محيي المسعودي
الحوار المتمدن-العدد: 3360 - 2011 / 5 / 9 - 14:00
المحور:
الادب والفن
المطرب
قصة : محيي المسعودي
: يا آ آ آ ه .. كم هو رائع وساحر .. أنه فتى احلامي الذي عشقته طوال عمري . أنه قمباص حياتي وبطاريتها, التي جعلت مني اشهر أمرآة في مدينة الحياء, وجميع مدن الحشمة في وطن الخجل, وجعلت من جلدي عباءة استر بها عرى الجسد, وأظلّل بها روحي من وهج شمس الغيرة والعفة . : عندما اسمعه انقطع عن كل الوجود الّاهُ .. صوته وهو يغني مركبة فضائية ازوردية تحملني الى عالم الحلم والتيه السحري فضاء غير متناه . بحّة صوته افيون ادمنته منذ صغري ...................... !!!!
: انت, طالق .. طالق .. طالق .. اذهبي وتزوجي مطربك الحبيب, وهزي له ثمر الرمان والبطيخ ، وأمطري فوق ارضه كل غيومك . ظلليه بقرام أنوثتك الدافئة . وأحرقي أيامك على رماد موقده المتوهج من نفخ الجمهور .. أما أنا, فساختار شقيقة حبة البندورة رفيقة لي . البندورة التي اشركتك معها في حياتي , ستكون هي مطعمتي .. وشقيقتها حاملة نسلي ودمي .. اذهبي الى مطربك العزيز, الذي تقيأته الحضارة في المراحيض, فكان بنفسجا في الشرفات .. انه يستحق كل ما تفعلينه من أجله, بل وأكثر, فهو الذي اخترع لك المصباح الكهربائي في دارك ، وهو الذي حملك على الهواء فوق المحيطات وهو الذي جلب العالم قُبال سريرك في مربع فضي صغير, وهو الذي حاك الشبكة العنكبوتية , وهو الذي حرر العبيد وحرر فيتنام والهند وقاوم الأمريكان في العراق حتى حرر البلاد منهم ... وهو الذي سيعيد فلسطين للعرب رغم انف اليهود واوروبا وامريكا.. انه حامل رسالات السماء, وحافظ الدماء وحاقنها, أنه باب نجاة الإنسانية من غضب الرب عليها , انه مشبع البشرية وواقيها من بطش الجوع, وغافر خطاياها الجسام .. أنه حامل سيف نبو خذ نصر ورمح أشور بانيبال وواضع مسلة حمورابي وباني هرم خفو وخفرع, انه اخيل وهكطور, أنه أنكيدو .. أنه كلكامش .. أما أنت فكوني عشتار.. أنه كلنتون يا مونيكا ...
: في كل مرة أخلع وجه شريك فراشي واضع بدلا عنه قناعا يمثل وجه زرياب .. عندها اندفع نحو شريك الفراش مثل كلبة مسعورة في موسم التكاثر .. لكن هذا الشريك يتمسك بالحدود . لم أسجل عليه أي تجاوز على الحدود الجغرافية لجسدي . ولكن, مع التزامه بالحدود . كان ممتعا جدا, مثيرا ومقتدرا في أحراق سرير النوم وتمزيق الشراشف . بينما ,, كنت – انا - مع كل التجاوزات والثورات, التي اقوم بها, مجرد ورقة صفراء لا يطول لهبها واحتراقها سوى ثوان , ثم تذوي ويكون رمادها وسخ تنثره الريح .. ربما لأني هكذا .. ولكنه كما كان خبيرا بحراثتي ... كان خبيرا في زراعتي . هو لم يخبرني ابدا, ولكني عرفت ذلك صدفة, من خلال مذكراته التي استرقت قرأتها في غيابه ذات مساء . كان يقول عني : هذه أرض لم تعزق جيدا وهي مريضة لن أزرعها حتى تطهر, لكي لا أحصد محصولا مريضا .. هكذا قرأت مرة أحدى كتاباته في مفكرته اليومية ............................................
