|
لماذا لم يتعض بشار ممن سبقوه
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3350 - 2011 / 4 / 29 - 21:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تكرار ما يحدث في الدول العربية مما يجري على الارض من الاحتجاجات و كيفية التعامل معها و تشابه الادعاءات لحد التطابق من كيل التهم و التجريم للجماهير المنتفضة، يدل على مدى تقارب العقلية و الاساليب المتبعة في الحكم لهذه الانظمة السياسية النافذة المفعول منذ عقود . ما نشاهده من اقترافهم للجرائم بحق المحتجين و ما هم عليه منذ عقود ولم ينبس احد ببنت شفة لكي تسيطرهذه المجموعة فقط على زمام الامور طيل مراحل حكمهم، انها العقلية ذاتها و التي و ان اختلفت بعض الشيء من حيث الاليات المستخدمة و المظهر الا انها متشابهة بشكل كبير . سقطت الاصنام و اخرى على الطريق، و منها من طالت احتضاره نتيجة الظروف الموضوعية و الذاتية لشعوبها، و هي تغامر لاخر الرمق و لكنها ايلة الى السقوط اليوم كان ام غدا، مادامت تفقد شرعيتها و انقطعت اوصالها ، و لكن المصالح و السياسات الدولية لعبت دورها في التاخير او الاسراع في الاسقاط، و منها ما اتفقت العديد من الدول الى التأني في التعامل معها لحين انكشاف جوهر الحركات التي تسيطر على الارض بعد التغيير. و للمصالح الكبرى دور هام في كيفية الوصول الى نهاية المشهد وفق المعايير المتبعة التي تحسب دائما ما يهم الكبار قبل اي شيء اخر في ادق الامور مما يحدث في العالم . السيناريوهات تتكرر و تعيد الانظمة الجاثمة على صدور شعبها نفس التعامل ايضا، و انما باختلاف الممثلين و اللاعبين و ربما باختلاف بسيط في الحوار و التكتيك في مسار الاحداث. لا نهدف هنا ان نذكر الاسس و الطرق و الاساليب التي اتبعتها الانظمة في طريق وصولها الى الحكم او استدامة حكمها و فرض قبضتها على الدول و باسماء و عناوين و توصيفات و تعابير مختلفة في الشكل مشابهة في الجوهر. كلما كانت شدة التعامل اكثر او تعمقت الانظمة في غوصها في بحر اتباع القمع و التضييق على الحريات و البقاء في جثمانها على صدور الشعب باي ثمن كان، و بالاخص بالاكراه بعيدا عن ادنى نسبة من الديموقراطية، فانها تدل على صعوبة ايجاد الوسيلة الملائمة و السريعة لتغييرها باقل الخسائر. ما نلمسه منذ اسابيع في سوريا ليس ببعيد عما نشاهده منذ اشهر في ليبيا و اليمن بكثير، القوات الامنية المخابراتية و العسكرية الموالية تحت رحمة العقيدة و الالتزام بالكاريزما و الحزب الواحد و ضغوطاته و ما يحوي من الحلقة الضيقة المتنفذة. الاعلام احادي الجانب مع افتقار لادنى نسبة من الحرية و ازدياد الحصار و التضليل و هو المعروف بالاعلام البعثي الفريد ذات الشهرة التضليلية القوية ، و من ينسى محمد سعيد الصحا(العلوج) و تضليلاته التي تعلمها من البعث و شعارهم الشهير اكذب اكذب حتى يصدقوك، و ما يحوي هذا البلد من الرموز الشوفينيين من البعث العراقي و تعليماتهم والذين لم ينقرضوا حتى اليوم و لازال منهم ينعق و ينبح هنا و هناك بنفس النفس القديم . و ما نشاهده من التلفيقات الاعلامية و الادعاءات الباطلة و باسماء و عناوين مقززة ليس الا الاعيب هذه الزمر التي تدوس على البطون و الاعناق من ابناء الشعب الشوري منذ الانقلاب و توريث الحكم و لحد اليوم . الاقوال و التضليلات مكشوفة للجميع و لم يصدقها اي احد