أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد صالح الذماري - إلى أين يمضي الوضع السياسي في اليمن؟















المزيد.....

إلى أين يمضي الوضع السياسي في اليمن؟


محمد صالح الذماري

الحوار المتمدن-العدد: 1004 - 2004 / 11 / 1 - 09:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


حينما التحم الجناحان الحاكمان في شطري اليمن، بقيادة كل من علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض وشكلا نخبة سياسية واحدة في 22 مايو 1990، تفاءل اليمنيون كثيراً وأعتقد قطاع واسع منهم بأنَّ الكتلتين السياسيتين المندمجتين اللتين شكلتا رأس الهرم السياسي الجديد للسلطة الموحدة، قد دخلتا في وفاق تاريخي، وبأنهما ومنذ لحظة الاندماج تلك، ستشرعان في إطلاق جهودهما باتجاه حماية السيادة الوطنية وتطوير العملية الديمقراطية والتركيز علي التنمية الشاملة، وتعويض الشعب ما كان قد خسره خلال السنوات الطويلة من الحروب والصراعات المُنْهِكة، التي لم يترتب عليها سوي التخلف والبؤس. غير أنَّ الجناحين السياسيين المندمجين، لم يكونا في مستوي ذلك الحدث التاريخي الكبير. إذ أنهما انشغلا بقوة، ومنذ اليوم الأول للوحدة، في تثبيت مواقعهما في السلطة، والتنافس، بحماس لا نظير له، في تقاسم المناصب وحصد المكاسب، وتحويل التنافس بينهما إلي صراع مكشوف، والصراع إلي حرب دامية، لا تبقي ولا تذر، وهكذا غدا الوطن نهباً للموت و ذهب التفاؤل مع الريح.
كان الجناح الشمالي من النخبة الحاكمة في وضع أفضل نسبياً، عند فاتحة الصراع الدموي مع الجناح الجنوبي، بسبب الوضع الداخلي والخارجي المهيأ له. ذلك أنَّ الصراع الدموي بين أطراف النخبة الحاكمة في جنوب البلاد، في 13 يناير 1986، كان قد أضعفها كثيراً، وأدي، عقب الأحداث، إلي التحاق قطاع كبير من مؤسساتها العسكرية والمدنية بالنخبة الحاكمة في الشمال. هذا فضلا عن نجاح الطرف الشمالي في اجتذاب قطاع مهم من أبناء المناطق الوسطي إلي صفه، وخاصة من بين أولئك الذين أُهملوا من قبل الطرف الجنوبي، بعد أنْ كانوا، في وقت سابق، قد استخدموا وقوداً في المعارك الدموية، سواء بين النظامين المتصارعين في شطري البلاد، أو في إطار الصراع بين أطراف النخبة الحاكمة في الجنوب. كما تمكنت السلطة في الشمال أيضاً من اجتذاب فئات واسعة من المعارضين إلي صفها، سواء بوسائل الإغراء، أو بوسائل الترويع والتجويع. ولئن كان الدعم الخارجي المقدم، من المعسكر الاشتراكي، إلي النخبة الحاكمة في الجنوب قد تلاشي قُبيل الوحدة، فأن النخبة الحاكمة في الشمال، وحتى مع توقف الدعم السعودي لها، وبروز توتر واضح بين البلدين، علي اثر الخلافات الحدودية بينهما، استطاعت أنْ تقيم تحالفا، غير مبدئي، مع النظام العراقي، والمصري والسوداني، كما عززت علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية. وعلي الرغم من أنَّ الجناح الشمالي من النخبة الحاكمة كان هو الآخر مأزوما، ً بسبب الخلافات السياسية بين مكوناته المختلفة، إلا انه كان أكثر قوة، وأكثر تنظيماً، وأكثر تماسكاً واستعداداً علي فعل الموت من نظيره الجنوبي، ولذلك عمد، في إطار سعيه إلي الهيمنة المطلقة علي السلطة السياسية، إلي شن حرب دامية، متصلة الحلقات، ليس فقط ضد الجناح الجنوبي من النخبة الشريكة في الحكم، ولكن أيضاً ضد كل القوي المستنيرة في المجتمع، ومن ثم ضد قطاعات واسعة من الشعب في كل المناطق اليمنية.
