جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3351 - 2011 / 4 / 30 - 15:13
المحور:
كتابات ساخرة
ما زال الخبراء السياسيين والاقتصاديين العرب ينتظرون الحجر أن يتكلم ويخبر عن اليهودي الذي يختبأ خلفه,وهم لليوم يبنون الآمال على الحجر الذي سينطق في نهاية الزمان وما زالوا يتوقعون ظهور الدجال ونزول المسيح ليقضي على الدجال وعلى اليهود في معركة تدور رحاها في بيت المقدس كما تدور معركة في حلبة مصارعة بولاية تكساس الأمريكية,ودائما ما أسمع المحاضرين في التلفزيون وحتى في الجامعات كلامهم حيث يكون بنفس مستوى كلام الفتاحات اللواتي يفتحن فناجين القهوة وأستغرب من أساتذة أكاديميين ومعاهد علمية تُدرس الجهل والتخلف عامدا متعمدا لمواطنيها ,وهل تصدقوا بأن توقعات جدتي رحمها ألله عن مستقبل العراق في حربه الأولى مع دول التحالف كانت تتوافق بكثير مع كل توقعات الخبراء العرب والأردنيين الذين كان يستقبلهم التلفزيون الأردني والمحطات الأخرى؟وكنت حين أسمعها أقول متسائلاً: شو هذا جدتي والتلفزيون على نفس الخط...تلفزيون و ختياره امخرفنه وفيها هبل هي والأساتذة !! شو حجر منشور وحجر ينطق ويتكلم؟ ما هذه العلاقة الجدلية ما بين الحجارة والفكر العربي ؟لماذا لم يتخلصوا من وثنيتهم بعد؟ وأيضا كانت لجدتي وكل عجائز الحارة من رجال ونساء توقعات عن مستقبل الأنظمة العربية تفوق تلك التوقعات والنبوءات ما تقوله كافة أجهزة المخابرات العربية من المحيط إلى الخليج وفعلا أثبتت جدتي أنها خبيرة إستراتيجية لا تقل خبرة عن أساتذة الجامعات وخبراء الحرب والإمدادات العسكرية فجدتي لو كان معها واسطة كان درست علم أصول الدين والشريعة الإسلامية في جامعة اليرموك أو الجامعة الأردنية أو جامعة بن سعود, ولو ألقت بمحاضرة هناك عن الحجر المنشور ونبات(العَرقد-الغَردق) في إسرائيل وعن الحجارة التي تنطق وتتكلم لتخبر العربي المسلم عن مكان اليهودي لاعتبرت جدتي أستاذ مشارك , وما كنا يتوقعنه مصدره علماء دين كبار وفحول وبحور في العلم وكلهم سواسية مع قارئة فنجان القهوة أو الحجر الذي سينادي على المسلم (يا مسلم هذا يهودي خلفي تعال واقتله) ولم أسمع طوال حياتي توقعات خبير اقتصادي أو سياسي إلا وكانت مغايرة لما يحصل أي أن النتائج غير مطابقة للمعادلات وأموت من الضحك على الخبراء ومدراء مراكز البحث والتدريس حين أسمعهم على شاشات التلفزة وهم يتحدثون وكأنهم يفتحون فنجانا من القهوة.
