أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - هذا هو رأيِ في رسالتك حول نظرية المؤامرة وبن لادن















المزيد.....

هذا هو رأيِ في رسالتك حول نظرية المؤامرة وبن لادن


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3357 - 2011 / 5 / 6 - 19:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عام 1970 كنت كتبت مقالة نشرت وقتها بعنوان "ملاحظات حول النظام الناصري" وقفت فيها ضد نظرية المؤامرة, حيث أن التبشير بها كان جرى في كتاب بعنوان (لعبة الأمم), وكان مؤلفه عمل لفترة طويلة مسؤولا في جهاز المخابرات الأمريكية.
ومنذ ذلك اليوم وحتى هذه اللحظة فإن موقفي من هذه النظرية هو نفسه, ليس حبا بالثبات على الموقف, ولكن لإيماني بأن هذه النظرية هي ذاتها نظرية تآمرية من واقع أنها تؤدي, بقصد أو بدونه, إلى إحالة عقولنا على التقاعد بعيدا عن الرؤى الصائبة والتحليلات العلمية الدقيقة المتأسسة على البحث والتقصي قبل إصدار الحكم النهائي. فإن كان كل شيء يحدث لنا هو بسبب مؤامرة أمريكية صهيونية معدة بدقة وإتقان فلم التعب والاجتهاد وعلام البحث والتقصي, وهل سنفاجأ بعدها إذا ما تحول العقل العربي إلى مجرد زائدة دودية.
وقد رأيت أنني في مقالتي الأخيرة " بن لادن .. حيث نظرية المؤامرة هي المؤامرة" كنت متوازنا بشأن تطبيق هذا الاجتهاد, إذ بدأت بنفي ذلك عن صدام ذاته رغم كرهي له, مفضلا طريق التحليل العقلي الذي يبتعد عن التسطيح والتعويم والتبسيط على حساب العقل والمنطق.
نعم أوافقك القول أن جراحنا كبيرة, وأوافق على إنني لا أملك حلا لها, لكنني أستدعي انتباهك بأنني لم أكن جزء من المشكلة التي كان روادها كل أولئك الذين ارتضوا السير خلف صدام رغم دكتاتوريته وقبليته وتشويهه للقيم وفرشه ساحة الوطن أمام الجيش المحتل بعد أن تبين كليا أن الخيار كان أما أن يتنازل عن الحكم أو أن تحل الكارثة.
دعنا الآن نقف أمام ما ذكرته, وقبلها أعود لتذكيرك مرة أخرى إلى إنني لم أشأ الدفاع عن أمريكا في مقالتي السابقة حول نظرية المؤامرة, وإنما كنت أريد الدفاع عن البقية المتبقية من عقولنا لعلها تعيننا على الخروج من المأزق, وأنت تعلم إن بعض نواقصنا إننا لا نعرف كيف نحب وكيف نكره.
بدء, لو صار عاينا أن نؤمن أن كل شيء مخطط له من قبل المخابرات المركزية الأمريكية لكان علينا أن نعيد ترتيب الحقائق وتعريفها من جديد, وسيكون أول ضحايا هذه النظرية ليس صداما لوحده وإنما انقلاب السابع عشر من تموز الذي بدأ بفتح أبواب القصر على يد رجال جرى إتهامهم من قبل صدام نفسه بأنهم كانوا عملاء لأمريكا وفي المقدمة منهم إبراهيم الداوود وعبدالرزاق النايف, فما المانع إذن أن يكون صام والبكر منهم أيضا, وأنا وأنت أيضا, وهكذا سترى أن معادلة كهذه سوف لن تتوقف إلى أن ينتهي التاريخ العراقي والعربي برمته صنيعة لأمريكا والصهيونية, وربما سيستمر الأمر بأثر رجعي وصولا إلى يوم السقيفة.
