق ولا يراه أحد والثاني يكون بحالة جيدة كلما ضربته باللون الأحمر, لذلك لا أحتاج يا محسنين إلا إلى قميص نوم واحد أنام به ساعتين في الليل وساعة في النهار فهل هنالك قميص نوم يأتي على مقاسي؟ أنا مقاسي لا يشبه أي مقاس فصدري يتسع باتساع الحب والأحلام الكبيرة, وخصري مثل حبة انجاص أردنية , لله يا محسنين لله رمانتين أردنيتين وفم يشبه حبة التمر الخليجية أو حبة التوت الأردنية :أنا لا أحتاج إلى أضواء تتسلطُ عليّ وتبهر العيون, كل ما أحتاج إليه ضوء خافت في غرفة نومي ساعة يطلبني الحضن إليه ساعةَ تشتاق المشاعر إلى مشاعري, كل ما أحتاج إليه في هذه الدنيا ذراع أتوسد عليها وذراع أمسك بها إذا أرادت هي أن تنهض من النوم بدل أن تستند على الشمّاعة أو التسريحة, لله يا محسنين ذراع, لله يا محسنين شماعة, ولله يا محسنين تسريحه, أنا لا أحتاج إلى جيش يحميني ولا إلى حرس شخصي فأمني واستقراري لا أحد يهتمُ به ولا حتى أنا, كل ما أحتاج إليه فخذة سمراء أضعُ عليها رأسي كلما شعرتُ بالخوف: لله يا محسنين فخذه وعليها ركبة تحتمل رأسي الثقيل من ثقل الأفكار,أنا يا محسنين لا يهم أن يكون في بيتي خادمة ولا يهم طباخة عالمية من الدرجة الأولى كل ما أحتاج إليه فقط امرأة تناقشني فيما أكتبه أو فيما أنوي أن أكتبه: لله يا محسنين ورقه وقلم وكتاب وامرأة تقرأ, أنا لست بحاجة إلى مصلوه للصلاة ولا إلى سجادة بعرض الحائط كل ما أحتاجُ إليه في هذه الدنيا وجه أتوجه إليه بوجهي كلما شعرتُ بأنني بحاجة إلى الصلاة :لله يا محسنين وجه أصلّي له, وكل ما أحتاجه في بيتي قدمين ملتهبتين من كثرة تقبيلي لهما كلما شعرتُ أنني بحاجة إلى السجود أسجدُ تحتهما وأتبرّك بلمسهما وكأنني بوذيٌ تحت أقدام الإله بوذا, فلله يا محسنين قدمين بحجم أقدام السندريلا أو بوذا , أنا لا أحتاجُ في هذه الدنيا إلى مناصب سياسية ولا إلى شهادات أكاديمية كل ما أحتاجُ إليه كف ناعمة وندية أقرأ فيهما مستقبلي ومستقبلها وفاتحة الطريق: لله يا محسنين كف ناعمة, وأنا لا أحتاجُ إلى أشعة ليزر ولا أحتاجُ إلى أشعة إكس وكل ما أحتاج إليه خيط من شعاع يدخل إلى قلبي: لله يا محسنين خيط من شعاع الشمس المحترقة , إن هذه الدنيا الفانية لا أحتاجُ فيها إلا إلى كتف أرتبُ عليه بيدي إذا غضب مني وهو يبادلني نفس المشاعر فيرتّب بيديه على كتفي: لله يا محسنين كتف, أنا منذ خلقت إلى هذه الساعة وأنا أبحث عن وطن يؤويني ويحميني من لسعات البرد: لله يا محسنين وطن, كل ما أحتاج إليه في ليلتي هذه يد أمسكها بيدي وكل ما أحتاج إليه صدر أضع عليه رأسي كلما قدمتُ من السفر: لله يا محسنين صدر يتسع لهمومي وأحزاني أنا لا أحتاج إلى خادمة ولا أحتاج إلى مكنسة كهربائية كل ما أحتاج