وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3362 - 2011 / 5 / 11 - 22:16
المحور:
الادب والفن
منفيون من جنة الشيطان25
"ليتَ كلَّ فردٍ منّا يسألُ نفسَهُ قبلَ النومِ، عمّا فعلَ به الحبُّ، وما فعلَتْ به الكراهيةُ، لِيعرِف أيَّ إنسانٍ هوَ، وأيَّ طريقٍ يسلكُ!"- نجيب محفوظ
1-
في كلِّ مَكانٍ تذهبُ إليهِ
يُواجهُكَ سُؤالٌ
لِماذا أنتَ هُنا؟
ماذا تريدُ؟
ماذا تفعَلُ هُنا؟..
يَسْألُكَ الشرطيُّ
وَمُوظّفُ الجَوازاتِ
وَالصديقُ وَالمَرأةُ!..
أمّكَ وَأبوكَ
الوَحيدانِ لا يُوجِّهانِ لَكَ
هَذا السُؤالَ
لأنَّهُ عَاديٌّ جِدّاً
أنْ تكونَ عندَهُما
وَلكِنَّ المُفارَقةَ..
أنّكَ في كلِّ مَكانٍ
بَعيدٌ عنْهُما
وَأنهما منذُ زمانٍ
لم يعودا في مكانٍ..
أنّكَ في كلِّ أحَدٍ تصيرُ
وَلا يتركونكَ لديهُما
لأنكَ لو رَأيتُهُما
سَتسْألُ فوراً
لِمَاذا أنا هُنا؟
ما أريدُ؟
مَاذا أفعَلُ هُنا؟..
كلٌّ منهمْ يخافُ عَلى ما لَديهِ
وَيتهمُكَ البَعضُ بِنِيَّةِ السّرِقةِ
أو التطَفّلِ أو المُشارَكةِ..
فَهَل
فكّرْتَ يَوماً في جَوابٍ مُناسِبٍ!
تُواجهُ بهِ الشرطيَّ وَرَجلَ الحُدودِ
الرّجلَ أو المَرأةَ!..
وَإذا لمْ يكنْ لديكَ جَوابٌ
ولا في أيِّ مَكانٍ آخرَ..
فكيفَ تسْطيعُ البَقاءَ
أو الاسْتمرارَ
أو العُبُورَ
دُونَ أنْ تعْرِفَ!..
السّؤالُ صَعبٌ
وَالجَوابُ أصْعَبُ
المَجيءُ صَعْبٌ
وَالذّهابُ أصْعبُ
تقولُ لا أدْري
وَلكنْ
مَا إنْ جئتُ
سَوفَ أبْقى!..
فيَنظرُ لكَ الآخَرونَ.
أشيَاءً كبيرَةً لا تصْنعْ
وَأعْمَالاً دَائميّةً لا تشتَغِلْ
تنقلْ بينَ نِسَاءٍ كثيراتٍ
وَلا تبقَ لَدى امْرَأةٍ وَاحِدةٍ
فتسْلُبُ لُبّكَ
وَتصْنعُ مِنهَا أطْفالاً..
انّما.. أنتَ مثلَ زائرٍ في المَسَاءِ
يَبْحَثُ عن طَعامٍ وَمبيتٍ وَدِفءٍ
وَفي الصَّباحِ يُغادرُ
وَهَكذا اجْعَلْ نفسَكَ
مُسَافِرا دائِماً..
مُتنقلاً في كلِّ مَكانٍ
لا يَتعَلَّقْ قلبُكَ بِشيءٍ
وَلا يشغِلْ تفكيرَكَ أحَدٌ
أريدُ مِثلَ طيرٍ
في كلِّ مَكانٍ تجِدُ غُصْناً
وَتَحْتَ كلِّ سَماءٍ
تسْطيعُ أنْ تطيرُ
ذلِكَ أنّني أحْضرْتُكَ هُنا..
في لحظةِ نِسْيانٍ
لَحظةِ إغواءِ شيطانٍ
هَكذا تَأبْلَسَ الجّميعُ
لا أقولُ سَامِحْني
فأنَا مثلكَ
وَلكِنْ!..
طالَما أنَّكَ لم تعرِفِ الجّوابَ
وَلم تَسْطعِ الوُصُولَ
فافْعلْ مَا أقولُ لَكَ!!..
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