كم هي رطبة هذه الغرفة وموحشة .. فقط لو كان التلفاز ملونا لاستطعت رؤية الخال الذي تحت أذنه اليسرى . كما تقول صديقتي – ذات الأنف الأخنس .. آه .. آه ... آه .. يد تنحشر في مفترق طريقي .. ربما .. ولكن كم هي دافئة تلك البقعة . تلك المساحة الصغيرة من جبهته .. انها ناعمة جدا كأنها قطعة حرير هندي طبيعي . فيها أغوت أناملي, أغرتها بعثت رعشة لذيذة, سحرتها فاسرعت تفتش حول عنقه . تبحث عن شيء لا تعرفه . شيء لا تدركه .. شيء مفرط في اللذة والنشوة والشهوة . أين هو ..!!؟؟ حمى الأصابع تزداد !! وتزداد رعشة الكف الصغيرة .. يتوهج جمر جسدي . تغلي الدماء في عروقي كالبركان .. يشد بقوة وتر آلة العود ويضرب .. يخرج اللحن .. يقتحم المارد معاقل وحصون العقل فيدمرها ، يقتل ..! فتطير الروح كحمامة فزعة تحلق حول المشهد .
ياااااله من وجه بهي يحمل في قسماته وثناياه كل ملامح ومقومات الرجولة .. ربما كان ملَكا صالحا .. أو ربما جنيا مؤمنا من معشر الجن الذي تتكلم عنهم الخرافات والاساطير والاديان .. مراد .. مراد ..مراد .. آآآآآآآآآآآآآآآآآ ه , يا مراد
آه ...آه .. آه من جسدي . أنه يحترق, يغلي مثل السمن في المقلاة . يخرج البخار منه .. يتعالى .. يصبح "هوائي" تلفاز .. ينقل مباشرة الحفل الغنائي .. الوهم يُحضر القناع . يصبح القناع وجها حقيقيا كما أرغب .. تتقدم السنين ينعدم الماضي والمستقبل ، بينما يتوج الحاضر .. في لعبة الأقنعة والخيال التي اخترعتها منذ زواجي بمراد .
كان زرياب اسود اللون .. غلاما, تتداوله أيدي الأمراء ، أو هكذا يقول عنه الحاقدون .. أنوار الحفلة رائعة باهرة والقاعة تشبه علبة كبريت أو حلبة مصارعة .. أو هي حديقة عامة أو متنزه يزدحم بالمجانين .. أو هي ملعب لكرة القدم . يتحول إلى حلبة لمصارعة الثيران والابقار.... فقد الجميع – الكونترول – وارتفع الموج البشري الهادر .. أخرج الجمهور كل اعضائه المستورة .. وصار يستعرضها امام نفسه, مشيّعاً جنازة السيد حياء . ها هو المطرب يدخل بين الجمهور السائل - ثقيل الكثافة - . ضجيج , اصوات .. صراخ : حبيبي .. حبيبي .. مطربي .. يا رب سعدي وهنائي .. "يرفع عقيرته بالغناء" : .. انه رائع .. انه ساحر .. انه عظيم .. اعظم من امي وابي وزوجي .. وولدي ..
من هذا ؟ ابن الكندي ؟ ابن سينا ..؟ أبن المقفع , ابن رشد ,ابن خلدون , ابن لادن , بن جونسون .....؟ أنه العظيم ابن العظيمة .. انه بن نجوى عماد وسهير مكي .. يااااااي .. كم هو عظيم ! أعظم من أينشتاين وأدسن وفورد ومندل وغارودي .. وبارت وزويل وصدام حسين وصلاح الدين .... كل هؤلاء لم يدخلوا القلب . هو الوحيد الذي استطاع دخول بوابة عشتار, متجها نحو عرش قلبي, صوته, هو الذي ادخله في مفترق طريقي .. ادخل النور في نفسي, وزاد كثيرا في فعالية وعمل حبلي الشوكي . انه الاقرب اليّ الان .. حاولت ان ألمسه بيدي لأدخل الجنة فلا تصيبني نار بعدها أبدا, كما فعلت الكثيرات ! لقد مست كفوهن كفه .. واستطاعت احداهن أن تقبله, فغدت معصومة عن اللفظ الخطأ . لقد طهر فاها بفمه, وشرح صدرها بيده . انني مستعدة لفعل أي شيء مقابل لمسة واحدة منه , او نظرة عين .. فقط .. لو استطعت ان المسه لكنت رابعة العدوية ..
: هذه الدمى , نساء وضعنّ كل رب البندورة على وجوههن ..لذلك ارتفع سعر البندورة وعليه فكرت بأن أطور انتاجها حتى اوفر وجبة للفقراء
: انك خبير زراعي ناجح وتعاملنا كما تعامل المحاصيل الزراعية .. اعجاز النساء المنحشرات في السراويل, بطيخ سرق حز منه.. وهو ملفوف بخيوط دودة القز . والصدر المكشوف رمان الخريف . والانامل تمر عراقي من البصرة ..............................
