|
ما هو ال Noetic Sciences ؟
مهند حبيب السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3365 - 2011 / 5 / 14 - 16:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ظهر مصطلح Noetic Sciences عام 1973 باعتباره حقل متعدد التخصصات وميدان واسع الابحاث يحاول ان يجمع بين المعرفة العلمية المستندة الى الموضوعية والتجربة المحسوسة وبين المعرفة الداخلية الذاتية التي تستند الى الحدس والحس الباطني والالهام ، وهذا كله يأتي من اجل دراسة المدى الشامل الرحب للتجربة الإنسانية التي تتخطى المدرك الحسي والمعطيات الملموسة. وقد تأسس في تلك السنة معهد العلوم العقلية Institute of Noetic Sciences (IONS) على يد عالم الفضاء السابق ايدجر ميشيل والمستثمر بول تيمبل، ليجمع الدراسات والبحوث المتعلقة بهذا العلم الذي يحاول سبر غور الممكنات الإنسانية والمعرفة الذاتية والخبرات الباطنية التي تمر في حياة الإنسان. المديرة الحالية لمعهد العلوم العقلية الدكتورة كاسندرا فيتن ، كتبت مقالا نشر يوم 10-5-2011 حول Noetic Sciences حاولت فيه ان تُعرف القارئ بهذه العلوم. والدكتورة كاسندرا عالمة سيكولوجية سريرية مُجازة متخصصة في موضوعات الوعي. وبالاضافة الى عملها كمديرة لهذا المعهد، فهي مدير مشارك في مجموعة أبحاث الطب العقلي والجسدي في مركز كاليفورنيا الطبي في معهد أبحاث سان فرانسيسكو، وهي أيضاً رئيس مساعد في معهد الروحية والسيكولوجية. تشير الدكتورة كاسندرا في بداية المقالة الى كتاب " الرمز المفقود " لــ دان برون الذي تصف كتابه الذي يتحدث فيه عن العلوم العقلية بانه حقق اعلى المبيعات، حيث تؤكد بانها عندما تقدم نفسها للحضور كمديرة أبحاث معهد العلوم العقلية، فان الحضور دائما يستجيبون على ما قالته بعبارة "عظيم ...امممممم ..وماهي العلوم العقلية ؟. ولذا تقوم كاسندرا بتحليل المصطلح واعطاء تعريف لكل كلمة فيه ، ف Noetic من الاصل الإغريقي noēsis/ noētikos وهي تعني الحكمة الداخلية او المعرفة المباشرة او الفهم الذاتي، وقد تم تعريفه بواسطة الفيلسوف وليم جيمس عام 1902 حينما أشار إلى انه " حالات النفاذ الى أعماق الحقيقة التي لم يُسبر غورها بواسطة العقل الاستطرادي فهي تنوير روحي والهام مليء بالأهمية والمعنى والأشياء التي نعجز عن الإفصاح بها ".وهي بمثابة نظام يحمل معه شعور عجيب بالقوة الباطنية". اما science فهو مجموعة من المعرفة المكتسبة التي تستخدم الملاحظة والتجربة من اجل وصف وتوضيح وشرح الظواهر الطبيعية. ونصل الى المصطلح المركب noetic sciences الذي يعني العلوم العقلية وهي حقل متعدد التخصصات يجمع أدوات المعرفة الموضوعية والتقنية سوية مع المعرفة الداخلية الذاتية من اجل دراسة المدى الشامل للتجربة الإنسانية وبكلمات أخرى هنالك عدة طرق نستطيع من خلالها معرفة العالم من حولنا. تؤكد الباحثة كاسندرا ان العلم يركز على الملاحظة الخارجية ويقوم على اساس التقييم الموضوعي والقياس والتجربة وهذا مفيد في تعزيز الموضوعية والحد من التحيز وعدم الدقة اثناء تفسيرنا لما نلاحظه . لكن هنالك طريقة أخرى في المعرفة، بحسب الباحثة، هي المعرفة الذاتية او الداخلية التي تتضمن المشاعر الشخصية، الحدس، والحس الباطني، وهي الطريق التي تعرف من خلاله، كمثال على ذلك، انك تحب أطفالك، او الخبرات التي تملكها والتي لا تستطيع أن تفسرها أو تقيم الدليل عليها لكنك تشعر بدون أدنى شك أنها حقيقية .هذه الطريقة في المعرفة هي ما نطلق عليه اسم noetic أي عقلية. ومن خلال وجهة النظر المادية والميكانيكية المحضة فان كل التجارب العقلية تنبع من العالم الفيزياوي المادي.... والوعي ببساطة هو نتاج نشاط وعمليات الدماغ والجسد. اما العلوم العقلية فهي تركز على محاولة استخدام الأساليب العلمية لدراسة التجربة الذاتية والطرق التي من خلال يؤثر الوعي على العالم المادي . والوعي قد تم تعريفه من خلال عدة طرق.. في المستوى الأول الوعي ببساطة هو الإدراك...كيف تُدرك الناس وتفسر وتوجه انتباههم ومقاصدهم باتجاه بيئتهم. اما الوعي الجمعي فهو كيف تدرك المجاميع ( مجتمعات وأنواع بشرية) العالم وتجعل هنالك له. وفي بعض الصيغ نجد الوعي يذهب ما وراء الإدراك وحينها يتضمن كل شيء ندركه ونجربه حتى على مستوى المساحات التي هي دون الوعي. وفي مستواها الأرحب فان اغلب الإحساسات الشاملة تشير الى بيئة واسعة من الممكنات ...