أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - رعب المواطن من غياب - أبوعمار-















المزيد.....

رعب المواطن من غياب - أبوعمار-


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 1002 - 2004 / 10 / 30 - 12:54
المحور: القضية الفلسطينية
    


رعب المواطن من غياب " أبوعمار"
سلامات أبا عمار. نعلم أن الموت حق كما هي الحياة. ونتذكر جدنا جلجامش يدور في البلاد ويقطع الفيافي والقفار بحثاً عن نبتة الخلود، فلا يجدها. ويقنع أن نصيبه في هذه الدنيا أن يحاول استنفاذ إمكانياتها الهائلة قبل أن يطالب بالمزيد. عليه أن يبني العدل والمجد والأبهة والرخاء له ولكل المواطنين. هذا هو بالضبط فحوى نصائح " سيدوري" ساقية الحان: "تنبه أيها الإنسان أن قدرك في هذه الحياة قسط من السعادة وقسط من الشقاء والنهاية تأتي مهما بلغت عظمة الفرد." حتى لو كان سيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله " فمن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإنه حي لا يموت"
لكن الفلسطيني الذي يتعلق بقلبه ومشاعره برئيسه الذي طالما رأى فيه أباً وأخاً وأملاً على امتداد عشرات السنين هي عمر الثورة، الفلسطيني يحس بقلق مضاعف: إنه يخشى على حياة القائد الذي يحب، وهو يخشى مستقبلاً مجهولاً لم يقم أحد بإعداد العدة لمواجهته. وعلى الرغم من الصمت الذي نمارسه دائماً تجاه القضايا الحساسة، فإن همساً يدور طوال الوقت بخصوص الذي سيأتي.والناس الحائرة المرعوبة تستدعي ما في جعبتها من أمثلة ومأثورات:
-حط رأسك بين الروس.
- احفظ لسانك عند مخالفة الدول.
- ما بصير إلا اللي ربك رايده
- المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين.
وعلى الرغم من أن الأمثلة السابقة وما شاكلها لا تعبر عن روح الموقف جديا، إلا أن الناس يقولون أي شيء، ربما بسبب الحيرة الشاملة وفقدان البوصلة والاتجاه. إن أحداً لا يحوز الإجابة عما سيأتي. يتدافع العديد من الرجال باتجاه المقاطعة لعيادة أبي عمار والاطمئنان عليه. والمواطن العادي يربكه ذلك التدافع واضطراب البيانات والإعلانات حول صحة الرئيس، وحول ما يجري وما سوف يجري. المواطن يصلي لسلامة القائد، لكنه في نفس الوقت مفزوع مما سيخلفه غياب القائد. وما من أحد يلتفت إلى المواطن ليقول له: تشجع يا أخي، ادع الله أن يشفي القائد، وكن على ثقة أن الله حي لا يموت، وأننا سنواصل المسيرة بكل ما أوتينا من قوة لبناء هذا الوطن. لا تخش الوقوع في الفوضى أو الحرب الأهلية أو أي شيء من هذا القبيل، فكل شيء معد للسير بشكل طبيعي إنشاء الله". كلا لم يتبرع أحد ليقول أي شيء للمواطن. والمواطن يا ولداه خائف على سجادة الصلاة، متروك لينهبه قلقه؛ يترقب الانفلات الأشد الذي قد يقع.
تنفجر المفرقات في الشارع؛ أطفال، وأحيانا كبار يتلهون بإزعاج وإقلاق الناس. يتصيدون اللحظة الملائمة عندما تمر صبية صغيرة أو سيدة تحمل بين ذراعيها طفلا فيقوم رواد التسلية بإطلاق ألعابهم. توقف أحد الأصدقاء وسألهم عن سر فرحتهم بتخويف الطفل وأمه. جاء الرد معبراً عن حالة حفظها الناس جيدا: "خليك في حالك أحسن لك." فقرر أن من الأفضل أن يظل في حاله. إذ ما الذي سيجنيه إن اتضح أن المراهق المتمرد يتأبط مسدساً كما الحطيئة أو كما رعاة البقر في أفلام هوليود؟ دخل مجموعة من أعضاء التنظيم المقاوم الفلاني إلى المقاطعة وأصروا على استعادة سيارتهم المسروقة التي تمت مصادرتها من أيام، وعندما رفض رجال الأمن المتواجدون إعطاءهم السيارة قاموا بإحراقها.
