أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن الشرع - أصبوحة بغدادية مغبرة















المزيد.....

أصبوحة بغدادية مغبرة


حسن الشرع

الحوار المتمدن-العدد: 3367 - 2011 / 5 / 16 - 03:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


رغم الأجواء المغبرة والمتربة ،غادرت منزلي كدأبي صباح يوم كل جمعة إلى شارع المتنبي حيث أمتع نفسي بطقس نفسي وثقافي ترسخ في نفسي كترسخ أيام العراق الظالمة ولياليه في زمن (الخير)التي تخلو من كل شيء سوى الخبز والمرق وقليل من الكرامة وكثير من (الثورات) و(الانتفاضات )و (الانقلابات)..كنت سعيدا بعض الشيء لعدم سماعي أصوات إنذارات سيارات حمايات المسؤولين وصفارات إنذار عجلات الطوارئ. رغم إنني اكره أن يسألني مشغلو أجهزة الحواجز ذات الهوائيات التي غالبا ما تؤشر باتجاه أي شيء ...عندك سلاح حجي؟لا .حشوة ؟لا .لازم عطر ؟نعم ...تفضل...تذكرت أن زميلا لي أجاب عن هذا السؤال :نعم احمل سلاحا لكنه للأسف لا يشتغل(لا يعمل) في إشارة واضحة بهيئة مزحة إلى آلة الرجل كما يفهمها أهلنا في أنحاء العراق كافة..كنت منهمكا في البحث عن عناوين تهمني ،لكن عناوينا أخرى صرفت وجهتي للبحث عن صدق أفكار يتداولها المثقفون في ظل المشهد الثقافي السائد ...أين تتجه ثقافتنا العراقية؟ ومن الذي يوجه بوصلتها ؟ وما هو تأثيرها في الأوساط العامة والخاصة؟ خطرت كل هذه الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عليها حتى وان أصبحت عناوينا لرسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه..
لا اعرف سببا واحدا يجعل رواد شارع المتنبي من المثقفين المفترضين يعتمرون قبعات غير متوائمة مع الثقافة العراقية ، لقد وصف احد الأصدقاء مرتدي القبعات وحاملي حقائب الظهر و بعض المظاهر الأخرى كاللحى الطويلة بأنهم (يتعيقلون) ولطالما وصف المثقفون العراقيون سابقا بهذا الوصف، لم يتغير الكثير فالعديد من الكتب والمجلات والتي تقادمت مواضيعها وما تحمله من أفكار إلى حد الانتهاء ،الكثير منها مازال موجودا بطبعته القديمة وأوراقه الصفراء وما يحمله من تعليقات الموتى الذين ربما تعيقلوا بها أثناء حياتهم قبل أن تجري حوسمتها ،بعضها وصل الرصيف بطبعات جديدة ،لكن الملفت للنظر بعض العناوين التي تجعلك تطيل من وقفتك وأنت تقلب هذا الكتاب أو ذاك ،من قبيل( 555طريقة ووصية لتصبح مدربا ناجحا وخطيبا مؤثرا ومتكلما بارعا ) لا أتردد لحظة واحدة في الإعلان عن عدم قبولي هذا العنوان مهما كانت أهمية موضوع الكتاب ومهما بلغت ثقافة الكاتب الذي أتحفظ على اسمه من مقام رفيع واسم مرموق..مثال آخر (ترويض الأسود:العمل بنجاح مع القادة والرؤساء وغيرهم من الزبائن ذوي المراس الصعب)وهو كتاب مترجم أتحفظ أيضا على اسم كاتبه ومترجمه، ولا أود الخوض في تفاصيل نقد عنوانه بل اتركه للقارئ الحصيف.لقد قادتني لعبة النظر إلى العناوين الممتعة إلى كتب استهواني عنوانه كما حملته صفحة العنوان(مواصفات المواد النشائية) ولأنني أحاول تقليل النشويات والسكريات والدهون التي تدخل معدتي التي أنهكتها حصيات ورمال وحديد طحين الحصة التموينية قبل أن يتم حوسمتها فقد إستهوتني فكرة البحث في كيمياء النشاء فعساني اقترب من صناعة إكسير اخضر لا يلوث المعدة ولا ينهكها ومما يقع في فقه الحلال طبعا طبعا،لكنني فوجئت من خلال تقليب الصفحات إنني واهم لان العنوان فيه خطأ مطبعي فادح فقد سقطت الألف في الإنشاء فكانت نشاءا.
مازالت تستهوي الكثير من (المثقفين)و (المثقفات) عناوين تفسير الأحلام ومازال بن سيرين بطلا يتردد اسمه في أوساطهم!.ومازالت بعض العناوين مربكة (لبعض هؤلاء المثقفين) فلقد سألني احدهم وكان بجانبي هل زار دستوفسكي البصرة .قلت لا أظن.قال إذن كيف يؤلف كتابا عن الأبله.لقد وقع المسكين في إشكالية رسم الحروف وتنقيطها.