الا ان هناك من دول العالم من له مصالح اقتصادية و استراتيجية بحتة في بقاء هذا النظام فيدعي و يصدق ما ينفثه الاعلام و النظام السوري من اجل الفات النظر نحو جهة اخرى لتتاح له فرصة و مجال اوسع لقمع الشعب المنتفض و انهاء احتجاجاته بالحديد و النار و القتل و السجن و انتهاك الاعراض . توقع الكثيرون بان الرئيس السوري ريما يفكر كثيرا قبل ان يبدي على اية خطوة و خصوصا انه يمكن ان يكون من الجيل الشباب و الحداثة، و انه تلقى ربما دروسا و عبر من الثورات في تونس و المصر و اليمن و ليبيا، الا انه اثبت لجميع المتفائلين بان البعث و افكاره و ما يضمن من العقيدة و الايديولوجيا و التركيبة لم تختلف عما كان عليه في العراق بشعرة ، و اثبت ان خلافاته مع البعث العراقي كان نابعا من المصالح الشخصية و الفئوية و الطائفية و المذهبية فقط. و قال البعض الاخر بانه من الجيل الجديد و يتفهم الوضع اسرع و احسن من الحرس القديم ممن حوله او من الحكام التي سقطوا قبله ، و ربما يسبق الاحداث و يقدم على خطوات تقيه من الوصول الى المرحلة التي لا يمكن الرجوع عنها ، و لم يفعل هذا ايضا، و لم يفده شبابه و ترعرعه المختلف عن الاخرين، و ربما كان تحت ضغوط الحلقة الضيقة من القدماء المستفيدين المتنفذين. و قال الاخرون انه لم يدع الامور ان تصل الى سفك الدماء و لم يعيد ما اقترفه والده في حماه مهما كان و هو قضى ريعان شبابه في جو و مكان و ارضية ربما استفاد منها و من ايجابياتها و اتخذ الحرية و الديموقراطية التي عاشها في الغرب قدوة لافعاله و عقليته السياسية و الفكرية، و هؤلاء كانوا من المتفائلين ازيد من اللازم. اما المتعمقون في افكار و تاريخ هذا الحزب و معاصريه، ومن لهم الخبرة بما يتمتع به قيادته و نظرته الى السياسة و الدولة و الحكم و الحياة في هذه المنطقة و عقليتهم الضيقة المحصورة بين المساحة التشريعية و التنفيذية و القضائية الحزبية فقط، دون سلطة الدولة، و من توقع و تيقن من عدم اتعاض هذه الفئة من دروس العصر و ما يحصل مهما حصل في العالم العربي و حتى في العالم باجمعه، كانوا مستندين على اسس و عوامل و وقائع و احداث و افكار و تاريخ و اخلاقيات و ظروف نشوء هذا الحزب و مسيرة حياة قادته، و هذه الدولة و كيف نشات و ما وصلت اليه بعد الانقلابات العسكرية، و اخيرا في ظل حكم الحزب الواحد، فانهم كانوا اكثر واقعية و معرفة من غيرهم بمجريات الامور و صفات القيادة السورية و كيفية التعامل مع الاوضاع على الارض ، و ما نراه اثبت بالحرف الواحد صحة هذا التحليل و الاعتقاد، و ما نشاهده يثبت ما حللوه و ما ذكروه و استنتجوه من تشابه الافكار و التعاملات و انعدام الخبرات لدى هذه القيادة و تكرارها لما يحدث في العالم العربي . و راهن هؤلاء على عدم الاعتبار و الاتعاض لاي تجربة من قبل الرئيس السوري و من حوله مستندين على اقوالهم و افعالهم و نشاتهم و عقليتهم و نظرتهم الى الاحداث و الامور، و ذكروا ما ادعاه بشار عند تسلمه للحكم بالتوريث بانه مقدم على الاصلاحات و لم يفعل، فجاهرو لم يفعل ايضا، و اجزم هؤلاء على انه يعيد ما حدث و ربما بشكل اخطر و اشد، و تحقق ما قيل و يا ليت تنظيراتهم و استبصاراتهم لم تتحقق. اذن ما يصر عليه بشار منذ اندلاع الثورة السورية و تاخره عن الاقدام على مواكبة الاحداث و الشارع و متطلباته اغلق عليه ابواب عدة