أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وهيب أيوب - الشعبُ السوري وامتحانُ التاريخ














المزيد.....

الشعبُ السوري وامتحانُ التاريخ


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 3356 - 2011 / 5 / 5 - 18:53
المحور: حقوق الانسان
    


ما كان للذئب أن يصبح ملِكاً، لو لم نكن أغناماً
"شكسبير"
ماذا يعني اعتقال آلاف السوريين وقتل مئات تلو مئات....؟ الحقيقة، لا شيء، فالسوريّون الـ 23 مليوناً يعيشون في سجنٍ كبير منذ عدة عقود من حكم البعث الاستبدادي الفاسد، بعد أن حوّل حافظ الأسد، منذ انقلابه عام 70، سوريا إلى مجرّد مزرعة لعائلته وأتباعه، وقضى على كل حياة سياسيّة ممكنة، عقب إنشائه أكثر من ستة عشر جهاز أمن يحكم من خلالها البلد، مُقصياً جميع مؤسّسات الدولة، التشريعية، التنفيذيّة، القضائية والإعلامية، وتحويلها لمجرّد واجهة وغطاء للنظام الاستبدادي الذي يرأسه.
وريثه بشار الأسد، أتى بطريقة غير شرعيّة كوالده؛ ليُتابع حكم سوريا بذات الأدوات ونفس الترِكة التي خلّفها له الوالد، فورِث جميع صلاحياته أمام تصفيق "مجلس الشعب" المُرتزِق وأركان نظام أبيه الذين ارتضوا الذلّ والمهانة للسوريين عن بكرة أبيهم.
ما كان لهذا الشاب الوريث الغرّ أن يجري إصلاحاتٍ جذريّة على نظام الحكم، دون إذن من أتوا به على رأس السلطة، الذين نصّبوه أميناً عاماً لحزب البعث، وهو لم يكتب كلمة واحدة في هذا المجال، ولا يعرِف أصلاً! ثم ترقيته لرتبة فريق وقائد أعلى للجيش والقوات المسلّحة، وهو لم يخض حتى مباراة في الملاكمة؛ فما بالك بمعارك حربيّة! وطبعاً رئيساً للجمهورية وقائداً مُلهماً فذّاً، لا حياة للسوريين من دونه.
قطعا، ما كان لهذا أن يحدث، لولا وجود جيش من المنتفعين والمُصفّقين الذين رفدوا هذا النظام بتأييدهم ومساندتهم له؛ وهم من جميع الألوان الطائفية والقومية في سوريا وليسوا من طائفة واحِدة، كما يحلو للبعض وصفه، مُعلّلين ضعفهم وتخاذلهم ومساهمتهم بانتهاك حقوق الشعب والدوس على كرامته، بأن يرموا بالحمل عن كاهلهم ليلقوه على فئة واحدة، وهذا محض افتراءٍ وتمويه للحقائق، وها هي الأحداث تثبت حقيقة ما نقول.
فحلب ثاني كبرى المدن السوريّة، ما زالت تراقب الأحداث عن بُعد ولم يخرج منها سوى المئات؛ وكأن الأحداث تجري في الواق الواق وليس في سوريا وعلى دماء الشعب السوري، الذي يُقتل علناً في الشوارع والبيوت وتُنتهك أبسط حقوقه لمجرّد التظاهر السلمي للمطالبة بالحريّة والعيش الكريم، كما باقي الشعوب. فهل ما زالت الأموال والمصالح تُقايض بالحريّة والكرامة، ويفوق سعرها الدماء..؟
ودمشق العاصمة، وسكانها الذي يفوق الخمسة ملايين، ما زال معظمهم يشرب النرجيلة ويلعبون الطاولة والشدّة ويرتادون سوق الحميدية، ويشترون الخضار الجاهزة من سوق التنابِل...!
وجبل العرب، البلد الذي خرج منها قائد الثورة السوريّة سلطان الأطرش، ما زال أهله يرقبون بالمناظير من جبالهم، كيف يقتّل ويُحاصر جيرانهم أهل درعا وقراها المجاورِة، بل أنّهم يقمعون من يحاول رفع صوته في منطقتهم، منتظرين تجاه الريح واللحظة المناسبة للقفز من السفينة التي قد تغرق، ولكن دون دفع الثمن حتى الآن.
هل من الممكن إسقاط هذا النظام الشرِس دون أن يتحرّك هؤلاء وبالملايين ليساندوا إخوانهم في باقي المحافظات السورية المنتفضة من أجل الحرية والديمقراطية، ودولة المساواة والقانون، الدولة المدنية التي تضمن حقوق كافة الشعب السوري على قدم المساواة..؟
إن الذين ينتظرون الإصلاح من هذا النظام، أو أن يقدّم لهم حريّتهم وكرامتهم دون أن يدفعوا الثمن مقابل ذلك، ليسوا إلا حالمين، أو في أحسن الحالات واهمين؛ فهذا النظام غير قابلٍ للإصلاح، لأنّه منخورٌ بالفساد من رأسه حتى قدميه، ومُشبعٌ بالعنجهيّة والغطرسة والعنف، مما لا يسمح له بالتنازل أو الرضوخ لإرادة الشعب. هذا الشعب الذي ينظر إليه النظام على أنّه مجرّد أغنامٍ في حظيرته ليس أكثر. والنظام أصلاً مذهول من هذه "الأغنام" كيف لها بأن ترفع الصوت وتتحدّث بالحريّة.
إن دعاوى إصلاح النظام وليس إسقاطه، بعد سلوكه الوحشيّ والهمجيّ والإجرامي، وتماديه غير المقبول في قتل شعبه وإذلاله على هذا النحو المُشين، ليس إلا تعبيرا عن واقع الخذلان الذي يلقاه المنتفضون من باقي أبناء الشعب السوري الصامتين المتفرّجين، لأن أي احتمال لاستمرار هذا النظام، سيعني سقوط السوريين في امتحانهم التاريخي الفاصل، وأن فوز النظام في معركته الدموية ونجاحه في إخماد الاحتجاجات قبل أن تتحوّل لثورة حقيقيّة تؤدّي لقيام سوريا جديدة، فإنّه يعني ببساطة، انتظار السوريين لـ حافظ بشار الأسد الثاني ليحكمهم وهو في سن العشرين وليس الـ 34، فليس هناك أسهل تعديل الدستور!
ففي النموذجين التونسي والمصري أبلغ الدروس والعِبَر لباقي الشعوب المنتفضة. فذينك النظامين سقطا، وها هم يُحاكمون هم وأركان أنظمتهم التي تهاوت، وما زال لهم أتباع يحاولون الالتفاف على الثورة من خلال ثورة مُضادة يستعيدون بها جاهدين ما فقدوه. فكيف لنظامٍ كالنظام السوري أن يتمّ إصلاحه بذات الأشخاص الفاسدين المستبدّين؟ هذا ضربٌ من المُحال، ولا يمكن حدوثه!
ما زال النظام السوري يحاول دفع السوريين إلى نموذج القذّافي، فهذا يسهّل عليه استخدام العنف المسلّح على نطاقٍ أوسع وأكثر دمويّة، ولا حلّ لمواجهته إلاّ باستفاقة الشعب السوري بأكمله وخروجه للشوارع بمظاهراتٍ مليونيّة وسلميّة، تُجبره على إلقاء السلاح وتسليم السلطة دون المزيد من الضحايا والمعتقلين والمشردين.
هذا هو امتحان التاريخ الأخير للسوريين، في هذه المرحلة على الأقل؛ فإما أن يرتضوا بالعيش كالعبيد، كما شاهدنا في البيضا ودرعا وباقي أنحاء سوريا، وإما أن ينتزعوا حريّتهم، ولا يسمحوا أو يقبلوا بعد اليوم، للذئب أن يكون ملِكاً.