وقف رجل أنيق في منتصف الشارع الممتد نحو النهر حيث يقف التمثال الذي لا يعتقد الكثيرون بأنه يمت بصلة إلى المتنبي أمام مدخل البناية التي كانت يوما ما مدرسة عسكرية حيث أعيد تأهيلها لتصبح مركزا ثقافيا بغداديا.واجهة البناية المطلة على النهر كان قد تم أعمارها بشكل جميل ورصفها وزود ت بمقاعد ومظلات و ومناضد وأعمدة إنارة أنيقة وكل ذلك حصل عند إعادة إعمار الشارع الذي طالته ذراع العنف ،لم يمض وقت طويل منذ ذلك الحين فمازال الحساب بالشهور، تحولت تلك الواجهة إلى مكب للأنقاض الناتجة من هدم كل تلك المرافق ،ولا احد من رواد المكان يعرف ما يحصل..ذلك الرجل كان لم يزل منهمكا بدعوة بعض الذين يؤشر عليهم إلهامه وحسه بالدخول إلى تلك البناية الجميلة التي كانت تحمل لوحة ذهبية صغيرة تشير إلى توجيهات المحافظ برعايته للمكان ..ينادون على ذلك الرجل بأستاذ سعيد اقترب مني عندما كنت أهم بالمروق إلى ذلك الزورق العائم فقطع الطريق ليدعوني إلى أصبوحة بغدادية موسيقية فوعدته بالدخول بعد أن أجد كتابا ابحث عنه لكنه فكر في إنني ربما لن أعود فبادر بإعادته دعوته الكريمة لي مضيفا إليها هذه المرة عبارة مجانا .انه يعرف أن لا احد سيدفع المال ليحضر حفلا موسيقيا في هذا الزمان وهذا المكان وهذا الظرف، وقد وفيت بوعدي فدخلت بعد مدة قصيرة القاعة المكيفة جيدا بالصوت المنكر لمولد الكهرباء.والذي وضع علماء الدين في حرج عندما يحاولون تفسير سورة لقمان تفسيرا معاصرا.
لم يكن هنالك غناء أو عزف بغدادي، وبدلا عن ذلك كانت هنالك موسيقى تراثية مصرية جميلة لعبد الوهاب...اجري...اجري (اكتبها بيائها التي ترفض الجزم برأي مثقفي عصر (الزغرفة)لكي لا اخطأ الهدف فتتحول عملية جري القطار(الوبور)إلى حسابات رواتب الدرجات الخاصة وأجورهم التي طال كلام الحاقدين ومرضى القلوب من حساد نعمة النواب والوزراء فيها وعنها....كل ده كان ليه!لا اعلم..الجو خارج القاعة مازال مغبرا لكنه معتدل الحرارة.
قرأت عن المساجلات العلمية التي يخوضها علماء المناخ فيما بينهم حول التغيرات المناخية وعلاقتها بالنشاطات الحضارية كما يراه البعض وقرأت عن المجهود الذي تقدمه الشركات الكبرى والصغرى لتدعيم هذا الرأي.كما تعرفت على حجج القائلين بالرأي الآخر وهم أصحاب نظرية الدورات الطبيعية بعيدة الأمد وقصيرة الأمد واطلعت على محاولات دعم هذا الفريق من قبل الحكومات والشركات الأخرى...نحن ضحايا النفط ونحن ضحايا التلوث به ونحن ضحايا صراعاته وربما كنا نحن أيضا ضحايا الاحتباس الحراري والتغير المناخي وما يحمله من أتربه في أتربة في أجوائنا لكن كيف نبرر انحسار ثقافتنا ،فهل يجيب مثقفونا على هذا التساؤل؟.






#حسن_الشرع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ...آسف لقد رفضني الرفاه الأكاديمي
- كركوشات حديدات
- ام المكارم
- المزغرفون في الوقت الضائع والجزاء الاوفى
- خوش ولد
- رحماك بول يرحمك الله
- ماذا لو صح الصحيح
- العملية السياسية ومعتزلة كوبنهاكن
- حسب الطول
- رسالة الى اهل النار
- السياسيون بين المهنة والمهانة
- الحر لا تكفيه الاشارة
- ثورة في عالم الفلسفة
- أليس هذا قليل بحقهم
- خوجه علي ...ملاّ علي
- ديرة عفج
- جدول الضرب وحجر الضب الخرب
- الجلزون ومثقف السماوة: سياحة في الفساد
- الحكومة الافتراضية(3)
- لمناسبة اليوم العالمي لغسل اليدين!


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسن الشرع - أصبوحة بغدادية مغبرة