لا أنكر أن لهؤلاء, أي إسرائيل وأمريكا, مؤامراتهم حتما, ولكن حذاري أن نغفل أننا أيضا نتآمر على أنفسنا حينما نعتقد أن كل المآسي التي أحاطت بنا كانت من صنعهم وليس من صنعنا نحن, بحيث تصبح صفحاتنا بيضاء ناصعة ودون أخطاء ونواقص, أما نكساتنا فلم تكن لعيب فينا وإنما لحقد وخبث وتآمر من قبل في أعدائنا.
إن نظرية المؤامرة هي نظرية اخترعها الغربيون واستوردها حكامنا الثوريون, وربما كنا نحن أول من اخترعها قديما حينما ألقينا على عبدلله بن سبأ تهمة تخريب المسلمين والإسلام وخرجنا نحن منها سالمين بكل وسامتنا وأناقتنا التاريخية.
إن الدوائر المعادية نفسها تريد منا أن نصدق أن كل شيء يجري بأمرها ووفق تخطيطها حتى نتخلى بالتالي عن كل أمل في السيادة والقرار الحر المستقل, أما حكامنا الدكتاتوريين فهم قد استوردوا النظرية أو أعادوا تلميع نسختها "السبئية" ليقنعونا بشرعية استمرار القمع والتسلط لحماية الثورة من أعدائها الدائمين, وهكذا ترى أن حكامنا السيئين أعادوا خلط الأوراق بشكل بارع, فالثورة مستمرة لأن المؤامرة مستمرة, أي أن الشيء صار لزوم الشيء, حتى كدنا ننسى من الذي يسبق من .. الدجاجة أم البيضة.
وأسألك: كيف استطاعت إسرائيل أن تنتصر علينا في أكثر من ثلاثة حروب فاصلة دون أن تخضع ولو ليوم واحد لحالة الطوارئ, وقد ظلت مطاراتها مفتوحة على مصراعيها, في حين إننا كنا عانينا من ثلاثة هزائم كبرى على يدها ونحن في ظل حالة الطوارئ والأحكام العرفية وقوانين الاستثناء وما أنجبته أو ما أنجبها من نظريات ثورية وقيادات عبقرية نافست لله على الأرض أو حتى أنها استبدلته.
هذه هي بعض أسباب جراحاتنا الصعبة جدا, والتي هي, إن استعصت على الحل, فبسبب عِظَمِها وجريمة صانعيها, وليس بسبب "عجز مشرطي الجراحي أو مقالاتي المتواضعة" كما جاء في رسالتك.
والآن لنقف أمام التفصيلة التي تتساءل فيها كيف أن أمريكا كانت عجزت عن إلقاء القبض على بن لادن طيلة العشرة سنوات الأخيرة في حين أنها احتلت العراق خلال أيام قليلة, وسأحرم نفسي هنا من حقوق التعجب والاندهاش لكي أجيب مباشرة:
أما عن الدول التي احتلتها أمريكا في بضعة أيام فهذا لا يعني أن أمريكا كانت هي القوية وإنما من احتلته كان هو الضعيف. لقد حاربت أمريكا أكثر من ثمان سنوات في فيتنام, إلا أنها اضطرت للانسحاب أمام بطولة الفيتناميين وقائدهم البطل هوشي مَنَة. وهي لم تستطع القضاء على بن لادن طيلة العشرة سنوات السابقة لأنه, رغم كونه مجرما إرهابيا, فقد كان مقاتلا صلبا يشيد بعناده وصلابته أعداءه قبل أصدقائه. فأين تضع رواد الحفر من أمثال صدام بالمقارنة مع هؤلاء وغيرهم.. السبب واضح وجلي يا صديقي فكيف فاتك ذلك, وهو بالإضافة إلى جبن القادة وتخاذلهم أمام الجيش الأمريكي فقد كان أيضا نتيجة لنظام حكم كان قد مسخ الحزب والدولة والمؤسسة العسكرية, وعطل كل مقومات الصمود لدى الشعب العراقي. إن احتلال العراق خلال أيام هو نتيجة مباشرة لنظرية الإنجاب التاريخي ولسياسة "قردنة الإنسان".