لقد سعي الجناح العسكري السياسي المهيمن في صنعاء إلي دعم القوي المتطرفة في حروبها التصوفية ضد القوي المستنيرة في المجتمع، وشجع القبائل المتحاربة علي مزيد من الحرب، سعياً لتدميرها، خاصة حينما كان يرتاب قليلاً أو كثيراً في ولائها، وتورط في حـــروب مباشرة مع قبائل موالية له ضد أخرى مناهضة، وعمـــل الشيء ذاته مع الأحزاب والنقابات وغيرها من قوى المجتمع المدني، بما في ذلك تصفية العناصر غير المرغوب فيها في إطار نفس الجناح الشمالي الحاكم، ثم الشروع في حرب سافرة ضد الجناح الجنوبي من النخبة.
لقد شرعتْ النخبة الشمالية بتصفية الكثير من الرموز السياسية والعسكرية الفاعلة في صفوف المعارضة، مثل المهندس حسين الحريبي، أحد قادة حزب التجمع الوحدوي، والعقيد ماجد مرشد، مستشار وزير الدفاع وعضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني. كما تعرض لمحاولة اغتيال كل من الأستاذ عمر الجاوي، الأمين العام لحزب التجمع الوحدوي اليمني وعدد كبير من القيادات البارزة في الحزب الاشتراكي اليمني، مثل عبد الواسع سلام وزير العدل وعضو اللجنة المركزية، وأنيس حسن يحيي، عضو المكتب السياسي، والدكتور ياسين سعيد نعمان، رئيس مجلس النواب وعضو المكتب السياسي، وعلي صالح عباد مقبل الأمين العام الحالي للحزب، وغيرهم.
لقد أسرفت السلطة في أعمالها الدموية، حيث شملت تصفياتها الجسدية عناصر ديمقراطية مستقلة، ليست مرتبطة تنظيمياً بأحزاب المعارضة، مثل، الأستاذ محمد الربادي، رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، والصحفيين اللامعين عبد الحبيب سالم وعبد الله سعد محمد. الأدهى من ذلك أنَّ السلطة لم تكتف فقط بالتخلص من أولئك الذين يعارضونها، بل حاولت أنْ تتخلص حتى من أولئك الأعضاء الذين يؤيدونها في حزب المؤتمر الحاكم نفسه، ولكنهم حاولوا أبان اشتداد الصراع بين الجناحين الحاكمين أنْ يضفوا مسحة حضارية علي الصراع ويبحثوا عن مخارج سلمية له، مثل الدكتور أحمد الأصبحي، مؤسس حزب المؤتمر الشعبي العام، والدكتور حسن مكي، نائب رئيس الوزراء وعضو اللجنة العامة للحزب، والأستاذ سلطان السامعي، عضو مجلس النواب وعضو اللجنة الدائمة له.
ولئن كانت الذريعة المُعلنة للحرب التي شُنتْ علي الطرف الجنوبي في عام 1994 هي الدفاع عن الوحدة ، فأن الهدف الحقيقي للحرب لم يكن سوى رغبة الجناح الشمالي في الاستفراد بالسلطة السياسية كاملة، والهيمنة علي كل أجزاء البلاد، وبالتالي فتح المجال أمام النخبة المهيمنة لتوسيع دائرة النهب والإثراء غير المشروع علي امتداد الوطن كله. صحيح أنَّ قرار الانفصال الذي أُعلن عنه في خضم الحرب، وربما تم التفكير به قبل ذلك، قد عزز حُجة الطرف الشمالي في الحرب، ولكن قرار الانفصال هذا، بقدر ما كان غبياً ويائساً، فأنه كان أيضاً تعبيراً حقيقياً عن عجز الجناح الجنوبي في الاستفراد بالسلطة. ولو كان الطرف الشمالي أقل قدرة واستعداداً مما كان عليه، لكان قد أتخذ نفس الموقف، ولكان اليوم الرئيس الانفصالي علي عبد الله صالح لاجئاً في الخرطوم، يستمع إلي السيدة أم كلثوم، والمشير الوحدوى علي سالم البيض حاكماً في صنعاء، مُخزناً من بيت الكوماني، يستمع إلي الثلاثي الكوكباني!
