أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - ييلماز جاويد - صفحة من الذاكرة














المزيد.....

صفحة من الذاكرة


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 3353 - 2011 / 5 / 2 - 06:41
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


كنا سبعة عشر ، موقوفون في مقر للحرس القومي في منطقة طاطران ( شارع الشيخ عمر ) . الغرفة متران بمترين ونصف ، وصفيحة قضاء الحاجة الصغيرة إرتكنت في الزاوية خلف الباب . ما كانت مساحة الغرفة تكفي أن ينام الجميع ليلاً حتى على طريقة الرأس كعب أو طريقة علبة الساردين . كان علينا أن نتناوب للنوم ، وكنت شخصياً قد إخترت النوم في النهار ، حيث كنت أنزوي في الزاوية المجاورة للشباك الوحيد في الغرفة وأتستر بالظلام لكي لا يراني أحد من ( الحرّاس القوميون ) وهم رائحون وغادون من جنب الشباك ، وأنام في النهار لنفس الغرض ، كان إختياري هذا قد خلّصني في كثير من المرات من الأذى . كان الحراس إذا رأوا أحداً منا ينتهزون ذلك فرصة للتسلية فيأخذون من يشاؤون ويلتفون حوله بالضرب بالأيدي والركلات والصوندات وأحياناً يتسلون بتمثيل عملية قتله ، إذ يضعون فوهة الرشاشة على صدره ويطلبون منه قراءة ( الشهادة ) ، وهم يتضاحكون .

كان الجميع أكراداً ، خمسة عشر منهم فيليون ، إذ كان الموقف قريباً من منطقة باب الشيخ وعقد الأكراد . قد يكون معظمهم قد أعتقل لأسباب سياسية ، فقد كانوا شيوعيين يختلفون في مستوياتهم التنظيمية في الحزب ، منهم من كان في موقع قيادي ومنهم من كان بمستوى مؤيد ، إلاّ إثنان فسيرة حياتهما كانت بعيدة عن الإنتماء السياسي ، كانا نشالَين . نعم كانا نشالين بسوابق عديدة بأحكام من محاكم عوقبا عليها وتم تنفيذها بحقهما . ولكن كريم خاور ومجيد بيرة ، الكرديان الفيليان ، ورغم كل ماضيهما ، لم يكونا خاليين من الشعور الوطني وشرف الإنتماء سواء إلى قومهما أو وطنهما أو الوفاء للمخلصين العاملين من أجل هذا الوطن . ست وأربعون يوماً كاملة لم نر فيها ضوء الشمس في تلك الغرفة ، ولكن الألفة والمودة بيننا كانت العوامل التي أمدتنا بالقوة والجلَد والصبر رغم ظروف الجحيم التي كنا نعيشها على أيدي ( الحراس ) .

الحياة مدرسة ، ودروسها عميقة لمن يتلقاها ، فما الذي تعلمته من كريم ومجيد :

• كان كريم ومجيد يحملان رشاشتين يوم الثامن من شباط 1963 قاوما بهما قوات المتآمرين لثلاثة أيام ، ومنعا دخولها إلى عقد الأكراد لحين إنسحاب المنظمة الحزبية من المنطقة .
• يقسمان أغلظ الإيمان أنهما كانا يدخلان في التظاهرات الجماهيرية التي كان ينظمها الحزب ، ويقومان بطرد النشالين الآخرين من التظاهرات حتى تسير بدون حوادث نشل .
• يقسمان أغلظ الإيمان أنهما لم ينشلا كردياً طوال حياتهما .
• يقول كريم : عندمّا أكون جالساً في المقهى ويدخل أحد القادة الحزبيين ، أقوم تاركاً المقهى حتى لا يراني أحد وأنا أسلّم عليه ، إذ ذلك يضرّ بمكانته .
• رغم جميع أنواع التعذيب التي تعرضا لها ، سواء في قصر النهاية أو في مقرات الحرس القومي فإنهما لم يعترفا بحملهما السلاح ( الرشاشة ) ولا بإسم من أعطاهم إياها .

درس تعلمته من كريم ومجيد ، أن الإنسان قد يسقط في بعض القيم الإجتماعية لظروف معينة ، ولكن لا تسقط لديه كل القيم مرة واحدة .



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأكرادُ الفيليون ... إلى أينَ ؟
- بناءُ الوحدة الوطنية
- كُلّهم صدّامٌ .. وصدّامُ منهم
- الحزبُ باقٍ
- الثورةُ لا تُستَورَد
- أنبذوا الإنعزاليّة وأدعوا للديمقراطية
- رسالة ثانية إلى آية الله العظمى محمد اليعقوبي
- التحليلُ الجدَليّ
- حَذارِ من مفرّقي الصفوف
- طبقةُ الفلاحين أساسُ بناء الديمقراطية
- تذكير
- شجاب الغُراب لأمه ؟
- اللعنةُ ... المحاصصةُ
- تواطؤٌ ... توافقٌ لكنهُ هزيلٌ !!
- تمييزٌ عُنصُريٌّ .. أم ماذا ؟
- وعندَ ويكيليكس الخبرُ اليقينُ
- البُعبُع . . . البعث !!
- الإستعمار .. شكلاً وجوهراً
- الخُلودُ للطيبين
- عِبَرٌ لَمِن إعتَبَرَ


المزيد.....




- الجنائية الدولية تطلب توضيحا من المجر حول عدم اعتقال نتنياهو ...
- حماس: تحرير الأسرى من سجون العدو على رأس أولويات صفقة طوفان ...
- -الأونروا-: نقص الأدوية الحاد في غزة تهديد خطر لحياة المرضى ...
- الجنائية الدولية تتخذ إجراءات: عدم امتثال هنغاريا لطلب اعتقا ...
- حماس تدعو لاعتبار الخميس يوما عالميا للتضامن مع الأسرى بسجون ...
- إسرائيل تبدأ عزل أطباء عسكريين وقّعوا عريضة لإعادة الأسرى
- مفوضة حقوق الطفل الروسية تتحدث عن عائلات روسية تخضع لإعادة ا ...
- RT تلتقي معتقلين سابقين لدى الدعم السريع
- فتح: ما يتعرض له الأسرى بسجون الاحتلال لا يقل بشاعة عن جرائم ...
- من قلب طهران.. العالم الإسلامي يناقش الحرية وحقوق الإنسان


المزيد.....

- ١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران / جعفر الشمري
- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - ييلماز جاويد - صفحة من الذاكرة