: دع التلفاز امامي . فيه حبيبي وقمباص حياتي . افعل ما تريد, ودعني اشاهده ..! قدم تتحرك بين مفرقي .. قدم باردة .. تدب فيها الحياة .. تدلك .. تدلك .. تدلك .. شحن بالحث والدلك .. والقدم ترتفع نحو الغيمة كي يسقط المطر .. افقد قدرتي على التوازن . تندحر كل قواي ... امامي أجد عنترة منتصبا فوق حصانه .. اشعر بالخوف بالخذلان امامه .. يسقط من بين يدي ثوب الحياء فتتدفق من جسدي ينابيع الشهوة . هذه الينابيع التي صار ماؤها أجاجا, آسنا . ولكني منذ عشرين عاما أشرب منها , استحم بها .. لا أدري كيف جعلني مراد في ثلاث سنوات .. !؟ كان يسقيني من نبعه .. اتذكر دائما عذوبة مائه .. فلا انساها ابدا كأنها شربة ماء من كوثر الجنة, جلبها ملَك صالح, مرة ثم غادرني للأبد ..ربما لأنه كان مهندسا زراعيا وهو يعرف الأرض ويحبها حبا شديدا ! كان يموت من اجل حياة غصن زيتون أو حبة قمح صغيرة .. لكنه تدحرج ذات يوم إلى القاع .. لا.. لا .. أنا الذي دفعته .. بل الصحيح الصحيح .. انا الذي هوت الى الدرك الأسفل .. ثلاث سنوات كنّ كالحلم الجميل .. نستمع بحياتنا تبلغ اللذة فيها احيانا حد الموت, وتطول أحيانا نهارات وليال .. لا أخرج منها إلا على صوت .. الملك .. الشيطان الذي لا استطيع مقاومته .. في ذروة لهاثي ولهاثه .. صرخ الشيطان الحبيب من بين اضلاع المربع الفضي .. اقتلعني من جذوري وتربة جسدي الذي كان مراد يعزقها .. عيناي تحدقان به , لم ينفع القناع في لحظة احتراق الجسد مع مراد . صاحب القناع موجود هذه المرة قُبالتي على الشاشة الفضية وانا اتقلب بمحراث مراد.. صرخ بي بجزع ..: اتركي هذا التلفاز اللعين ! عودي نكمل الحراثة والبذار قبل ان يحل الثلج والانجماد..
: صديقتى حدثتني مرة انها تقطع تيار كهرباء فراشها فى اوج الحاجة وتقتل الصيصان الخارجة من البويضات, وتحرق الدار من اجل الاستماع اليه .. هذا المطرب .. الرب
: عودي.. الستُ زوجك الوحيد !!؟
: لا لا لا ... هذة اللحظة .. انت غريب ..غريب ..حتى يغيب هذا وأُلبسك وجهه قناعا .
: طالق .. طالق .. طالق .. أذهبي وتزوجي مطربك اللعين هذا .. !!!!!!!!!!!!
: لا ذنب لي في هذا .. أنه .. أنه مطرب مشهور رائع . ملكني من رأسي حتى شغاف قلبي.. وكثيرا من النساء مُتْن في سبيله .. يكفيني فخرا أننني قطعت نسلي وهدمت بيتي واغضبت ربي واهلي وعشيرتي في سبيله . غدا سوف تكتب عني الصحف وتتحدث الفضائيات وشبكة الانترنت عن قصتي وسيسمع بها مطربي الجميل فاظفر به في فراش وثير .
: مسكينة .. انت .. يا أنا ..آلاف الجثث يبعثرها ذئب الغناء على كل الطرقات فأي جثة أنت .. لا لا انه مجرد هاجس .. لابد لي أن أظفر به يوما وأعوض كل خسارتي ..
...ما هذا !؟ أنه يبعث على التقزز ..! فرشة ممدودة فوق الأرض وهي أقذر من جلد خنزير, وسادة سوداء من كثر التعرق فوقها وطول الأستخدام .. أسمال بالية .. معلقة على جدار الغرفة الرطبة حد البلل .. ما هذه الرائحة العفنة ..!؟ انها تخرج من لباسه الداخلي القذر .. رائحة العفن أزكمتني وهو يلقي ناره في مستنقعي ... أنطفأت ناره ولوث مائي بالخبث .. أنها مهزلة .. انها مهزلة .. أنتفضَ كالبغل وتركني كثمرة مشمش ناضجة جدا ضربت على البلاط .. أشعر بالتقزز بالغثيان .. بعد ان رمى جذوته داخلي وتخلص من عذابات جسده وروحه , شرعت الحظ عليه الضيق والاحتقار اتجاهي , كأنه يود أن يقذفني إلى الشارع تخلصا من وجودي الثقيل القذر .. كنت مجرد خرقة بالية مسح بها عرَقه الناز من جبهة فخذيه, ولكي يشعرني بالأحتقار. مدّ يده فأخرج منها نقودا وصار يلوح لي بها, كأنه يقول انت أقل بكثير من هذه الورقة النقدية الصغيرة .. فهمت رسالته وخرجت إلى الشارع وبيدي " قيء " جيبه العفن . شرعت أبحث عن غرفة مماثلة وبغلا أخر أمسح ذكورته .. بخرقة حياتي البالية .. فأنا أعرف الكثير منذ خمسة عشر عاما حين اطلقني مراد, وأنا أمتهن التنظيف والنزح العام من اجساد تحرقها ابخرة النفايات .