إن كل توقعات الخبراء العرب تشبه تقريبا توقعات الفتاحات اللواتي يقطعن النهار وهن يتسلين بما يشاهدنه من رسومات وما يتخيلنه أنه رسومات على جدار فنجان القهوة مثل أن ترى إحداهن طائراً قادماً من بعيد أو أن تشير بإصبعها لتقول هنالك طائر قادم من قريب وبأرجله رسالة, وكانت غالبية الفتاحات يشاهدن نافذة يصفنها بأنها (طاقة الفرج) يأت منها الفرج بعد زوال الشدة ويتشدقن بكلام مجنون عن طريق طويلة مُعبدة وطريق أخرى غير معبدة وفي نهايتها أو على طرف الطريق ولد يحمل بيده إبريق ماء وأحيانا يتم تحديد لون الإبريق, وأحيانا تكون الطريق ضيقة وأحيانا متسعة , وحين كانت تندهش إحدى الفتاحات كانت تنادي النسوة وتقول لهن : شوفن شوفن!!عروس مصموده عل لوج أو على طاولة مستطيلة الشكل, ولكن استنن شويه لاحظن في خلف العروس أفعى برأسين وأفعى أخرى ملتفة, وكانت المستمعات من شاربات الفناجين ينتقين أسماء أعدائهن من النساء فتقول إحداهن: الأفعى اللي في رأسين هذي كنتي ألله لا يوفقها هي وأمها وأختها.
وحين تقارن الآن عزيزي بين كلام الفتاحات و بين كلام (البصارات) وبين كلام الخبراء السياسيين الأردنيين من اقتصاديين ومن اجتماعيين عرب ستجدُ تشابهاً كبيرا في حجم الأغلاط العلمية بينهما وبين فاتحات فناجين القهوة وقرأت في حياتي أكثر من 100 بحث علمي مُحكم عن مستقبل الخليج العربي ومستقبل العلاقات الدولية وكانت جميع الأبحاث تلك سببا في ارتقاء أساتذة متخصصين في العلوم السياسية إلى درجة الأستاذية أو الأستاذ مشارك, ولا أدري كيف بتلك الأبحاث المغلوطة قد ارتقت في أصحابها وكيف درسها طلاب الجامعة! وكيف تخرج جيل كامل بمصطلحات خاطئة وأساليب تعليم وتدريس هجينة !وطالما أن تاريخنا المكتوب والمستقبل المُخطط له مثل قارئة الفنجان, فلا يختلف تخطيط الحكومة لنا عن تخطيط قارئة الفنجان لأن أغلبه مبني على أسس غير علمية فحتى أعداءنا يختارهم خبراءنا لنا بشكل عشوائي على هواهم وعلى حسب ما تمليه القراءات التاريخية القديمة ونهاية جميع أعدائنا نتوقعها مثل نهاية اليهودي الذي يقف خلف الحجر والحجر ينطق ويصرخ ليخبر عنه وليقول (تعال واقتله), وإذا نظرنا إلى توجهات العرب وتوجهات إسرائيل في علاقاتها الدولية نجد كثيرا من المغالطات بيننا وبينهم فإسرائيل أقاموا علاقات مع الهند وكانت ناجحة جدا ولم تكن تلك العلاقات مبنية على فنجان قهوة رئيس الحكومة تفتحه له زوجته كل مساء كما تفعل نسوان رؤساء الحكومات العرب ونحن أقمنا علاقات أو كنا نقيم علاقات مع أفغانستان على أساس ما تمليه على الرئيس والملك مخططات فنجان القهوة والحجر الذي يقف خلفه اليهودي, وإسرائيل أقامت علاقات مع أمريكا ونحن أقمناها مع أعداء أمريكا وفي أغلب الأحيان كانت النتيجة دائماً خسارة الفريق العربي وحلفائهم ونجاح الفريق الإسرائيلي, وكان دائما اعتمادنا على ألله الذي سيفتح لنا طاقة فرج يفرجها علينا والنتيجة أيضا أننا نعيش في عقلية أوهام وفاتحات فناجين قهوة , ولو نظر أحدنا ودقق النظر فيما تفعله إسرائيل داخل منظومتها الداخلية والخارجية نجد أن كل توجهاتها كانت وما زالت في أغلب الأحيان بعكس توجهات الخبراء العرب من سياسيين ومن اقتصاديين ومن خبراء اجتماعيين حتى أن التلفزيون الإسرائيلي صرح قبل سنةٍ ونصف على القناة الثانية بأن الزعماء العرب قد انتهى حكمهم للأبد وهذه التوقعات نتيجة قراءة إسرائيل للواقع قراءة مستقبلية صحيحة وسليمة بينما العرب كانوا وما زالوا يعتمدون على الحجر الذي سينطق في يوم من الأيام ليخبر عن اليهودي حين يقول الحجر للمسلم (يا مسلم ..