بعد أشهر قليلة من حرب 1994 وتحت تأثير الانجاز الوحدوي المزعوم، قام جيش النخبة المنتصر ، وبشكل استعراضي، بركل القوات البحرية الارترية في البحر الأحمر، فما كان من هذه الأخيرة إلا أنْ أمسكت بت من رجليه، وسحبته علي وجهه، وقامت بقتل وأسر المئات من جنوده، وتمكنت من السيطرة علي أهم الجزر اليمنية في البحر الأحمر. ولم تسفر تلك الحرب التي شنتها النخبة عن انتصار ساحق، كما أرادتْ، وإنما نتجت عنها هزيمة ماحقة للجيش اليمني. صحيح إن السلطة كانت قد تمكنت، بعد حين، من استرجاع بعض تلك الجزر، عقب التحكيم الدولي، لكنه كان استرجاعاً ناقصاً، بعد هزيمة عسكرية مهينة، غدت مثاراً للتندر بين أوساط اليمنيين في كل مكان. حيث طرح الناس حينها سؤالاً مثيراً، وهو: كيف أمكن للجيش اليمني العرمرم، أنْ ينتصرَ في معاركه ضد عشرات الألوف من الجنود في الحروب الأهلية، دفاعاً عن مصالح جناح معين في السلطة، أن يفشل في معاركه، مع بضع مئات من الجيش الاريتري، دفاعاً عن الأرض اليمنية وسيادة الوطن؟ وكان الجواب واضحاً وقاطعاً علي هذا السؤال، وهو أنَّ النخبة الحاكمة في صنعاء ليستْ معنية البتة بالسيادة اليمنية، بقدر اعتنائها بتثبيت مواقعها في السلطة. وبالتالي فأنَّ المهمة الموكلة للجيش من هذه الزاوية، لم تعد هي الدفاع عن سيادة الوطن، كما هو شأن أي جيش محترف، وإنما الدفاع عن مصالح وسيادة النخبة العسكرية الحاكمة، وتأمين استمرارها في الحكم، حتى لو كان ذلك علي حساب مصالح الشعب وسيادة الوطن.
لقد كان من بين النتائج المباشرة لهذه السياسات المجنونة، هو الرفض الشعبي المتزايد للسلطة والتململ الواضح بين أوساط المؤسستين العسكرية والأمنية، جراء الوظيفة غير السوية الموكلة إليها. الأمر الذي أقلق النخبة كثيراً، وكان عليها أمام هذا الوضع الرافض لسياستها، الذي بدأ يتبلور بوضوح، علي الصعيدين المدني والعسكري، أنْ تقوم بعد أشهر قليلة، وقبل أنْ تلتقط أنفاسها، بقصف عشوائي للمواطنين في الضالع وحضرموت، وتعز، ومأرب، بسبب مناهضة بعض الجماعات السكانية هناك التوجه، التسلطي والقمعي للنخبة الحاكمة. كما قامت السلطة بالتخلص، بطرق شتي، من عشرات الألوف من رجال القوات المسلحة والأمن، وسعتْ في الوقت ذاته إلي إعادة بناء أو تعزيز الوحدات العسكرية والأمنية الخاصة، الموازية للقوات المسلحة والأمن، وهي الوحدات المنتقاة، بعناية فائقة، قبلياً وسياسياً، والتي تتمتع بمزايا خاصة واستثنائية، مقارنة بالوحدات الأخرى للقوات المسلحة. وهذا الإجراء الاحترازي، الذي قامت به النخبة، لم يعزز من مكانتها، كما توهمتْ، وإنما أدى إلى تباين وتنافر واضحين بين الوحدات العسكرية الخاصة المدللة من جهة، وبين وحدات القوات المسلحة العامة المهملة، التي تعاني بؤساً وفقراً مقيمين، من جهة أخري.