إليه آذان تسمعني وتنصت لي حتى وأنا نائم وتتألم على آلامي وتفرح إذا فرحت, أنا لا أحتاج إلى غسالة كهربائية أنا أحتاج إلى من يغسل جراحي بجرحٍ آخر من عنده أحتاج إلى دمٍ يمتزجُ بدمي , أنا لا أعاني من فقر الدم بل أعاني من كثرة الدماء التي تسيل مني في المرحاض وفي الأماكن غير المخصص لها أن تسيل به, أنا لا أحتاج إلى ثلاجة أضع فيها الماء والطعام بل أنا محتاج إلى أعصاب باردة تستوعبُ أقوالي ورئتين فيهما هواء بارد يخرج على وجهي من فوهة الفم: لله يا محسنين رئتين , أنا أحتاجُ إلى حضن يحضنني وأحتاج إلى ذراع تمتدُ لتأخذني إليها, وأحتاج إلى قلب وأحتاج إلى شفاه تمضغ شفاهي وأحتاج إلى عينين يأكلاني بنظراتهما, أحتاج إلى هذا وذاك من الأشياء التي تنقصني وتنقص بيتي, فأنا أيضاً لا أحتاج إلى فرن أو غاز أو مدفئة بل أحتاج إلى سرير دافئ وأحتاج إلى حمام دافئ وأحتاج إلى سكين أقطع فيها أحزاني وأحتاج إلى من يواسيني وأحتاج لمن يتكيفُ معي, أنا لا أحتاج إلى خادمة لأنني لا أحتاج في النهار إلا لرغيف خبز وحبة بندورة وبيضة مقلية بزيت الزيتون وهذه الأمور أقوم فيهما لوحدي, ولا أحتاج إلى سائق لأنني لا أسوق ولا أملك سيارة, كل ما أحتاج إليه مدينة في بيتي عرضها بعرض المحيط الهادي وارتفاعها يبلغ عنان السماء وكأس شراب وزجاجة واحدة ومنديل أمسح به دموعي.
أنا لا أحتاج إلى كرسي كهربائي أو كرسي فرار أو كما يقولون عنه كرسي لفاف, بل أحتاج إلى متر مربع واحد أجلس به في حياتي ولو مرة واحدة: لله يا محسنين متر مربع, وأنا لا أحتاج إلى شهر وسنة وسنتين بل أحتاج إلى ساعة من الزمن يكون فيها معي كل ما قلت.
هل هذا مستحيل؟
هل هذا صعب؟
أنا لا أحتاج إلى طائرة أطير فيها لأنني وأنا هنا أسافر إلى أماكن أبعد من تلك التي تصلُ إليها الطائرات والمركبات الفضائية, فأنا أذهب إلى العصر العباسي وأتناقش مع شعراءه وفلاسفته وعلماء كلامه, وأذهب إلى أثينا وأجلس مع سقراط ومع أفلاطون وأرسطو كل هذا من خلال خيالي, أنا لا أحتاج أيضا إلى دليل يدلني على الطريق لأن قلبي دليلي وعيوني دليلي, أنا لا أحتاج إلا إلى طائرة ورقية يلعبُ فيها الأولادُ أمامي وأنا لا أحتاجُ إلاّ إلى مرجوحة أركب فيها ساعة من الزمن: فلله يا محسنين لله مرجوحة.
وأنا لا أحتاج إلى مرشد نفسي لأن المرض قد أصابني وانتهى أجلي, أنا كل ما أحتاج إليه كلمة واحدة تريحني من عذابات هذه الدنيا وما فيها من آلام, وأنا أحتاج إلى قارب نجاة ينجيني من غرقي وأحتاج إلى مرساة ألقي بها إلى الشاطئ, وأحتاج إلى أظافر تحكُ فروة رأسي كلما شعرت بالقشعريرة, وأحتاج إلى أسنان تأكلني حياً قبل أن يأكلني الدودُ ميتاً.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