يهودي خلفي..تعال واقتله) فكيف سينتصر نظام دوغمائي وفوضوي وترهي كله تُرّهات عن مستقبل العلاقات الدولية, حتى أن خطباء المساجد وأساتذة الجامعات الأردنيين غالبيتهم العظمى ما زالوا ينتظرون الحجر أن ينطق ويتكلم. اكتشفت الاستخبارات العسكرية الأردنية جندي أو ضابط عسكري بتوجهات فكرية فورا يفقد وظيفته حسب قانون مكافحة الثقافة والفكر داخل القوات المسلحة, والنتيجة دائما جيش عربي من جهال وغوغاء وزعران وبلطجية وشبّيحة وجيش إسرائيلي من خبراء اجتماعيين وسياسيين وعسكريين , وأيضا ينظرون للعدو ويختارونه بشكل عشوائي علما أنه من الممكن أن يكون العدو صديقا وليس عدوا هذا على الصعيد العربي, وحين مثلا نختلف في علاقاتنا مع جيراننا ومع غير جيراننا نختار وسطاء للتحدث مع من نختلفُ معهم ونعتبرهم أعدائنا ويتوجه الملك برسالة يدعو فيها رئيس دولة عظمى للعشاء أو للغداء على عادة البدو الأجاويد وفي نهاية الغداء والعشاء يخبر الضيف المُستضيف بأنه أكل هو ولم تأكل المصارف ولا صندوق النقد الدولي على حسب تعبير (الصادق النيهوم) بينما إسرائيل تملك المصارف وبراءات الاختراع وتحاور محاورة مباشرة مع أي نظام تختلف معه أو تصادقه, ونحن دائما بحاجة إلى طرف آخر ليقرب لنا وجهات النظر مع أصدقائنا ومع أعدائنا وكأننا طرشان وعميان بينما وجهات النظر في إسرائيل متباينة على اختلاف مصادر تأويلها ولا تختلفُ قراءة المستقبل عند أساتذة الجامعات الأردنيين والعرب على وجه الخصوص عن قراءة البصارة وقارئات الفناجين, ووجه التشابه بين قارئة الفنجان والقارئ الأكاديمي لمستقبلنا هو في النتيجة المغلوطة, فنتائج قارئة الفنجان كلها أخطاء, ونتائج أساتذة الجامعات وخططهم للتنمية كلها أخطاء, وتوقعات خبراء الاقتصاد في بلادي كلها أخطاء علمية, فجميع حركات التصحيح والإصلاح باءت بالفشل وجميع التوقعات المدروسة جاءت مغايره, فمنذ أكثر من 20 عام وأنا أسمع عن الخطة الخمسية للتنمية الفكرية والتي أصبحت مع الزمن خطة مأوية ومع ذلك بدون جدوى, وكذلك الخطة الخمسية المؤلفة من خمس سنوات للتنمية الاقتصادية أصبحت اليوم أكثر من 100 عام , وحجم المديونية أيام صندوق النقد الدولي كانت أقل مما هي عليه اليوم ,وبفضل الخطة الخمسية لتسديد الديون أصبحت المديونية الخارجية عبارة عن مليار دولار, وحجم الإنتاج من القمح كان قبل 20 عشرين عام أكثر منه بعد وضع الخطط الخمسية لزيادة الإنتاج , وخطة الإصلاح الديمقراطي أدت إلى تدهور حالة وصحة الحرية والديمقراطية وكانت الحرية والديمقراطية في الأردن أيام الأحكام العُرفية وقانون الطوارئ أفضل منها اليوم, وكان اليساريون يملئون المؤسسات والدوائر الحكومية
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