: ليس من حقك فعل هذا .. انت جزء من أسرة من عشيرة من بلد ... لقد جحدت حق أمك .. فصارت أم بغي, وصار أبوك مثلها, وكذلك أخوتك وأخواتك وجميع أقربائك . من أجل ماذا ضحيت بالجميع ؟ من أجل هواك غير الشرعي ونزواتك الفانية .. وووو..!!!
: وهذا الجمهور الهادر وآلاف النساء الراقصات وسط الملعب ..؟
: انه أنحراف جماعي ولا ذنب لي .. الذنب ذنب الجميع .. الاف الرجال يضعون نساهم وسط المسارح عاريات يرقصن لهذا المطرب ويفخرون بعلاقاتهن به .. انه عصر الديوثين .. لكن مراد , لم يكن ديوثا ابدا . كان رجلا .. رجلا .. رجلا . .. رجلاااااااااااااااااااااااااااااااااااا
كم هو خبيث ذلك الرجل الذي ضرب صدره بيده متعهدا لي بلقاء مع مطربي الحبيب . كانت الضربة الاولى على صدره والثانية على صدري .. والثالة على فخذي والرابعة رفعت ساقي والخامسة اصابتني بالإغماء .. انتزع من حياتي شهورا عديدة, سلبني كل شيء, ثم رماني جيفة على طريق الكلاب .. لم أمت . لا زال عندي أمل بمطربي .. اقتحمت مرة سكنه وجدت معه ثلاث نساء وددت أن اكون الرابعة, لكن الحارس دفعني خارج الغرفة واستمتع بي طوال الليل ثم وضعني في كيس زبالة , وأودعني الحاوية بيد عامل النظافة .. وعندما أفقت من تأثير تلك الخمرة , مررت على الكثير من الحانات والنوادي الليلية, وكلها رفضتني لأنهم لم يجدوا بي سنتمترا واحدا خالي من الرخص والوضاعة .
: انه صديق قديم لي, عرفته مرة عندما كان يرافق مطربي .. هذه المرة الوحيدة التي عرض عليّ خدمته , ووعدني بلقاء مطربي الحبيب في غرفة واحدة , طوال ليلة كاملة . نفضت كل قناني الخمر وكل شمات المخدر من رأسي, وصحوت على حلم جميل من حلم ثقيل .. صدق معي الرجل وعده .. وعرفت حينها أنه عشيق مطربي .. ينام معه ليال طوال .. آه .. لماذا أصبحت أنثى أيها الذكر ..!!؟؟ أيها الفحل العظيم . لا يهم ان يكون مطربي هذه الليلة ضرة لي على فراش واحد .. دعاني مطربي الحبيب قائلا .. تعالي نمارس السحاقة, فهي أكثر متعة .. دفعني شوقي نحوه , لم أجد عنده عنترة ولا حماسته .. وجدت "هوليا" .. مع أن المطارحة طالت, لكني لم أشعر بالملل .. كنت المرأة الضرة لمطربي, بينما مد صديقه جناح فحولته علينا, فغطاني وغطاه بذكورته الثائرة ..
جمهور كبير عارم هادر منصهر, تحس ُ لأول مرة أن الأمة العربية قد توحّدت بعد فرقة قرون لقد وحدها مطربي الخنثي .. وحدها على الغيبوبة والتعري وصهرها في بوتقة اللذة المحقونة سرا في الرؤوس .. انها معجزة هذا المطرب ! ما عجز عنه الابطال والمفكرون والساسة العرب .. حققه مطربي الحبيب في هذا العصر العجيب .
............................................................
: الطب العدلي يقول أنها ماتت تحت تأثير المخدرات
: نعم ولكن دفعنا كثيرا في سبيل هذا التقرير!
#محيي_المسعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