|
تأثر الإعلام التركماني بالإعلام العراقي وتأثيره عليه (*)
محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد
الحوار المتمدن-العدد: 3355 - 2011 / 5 / 4 - 00:39
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
عندما نتحدث عن تاثر الإعلام التركماني بالإعلام العراقي وتأثيره عليه فإننا بلا شك نتحدث عن جدليه الشكل والمضمون بين وسيلتين يفترض أن تكونا متكافأتين ، وفي حال توفر عنصري التكافؤ والندية فإن أحمدهما سيطغي على الآخر وربما يضعفه ، وهكذا أرى واقع الإعلام التركماني في هذه المرحلة بقناعتي المتواضعة .
فالإعلام العراقي مع عيوبه أسوة بأغلب الإعلام المتداول إقليميا وعالمياً ، إلاّ أنه في التصنيف المهني إعلام ٌ متدفق غزير يتسم بالحرفية ، ويمتلك مقوم اللغة السائدة ووسيلة التعليم الرئيسية في العراق ، وهو إعلام واسع المساحة في التأثير وتشكيل القناعات ، وبالمقابل فإن القدرات والإمكانات المتاحة أمام الإعلام التركماني الذي هو في أصله جزء من الإعلام العراقي ، قد تحول دون تحقيق التأثير الكبير عليه بل ويعجز أحياناً من اللحاق بركبه ، رغم أن الإعلام التركماني أصيل وذو عمق تأريخي وله الحضور والفعل المؤثر على الساحة الوطنية منذ قرن من الزمان ، خاصة أن زمن صدورجريدة حوادث يعود الى بدايات القرن الماضي .
تأسيساً على ما سبق فإنه بالإمكان تثبيت حقيقة كون تأثير الإعلام العراقي الراهن أكبر ، لكن حدود هذا التأثير تقف أيضاً عند مديات معينة ، ففي الإعلام العراقي نماذج قوية لإعلام المنفعة والدعاية السياسية ، وفي وسائله ومنها تلك التي تعبر عن أيدولوجيات التيارات والحركات والأحزاب ، يبرز صراع مخفي أو مكشوف حول قيم سياسية أو طائفية أو دينية مختلفة ، كما وفي الإعلام العراقي إتجاه نحو النقد المحسوب نحو التغيير في الأوضاع والمواقف ، فيما لم يتأثر الإعلام التركماني في أغلبه بالصراعات الطائفية والدينية ، كما وبقي بمنأى عن أسلوب الدعاية المباشرة ، وإتسم بمجمله بالنزعة العراقية والتمسك بالهوية الوطنية في كل الأوقات وتحت كل الظروف .
وفي مجال تأثير عدد من المؤسسات الإعلامية التركمانية على الرأي العام العراقي فإنه يجب الإشارة الى الحضور الإعلامي لفضائية توركمن إيلي وجريدة القلعة الأسبوعية ، لكن هاتان المؤسستان وغيرهما تشكلان إستثناء ً لقاعدة ، وبالتالي فإن هذه الفعاليات لمحدوديتها مقارنة بالمؤسسات والصحف والنشريات الدورية الحالية ، قد لا تصلح إعتمادها مقياساً موضوعياً على الأقل على صعيد الكم ، فيما تكتسب حاجة الإعلام التركماني الى التغيير و المزيد من التطور والحيوية للتأثيرالطموح على الساحة الإعلامية الوطنية والأقليمية والعالمية.
وفي رأيي المتواضع أجد أن الإعلام التركماني يجابه تحديات وصعوبات جدية عليه أن يعمل على التصدي لها ، وأنا أقتصر هنا على الجانب المهني والحرفية في المسألة ، ومن هذه الصعوبات : 1. عدم وجود ملاك صحفي أو إعلامي محترف او متفرغ يمارس المهنة من منطلق كونها مصدر العيش الرئيسي للصحفي او الإعلامي ، فالملاك الحالي (في أغلبه) هاوي أو يمارس العمل بإعتباره مهنة ثانوية الى جانب عمله الرئيس في دوائر الدولة المختلفة ، كما أن القناعة شائعة في إمكانية إناطة العملية بالشاعر او الكاتب او الأديب يغض النطر عن غمكاناته الفعلية وإلمامه بفنون العمل الصحفي او الإعلامي . 2. ضعف التقنيات الحديثة المستخدمة في اصدار المطبوع التركماني . 3. الإفتقار الى وسائل إنتشار النشريات والمطبوعات الدورية . 4. إقتصار الخطاب الإعلامي على البيت التركماني ، ووجود معوقات مهمة في إيصال هذا الخطاب الى غير التركمان مما يجعل اللغة الإعلامية تتسم بالمحلية والذاتية . 5. ضعف او غياب التمويل المالي المستقر والدائم والإعتماد المطلق على المنح والمساعدات والتمويل القومي ، فيما يجب على الإعلام الحديث الإرتقاء الى مستوى الذائقة العامة وخلق ظروف الإنتشار وزرع الرغبة في الحصول على المادة الإعلامية من خلال الإبداع والسبق الصحفي وجذب المعلنين وبالتالي خلق مصادر للتمويل الذاتي .
على ضوء ما اوردناه فالحاجة ماسة الى إعتماد جملة من المقترحات ومنها : 1. ضرورة إقرار أو إعداد مشروع آني وعاجل الى تدريب الملاكات الإعلامية وخاصة لإستيعاب الطاقات الإعلامية والشبابية الواعدة منها على الأخص . 2. السعي لتأسيس معهد للتدريب الصحفي والإعلامي وإعداد الملاكات المتخصصة . 3. المطالبة بقتح كلية للإعلام في كركوك . 4. إنشاء مكتب أو مؤسسة تتولى توزيع ونشر المطبوعات الدورية أسوة بالمطبوعات العراقية الأخرى . 5. إصدار جريدة يومية وفضائية تبث بالغة العربية والعناية بالنشر باللغات الكردية والكلدو أشورية أو تخصيص جزء من الوسائل المتاحة للتعريف بآمال وتطلعات الشعب التركماني على بقية الأخوة الشركاء في الوطن الواحد وبلغاتهم القومية .
إن تحقيق التوازن في قدرات الإعلام التركماني جنباً الى جنب الإعلامين العربي والكردي هو السبيل الوحيد للحديث عن التأثير الذي يمكن أن يمارسه هذا الإعلام على محيطه الوطني وستكون المقارنة والتأثير المتبادل آنذاك اكثر مدعاة للتحقق والتثبيت . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) محاضرة ألقيت في الجلسة الأولى للمؤتمر الرابع لهيئة الإعلام والصحافة التركمانية العراقية 15/ نيسان / 2011 أنقرا .
#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القصد والتلقائية في فن محمود العبيدي
-
عدنان القطب .. السكون المؤجل !!
-
تراجع الحدس !!
-
تحولات آمنة محمود الصادمة
-
الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبالون الإختبار الكبير !
-
السطوة الثاقبة !!
-
قحطان الهرمزي ومحنة المدينة العصية ! *
-
رائحة الأهل !
-
طائر الوسن
-
كيف أجدك ؟؟
-
نحو إستراتيجية للأمن الإجتماعي في العراق
-
دعيني أفترض !
-
الجذور تستطيل باسقات !! (*)
-
عصف السنين
-
متى تتوقف الحرب على غزة ؟
-
غبش إستيقظ تواً !
-
أين ندفن جثمان الشهيد كامل عصام الداغستاني ؟
-
محنة الشيشان في ديالى .. الى متى ؟
-
بيادر الريح
-
سجال آخر المشوار - قراءة موجزة في قصص جليل القيسي القصيرة جد
...
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|