وهيب أيوب/ الجولان السوري المحتل



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أأُسودٌ على حوران وأرانب في الجولان..؟!
- ( الأعداء ...! )
- الشعب يريد إسقاط المطر...!
- النظام في سوريا - ممنوع من الصرف وغير قابل للإصلاح
- فنّانون ومثقفون سوريّون -عضاريط-
- طافَ الاستبداد فأبدع طائفيّة...!
- بيان لسوريين من الجولان المحتل / -أنتم الصوت ونحن صداه-
- سُمُّ الإسلاميين في دَسَمِ الثورات ومخاطِر أُخرى
- متى ال - طوفان في بلادِ البعث -...؟
- كرةُ النار البوعزيزيّة تتدحرج
- لبنان ليسَ وطناً
- احتراقُ البو عزيزي يُنبِتُ الياسمين
- لماذا فصلُ الديِن عن الدولة...؟
- إسلامٌ أحمرُ الظَلفِ والناب
- الديمقراطية المشنوقة
- الشمّاعةُ التي لا تهتَرئ
- - قشورٌ ولُباب -
- أخلاق ما بعدَ الفُراق
- قضاء سوري عابر للحدود والبحار..!
- الحارة وشبّاك -أم محمود-


المزيد.....




- عدد من الشهداء والجرحى بين النازحين بقصف طيران العدو الإسرائ ...
- 3 شهداء في قصف استهدف مجموعة من المواطنين في محيط خيام الناز ...
- بين شبح المجاعة وصرخات الاستغاثة.. تحذيرات من كارثة وشيكة في ...
- ليبيا.. تحرير عشرات المهاجرين من معسكر للمهربين في طبرق
- طائرة إماراتية محملة بمساعدات للاجئين اللبنانيين والعائدين ا ...
- تضامن شبابي مع فلسطين ولبنان في لندن
- رايتس ووتش: الدعم العسكري لإسرائيل يعتبر انتهاكا للقانون الد ...
- الأمم المتحدة تحذر جنوب السودان من -شلل سياسي-
- لافروف ووزير خارجية إثيوبيا يبحثان تعزيز التنسيق بينهما في ا ...
- هيومن رايتس ووتش تدعو الغرب لوقف بيع الأسلحة لإسرائيل


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وهيب أيوب - الشعبُ السوري وامتحانُ التاريخ