ولئن كان قد جري بموازاة تلك العمليات اغتيال وتصفية المئات من الشخصيات الوطنية الديمقراطية في المجتمع، سواء بشكل مباشر عن طريق الأجهزة الأمنية أو الوحدات الخاصة، كما حدث مع العميد يحيي المتوكل، الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم في مطلع يناير 2003 أو بالاستعانة بالقوي الدينية المتطرفة، كما جري في حالة اغتيال الأستاذ جار الله عمر، نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي المعارض في أواخر ديسمبر 2002، فأنَّ أحداث ألـ 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، كانت قد خلقتْ وضعاً جديداً. إذ وجد النظام نفسه متورطاً في أزمة جديدة. فبعد أنْ كان قد تبني وسلَّح وموَّل وشجع بعض الأطراف الإسلامية على تصفية العناصر الوطنية الديمقراطية في البلاد، المناهضة للنظام العسكري، وجد النظام نفسه وجهاً لوجه في صراع دامٍ معها، عندما تجاوزت تلك الجماعات الخطوط المرسومة لها وأمتد فعلها العدواني ضد الحليف الأجنبي للسلطة.
من الواضح إنَّ السلطة، قبل أحداث الـ11 سبتمبر 2001، لم تكن تري في تلك الجماعات أكثر من وسيلة قمع إضافية، يمكن لها استخدامها عند الضرورة، بجانب أجهزتها القمعية الأخرى، لضرب قوي المعارضة في الداخل، أو لتنفيذ أعمال إرهابية محسوبة في الخارج، وفقاً لمصالحها الآنية، متجاهلة مصالح تلك الجماعات الدينية وتطلعاتها السياسية المستقلة. لقد أرادت السلطة ببساطة أنْ تحدد مهمة تلك الجماعات، وتحصرها في نطاق ضيِّق، بحيث لا تعدو أنْ تكون معول هدم بيدها لتصفية قوى المعارضة القومية واليسارية في البلاد. غير أنَّ تلك الجماعات لم تكن لتقبل بتلك المهمات المحددة، الموكلة إليها، ورفضت أنْ تصبح حلقة صغيرة في إستراتيجية النخبة الحاكمة، الهادفة لإحكام قبضتها علي النظام. وبالتالي فهي لم تكتف بما كان قد رُسمَ لها من مهمات ضيَّقة، ومحدودة، هي بالتأكيد أقل من طموحاتها وأقل كثيراً مما تسعي إليه. وهكذا بدأت تلك الجماعات عقب حرب 1994 فعلها العدواني السافر، كجزء من إستراتيجيتها الشاملة ضد الغرب الكافر ، فقامت باحتجاز السياح الأجانب وقتل بعضهم علي امتداد النصف الثاني من التسعينيات، و ضرب المدمرة الأمريكية كول في عام 2000، ثم الهجوم علي ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج ، وقتل بعض الأطباء الأمريكيين العاملين في مستشفي جبلة، بعد يومين فقط من اغتيال الأستاذ جار الله عمر، أبرز رموز المعارضة الوطنية. هذا فضلاً عن محاولة اغتيال السفير الأمريكي بصنعاء، أدموند هول، والتخطيط لضرب بعض السفارات الغربية في صنعاء.