و التي كان بامكانه ان يخرج منها سليما معافيا و بسلام ، و لازال لحد اليوم حسب اعتقاد البعض من الوقت لاتباع الطرق و الابواب الاخرى المشرعة بسرعة متناهية، ان عاد الى رشده و فكر بعمق من زاوية مصالح الشعب بعيدا عن المصلحيين المتنفذين من حوله و بعقلية القرن الواحد و العشرين و ما تتطلبه مجريات الامور و المتغيرات العالمية، و ان تمكن من السيطرة لفترة قصيرة على الاوضاع بالقوة فمن غير الممكن ادامة الحصر و الكبت و القمع و السجن و القتل و الضغط لاستمرار الحكم لمدة طويلة، فعليه الا يفوت الفرصة الاخيرة و ان لا يستمع الى من حوله من الشيوخ المترهلة العقول و الافكار و من المصلحيين ، و عليه ان يسبق الاحداث بخطوات عملية كبيرة سياسية كانت ام اقتصادية و في مقدمتها فتح المجال امام الجماهير للتعبير و التجمع بحرية ، و فسح المجال امام التعددية و الحوار من اجل انبثاق دستورجديد يحوي في طياته على عوامل الحداثة الحقيقية في التشريع و التنفيذ من الانتخابات البرلمانية او الرئاسية الحقيقية و ضمان حق تقرير المصير و الحفاظ على مباديء حقوق الانسان لضمان المستقبل الافضل للاجيال الجديدة. و ربما تكون هذه الفرصة الاخيرة و الوحيدة له ليتعض من الاحداث و يخرج منها بسلام و بماء الوجه و ربما نجح و انتقل بالبلاد الى مرحلة جديدة و يسجل به التاريخ لنفسه و يؤمن حياته و مستقبله، و يقلل من الخسائر المحتملة ان اقدم على تلك الخطوات .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما التيار الغالب بعد موجة الثورات في المنطقة؟
-
لماذا يتشبثون بالحكم مهما حصل ؟
-
سكت بشار دهرا فنطق كفرا
-
الحفاظ على استقلالية التظاهرات على عاتق المثقفين
-
تجسيد نظام سياسي جديد هو الحل
-
مؤتمر وطني لحل ما يحدث في اقليم كوردستان
-
الدروس المستخلصة من تظاهرات الشعب العراقي
-
استخدام القوة المفرطة سينعكس على اصحابها حتما
-
العولمة و الصراع السياسي في كوردستان
-
فسقط الصنم الثالث و اما بعد........!!
-
عزيمة الشباب لن تدع التاريخ ان يعيد نفسه
-
ثورة الشباب بين الاندفاع الجامح و الخوف الكابح
-
سمات المرحلة الجديدة في الشرق الاوسط
-
هل وجود سوريا في المحور الايراني ينقذها من الانتفاضة
-
اسباب استمرار العنف في العراق لحد الان
-
هل ينتفض الشعب السوري ايضا ?
-
للجميع ان يقيٌم ما يجري في الشرق الاوسط الا النظام الايراني
-
التغيير الاجتماعي بين الدافع و المثبط في منطقة الشرق الاوسط
-
مصر و الدرس الثاني للحرية و الديموقراطية في السنة الجديدة
-
الحرية و العلاج الملائم للقضايا العالقة في الشرق الاوسط
المزيد.....
-
توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
-
مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك
...
-
حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
-
الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري
...
-
بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا
...
-
روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
-
بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
-
إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
-تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي
...
-
الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|