نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث
(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)
الحوار المتمدن-العدد: 3351 - 2011 / 4 / 30 - 10:05
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ثورة الزنج والصراع الطبقي في الاسلام
نبيل عبد الامير الربيعي
لقد ظهرت في المجتمع التي تسوده علاقات الانتاج القائمة على الملكية الجماعية لادوات ووسائل الانتاج ثلاث مجموعات اساسية تبعاً لعلاقاتهم بادوات ووسائل الانتاج هي:
1- العبيد
2- مالكي العبيد
3- المشاعيون الأحرار
ولكن تدريجياً افلس قسم كبير من المالكين الصغار وتحولوا الى عبيد وقد اغتنى قسم ضئيل منهم وتحولوا الى مالكين للعبيد , وبهذا الانقسام ظهر المجتمع الطبقي وادى الى ظهور الملكية الخاصة.
لقد(كان اكثر العبيد يقومون بالاعمال الشاقة والخطرة ولا يحصل إلا على تغذية ضئيلة . فالغريب المعدم والأسير للحرب أخذ يصبح عبداً ليس فقط عملياً بل وحقوقياً , فقد أخذ التنكيل بهم وبيعهم للغير يثير السخط الهائل عند العبيد ماقبل التأريخ)(1)
لقد استخدم العنف والقسر بكل اساليبة الغير انسانية عبر التأريخ بسبب سيطرة مالكي العبيد بالدول كافة منها في آسيا كدولة سومر وآشور وبابل والمملكة الفرعونية وفي الهند والصين . ثم بعد ظهور الاسلام في الجزيرة العربية وتوسعه استغل العبيد من خلال شن الحروب للاستيلاء على الارض وسكانها واعتبارهم كعبيد واجبار المهزومين في الحروب الى دفع الجزية وخاصة من الديانات الاخرى , وسيطرة شيوخ العشائر وزعماء القبائل العربية ادى الى تعزيز السلطة وتوطيد جهاز الدولة وفي دولة حورابي التي حكمت بلاد مابين النهرين قبل ظهور الاسلام حيث ثبت الملك حمورابي في مسلته قوانين اجتماعية تنظم الحياة العملية بين الانسان واخيه الانسان ومنها نظام الرق والملكية الخاصة واستثمار الانسان للانسان.
ان تارخ المجتمع العبودي بأكملة حائل بالصراع بين الطبقات والصراع الطبقي هو نتيجة للتضاد في الوضع الاقتصادي والتنافس على مصالح الطبقات, ولذلك كان العبيد تمثل الطبقة الثورية سطوعاً لتجلي النضال الطبقي من حياة تعيسة وحرمان وعوز فقد ناضلوا ضد دولة العبودية وممثلي رجال الدين.
ففي تطور القوى المنتجة ووسائل الانتاج يؤدي الى تفسخ العلاقات البدائية , ولكن نشوء الدولة العبودية التي كانت تأخذ كقاعدة شكل الحكم الاستبدادي.
العبيد في ظل دولة الاسلام:
في ظل الدولة الاسلامية وفي اعلى قوتها كانت تجارة العبيد في أوج عزها فكانت الحروب والغزوات للبلدان الأفريقية وخاصة السودان حيث يأسرون الرجال والنساء ليبيعونهم في اسواق النخاسة . وكانت تجارة العبيد تدر أموال طائلة على الدولة الاسلامية فانتشر استخدام العبيد الزنج في الحقول واعمال الارض الصعبة ومنها الارض السبخة ذات الملوحة العالية ويتم سوقهم بالسياط للعمل في الاقطار والامصار . فقد كان امتلاك العبيد سائداً في البصرة وقد عرفت منطقة باسمهم وكان بعض العبيد عملهم عند الاغنياء والاثرياء لجر عربات تنقلهم.
فنتيجة الظلم الذي عانوا منه العبيد استغل صاحب الزنج الذي يدعى ( علي بن محمد بن احمد) والذي يعود نسبه الى الامام علي بن ابي طالب(تاريخ الطبري ج3 ص 1743 ) , للثورة على الدولة العباسية عام255 هـ على ارض سواد العراق وفي البصرة تحديداً, ونتيجة الطابع الجغرافي للمنطقة من غابات ونخيل وتشعب الانهار وكثرتها احد اسباب نجاح الثورة والعصيان على جيش الخليفة للقضاء على الثورة , واستغلال الطابع الديني للصراع بين الربعيين والسعديين السنة وحالة غيبة الامام المهدي الذي من عقائد الشيعة الامامية ونسب صاحب الزنج للعلويين .
فاتخذ صاحب الزنج من ( المختارة) العاصمة لدولتة والذي تسمى حالياً جيكور التي قامت بها ثورة الزنج برآسة علي بن محمد ومساعدية من مساندي الثورة والذي عددهم ستة قياديين. ومن رؤسائهم سليمان بن جامع مولى بني حنظلة وآخرون كانوا ضد الدولة العباسية في عهد الخليفة المعتمد وأخية الموفق بسبب الظلم الذي كان قائماً نحوهم.