والسلطة وأنْ كانتْ جريئة وماهرة للغاية في التخلص من معارضيها الوطنيين، فأنها جبانة أمام القوي الخارجية، ولذلك فأنها لا تقبل بأنْ تمتد تلك العمليات إلي الأجنبي، حتى لو كان ذلك في إطار الدفاع عن النفس، نظراً لما يشكله ذلك من خطر حقيقي علي وجود النخبة العسكرية الحاكمة ذاتها. ومثل تلك العمليات لم تكن، بالطبع، من المهمات الموكلة لتلك الجماعات المتطرفة. فالمهمات الموكلة إليها كانت ومازالت تتلخص في حماية عناصر النخبة الحاكمة، وقتل كل من يعارضها أو يعترض علي توجهاتها السياسية. لكن الجماعات المتطرفة تمادت في حربها، فامتدت يدها للأجانب، ولم تقتصر علي أبناء الوطن، كما أريد لها. الأمر الذي أحرج السلطة كثيراً ودفعها في البداية إلى ممالأة الأمريكيين، ثم الارتماء كلياً في أحضانهم. وما كان لها إلا أنْ ترضخ لمطالب الأمريكان بعد ذلك، خاصة وأنها في حاجة ماسَّة لخدماتهم، ليس فقط لمساعدتها في إعداد الأجهزة الأمنية وتدريب الوحدات الخاصة، لترسيخ مواقعها في السلطة، وتمهيد الطريق أمام رموز النخبة للتوريث السياسي للحكم، الذي يسير علي قدم وساق، ولكن أيضاً لحماية النظام السياسي من أي أخطار داخلية محتملة، تهدد مكانة النخبة الحاكمة، في ظل الرفض المتزايد لسلطتها. وهكذا أنقلب النظام ضد حلفاء الأمس، الإقليميِّن والمحليين، الذين كان قد استعان بهم في تصفية خصومه، ليقيم تحالفاً متيناً مع الولايات المتحدة، والدخول معها فيما يسمي التحالف الدولي ضد الإرهاب . وتحولت الساحة اليمنية إلى قاعدة أساسية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث انطلقت القوات الأمريكية من جزيرة سقطرة اليمنية ومن المياه الإقليمية اليمنية سواء لضرب العراق في مارس 2003، أو لتصفية العناصر الإسلامية، المناهضة للوجود الأمريكي، في كل من مأرب وشبوة وصعدة وغيرها من المناطق اليمنية. كما قامت النخبة العسكرية الحاكمة في صنعاء، في إطار تثبيت وضعها وتأمين استمرارها، بترسيم الحدود مع مملكة أل سعود، حيث أقدمت، فضلاً عن جيزان ونجران وعسير، علي التنازل عن آلاف الأميال من مساحة اليمن في المناطق الشمالية، والشمالية الغربية، مقابل الحصول علي بضعة أميال في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية. علي أنَّ الأمر المضحك حقاً، هو أنْ السلطة اليمنية احتفت بهذا التنازل المهين عن الأرض اليمنية، باعتباره انتصاراً كبيراً وانجازاً باهرا!
ومنذ ثلاثة أشهر تقريباً، دخلتْ السلطة في حرب غير مبررة في منطقة صعدة مع السيد حسين بدر الدين الحوثي، المناهض للفساد والوجود الأمريكي في اليمن. وكانت تلك الحرب فرصة سانحة للنخبة الحاكمة لمواصلة التخلص من خصومها الذين يتكاثرون بمعدل تكاثر الفساد والتبعية، فقامتْ بدفع قطاع كبير من الجــــيش إلى أتون حرب جهنمية، ليس فقط بهدف التخلص من المعارضين لها في الأوساط الشعبية، مثل السيد الحوثي وأنصاره، ولكن أيضاً للتخلص من المناهضين لها، أو المشكوك في ولائهم، من بين أبناء القوات المسلحة والأمن.
ولم تتمكن السلطة من القضاء علي السيد الحوثي، إلا بعد معارك دامية ذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء، وبعد الاستعانة بأصدقائها الأمريكان. غير أنه بمقتـــل الحوثي وتدمير جزء كبير من القوات المسلحة فأنَّ روح التمرد لن تخمد لدي الشعب، ولن تتوقــف حالة الرفض المتنامية بين أبناء القوات المسلحة والأمن، ضد نخبة الفساد والتبعية.
واليوم ولئن كان قد ترتب علي الأعمال العبثية للنظام في اليمن، ضحايا بشرية هائلة، وخراب اقتصادي كبير وتخلف اجتماعي لا نظير له، وفوضي سياسية غير معهـــــودة، وتبعية سياسية وعسكرية مطلقة للولايات المتحدة الأمريكية، فأن النخبة الحاكمة تبدو، وهي متربعة علي جـــثة الخراب، سعـــــيدة بانجازاتها تلك، غير عابئة بالكوارث الهــــــائلة التي ترتبت عن أعمالها الدموية، ما دامت قد رسختْ مواقعها في السلطة، بعد عمليات جراحية متصلة، وغدت في منأى من الخطر، ولكن هل هي حقاً في منأى من الخطر؟
هذا هو السؤال الذي سنحاول الإجابة عليه في حلقاتنا القادمة،إن شاء الله.

باحث من اليمن يقيم في منشستر



#محمد_صالح_الذماري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد صالح الذماري - إلى أين يمضي الوضع السياسي في اليمن؟