أي الأرض المشتركة للوجود التي منها كل التجارب والظواهر تنبع وتعود نهائيا. تضع الباحثة في وسط المقالة ملاحظة مهمة تعقبها سؤال أهم يتعلق بهذه العلوم فتقول ان الفرضية الأساسية التي تقف وراء العلوم العقلية هي مسالة الوعي... والسؤال هو متى وكيف ولماذا يصبح الوعي مهم ؟ بعدها تتحدث عن معهد العلوم العقلية ؟ فتؤكد انه منذ بداية نشوء المعهد عام 1973 ، وهي السنة التي تم فيها صياغة هذا المصطلح، سبر معهد العلوم العقلية غور الأسئلة الكبرى التالية: من نحن ؟ ما هي ممكناتنا ؟ وكيف نستطيع تحقيق هذه الممكنات ؟ مالذي يقودنا للعلاج الشخصي والاجتماعي والتحول والتطور ؟ فالعمل يستند في هذا المعهد إلى فكرة أن المحددات في الوعي الإنساني وفي فهمنا له تكمن وراء الكثير من المشكلات الأكثر الحاحاً الملحة التي تواجهنا كمجتمع عالمي ( العنف ، عدم المساواة ، سوء استعمال الموارد ) وان الفهم الواسع لطبيعة الوعي سوف يقلل المعاناة والمشكلات ويعزز جودة الحياة للجميع . مهمتنا تكمن، في رأي كاسندرا، في " الدفع بعلم الوعي والتجربة الأنسانية لكي يخدم التحول والتطور الفردي والاجتماعي" ولذلك يركز بحثنا على الطبيعة الأساسية للوعي ، تفاعلاته مع العالم المادي الخارجي وكيف تستطيع التجربة الإنسانية للشعور من التغير والتحول بصورة ملحوظة. فنحن، أي الباحثة والباحثون معها ، نحاول دراسة، تفاعل العقل والجسد بطريقة تبادلية، والكشف عن اثر ذلك على الصحة الفردية والاجتماعية، وهذا كله جزء من الدراسات التطبيقية والاكلنيكية التي تختبر فعالية العالم الحقيقي للوعي . وتؤكد الباحثة باننا نحاول دراسة الوعي بواسطة تدريب العلماء الشباب من خلال برنامج الزمالات الدراسية وتنشيط العمل الجديد المبدع من خلال المكافئات وبعض البرامج الصغيرة وتسهيل الدراسات الاستراتيجية واللقاءات بين العلماء لتعجيل تطور الدراسات الجديدة. ونقوم بتحليل وتركيب مكونات المعرفة ومعرفة دور الوعي في الشفاء ونقوم بنشر هذا الخلاصات واستعمال ماتعلمناه لتحديد الخطوة اللاحقة .ثم نكتب ذلك في مجلات علمية متخصصة ونناقشها في اجتماعات الباحثين بالاضافة الى اجراء لقاءات عامة لكي نقوم اخيرا بترجمة ماحصلنا عليه الى نتاجات ومناهج تربوي للمشاهدين المستهدفين. وتشير كاسندرا الى ان فكرة الوعي الكوني او الشامل هي ليست فكرة عصر جديد اثيري انها حقيقة علمية ناصعة تعمل على تسخير قواها وممكناتها لتغير عالمنا ، كما قالت الدكتورة كاثرين سولمون في " الرمز المفقود" " انا اعدكم ... اذا استوعبنا نحن البشر هذه الحقيقة البسيطة فان العالم سوف يتغير بين عشية وضحاها". تنهي الباحثة مقالتها بالاشارة الى انه في هذه العالم الذي فقد سحره ، بينما اثبات الوعي العالمي ليس حقيقة علمية ناصعة لحد الان ، فان نمو الادلة العلمية تشير ان الوعي ، بطرق متعددة وباطارات متنوعة، مهم وضروري، وانه ربما هنالك بعض الحقائق الوجودية للتجارب الذاتية، وهي تؤثر على صحتنا وسلوكنا وحياتنا، وهي تزودنا باشارات مهمة حول من نحن وماذا نكون وماذا نحن قادرون عليه ، لذا فان علماء هذا المجال يكرسون حياتهم لاستكشافاتهم الصارمة للممكنات التي تضمن التحول والتطور الانساني .
#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طير الزاجل بين المالكي وعلاوي !
-
من هيفاء وهبي...إلى أسامة بن لادن !
-
لكن...شيعة البحرين لا بواكي لهم !
-
بنات العراق بلا رواتب ..أين حمرة الخجل ؟
-
من يمثل سنة العراق ؟
-
حذاء نسائي...خبر صحفي !
-
زنكة...زنكة ليست عبارة للاستهزاء والتندر !
-
هل فعلا سيذهب العراق إلى الجحيم ؟
-
موظفون فيسبكيون عاطلون عن العمل !
-
ثلاثة مواقف - فاضحة - للمملكة العربية السعودية !
-
التظاهرات في العراق تفقد زخمها !
-
صحافة الارتزاق وبؤس الثقافة الأمنية !
-
هل تعي الحكومة العراقية ما ورد في بيان السيستاني !
-
ليس بالديمقراطية وحدها يعيش الشعب العراقي !
-
مُبارك واحد... خيرٌ من عشرين مبارك !
-
المطربة بيونسي عذراء ..هل تعلمون !
-
كربلاء وسيل التفجيرات الانتحارية !
-
مالذي تعنيه عودة مقتدى الصدر بالنسبة للأمريكان ؟
-
انهم يدفعون العراق نحو أيران!
-
من يمثل تركمان العراق ؟
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|