ولو كان غيرك الذي قال أن أوباما جاء بترتيب متفق عليه لما عاتبته مطلقا, ولكن أن تكون أنت من يفكر بهذه الطريقة فهو شيء مؤلم لأنك في هذه الحالة جعلت مجيء أوباما إلى الحكم جزء من نظرية المؤامرة أيضا. فمن كان الذي تآمر في هذه الحالة, أمريكا على أمريكا, الديمقراطيون على الجمهوريين, المخابرات على الكونغرس, من.؟ من؟!! أفهمني بحق رب الكون لأنني بتحليلات كهذه بت أفقد عقلي, وأنت لا تريد بكل تأكيد أن يحصل لي ذلك.
ولهذا ومن أجل أن نحتفظ بعقلينا معا سأذكرك بأن حصول بوش في دورته الانتخابية الثانية على أعلى الأصوات كان قد تم في عام 2004, وكان بوش ما زال يعيش زهو إحتلاله للعراق, حيث أن الأوضاع لم تكن قد تفجرت بعد, ثم أن الاقتصاد الأمريكي لم يكن قد انهار, وهذان العاملان وخاصة الاقتصادي بالإضافة إلى براعة أوباما, التي لا يمكن بطبيعة الحال أن تقارن ببراعة عزت الدوري, هما اللذان عجلا بانهيار شعبية الجمهوريين الذين لم يستطيعوا تقديم برنامج معقول وشخص مقبول فجاء انتخاب أوباما بمساعدة هذين العاملين, وأيضا لأن الحالة العنصرية كانت تحجمت, وحالة العلمنة قد توسعت, بحيث تناغم المقام مع المقال.
ولهذا أتمنى عليك أن لا تلجأ إلى التفسيرات السريعة والقصيرة والمسطحة للتعامل مع أحداث عظيمة على هذا المستوى, فذلك لن يفيدنا على الإطلاق, وسيبقينا دائما في الخانة التي تفسر الهزائم وفق نظرية المؤامرة لأنها أفضل وسيلة للاستغناء عن العقل والهروب من المسؤولية.
وأرجو أن لا يكون اختلافي مع رأيك هنا قد أفسد بيننا للود قضية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بن لادن.. حيث نظرية المؤامرة هي المؤامرة
- قل ولا تقل.. أبناء لادن وليس بن لادن
- سوريا الثورة.. والثورة على الثورة
- حينما تكون الخيانة اختلافا في وجهات النظر
- يا سعدي.. الوطن وطن وليس فندقا بخمسة نجوم
- بين معنى الوطن ومعنى النظام أضاع سعدي يوسف نفسه
- إشكالية التداخل بين الفقه الديني وفقه الدولة الوطنية.. العلم ...
- المسلمون. بين فقه الدين وفقه الدولة (3)
- المسلمون.. بين فقه الدين وفقه الدولة (2)*
- لو أن ميكافيلي بعث حيا يا موسى فرج
- مرة أخرى.. حول موقف المالكي من سوريا
- موقف المالكي من مظاهرات السوريين
- الإسلام .. بين فقه العقيدة وفقه الدولة**
- بين فقه العقيدة وفقه الدولة*
- عزت الدوري الرئيس السابق لمؤسسة شيطنة صدام
- حول الرسالة الكوميديةالأخيرة لعزت الدوري إلى القذافي
- كيف تتسبب السلطة البحرينية بالإضرار بعروبة البحرين
- هل سينجح العراقيون في امتحان البحرين
- كركوك هي كركوك وليست قدس الأقداس
- حظر الطيران والخوف من أمريكا


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - هذا هو رأيِ في رسالتك حول نظرية المؤامرة وبن لادن