لقد كان هدف صاحب الزنج من ثورتة انتصار العبيد على اسيادهم , بل امتدت لجعلهم سادة انفسهم أي انه لم يلغ الطبقية بل اراد ابدال طبقة باخرى.(الزنج دولة المهزوزة-د.صالح احمد العلي).
قاموا الثوار العبيد بانتفاضات ومعارك طحنت جنوب العراق لاكثر من اربعة عشر عاماً وبعضهم يذكر عشرون عاماً حيث دوخت الدولة العباسية بمنطلقات فكرية وسياسية مختلفة فقد امتدت الى الكوفة وطبرستان وجرجان ثم ثارت بلاد الري وقزوين.
فقد كان صاحب الزنج من صفاته ومؤهلاته كشاعراً وعالماً ومنجماً ويمارس تعليم الخط والنحو له التأثير الكبير على قيادي الحركة, فقد قاد ثورة على الوضع الفاسد للامة الاسلامية قبل ان تكون على الحكام الظالمين وازالة التفرقة العرقية والونية التي كانت سائدة آنذاك.
فقد استفاد من وضع البصرة الجغرافي ومن احتلالها وتخريب كل القرى المحيطة بها والسيطره على اطرافها لحمايتها من تدخلات جيش الخليفة والمندسين من جواسييس الخليفة , ولكن استدعاء الخليفة المعتمد العباسي لأخيه الموفق لخطورة ثورة الزنج الطبقية وعدم قدرته بالسيطرة على الثورة ولكفاءة الموفق العسكرية استطاع من دحر ثورة الزنج عام266 هـ, والتي عبرت عن بداية قوة العباسيين وافول نجم الزنج فاستعد الموفق لحملة حاسمة ضد الزنج واستعرض جيشاً قوامه عشرة آلاف مقاتل وكان يرافقة سفن حربية وتحرك ابو العباس بن الموفق نحو جرجاريا بعد ان عبأ جيشه تعبئة دقيقة واستقر قرب واسط واستطاع ان يهزم سليمان بن جامع فأجبره على الانسحاب من واسط وقد استخدم الزنج وقائدهم الكر والفر طريقة القتال على جيش ابو العباس حتى حضر الموفق بنفسه عام267 هـ لادارة دفة القتال وكان هدفه احتلال المنيعه مركز الزنج قرب واسط , وتم السيطرة من قبل الخليفة.
ثم هاجم المختارة وظلت المختارة تقاوم الهجوم والحصار حتى عام269 هـ حيث تمكن اصحاب الخليفة من حرق بعض قصور صاحب الزنج بتحشيد خمسون الف مقاتل واستطاع احتلال المختارة وحمل رأس صاحب الزنج الى بغداد يوم 18 جمادي الاول 270هـ.
لقد تم تشويه اهداف ثورة الزنج من قبل الكثير من المؤرخين منهم سيد امير علي والطبري ولكن الباحث الراحل د. فيصل السامر(1925-1982) الذي ساهم في اغناء الجانب التأريخي والفكري والسياسي لهذه الثورة بكتابه ثورة الزنج الذي غيب هذا الكتاب من الحكومة العراقية السابقة, بسبب منهج السامر ذو الفكر اليساري حيث كان اطروحة الماجستير عام 1953 وقد طبع مرتين فقط.
اسباب فشل الثورة:
كان منشأ الحركة ديني عقائدي ونسب صاحب الزنج للعلويين المناوئين للسلطة وبسبب قوة المذهب الشيعي في تلك الفترة حيث شهد غياب الامام المهدي عام255 , بينما كانت بدايتها حركة اصلاحية اجتماعية ولكن اتخذت من الدين ستاراً لها .
لكن من نتائج الحركة نستطيع القول انها اول حركة اشعلت الافكار الكامنة لدى مريديها فلم تلبث حتى اندلعت ثورة اخرى هي ثورة القرامطة في البحرين, ومهدت التربة لهذه الحركة الجديدة على نطاق واسع ودعوتها لتغيير النظام الفاسد.
الفرق بين العدة والعدد بين جيش الخليفة ومقاتلي ثورة الزنج احد اسباب الفشل, وخيانة لؤلؤ غلام ابن طولون للحركة كانت احد الاسباب لفشل الحركة والتحاقه بالموفق الخليفة العباسي في حصار عاصمتهم المختارة.
يقول المفكر الراحل هادي العلوي( مهما يكن فصاحب الزنج عربي لا زنجي وقيادته لحركة الزنج تندرج في ظاهره ملحوظة في تأريخ الحركات الاجتماعية وهي ان المسحوقين غالباً ما يقود ثورتهم وانتفاضاتهم ناس من خارج الحركة).
لكن عتبنا على الطبري الذي يصف صاحب الزنج بالخبيث الذي صار وصفاً لصاحب الزنج عندما يذكر ولم يدافع عن الثورة احد من المؤرخين. فمن الذي يستحق الوصف بالخبيث الحكام السفاحين ومصاصي قوت الشعوب في السنوات الغابرة ام في العهد الحديث , صاحب الزنج الذي ناصر الفقراء والمحرومين والضعفاء , هذا الرجل القوي الارادة والرحيم والشفوف على ابناء بلده كونهم من جنس الانسانية ولو انصفوا المؤرخين لأشادوا بصاحب الزنج وثورته ومروءته.
#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)
Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