اعتدى الطبيب على مريضته في مشفى، وقد حاول الأهل فعل شيء، اللجوء إلى القضاء مثلاً لكن النقابة كانت في صف الطبيب وهو ابن عيلة. وقام محامي بإقناع صاحب حاجة -وصاحب الحاجة أرعن- أن بإمكانه إعادة أرضه التي نهبها عشيرته الأقربون خلال ستة أشهر إذا هو أعطاه 5000دينار قبل أن يضع يده في أي شيء. بعد ذلك اتضح أن الأمر ليس كما قال المحامي. لكن المواطن لا يعرف ماذا يفعل إذ ليس لديه دليل. وحتى لو كان عنده كل الأدلة فمن سيعاقب المحامي، ولمن يشتكي المرء إذا كان غرماؤه رجال الحق بالذات؟ هكذا يتعلم المواطن الصبر الذي فحواه الاستسلام للقدر وليس الشجاعة في تحمل الظروف بغرض مقاومتها. عشرات بل مئات وربما آلاف القصص عن الانتهاكات والتجاوزات في كل اتجاه ومن كل حدب وصوب لا تقول للمواطن هيا انهض لتغيير الأوضاع وتصويب الأخطاء وإنما تقول له اتعظ واهتم برأسك ولا تتدخل فيمالا يعنيك فقد تلقى مصيراً بائساً لم يكن في الحسبان. لذلك يتعلم الناس فن التطنيش وعدم التدخل فيمالا يعنيهم من أمور الصحة والشارع والمياه والكهرباء والتعليم ..الخ ُتسرق الكهرباء وُيضرب موظفو الشركة وُتكسر أنابيب المياه وُتترك المياه العزيزة لتسيل في الشارع، ويموت الناس بأخطاء طبية فاحشة، لكن المواطن يتحول إلى جحا بالذات: "فهل وصلت النار إلى بيتي؟" قالوا: نعم. قال فالمهم أن تسلم رأسي ولتخرب البصرة ومالطة على السواء.
يتذكر الناس كما الخيال البعيد، كما الزمن الأسطوري الذي لا يحفظه سجل، وكما اشتراكية الزمن البدائي السعيد، يتذكرون أيام الانتفاضة واللجان الشعبية ومقاطعة البضائع وغياب الجريمة أو التجاوزات على الرغم من عدم وجود سلطة رسمية. يتذكرون المواطن الحر الإيجابي الذي لا يحفظ لسانه، ويتدخل فيما "لا يعنيه" ويتابع الصحة والغذاء والتنمية والأمن الجماعي بمعانيه المختلفة. لكن ذلك كله كان منذ زمن سحيق مضى وانقضى وحل محله زمن آخر مليء بعدم الثقة والفردية الأنانية التي لا تلوي على شيء، يرافقها إحساس المواطن بأناه موناداً معزولاً لا حول له ولا قوة. لذلك يرتد ما أمكنه إلى حضن العشيرة التي قد تحميه في الليلة الظلماء. ويصبح معيار النجاح يقاس بالقدرة على الاعتداء ورهبة الجانب. فيضيع الغالبية من الضعفاء من الناس العاديين. هنا بالذات الأمل الدائم لدى الفقراء هو بعد الله أبو عمار. ولذلك يحس الناس برهبة شديدة من مصير مجهول إذا ما ترك المستقبل لصراعات لا يفهم المواطن من كنهها شيئاً.
فماذا يمكن أن يقال لأبناء هذه البلاد في هذه اللحظات الصعبة؟ الحقيقة أن قليلا من الكلام المفيد يمكن أن تتفتق عنه عقول البشر المتواضعة. فلا بد أن سيناريوهات تشارك فيها دول كبرى هي التي تحكم المسيرة القادمة. ولذلك فإن خوف ابن الشارع ليس ناجماً عن افتقاره لأسس التحليل العلمي فقط. ولعل المزعج هو تحسب الناس المسوغ على الأرجح من أن يكون هم كثير من عناصر النخبة هو الفوز بالمكاسب والفتات مهما كان تأثير ذلك على فلسطين ومستقبل فلسطين سلبياً أو مدمرا.
ترى هل نستطيع طمأنة أبناء شعبنا أن القادم ليس مرعباً بالفعل. أن انفلاتاً من أي نوع لن يقع. وكذلك ستبقى وحدة الشعب وقواه، ولن يحترب أحد مع أحد من أجل الظفر بأكبر حصة من الغنائم. وأن طريقاً شفافاً سوف نخترقه بهدوء وثقة نحو متابعة المسيرة التي اعتدناها مع الرئيس عرفات لكننا سنضطر إلى متابعتها بدونه. فهل سيقوم القادة الفلسطينيون الآن بتكريس الديمقراطية مهما كانت هناتها ونقاط ضعفها طريقا تمهد الطريق لانتقال السلطة بشكل شرعي قد يسهم فيما يسهم به في مد قامة الرجل الذي سيحاول أن يأخذ مكاناً صعباً، ويرتقي مرتقى عالياً وبعيداً، لأنه سيحاول أن يقنع الناس بأنه جمل مكان جمل. وأي جمل، إنه في هذه الحالة ياسر عرفات بالذات.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسس الحرية في الذهنية الفلسطينية
- كيف تمت عملية التسجيل للانتخابات الفلسطينية؟
- ميتافيزيقا التفجيرات في طابا
- الحق في عدم التسجيل
- اختراعات وكالة الغوث الدولية
- قاطعوا التسجيل للانتخابات
- حول موضوعة الانتخابات
- إسرائيل لن تبقي ولن تذر
- الوطن يسع الجميع نحو حقوق إنسان بمشاركة القادة الدينيين
- عذاب الجسور تحية لشرطي المعابر على الرغم من المعاناة
- المرأة والعنصرية
- الماء أولاً، الحريات الغربية أخيرا
- يقتلون ويبتسمون
- إرهاب الاحتلال وإهاب المقاومة ومجموعة ال55
- ما جرى في أبي غريب ليس بغريب
- ماذا بعد الرنتيسي؟
- حقوق المرأة كل لا يتجزأ
- أولاد آرنا
- المرأة إنسان في المطلق لا في النسبي
- لماذا لا نغلق المدارس والجامعات؟


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - رعب المواطن من غياب - أبوعمار-