أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام القروي - الانسحاب من غزة














المزيد.....

الانسحاب من غزة


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1004 - 2004 / 11 / 1 - 05:36
المحور: القضية الفلسطينية
    


استطاع ارييل شارون , وسط ضجة كبرى داخل اسرائيل وخارجها, أن ينتزع من "الكنيست" – البرلمان – تصويتا بالأغلبية على اقتراحه بإجلاء العديد من المستوطنات في غزة. حدث ذلك في الوقت الذي تتوالى فيه الأخبار يوميا عن قتلى وجرحى فلسطينيين وعن هدم بيوت ومزيد من التدمير الذي تقدم عليه عساكر شارون. وبدا وكأن التصويت في "الكنيست" , باعتبار الصدى الذي صنعه له الاعلام في الخارج, يتقدم في الأولوية والأهمية على أرواح البشر التي تزهق بأمر من رئيس الحكومة الاسرائيلية. ولا نريد التقليل من أهمية قرار الانسحاب من غزة , فكل شبر من الأرض العربية يتحرر من المستوطنين هو في النهاية مكسب للأهالي العرب. ولكن ينبغي أن يكون واضحا أيضا أنه لا يمكن إطلاقا المقايضة على أرواح الناس وأرزاقهم, أو اعتبار خطوة شارون الأخيرة تسير في اتجاه السلام الصحيح. فأغلبية المراقبين من ذوي العقل الراجح يعلمون أن هذه الطريقة ليست هي الأفضل لصنع السلام, ولا يمكن بالتالي تقديم قرار اسرائيلي حكومي يخضع لاعتبارات سياسية وأمنية داخلية وكأنه تقدم في عملية صنع السلام. هناك مغالطة كبرى بهذا الصدد, لا يمكن أن تغيب عن المراقب الحصيف. وما يكشف المسألة كلها هو النقاش الداخلي بين الاسرائيليين أنفسهم. مثال ذلك, ما يقوله آشير سوشر مدير مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط, تعليقا على التصويت الايجابي في الكنيست حول قرار شارون بتفكيك المستوطنات في غزة:
“هذه احدى أخطر اللحظات في تاريخ اسرائيل منذ 1948, وبلا شك منذ 1967. إن المسألة ليست متعلقة بغزة وحسب, إنها في الواقع تفتح أكبر نقاش حول روح اسرائيل. فلأول مرة منذ 1967 نجد أنفسنا في نقاش حول ماهي اسرائيل, وكيف ينبغي أن تحكم , وكيف نحدد أنفسنا. فهل اسرائيل دولة علمانية ديمقراطية أم هي دولة تحكمها القوانين الدينية اليهودية ؟ إننا نتناقش بشأن حدود اسرائيل وحول قابليتها للحياة على المدى البعيد وحول طبيعة الدولة اليهودية”.
ما يفسر هذا الكلام أن شارون كان هدد بإقالة أي وزير يصوت ضد اقتراحه, وقد نفذ تهديده فعلا ضد وزيرين هما يوزي لاندو – بلا حقيبة – ومايكل راتزون نائب وزير الأمن الداخلي. ومعلوم أن اليمين الديني يعارض القرار على أساس اعتقاده أنه " من المحرم إخراج اليهود من ديارهم" باعتبار أن غزة هي "جزء من الأرض الموعودة". ولئن كان شارون يأمل أن تؤيده بعض الأحزاب الدينية, فلقد تبين في النهاية أن أمله لم يكن مبنيا على أساس واقعي, حيث لم يحصل سوى على صوت واحد الى جانبه هو صوت الحاخام ميخائيل ميلكيور الذي يرتبط حزبه بحزب العمل.
إن اجلاء حوالي 8 آلاف من المستوطنين اليهود عن غزة ليس هدية تقدم للفلسطينيين, فنية شارون هي السيطرة على الارض التي يعتبرها "حيوية" بالنسبة لاسرائيل , وهي تلك الأجزاء من الضفة الغربية حيث يعيش حوالي 230 ألف من المستوطنين, فضلا عن المائتي ألف مستوطن الذين يعيشون في القدس الشرقية. وإذا كان اليسار الاسرائيلي – وعلى رأسه شمعون بيريز – أيد هذه الخطوة التي أقدم عليها شارون, بوصفها "تقرب من السلام", فإن التجاوب الفلسطيني كان فاترا بالمقارنة مع ما ينتظره الاسرائيليون.
فقد رأى بعض الزعماء الفلسطينيين أن المسألة لا علاقة لها بتاتا بعملية السلام, فهي غير مرتبطة بأية مفاوضات, ولا يتوقع لها أيضا أن تفضي الى استئناف مفاوضات في اطار العملية السلمية السابقة. أي أنها مقطوعة تقريبا عن السياق الذي كانت تسير فيه المفاوضات , وهي بالتالي لا تمثل سوى استجابة للظروف والمتطلبات الأمنية الاسرائيلية. وفضلا عن ذلك, فهي مسبوقة ومصحوبة – وقد تكون ملحقة أيضا – بأعنف التدخلات العسكرية ضد المواطنين المدنيين الفلسطينيين, بحيث يمكن أن نرى بوضوح السياق الفعلي الذي تأتي فيه مسألة الانسحاب من غزة. فهي تبدو كجزء من العمليات العسكرية , أو كتنفيذ لمخطط اسرائيلي أمني , غايته – كما يعترف شارون نفسه – تقوية قبضته على المستوطنات وليس العكس.

نشر بالاتفاق مع جريدة "العرب".لندن



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة ياسين الحافظ
- ...دولة ديمقراطية ثنائية القومية
- مسألة انضمام تركيا الى اوروبا تصطدم بالشواذ
- انتخابات أفغانستان أتعبت المراقبين !
- عن الاطفال المقاتلين
- سوريا: هل التغيير هو الاصلاح ؟
- اسرائيل وايران والمسرح النووي
- بين بوش وكيري
- حروب شارون
- مشكلة الصدر
- ضم اسرائيل الى اوروبا ؟
- باكستان والقنبلة
- دارفور مرة أخرى
- توصيات حول دارفورللمقارنة
- الجدار سيبتلع نصف الضفة
- ايران والعراق
- أزمة دارفور
- نقل السيادة
- تنازل أمريكي لبن لادن
- حوار مع برهان غليون حول القضايا العربية


المزيد.....




- الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس ...
- الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو ...
- غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني ...
- انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
- خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
- عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ ...
- روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا ...
- عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
- مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات ...
- السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية! ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام القروي - الانسحاب من غزة